- ℃ 11 تركيا
- 30 يناير 2025
أحمد طالب الأشقر يكتب: انتصار الثورة السورية: بين الأمل والتحديات
أحمد طالب الأشقر يكتب: انتصار الثورة السورية: بين الأمل والتحديات
- 30 يناير 2025, 12:56:36 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
فجر جديد لسوريا الحرة
في مشهدٍ سريالي امتزج فيه الحلم بالواقع، أعلنت مؤتمر دمشق انتصار الثورة السورية، فاتحةً صفحة جديدة في تاريخ البلاد. هذا النصر ليس مجرد لحظة احتفالية، بل هو خلاصة سنوات من التضحيات والصمود، ورسالة واضحة بأن إرادة الشعوب لا تُهزم مهما طغت الديكتاتوريات. اليوم، يتجه السوريون إلى المرحلة الأهم وهي بناء وطن يليق بهم، وطن يحترم كرامتهم ويحقق لهم العدالة التي ناضلوا لأجلها.
وكما علمتنا الثورات عبر التاريخ، فإن النصر على الأرض لا يعني بالضرورة انتصار المعركة الكبرى، فالتحديات القادمة قد تكون أخطر من تلك التي مضت.
مسؤولية القيادة الجديدة أمام شعب قدّم الكثير
الرئيس أحمد الشرع في خطابه أمام المؤتمر، وضع الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة، مشددًا على الوحدة الوطنية وإعادة الإعمار، ومؤكدًا أن الثورة لم تكن فقط لإسقاط نظام، بل لإقامة دولة مؤسسات حقيقية. لا شك أن الخطاب حمل رسائل تطمينية وتوجهات إيجابية، لكن يبقى الرهان على التطبيق. فالوعود الكبرى تحتاج إلى إرادة صلبة، وإدارة رشيدة قادرة على تحويل الأهداف إلى واقع، وتجاوز العقبات الداخلية والخارجية.
السوريون اليوم ليسوا بحاجة فقط إلى خطابات تعبوية، بل إلى سياسات تعيد إليهم الثقة بأن دماء الشهداء لم تذهب سدى، وأن وطنهم لن يكون ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، بل دولة مستقلة بقرارها، متصالحة مع ذاتها، تتسع لجميع أبنائها.
فرصة تاريخية قد لا تتكرر ... فهل نستغلها؟
إن القرارات التي صدرت عن مؤتمر النصر، وعلى رأسها حل الأجهزة الأمنية القديمة وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها تبقى ناقصة إن لم تترافق مع قضاء نزيه يضمن عدم تكرار أخطاء الماضي. لا يمكن بناء سوريا الجديدة بعقلية الإقصاء أو الانتقام، بل بمشروع وطني حقيقي يشمل الجميع، باستثناء من تلطخت أيديهم بالدماء أو خانوا الوطن وارتهنوا لأجندات الخارج.
الخوف كل الخوف من أن تتكرر أخطاء ثورات أخرى، حيث أجهضت الخيانات الداخلية والانقسامات آمال الشعوب في الحرية، وحوّلت أحلامهم إلى كوابيس من الفوضى والاقتتال. فالسوريون لم ينتصروا على نظام دمّر البلاد ليتحولوا إلى ساحة صراع بين الأقلام والبنادق المأجورة التي لا تريد لسوريا أن تقوم من جديد.
التحدي الأكبر شرق الفرات وقنبلة المشروع الانفصالي
لا يمكن الحديث عن نصر مكتمل في ظل وجود مناطق خارج سيطرة الدولة السورية وعلى رأسها شرق الفرات، حيث تفرض ميليشيات "قسد" مشروعًا انفصاليًا يهدد وحدة البلاد. إن بقاء هذه المنطقة خارج سلطة القيادة الجديدة لا يعني فقط خطر التقسيم، بل يشكل أيضًا ثغرة قد يستغلها المتربصون لإشعال فتيل جديد من الفوضى.
إن سوريا التي نريدها هي سوريا واحدة موحدة، لا تقبل التجزئة ولا المشاريع الطارئة التي لا تخدم سوى أعدائها. على القيادة الجديدة أن تتعامل بحكمة وحزم مع هذا الملف، فالوطن ليس مساحة للتفاوض، والسيادة ليست ورقة للمساومة.
سوريا الجديدة بين الأمل والخطر
اليوم، يقف السوريون عند مفترق طرق، بين فرصة نادرة لبناء دولتهم على أسس سليمة، وبين تهديدات داخلية وخارجية تسعى لإفساد هذا النصر. لكن إن كان السوريون قد استطاعوا الصمود في وجه آلة القمع والاستبداد، فهم قادرون اليوم على مواجهة التحديات الجديدة بإرادة لا تلين.
اتمنى لحبيبتي سوريا الحرة مستقبلاً مشرقًا، ولسوريا الجديدة أن تكون على قدر آمال أبنائها، وللقيادة الجديدة أن تدرك أن مسؤوليتها ليست مجرد إدارة مرحلة انتقالية، بل وضع حجر الأساس لوطن يستحقه السوريون، وطن لا مكان فيه للخونة، ولا موطئ قدم فيه لمشاريع التقسيم والارتهان للخارج. سوريا تستحق الأفضل، والسوريون قادرون على تحقيقه.
عاشت سوريا وسقط الأسد