- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
عبر مصر وقوات حفتر..هكذا رسخت روسيا نفوذها في ليبيا وأفريقيا
عبر مصر وقوات حفتر..هكذا رسخت روسيا نفوذها في ليبيا وأفريقيا
- 17 مارس 2023, 8:03:21 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كشفت رسائل دبلوماسية مسربة أن مفاوضات جرت وراء الكواليس بين مصر وروسيا والولايات المتحدة بشأن ليبيا، وأن مصر وافقت على إبلاغ روسيا بمحادثاتها مع الولايات المتحدة رغم تحذيرات واشنطن للقاهرة من التعاون مع موسكو.
وتعود إحدى الرسائل إلى قائد القوات المسيطرة على شرقي ليبيا، خليفة حفتر، الذي بعث بها إلى وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويغو، وفقا لما أورده تقريرنشره موقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد".
وأوردت الرسالة، غير المؤرخة، طلب حفتر من روسيا إرسال طائرات مقاتلة "في أقرب وقت ممكن" إلى المطارات المصرية "القريبة من الحدود الليبية" لشن ضربات جوية.
وتشير محتويات الرسالة إلى أن حفتر كان يسعى بنشاط للحصول على مساعدة عسكرية روسية في قتاله ضد الحكومة الليبية، وهو ما كان يُنظر إليه باعتباره تحدٍ مباشر للولايات المتحدة، التي كانت تدعم الحكومة الليبية في جهودها للحفاظ على سيطرتها على البلاد.
ويرجح الموقع البريطاني إرسال الرسالة عندما زار حفتر حاملة طائرات روسية بالبحر المتوسط في يناير/كانون الثاني 2017، سعيا نحو تعميق التعاون العسكري بين القاهرة وموسكو لدعم قواته.
وكانت قوات حفتر تخوض قتالاً شرسًا آنذاك للسيطرة على مدينة بنغازي و "الهلال النفطي" في ليبيا، وهي منطقة ساحلية تضم معظم إنتاج البلاد من الذهب الأسود.
واتهم حفتر، في رسالته إلى شويغو، دولة قطر بتقديم دعم مالي كبير لـ "الجماعات الإرهابية"، كما اتهم بريطانيا بالعمل سرا "للقضاء" على قواته من خلال تنسيق العمل العسكري مع قوات البنيان المرصوص، وهي مجموعة من الميليشيات المنظمة من مدينة مصراتة، ولعبت دورًا رئيسيًا في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية بمدينة سرت.
محادثات مصر وروسيا
كما تكشف رسائل دبلوماسية أخرى، حصل عليها "ميدل إيست آي" من مصدر مقرب لحفتر، أن الولايات المتحدة كانت على علم بالمحادثات بين مصر وروسيا ، وحذرت القاهرة من التعاون مع موسكو بشأن ليبيا، ومع ذلك مضى الجيش المصري قدمًا وأبلغ روسيا بالمحادثات.
ويسلط ذلك الضوء على التوازن الدقيق الذي تحاول مصر تحقيقه في سياستها الخارجية، حيث تسعى إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع كل من الولايات المتحدة وروسيا.
وإزاء ذلك، يرى محللون أن واشنطن تواجه تحديا في محاولتها توجيه القاهرة نحو المساعدة في طرد روسيا من ليبيا وغيرها من النقاط الساخنة في إفريقيا، خاصة أن كان طرد مرتزقة مجموعة فاجنر المرتبطة بالكرملين من ليبيا والسودان كان موضوعًا رئيسيًا للمحادثات بين مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بيل بيرنز، والمسؤولين المصريين خلال زيارة بيرن لمصر في يناير/كانون الثاني الماضي.
وفي هذا الإطار، شكك جليل حرشاوي، الخبير في الشؤون الليبية بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة للدراسات الدفاعية والأمنية (بريطاني)، في تجاوب القاهرة مع التوجه الأمريكي، قائلا: "لا يزال المصريون في الفراش مع الروس".
فالعلاقات بين مصر وروسيا تمتد إلى ما وراء ليبيا، حيث رفضت القاهرة، مثل العديد من الدول العربية الأخرى، دعم العقوبات الغربية ضد روسيا، التي تقوم شركتها النووية المملوكة للدولة "روساتوم" ببناء محطة للطاقة في مصر.
ورغم الحرب في أوكرانيا، زادت أيضًا حصة روسيا من القمح الذي يذهب إلى الدولة المعتمدة على الاستيراد، وعلى رأسها مصر.
دعم قوات حفتر
ويتمتع حفتر، الذي يسيطر على مساحات شاسعة من شرق ليبيا، بدعم كبير من روسيا والإمارات العربية المتحدة ومصر، فضلاً عن غطاء دبلوماسي من فرنسا.
وقال دبلوماسيون ومحللون إن موسكو والقاهرة متفقتان على إبقاء سيطرة حفتر على شرقي ليبيا، حيث يدعمه المرتزقة الروس بأنظمة بانتسير المضادة للطائرات.
كما طلبت القاهرة من موسكو استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لعرقلة اقتراح بإحياء عملية الانتخابات في ليبيا، حسبما قال دبلوماسيان مطلعان على الأمر.
ونشرت روسيا ما يقدر بنحو 1000 مقاتل من فاجنر في ليبيا، ولعبت المجموعة، التي يقودها يفغيني بريغوزين، الشريك المقرب من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، دورًا مهمًا في توسيع نفوذ موسكو عبر إفريقيا.
وتكشف رسالة مسربة أخرى، أن إيطاليا تعرضت لانتقادات سعودية بسبب مساعدتها "الاستفزازية" لـ "المتطرفين".
الرسالة بعثها السفير الليبي في السعودية آنذاك، عبد الباسط البدري، إلى شويغو ووزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، ومبعوث الرئيس الروسي الخاص للشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوجدانوف، وذكر فيها حفتر: "نؤكد طموحات إيطاليا في السيطرة واحتكار موارد ليبيا"، مكررا الادعاء بأن قطر تدعم المتطرفين.
وأشاد البدري بالقوة العسكرية الروسية، وكتب إلى مسؤولي الكرملين: "لقد ثبت للعالم أن روسيا هي الدولة التي حاربت الإرهاب ووقفت كسد لا يمكن اختراقه ضد هذا المرض في العديد من البلدان".
وفي رسالة أخرى تعود إلى نفس الفترة الزمنية، طلب البدري من روسيا تزويد حفتر بطائرات هليكوبتر من طراز Mi-17 مزودة بأجهزة رؤية ليلية وصواريخ وطائرات مقاتلة من طراز ميغ 23.
وفي عام 2017، زار حفتر حاملة الطائرات الروسية الوحيدة قبالة سواحل ليبيا لحشد الدعم العسكري، وبعد الزيارة بوقت قصير، طلب العقيد فلاديمير كيريشنكو، الملحق العسكري بالسفارة الروسية بالسعودية من حفتر تقديم معلومات عن أنظمة الرادار الليبية ومدى سيطرته على القواعد الجوية ، وفقًا لرسالة مؤرخة في 25 يناير/كانون الثاني 2017.
دعم عسكري روسي
وأرسلت موسكو في مايو/أيار 2020 طائرات MiG-29 و Su-24 إلى ليبيا بقيادة مرتزقة روس، وتم الكشف عن التسليم من قبل الحكومة الليبية المعترف بها أمميا آنذاك.
وعززت روسيا مساعدتها لحفتر خلال حرب 2019-2020 على طرابلس، والتي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 2500 شخص وتشريد 150 ألف شخص آخرين.
وقدم مقاتلو فاجنر التدريب والأمن لأعضاء رفيعي المستوى بقوات حفتر، مع تقدم الصراع، قاموا بدور هجومي بشكل متزايد، وزرعوا الألغام الأرضية والفخاخ المتفجرة واتخذوا مواقع القناصة.
وتسلط تعليقات البدري الضوء على كيفية مناورة موسكو بطموحات الحكام المحليين والمشاعر المعادية للغرب والفراغ الأمني لتعميق نفوذها في جميع أنحاء إفريقيا.
وفي السياق، قال صموئيل راماني، المحلل بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة للدراسات الدفاعية والأمنية: "إن معاداة روسيا للغرب وصورتها كحصن أمني يتم تخصيصها وصياغتها بعناية وفقًا للمشاعر التي يروج لها عملاؤها المحليون (..) هكذا تروج روسيا لنفسها".
ورغم بروز حفتر باعتباره الشريك الأول لروسيا في ليبيا، انخرطت موسكو أيضًا في علاقات مع الأحزاب المتنافسة، بما في ذلك نجل زعيم ليبيا الراحل معمر القذافي (سيف الإسلام)، وحتى حكومة طرابلس التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، والتي خاض حفتر حرباً معها.
ويوضح راماني، في هذا الصدد، أن روسيا "طالما نظرت وراء الكواليس إلى حفتر باعتباره زئبقيًا ولا يمكن التنبؤ به"، مضيفا: "بالنسبة للكرملين، فإن حفتر هو قناة إلى ليبيا، لكنه قائد عسكري غير كفء".