- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
مع اقتراب مديونيتها من مليار دولار.. خصخصة شركة مصر للطيران
مع اقتراب مديونيتها من مليار دولار.. خصخصة شركة مصر للطيران
- 24 مارس 2024, 12:07:13 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نقل موقع "عربي بوست" عن مصادر مصرية مطلعة، قولها إن هناك توجها حكوميا لخصخصة إدارة شركة مصر للطيران، التي خرجت مؤخراً من تصنيف أفضل 100 شركة طيران حول العالم، خصوصاً مع تزايد مشاكل الشركة ومديوناتها التي وصلت لقرابة مليار دولار.
وكشف مصدر مسؤول في شؤون المطارات بوزارة الطيران المدني، عن "بدء خصخصة قطاع الطيران في مصر"، مشيراً إلى أن الأمر بدأ بخصخصة إدارة عدد من المطارات في مصر، ليتأتي لاحقاً الدور على إدارة شركة مصر للطيران".
ونقلت وسائل إعلام محلية، عن مصادر حكومية، أن طرح 20 مطاراً مصرياً للخصخصة، "يأتي في إطار خطة الحكومة المصرية لتطوير المطارات المصرية، التي تولي الدولة من خلالها أولوية للنهوض بقطاع الطيران المدني، الأمر الذي يساعد على جذب عدد أكبر من السياح من جميع دول العالم".
ورغم عدم صدور أي تصريح رسمي يرتبط بخصخصة "مصر لطيران" حتى اللحظة، إلا إن المصادر بوزارة الطيران المدني تشير إلى وجود هذا التوجه بالفعل، ويبقى مسألة التفاصيل. يأتي هذا في وقت تزايدت في الانتقادات الموجهة لشركة مصر للطيران خصوصاً ما يتعلق بمستوى الخدمة ووقائع الفساد التي عصفت بالشركة مؤخراً، إلى جانب هجرة عدد كبير من الطيارين الماهرين الذين كانوا يعملون بها إلى الخارج".
وخرجت شركة مصر للطيران الحكومية، من تصنيف أفضل 100 شركة طيران على مستوى العالم، ومن قائمة أفضل 10 شركات طيران عربياً، لأول مرة بتاريخها، بعد أن كانت تُعد إحدى أبرز الهيئات الحكومية الناجحة على مدار عقود طويلة، وسط حديث عن حالة من التردي غير مسبوقة على مستوى الخدمات التي تقدمها.
خصخصة شركة مصر للطيران
وأوضح المصدر المطلع بشؤون المطارات المصرية أن خصخصة مصر للطيران ستشمل فقط إدارة الشركة الحكومية، موضحاً أن هناك توجهاً حكومياً لتفضيل الشركات الدولية ذات التاريخ الكبير عن أي شركة محلية أو إقليمية ليست على المستوى المطلوب، على حد وصفه".
وأوضح المصدر أن قرار الخصخصة اتخذ بالفعل لكن خطوات تنفيذه لم تبدأ عملياً وذلك انتظاراً لوضع آلية التنفيذ واختيار الشركات، مشيراً إلى أنه حتى اللحظة لم يتم الاستقرار على شركة معينة لإدارة مصر للطيران.
أما ما يتعلق بخصخصة المطارات المعلن عنه، فقد أكد أن "الخصخصة في المطارات، ستكون بعيدة عن القطاعات الأمنية، مثل إدارة الجوازات والجمارك والتهريب، التي ستظل تحت إدارة الأمن الوطني".
هجرة مئات الطيارين الماهرين إلى الخليج
وبالعودة إلى موضوع خصخصة شركة مصر للطيران، أوضح المصدر أن تزايد وقائع الفساد في الشركة وكثرة الشكاوى من مستوى الخدمة وخروج العمالة الماهرة من الشركة لصالح الشركات الخليجية بعد تراجع قيمة الجنيه المصري في السنوات الثلاثة الأخيرة، كلها عوامل ساهمت في هذا التوجه نحو خصخصة شركة مصر للطسران.
ويأتي تراجع تصنيف شركة مصر للطيران، ثاني أقدم شركة طيران أفريقية، عقب وقائع فساد قادت أخيراً للقبض على عدد من موظفيها، بالإضافة إلى أنها "كادت أن تتسبب في كارثة لفريق كرة القدم الأول في النادي الأهلي، أثناء رحلته الأخيرة إلى غانا"، إثر تعطل الطائرة لاصطدامها بجسم صلب أثناء عملية إقلاعها.
كانت "مصر للطيران" تحتل العام الماضي المركز الـ95 في تصنيف شركة "سكاي تراكس" البريطانية لشركات الطيران التجارية، الذي يعتمد على نتائج استطلاعات من المسافرين الدوليين، وفق عناصر مثل وسائل الترفيه على الطائرة، وجودة مقاعدها، والطعام، وطاقم الضيافة، قبل أن يأتي التقرير الحديث في يونيو من العام الماضي، معلناً خروج الناقل الوطني المصري من قائمة أفضل 100 شركة طيران حول العالم.
مقارنة الشركة المصرية مع منافسيها من الشركات الحكومية في الشرق الأوسط وأفريقيا، يتبين تحسن مستوى معظم المنافسين لها، مثل: خطوط الجنوب الأفريقية التي تقدمت 7 مراكز عن عام 2022، والكينية 8 مراكز، وموريشيوس 10 مراكز، والرواندية 15 مركزاً، والكويتية 34 مركزاً، بينما تراجعت فقط الخليجية 10 مراكز، والإثيوبية 9 مراكز، في حين خرجت مصر للطيران من التصنيف.
أعاد تراجع التصنيف فتح ملف خسائر الشركة التي بلغت 30 مليار جنيه (990 مليون دولار) حتى 30 يونيو 2022، وفق تصريحات وزير الطيران المدني المصري محمد عباس حلمي في فبراير2023، على خلفية ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه منذ تحرير سعر الصرف في 2016، وزيادة أسعار وقود الطائرات.
مصدر مطلع في الشركة القابضة لمصر للطيران، أشار في حديثه لـ"عربي بوست"، إلى أن السنوات الثلاث ماضية التي تراجع فيها سعر العملة المحلية، "شهدت استقالة مئات الطيارين الماهرين، الذين ذهبوا للعمل في شركات الطيران السعودية والإماراتية والقطرية".
وأشار إلى أن "الشركة لم تعوض هؤلاء بآخرين على نفس مستوى الكفاءة، وفي الوقت ذاته، فإن حالة الطائرات وتكرار الأعطال الفنية يجعل هناك رغبة من جانب الطيارين في العمل بشركات أخرى، وإن لم يكن بها امتيازات مالية"، لافتاً إلى أن الطيارين تلقوا وعوداً عديدة بتحسين حالة الطائرات، لكن دون تنفيذها".
عن أسباب هجرة الطيارين، أشار إلى أن "الأزمة تكمن في أنه لا توجد أي خطط للإصلاح أو التطوير لمواجهة التحديات العديدة التي تواجهها الشركة، ويبقى الاعتماد على الاستدانة الداخلية والخارجية لإصلاح الأعطال ومحاولة سداد رواتب العاملين في الشركة".
وقال إن "الشركة استعانت قبل 10 سنوات بإحدى الشركات الأمريكية التي أوصت بإعادة هيكلة الشركة بشكل عام، ودمج بعض الإدارات داخلها، وطالبت بإغلاق عدد من الخطوط المكلفة وغير المربحة، إلى جانب ضرورة التخلص من بعض الطائرات التي تحتاج إلى صيانة باهظة التكاليف سنوياً، وشراء أخرى حديثة، لكن كل هذه التوصيات لم يتم تنفيذ أغلبها"، وفق قوله.
الخصخصة "الحل الأسهل"
يرى المصدر ذاته، من داخل شركة مصر للطيران، أن "قطاع الطيران بحاجة إلى وقت يتراوح ما بين 5 إلى 10 سنوات ليسترد عافيته في مصر، وهو وقت تراه الحكومة طويلاً، بالتالي فهي تذهب إلى الحل الأسهل من خلال البحث عن شركات أجنبية لإدارة الشركة القابضة".
عن حالات الفساد التي جرى التحقيق رسمياً بها، داخل الشركة، قال إنه تبين أنها "عرقلت محاولات تعديل اللوائح والقوانين التي تضمن حصول الطيارين على حقوقهم المالية، مع تكثيف نظم الرقابة والمحاسبة، وأن الموظفين هددوا بإفشال أي مخططات تأتي على حساب مصالحهم، بالتالي فإن وزارة الطيران ترى بأن الحل يكمن في الخصخصة التي سوف تنفذ القوانين، وسيكون لديها الحق في الاستغناء أو تعيين موظفين جدد أكثر كفاءة".
من جانبه، أوضح خبير اقتصادي مهتم بأوضاع الطيران المدني في مصر، وكان يعمل مديراً مالياً بمطار القاهرة، في حديثه لـ"عربي بوست"، أن الشركة المصرية لم تواكب التطورات العالمية التي سهلت مهمة تطوير العديد من شركات الطيران حول العالم.
بل إنها "قلصت نفقاتها بصورة كبيرة، وما زال لدى الشركة أكثر من 70 مكتباً حول العالم، يعمل فيها مئات الموظفين، في حين أن طرق الحجز الإلكتروني ساهمت في إغلاق العديد من المكاتب في شركات أخرى، والاكتفاء بمكاتب العواصم التي بها معدلات رحلات مرتفعة".
أضاف أن "الشركة في المقابل تتوسع في عمليات الاقتراض، وأن ذلك وضعها في مشكلات تعثرها في سداد الديون التي تقدر بالمليارات دون حصر شامل لها، متجهة للاستدانة من الحكومة المصرية، حتى تتمكن من سداد التزاماتها الخارجية".
وقال: "كما أنها أقدمت أخيراً على فتح خطوط طيران جديدة، دون تخطيط جيد، لأن بعضها يبعد مسافات قريبة عن العواصم الرئيسية، رغم أنها بحاجة لتوجيه النفقات إلى مشروعات أكثر أهمية، في القلب منها تطوير أسطول طائراتها".
عن أسعار الشركة المصرية المرتفعة مقارنة بنظيراتها العربية والأفريقية، قال إنها مرتفعة، رغم أن تلك الشركات تقدم خدمات أفضل منها، وهو ما يجعلها تخسر المنافسة بشكل مستمر معها.
انتقد كذلك أنه "لا وجود للتخطيط بكيفية تطوير خدمات النقل التي تجذب الركاب، وتساهم في إعادة بناء سمعتها وصورتها الدولية"، موضحاً أن "الأزمة الرئيسية تتمثل في رفض الشركة الاعتراف بفشلها، بل إن الحديث عن أن خسائر الشركة يصل إلى 30 مليار جنيه أمر غير صحيح، وجميع العاملين داخل الشركة يدركون أن الخسائر ضعف هذا الرقم، ولكن الفساد المنتشر يساهم في تغييب الحقيقة"، وفق تعبيره.
مصداقية مفقودة
شدد المصدر أيضاً، على أن شركة مصر للطيران فقدت مصداقيتها حتى في أوقات الأزمات، لأنها بحسب تقديره "دائماً ما تعمل على نشر الحقائق غير مكتملة أو غير صحيحة، ويظهر ذلك واضحاً في أزمتين اثنتين حصلتا مؤخراً".
الأولى "بيع التذاكر بالدولار، إذ إن بيان الرقابة الإدارية في مصر يشير بشكل غير مباشر إلى وجود تلاعب في عملية بيع التذاكر بالعملة الصعبة"، أما الثانية "تتعلق بواقعة طائرة فريق كرة القدم للنادي الأهلي المصري في غانا، بعد أن كادت تتسبب سوء حالة الطائرة في كارثة محققة"، وفق قوله.
وكانت تحريات هيئة الرقابة الإدارية في مصر، كشفت عن قيام 18 مسؤولاً بشركة الطيران الوطنية التابعة لـ"الطيران المدني"، باختلاس مبلغ مليون دولار من العملات الأجنبية المسددة من خدمات المسافرين على خطوط الشركة.
تبين من تحريات الرقابة الإدارية، أن المتهمين قاموا باختلاس مبلغ المليون دولار، وطرحوا المبلغ للتداول في السوق السوداء، وقاموا بإيداعها بالخزينة بالعملة المحلية، بعد الحصول على مكاسب مالية من قيمة الفارق بين السعر الرسمي والسعر الموازي.
نفت شركة مصر للطيران في فبراير 2024، تورطها في بيع تذاكر طيران داخل جمهورية مصر العربية بالعملة الأجنبية (الدولار)، وذكرت أنها "تلتزم بتطبيق كافة التعليمات الصادرة من سلطة الطيران المدني المصري، التي تنص على إصدار تذاكر الطيران من داخل مصر، التي تبدأ من مصر إلى الوجهات الخارجية، وذلك بالعملة المحلية (الجنيه المصري)".
جاء ذلك بعد تداول فيديو على مواقع التواصل، حول حجز تذاكر الركوب على خطوط "مصر للطيران" بالدولار، بدلاً من الجنيه المصري، نشرته إحدى الفتيات، بعد تعثر حصولها على تذكرة سفر على خطوط الشركة الوطنية المصرية، بسبب رغبة الأخيرة في حجز التذكرة بالعملة الصعبة، وهي الدولار.
وتواصل "عربي بوست" مع شركة مصر للطيران عبر البريد الإلكتروني، لأخذ تعليق منها على ما ورد في المادة، إلا أنه لم يتلق رداً حتى الآن.
عربي بوست