- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
توران قشلاقجي يكتب: تركيا وقطر… نحو تحالف جديد
توران قشلاقجي يكتب: تركيا وقطر… نحو تحالف جديد
- 17 مارس 2022, 6:39:05 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
شهدت تركيا في نهاية الأسبوع الماضي اجتماعات دولية مهمة للغاية، وشارك قادة من أنحاء كثيرة حول العالم في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، الذي عقد خلال الفترة بين 11 و13 مارس/آذار. وركّزت وسائل الإعلام العالمية بشكل خاص على تغطية اجتماع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مع نظيره الأوكراني دميترو كوليبا، برئاسة وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو. وأظهر منتدى أنطاليا الدبلوماسي، بكل وضوح، أن العالم بحاجة إلى لغة دبلوماسية جديدة. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن «أهم مؤشر على تنامي قوة تركيا في المنطقة والعالم، هو المنتدى الدبلوماسي الذي عقد في أنطاليا وحضره 17 رئيس دولة من جميع أنحاء العالم».
كان الشعار الرئيسي للمنتدى الدبلوماسي لعام 2022 هو «إعادة بناء الدبلوماسية». وقد برّز المنتدى الأجندة العالمية عبر اجتماع ركزت عليه عواصم العالم بشكل خاص. وألقى أردوغان خطابا مؤثرا تطرق خلاله إلى الأزمة الأوكرانية، وانتقد النظام الدولي القائم، وأعطى الأولوية للدبلوماسية. كما وصف الهدف من إعادة بناء الدبلوماسية بقوله: «إننا مضطرون لبناء عالم يسوده السلام وليس الحرب». وأشار أردوغان إلى الظلم الذي يشهده العالم بسبب النظام القائم على أساس مصالح الدول الخمس المنتصرة بعد الحرب العالمية الثانية. وقال هذا النظام رفع راية الإفلاس مع اندلاع أزمة أوكرانيا، وأنه تعطّل لأن أحد طرفي الاشتباك هو عضو دائم في الأمم المتحدة (روسيا).
تركيا وقطر تقودان دبلوماسية جديدة على الصعيد العالمي، ويحرص البلدان على حماية مصالح المنطقة والقيم الإنسانية الأساسية
وتحدث أردوغان عن الظلم الموجود في مجلس الأمن الدولي، بسبب الفارق بين الأعضاء الدائمين والمؤقتين، مؤكدا أنه يطالب بإصلاح نظام الأمم المتحدة، ليس فقط من أجل تركيا «بل من أجل شعبنا والإنسانية جمعاء». وشدّد على «ضرورة إنشاء هيكل أمني عالمي جديد يحرص على السلام، بدلا من الوضع الراهن، ويخدم البشرية جمعاء بدلا من مصالح خمس دول» مشيرا إلى رغبته في الارتقاء بالدبلوماسية نحو مستويات أعلى. ويرى أردوغان أن الدبلوماسية يجب تفعيلها قبل اندلاع الأزمات وليس بعد، لأن المشكلة التي لا يتم التركيز عليها تطال في نهاية المطاف الأطراف المهملة أيضا. كما أن انعقاد المنتدى بمشاركة ممثلين من 75 دولة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، التي دفعت النظام الدولي نحو حالة غموض جديدة، وسعيه إلى إيجاد حل لها في إطار الدبلوماسية، كان أمرا مهما ايضا. ووصف الوزير تشاووش أوغلو المنتدى، خلال كلمته الافتتاحية بأنه «هدية الخارجية التركية العائدة إلى 500 عام» مؤكدا أن هناك حاجة إلى «لغة وفهم جديدين» في الدبلوماسية. ويعلم الجميع أن تركيا هي أكثر دول العالم تركيزا على الظلم القائم في بنية النظام الدولي الحالي. ويعد شعار أردوغان «يمكن إقامة عالم أكثر عدلا» انعكاسا للجهود التي تبذلها تركيا منذ فترة طويلة من أجل إعادة تنشيط الدبلوماسية. وصرح وزراء خارجية سابقون في أوروبا، خلال اجتماع مشترك عقدوه مؤخرا، بأنه كان بالإمكان حل الأزمة الروسية – الأوكرانية بالدبلوماسية قبل أن تبدأ، لكن للأسف لم يبذل أحد جهودا كبيرة في هذا الصدد، وقد أدلى العديد من خبراء العلاقات الدولية بتصريحات مماثلة في مقابلاتهم ومقالاتهم. وتظهر هذه الاعترافات أن العالم يحتاج إلى نموذج فكري جديد، قد لا يكون العالم جاهزا لهذا النموذج بعد، إلا أنه من المهم دائما الدعوة لطرح نموذج ينير دربنا في ظل ضيق الأفق الذي نعاني منه، جراء الغموض العالمي والتنافس القائم بين القوى العظمى.
خلاصة الكلام؛ العالم بحاجة إلى لغة دبلوماسية جديدة، وفي هذا الصدد، تقود قطر دبلوماسية مكوكية شبيهة بتلك التي تمارسها تركيا في المنطقة، فقد أجرى أمير قطر أيضا محادثات دبلوماسية مع العديد من قادة الدول، خلال الفترة الأخيرة بغية إيجاد حل للأزمة الروسية – الأوكرانية. لذلك يمكننا القول إن كلا من تركيا وقطر تقودان دبلوماسية جديدة على الصعيد العالمي، ويحرص البلدان على حماية مصالح المنطقة والقيم الإنسانية الأساسية. وهناك مسؤوليات كبيرة جدا تقع على عاتِقهما من أجل تحقيق ذلك. ولا بد من إقامة تحالفات كبرى جديدة بغية الحيلولة دون تزايد الظلم والجوع والصراعات في العالم. ويجب بناء تحالف جديد بقيادة تركيا وقطر على الفور، فقد أظهر منتدى أنطاليا الدبلوماسي بكل وضوح أن العديد من الدول بحاجة إلى ذلك. ينبغي على تركيا وقطر الآن الارتقاء بالتعاون الذي قامتَا بتطويره في السنوات الأخيرة، إلى مستوى أعلى.
كاتب تركي