المصريون يتهافتون على السلع المخفضة... والحكومة تدعو للصبر والإيمان

profile
  • clock 13 مارس 2023, 10:43:26 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تدفع الأوضاع المعيشية الصعبة الكثير من أرباب الأسر في مصر، إلى البحث عن فرص لشراء السلع الغذائية والمواد الأساسية من منافذ البيع الرخيصة، التي لم يعد يقتصر حضورها على المناطق الشعبية التي يقطنها الفقراء ومحدودو الدخل، بل وصلت إلى مناطق سكنية للطبقة المتوسطة وما فوقها، ما يشير إلى حجم المعاناة التي يواجهها هؤلاء من الغلاء الفاحش الناجم عن تهاوي الجنيه مقابل الدولار الذي تستورد به الدولة الكثير من احتياجاتها.

هرولت ربة المنزل عبير محمود، إلى منفذ "حملة محاربة الغلاء" التي يديرها عدد من شباب التجار، بالاتفاق مع اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة (غرب العاصمة القاهرة) لبيع الخضروات والفواكه، بأسعار مخفضة، على قارعة طريق سوق الجملة في مدينة السادس.

انطلقت عبير صوب المنفذ التجاري القريب من منزلها في مشروع "سكن مصر" الذي اشترته الأسرة منذ عامين، بمشروعات الإسكان مرتفعة التكاليف التي تخصصها الدولة للطبقة المتوسطة، ويقع بين تجمع سكني كبير لأسر ينتمي أفرادها إلى ضباط بالجيش والشرطة، وعلى الطرفين أحياء للطبقة الراقية، ومدينة الإنتاج الإعلامي.

لكن بخبرتها الطويلة في إدارة شؤون المنزل، اكتشفت أن الأسعار المطروحة لا تختلف كثيراً عن تلك المعروضة في المحلات القريبة من منزلها، حيث حطّ الغلاء على المواد الغذائية المختلفة في الآونة الأخيرة.

وتظهر البيانات الصادرة عن جهاز الإحصاء الحكومي نهاية الأسبوع الماضي، ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى في خمس سنوات عند 32.9% على أساس سنوي خلال فبراير/ شباط، متأثرا بالقفزة التي سجلتها أسعار الطعام والمشروبات بنسبة 61.2%، والتي تمثل ثلث سلة مؤشر أسعار المستهلكين.

وزادت أسعار اللحوم والدواجن بنسبة 95.1%، والأسماك والمأكولات البحرية 84.5%، والألبان والجبن والبيض 74.5% والخبز والحبوب 76.7%، والزيوت والدهون 35.4%، والفاكهة 26.2%، والخضروات 17.5% والسكر والأغذية السكرية 21.4%، والبن والشاي والكاكاو 60.2%.

تسعى السيدة الداعمة للنظام السياسي، للتعايش مع واقع مؤلم، وتتلهف للشراء من المجمعات التي تحددها الحكومة لبيع السلع الغذائية والتي باتت محددة الكمية في بعض الأصناف، ولا سيما الأرز الذي ليس في إمكان المتسوق شراؤه منفرداً، بل ضمن باقة من السلع.

يدرك كثيرون أن الأرقام المعلنة من جانب الجهات الرسمية حول التضخم أقل كثيراً من الواقع، ولا سيما بعد أن تراجعت قيمة العملة الوطنية على مدار عام واحد فقط بما يزيد على 50%، وذلك من 15.7 جنيهاً إلى 30.7 جنيهاً مقابل الدولار.

تعتبر الحكومة موجة الزيادة في أسعار المستهلكين على قائمة أولوياتها القصوى، لإدراكها أن الأزمة كبيرة وتفوق احتمالات الأغلبية الكاسحة من المصريين ذوي الدخل المتوسط، وتسحق الطبقة الفقيرة التي لا تملك أكثر من وجبة يومياً.

وعدلت الحكومة خطابها السياسي، خلال الأيام الماضية، داعية التجار إلى التنازل عن 30% من أرباحهم لمشتري السلع من "الشوادر الرسمية"، والمواطنين إلى "الصبر والتماسك الاجتماعي، والتحلي بالإيمان".

وتعاني الدولة من شحّ في الدولار، بينما تسعى لبيع أصول لها، وفقاً لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، غير أن هذا الإجراء قد يخرج مئات الآلاف من سوق العمل. ومع تصاعد التضخم وحالة الركود في المصانع، تثير الأزمة المزيد من المخاوف لدى المصريين.

ولا يستبعد صندوق النقد الدولي ردود فعل اجتماعية سيئة في مصر إذا استمرت نفقات المعيشة اليومية للمواطنين في ارتفاع يومي، ومعاناتهم من موجات غلاء لا يعلمون متى ترسو على شاطئ النجاة.

وفي المقابل، تروج الحكومة لشهادات مؤسسات مالية تقول إن مصر قادرة على تحمّل الأزمة المالية الحالية وتسديد ما عليها من قروض بلغت نحو 157 مليار دولار على الخزانة العامة، ونحو 50 مليار دولار أخرى على المؤسسات والشركات العامة المضمونة بموارد وزارة المالية، تخصص نحو 35% لخدمة فوائد الديون، و51% من إيراداتها لخدمة الدين العام والمحلي، ولم يبقَ أمام الدولة إلا المزيد من الاقتراض والبيع البخس للملكية العامة، وفق محللين.

ويتوقع محللون أن يتواصل الغلاء، بعدما تعهدت الدولة لصندوق النقد بالحفاظ على سعر صرف مرن للعملة، يدفع الجنيه إلى المزيد من التراجع عبر موجات متتالية للهبوط، فضلاً عن رفع سعر الوقود والكهرباء والنقل والمواصلات.

وفق بول سالم، المدير التنفيذي لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، في تصريحات صحافية أخيراً، من المتوقع تزايد آثار التضخم وارتفاع الأسعار في مصر المثقلة بالديون، التي تعتمد كثيراً على الواردات، وخاصة السلع الغذائية الأساسية ومنتجات البترول.

يشير خبراء إلى أن الحكومة التي تمشي على حبل مشدود لسداد الديون، مع تراجع احتياطاتها النقدية، ووجود 30 مليار دولار من تلك الاحتياطات مملوكة لدول خليجية، ما زالت تمارس البذخ المفرط في إقامة مشروعات عديمة الجدوى الاقتصادية، ولم تتمكن من جذب مستثمرين جادين لشراء أصول قيمتها بنحو 2.5 مليار دولار عرضتها هالة السعيد، وزيرة التخطيط للبيع قبل نهاية مارس/ آذار المقبل، تستهدف تمويل العجز في الموازنة عام 2022-2023، التي تنقضي بنهاية يونيو/ حزيران المقبل.

 

 

كلمات دليلية
التعليقات (0)