- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
فاضل المناصفة يكتب: قبل لقاء القاهرة.. هل يمكن لأنقرة تحقيق التسوية بين فتح وحماس؟
فاضل المناصفة يكتب: قبل لقاء القاهرة.. هل يمكن لأنقرة تحقيق التسوية بين فتح وحماس؟
- 28 يوليو 2023, 12:59:53 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في الوقت الذي تأكد فيه غياب حركة الجهاد الإسلامي في اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، بعد ربط زياد النخالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي مشاركته في اللقاء بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في سجون السلطة الفلسطينية، كشرط للبدء في الحوار الفلسطيني، اجتمعت كوادر حركة المقاومة الإسلامية حماس بنظيرتها حركة فتح في العاصمة التركية أنقرة لضبط الترتيبات الأخيرة، والاتفاق على البنود الرئيسة التي سيتضمنها البيان الختامي للقاء القاهرة المقرر انعقاده في 30 يوليو الجاري، وهي خطوة يصفها الداعمون لقرار مقاطعة اللقاء بأن حماس أساءت التقدير بهذه المشاركة، واختارت السير في الاتجاه المعاكس للرؤية التي تتبناها "الجهاد الإسلامي"، والتي ترى في أن الذهاب إلى القاهرة من دون تلبية شروطها يضعها في موقف غير أخلاقي أمام منتسبيها في الضفة الغربية، بينما في الجهة المقابلة يرى آخرون أن مشاركة حماس في مشاورات أنقرة، رغم قرار مقاطعة الجهاد الإسلامي، قد أنقذت لقاء القاهرة من الفشل المبكر، وتفادت من خلالها أن تتحمل مسؤولية إطلاق الرصاصة القاتلة على ملف المصالحة الفلسطينية.
عُقدت النسخة السابقة من اجتماع الفصائل، والتي عُرفت باسم "لقاء رام الله"، في سبتمبر/أيلول 2020 في ظل تحديات كانت جديدة عرفتها القضية الفلسطينية، والتي كانت متمثلة في "صفقة القرن" و "اتفاقيات أبراهام" واستجابت حركة الجهاد الإسلامي وحماس لدعوة محمود عباس من دون شروط مسبقة، وخلص البيان الختامي إلى ضرورة إنهاء الانقسام، والعمل على الوصول إلى مصالحة فلسطينية حقيقية، وتجسيد مبدأ الشراكة الوطنية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، ولم تترجم مخرجات البيان على أرض الواقع بالرغم من عقد اجتماع ثانٍ بين فتح وحماس في نفس الشهر بدعوة من أنقرة، والذي ناقشا فيه الانتخابات العامة، كما بقيت القضايا الخلافية الكبرى، كمراجعة اتفاق أوسلو وسلاح المقاومة، عالقة من دون أن يتم البت فيها إلى يومنا هذا .
وحتى دخول الجزائر على خط المصالحة الفلسطينية، لم ينجح في تحريك الملفات العالقة ولم يتم الاتفاق على خارطة طريق تنهي حالة الانقسام المؤسسي بين غزة والضفة، ولم يصل "إعلان الجزائر" أبعد من تلك الصورة التذكارية التي جمعت الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وهي صورة سوقت كنجاح للقاء، لكنها في الحقيقة لا تعدو كونها مجرد صورة خالية من أي نجاح سياسي مترجم بخطوات فعلية على أرض الواقع.
مقاطعة الجهاد الإسلامي للقاء القاهرة له أسباب غير معلنة، لكن يبدو أنه يأتي رداً على زيارة محمود عباس إلى مخيم جنين، وإطلاقه حملة من التصريحات والرسائل المشفرة التي تستهدف بشكل مباشر وجود الحركة المسلح فيه، الأمر الذي يجعل من تلاقي الحركة والسلطة على أرضية مشتركة في لقاء القاهرة أمراً مستحيلاً.
وبما أن لقاء القاهرة سيتطرق لمسألة وحدة الساحات بالمفهوم السياسي، وليس العسكري، كما سيناقش مسألة انضمام حماس والفصائل الأخرى للعمل السياسي تحت وعاء منظمة التحرير الفلسطينية، فإن الجهاد الإسلامي لا ترى لنفسها مقعداً في لقاء القاهرة، بل تحكم عليه بالفشل قبل انعقاده، في محاولة لممارسة الضغط على الفصائل الأخرى، وفي مقدمتها حماس، بغية العدول عن المشاركة، من خلال إيصال فكرة أن المشاركة تصبّ في مصلحة السلطة الفلسطينية أكثر من أنها ستخدم القضية الفلسطينية وملف المصالحة، وعلى فرض أن لقاء القاهرة سينجح في إحداث تقارب بين حماس وفتح من جهة، فإنه بالمقابل سيفتح الباب لتوسع هوة الخلاف بين الجهاد وحماس من جهة أخرى.
في وقت مبكر من عام 2006، انتقدت حركة الجهاد الإسلامي حماس على دخولها الانتخابات التشريعية الفلسطينية ومشاركتها إدارة مؤسسات السلطة الفلسطينية بحجة أنها كانت مسقفة سياسيا بتبعات " اتفاقيات أوسلو "، وهو موقف يبدو أنه سيتكرر بعد مرور 23 سنة، هذا إذا نجحت الوساطة التركية التي سبقت لقاء القاهرة في تحقيق اختراق في ملف المصالحة يصل إلى توافق حول الإعداد لانتخابات شاملة تنهي حالة الانقسام الإداري والسياسي للفلسطينيين. وهو أمر تخشاه حركة الجهاد الإسلامي لأنه يضعها أمام عودة أجهزة السلطة إلى قطاع غزة، والذي يعني تهديداً وجودياً لكياناتها المسلحة، لذا فمن المتوقع أن تمارس حركة الجهاد ضغطاً على حماس يجبرها على إعادة حساباتها، وذلك درئا لخطر الدخول في تجربة سياسية جديدة قد يخسر فيها الجميع ّ.
رغم التشاؤم الذي يملأ الأفق الفلسطيني حول لقاء القاهرة، والذي يراه المتابعون نسخة مكررة من "لقاء رام الله" ذلك لأن البنود الرئيسية له ستحوم حول فلك البنود العالقة في الاجتماع السابق، إلا أن وجود طرف إقليمي قوي ومؤثر كتركيا، التي حاولت من خلال الاجتماع الأخير في أنقرة أن تزيد من حظوظ النجاح من خلال تقريب وجهات النظر بين فتح وحماس أمر يجعلنا نتريث قليلاً في الحكم على اللقاء قبل أن يصدر بيانه الختامي، ونقرأ الردود الإقليمية حوله وعن الخطوات التي تليه ومن يفتح الباب لاحتضانها وتحويلها من قرارات ورقية إلى خطوات فعلية تصلح ما أفسده الزمن والسياسة.