أحمد عسكر يكتب: أبعاد التنافس الدولي على الليثيوم في أفريقيا

profile
  • clock 3 أبريل 2023, 9:03:53 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

أضحت قارة أفريقيا ساحة تنافُس بين القوى الدولية للاستحواذ على المعادن النادرة، لا سيما خام الليثيوم الذي تحول إلى سلاح استراتيجي وحلقة من حلقات التنافس الدولي بين اللاعبين الدوليين في أفريقيا؛ نظراً إلى أهميته المتنامية؛ حيث أضحى يمثل عنصراً أساسياً في الاقتصاد العالمي؛ لكونه يُعَد جزءاً رئيسياً تعتمد عليه الدول الصناعية الكبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين وغيرهما، ويدخل في عدد من الصناعات المدنية والعسكرية الحديثة؛ فهو من أكثر المعادن المطلوبة والمستخدمة في تصنيع السيارات الكهربائية من خلال بطاريات الليثيوم، كما أنه مُكوِّن أساسي في صناعة الهواتف والأجهزة اللوحية الذكية وأجهزة الحاسب الآلي المحمول والكاميرات الرقمية وخوادم الإنترنت، والعديد من التقنيات الحديثة التي تعتمد على خفض الانبعاثات في إطار التوجه العالمي للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة لمواجهة أزمات تغير المناخ؛ الأمر الذي يحمل العديد من التداعيات المحتملة على الصعيدين الأفريقي والدولي خلال المرحلة المقبلة وفقاً لحسابات ومصالح كل طرف.

القوى المنتجة

تعد أفريقيا موطناً مهماً لأكثر من 30% من احتياطيات المعادن في العالم، بما في ذلك خام الليثيوم، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة؛ إذ تمتلك القارة موارد كبيرة من خام الليثيوم الطبيعي تُقدَّر بنحو 5% من الإنتاج والاحتياطي العالمي، وهو ما قد يوفر فرصة للدول الأفريقية للمساهمة في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الليثيوم من أجل دعم اقتصاداتها. وهناك العديد من الدول الأفريقية التي تمتلك مناجم الليثيوم، وتتمثل أبرزها في:

1– امتلاك زيمبابوي أكبر احتياطي في أفريقيا: تمتلك زيمبابوي أكبر احتياطي من الليثيوم في أفريقيا، وخامس احتياطي على مستوى العالم؛ ففي عام 2018، كانت زيمبابوي – بجانب ناميبيا – من أفضل 10 دول لإنتاج الليثيوم على مستوى العالم، وسط توقعات بأنها يمكنها تلبية نحو 20% من إجمالي الطلب العالمي خلال السنوات المقبلة. ومن أبرز مناجم الليثيوم في زيمبابوي، منجم Bikita بمقاطعة ماسجينجو جنوب غرب البلاد، الذي تشير تقديرات إلى احتوائه على نحو 11 مليون طن متري من الليثيوم، ومنجم Arcadia الذي يحتوي على 775.200 طن متري؛ حيث يتوقع أن تبلغ إيرادات المنجمَين نحو مليار دولار سنوياً، فيما تتراوح تقديرات إنتاج الليثيوم من منجم أركاديا بين 4 و5 ملايين طن؛ ما يعادل 400 ألف طن سنوياً، إضافةً إلى خلق 1000 فرصة عمل مؤقتة، بالإضافة إلى منجم Zulu الذي يحتوي على 213.195 طن متري، ومنجم Kamativi الذي يحتوي على 154.600 طن متري وفقاً لتقديرات سبتمبر 2022، بالإضافة إلى منجم Good Days.

2– مساهمة ناميبيا في إنتاج الليثيوم بأفريقيا: أنتجت نحو 500 طن متري من الليثيوم في عام 2018 وفقاً لإحصاءات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية. ومن أبرز مناجم الليثيوم في ناميبيا، منجم Bitterwasser الذي يمتلك نحو 105.233 طن متري، ومنجم Karibib الذي يمتلك نحو 53.870 طن متري، ومنجم Uis الذي يحتوي على نحو 53.280 طن متري، وفقاً لتقديرات سبتمبر 2022، بالإضافة إلى منجم Brandberg.

3– احتياطي الليثيوم الكبير في الكونغو الديمقراطية: ثمَّة اعتقاد بأن كينشاسا لديها أكبر احتياطيات الليثيوم في العالم، وأنها ستصبح واحدة من الموردين العالميين الرئيسيين لمعدن الليثيوم خلال السنوات المقبلة. ومن أبرز مناجم الليثيوم في البلاد، منجم Manono الذي يمتلك نحو 6.640.000 طن متري وفقاً لتقديرات سبتمبر 2022، بالإضافة إلى منجم Gatumba–Gitarama.

4– فرص إنتاجية كبيرة في مالي: تُعَد من أبرز الدول الأفريقية التي يُتوقَّع أن تزود العالم بالليثيوم خلال السنوات المقبلة بجانب زيمبابوي والكونغو الديمقراطية. ومن أبرز المناجم في البلاد، منجم Goulamina الذي يحتوي على 1.570.000 طن متري، ومنجم Bougouni الذي يمتلك نحو 236.500 طن متري وفقاً لتقديرات سبتمبر 2022.

5– المنافسة الدولية على الليثيوم في نيجيريا: تعد واحدة من الدول الأفريقية الغنية بخام الليثيوم، بالرغم من كونها لم تنتجه في عامي 2020 و2021. ومع ذلك بلغ إنتاجها نحو 50 طناً مترياً في عام 2019. وتتنافس عدد من الشركات الدولية من أجل الحصول على الليثيوم النيجيري، وسط سيطرة صينية على هذا المجال هناك.

دوافع رئيسية

ثمَّة دوافع عدة للتنافس الدولي على معدن الليثيوم في أفريقيا، تتمثل أبرزها في:

1– ضخامة الثروات والمعادن الأفريقية: حيث تتصدر أفريقيا الإنتاج العالمي لسبعة من عشرة معادن ضرورية للانتقال العالمي نحو الاقتصاد الأخضر وإنتاج السيارات الكهربائية، بما في ذلك الليثيوم والكوبالت والبلاتين. وتمتلك أفريقيا 30%–75% من الاحتياطي العالمي من الليثيوم والفوسفات والنحاس والكروم والمنجنيز والذهب والبلاتين والماس والألمونيوم.

كما تشير تقديرات إلى زيادة الطلب على الليثيوم ليصل إلى 1.5 مليون طن متري بحلول عام 2025، وبمقدار 10–30 مرة بحلول عام 2040. ومن ثم، أسهمت المتغيرات الجيوسياسية على الصعيد العالمي في احتدام التنافس الدولي على الثروات والموارد الطبيعية في المناطق الاستراتيجية حول العالم، بما في ذلك أفريقيا التي تمتلك حصة كبيرة من الثروات المعدنية في العالم.

2– السباق الدولي على الثروات الأفريقية: هناك تنافس محتدم في أفريقيا بين القوى الدولية الفاعلة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والصين؛ حيث تسعى القوتان إلى ضمان المزيد من الثروات الأفريقية في شكل استثمارات في قطاع التعدين الأفريقي، مقابل تقديم المزيد من المساعدات الاقتصادية والقروض والاستثمارات وتطوير البنية التحتية ودعم المشروعات التنموية في الدول الأفريقية، حتى إن هناك اتهامات للصين بإغراق بعض الدول الأفريقية في الديون من أجل السيطرة على الثروات المعدنية والموارد الأفريقية، وهو ما ترفضه بكين بشدة.

كما تنخرط روسيا في تعزيز علاقاتها بالدول الأفريقية والاستحواذ على العديد من المناجم الاستراتيجية عبر قوات فاجنر الأمنية التي يتوسع وجودها في عدد من الدول الأفريقية خلال الفترة الأخيرة.

3– زيادة الطلب على قطاع البطاريات: فهناك توقعات بارتفاع الطلب على البطاريات في العقد المقبل، وهو مرتبط بزيادة الطلب على السيارات الكهربائية التي تشير التقديرات إلى ارتفاع حصتها إلى نحو 50% من سوق السيارات العالمية بحلول عام 2030، والأجهزة الذكية التي تعمل بالليثيوم؛ ما يفسر زيادة الاهتمام الدولي بأفريقيا من أجل استخراج الليثيوم؛ حيث تسعى كافة القوى الدولية إلى تأمين الوصول إلى تلك المعادن النفيسة، خاصةً أن هناك تقديرات تشير إلى أن زيادة الطلب العالمي في المستقبل ربما يحتاج إلى تطوير نحو 400 منجم جديد من الليثيوم.

4– المخاوف من تقلبات النظام الدولي: وهو ما عزز احتياج القوى الدولية الصناعية إلى تأمين سيطرتها على العديد من مصادر الطاقة والمعادن الصناعية، في ضوء التخوفات من غموض مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من عام؛ الأمر الذي يدفع الدول الصناعية إلى تنويع سلاسل الإمداد التعدينية والتكالب على المعادن الأفريقية.

5– التحول العالمي إلى الطاقة النظيفة: فقد أضحى الانتقال إلى الطاقة النظيفة مرتبطاً بأفريقيا – التي تعد أكثر المتضررين من تغير المناخ – حيث تحتاج الدول الصناعية إلى التعاون مع أفريقيا في مجال سلاسل توريد المعادن الصناعية والحيوية المتنوعة، خاصةً أن هناك توجهاً عالمياً للتحول من الاعتماد على النفط والغاز إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، وهو ما يدفعها إلى زيادة الاستثمار في بعض الصناعات الصديقة للبيئة، مثل السيارات الكهربائية، وأجهزة الحاسب الآلي، والرقائق الإلكترونية؛ الأمر الذي يتطلَّب الحصول على المزيد من المعادن التي تسيطر الدول الأفريقية على حصة كبيرة منها – نحو 40 معدناً في أفريقيا – من أجل مستقبل الطاقة النظيفة؛ ما يفرض تنافساً جديداً على الثروات المعدنية في أفريقيا، بما في ذلك خام الليثيوم، لا سيما أن تلك التحولات تتطلب زيادة فائقة في استخدام هذه المعادن، خاصةً أن التوقعات تشير إلى أن استخدام المعادن سوف يزيد 30 ضعفاً على الأقل خلال العقدين القادمين.

مؤشرات التنافس

تنشط العديد من القوى الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين، في السعي للحصول على الليثيوم في أفريقيا باعتبار ذلك جزءاً من استراتيجيات هذه القوى لتأمين الوصول إلى المعادن الاستراتيجية في العالم بما في ذلك أفريقيا. وتبرز عدد من المؤشرات الكاشفة لحجم التنافس الدولي على الليثيوم في أفريقيا، وتتمثل أبرزها فيما يلي:

1– احتدام التنافس الدولي على الليثيوم الأفريقي: تشهد عمليات تعدين خام الليثيوم منافسة قوية بين القوى الدولية، لا سيما الولايات المتحدة والصين والهند وأوروبا، في إطار السباق المحتدم حول امتلاك المعادن المستخدمة في صناعة الطاقة المتجددة بأنواعها المختلفة؛ إذ تسعى الصين خلال العقدين الماضيين إلى تعزيز علاقاتها بالدول الأفريقية من أجل الاستحواذ على قطاع المعادن الأفريقي؛ حيث تسيطر على 60% من تعدين المعادن وتكريرها في العالم، لا سيما الليثيوم والكوبالت والنيكل والمنجنيز، كما أنها تهيمن على جزء كبير من قطاع التعدين في أفريقيا عبر عدد من الشركات الصينية.

بينما تسعى واشنطن إلى موازنة النفوذ الاقتصادي الصيني في القارة، وبخاصة في قطاع استخراج المعادن، بما في ذلك الليثيوم، وهو ما دفع واشنطن إلى التواصل مع دول القارة الغنية بالمعادن؛ إذ تحرص واشنطن منذ انعقاد قمة واشنطن–أفريقيا في ديسمبر 2022 التي حضرها نحو 49 دولة أفريقية على توقيع اتفاقيات شراكة واستثمار في مجال التعدين؛ حيث وقَّعت مذكرات تفاهم مع الكونغو الديمقراطية وزامبيا لبناء مصنع مشترك لمعالجة المعادن التي تؤدي إلى تطوير سلسلة إمدادات صناعة السيارات الكهربائية في واشنطن عبر تطوير سلسلة توريد البطاريات الكهربائية.

2– تفوق صيني في سوق الليثيوم الأفريقي: تركز الصين بشكل متزايد على قطاع التعدين الأفريقي، وخاصةً خام الليثيوم؛ فقد استحوذت ثلاث شركات صينية خلال الفترة بين ديسمبر 2021 ومارس 2022 على حصص في مناجم الليثيوم في زيمبابوي؛ بهدف تعزيز قبضتها عليه؛ وذلك في ضوء المساعي الصينية لتنويع إمداداتها من الليثيوم، لا سيما أنها تعد أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم.

وتتمتع الشركات الصينية بنفوذ كبير في قطاع التعدين بالكونغو الديمقراطية، خاصةً في مجال إنتاج الكوبالت والليثيوم بصورة رئيسية؛ حيث تستثمر هذه الشركات في العديد من المشروعات المتعلقة بمناجم الليثيوم، مثل مشروع الطاقة الخضراء في الكونغو الديمقراطية؛ حيث وقعت شركة Zhejiang Huayou Cobalt اتفاقاً مع حكومة كينشاسا لبناء مصنع لمعالجة الليثيوم في البلاد، كما نفذت شركة Ganfeng Lithium في عام 2018 مشروع إقامة مصنع لمعالجة الليثيوم في زيمبابوي بقيمة 160 مليون دولار.

كما أعلنت شركة Zhejiang Huayou Cobalt الصينية ضخ استثمارات بقيمة 300 مليون دولار في تطوير مصنع معالجة في منجم Arcadia لتعدين الليثيوم في زيمبابوي؛ وذلك بعدما استحوذت على حصة شركة Prospect Resources الأسترالية بقيمة 422 مليون دولار.

3– اهتمام الشركات الأمريكية بمعدن الليثيوم: يستحوذ معدن الليثيوم في أفريقيا على اهتمام عدد من الشركات الأمريكية؛ فقد حاولت شركة تسلا الأمريكية الدخول إلى خط تعدين الليثيوم؛ بسبب مخاوفها من ارتفاع سعر الليثيوم الذي يؤثر بدوره على تكلفة إنتاج السيارات الكهربائية، خاصةً أن سعر الليثيوم قد ارتفع بنسبة 488% خلال عام 2021 حتى وصل سعر الطن إلى 65 ألف دولار في يونيو 2022.

4– تعدُّد اللاعبين الدوليين في سوق الليثيوم الأفريقي: تتعدَّد الشركات الدولية المتنافسة في مجال استخراج الليثيوم الأفريقي. ومن أبرز تلك الشركات شركة Fire Fench الأسترالية التي افتتحت فرعاً لها باسم ليو ليثيوم Leo Lithium في مالي بعوائد اقتصادية تجاوزت 100 مليون دولار سنوياً للحكومة المالية، وشركة Tirana Resources الأسترالية التي أعلنت في عام 2022 نيتها الاستحواذ على حصة بنسبة 80% من مشروع الليثيوم الناميبي، إضافةً إلى شركة AVZ الأسترالية للتعدين التي تُشارك في تطوير عدد من مشروعات الليثيوم في بعض الدول الأفريقية، مثل منجم Manono في الكونغو الديمقراطية.

كما توجد شركة Vinmart الهندية التي تحمل ثلاثة تصاريح تعدين في الكونغو الديمقراطية، فيما تقوم شركة Tantalex Resources الكندية بتطوير مشروع Manono في الكونغو الديمقراطية منذ عام 2018. بينما تستثمر شركة Sinomina Reources في زيمبابوي خلال العامين الأخيرين. كما توجد شركة Atlantic Lithium التي تخطط لتسليم مشروع Ewoyaa باعتباره أول منجم في غانا في عام 2024.

5– الدخول في شراكات دولية لاستخراج الليثيوم: دفع التنافس الدولي على الليثيوم بعض الأطراف إلى الدخول في شراكات والتنسيق المتبادل؛ فهناك نحو 9 مشروعات لليثيوم يجري تطويرها في دول ناميبيا وزيمبابوي ومالي وغانا والكونغو الديمقراطية، وتنفذها عدد من الشركات الدولية التي دخلت في شراكات بعضها مع بعض؛ للاستحواذ على قطاع مناجم الليثيوم في أفريقيا. ومن أبرز هذه الشراكات، الشراكة بين شركة Ganfeng Lithium الصينية وشركة Pilbara Minerals الأسترالية في مشروعات الليثيوم بزيمبابوي مثل منجم Pilgangoora Lithium؛ ما يُعزِّز الإمدادات من الليثيوم للاقتصاد الصيني، والشراكة بين شركة Ganfeng Lithium الصينية وشركة فاير فينش الأسترالية لتشغيل منجم Goulamina في مالي. وكان من المقرر إدراجه في البورصة الأسترالية في يونيو 2022 لجمع 72 مليون دولار.

تداعيات محتملة

يحمل التنافس الدولي على معدن الليثيوم في أفريقيا، المرشح للتصاعد خلال السنوات القليلة المقبلة، العديد من التداعيات المحتملة على الصعيدَين الأفريقي والدولي. وترى الدول الأفريقية أن التسابق الدولي للحصول على الليثيوم الأفريقي بمنزلة فرصة للتنمية الاقتصادية وخلق المزيد من فرص العمل في ضوء محاولاتها لإقناع الشركات الدولية بالمجيء إلى أفريقيا وإقامة مشروعات داخل البلدان الأفريقية لمعالجة المعادن وإعادة بيعها بعوائد أعلى في سبيل تحقيق فوائد اقتصادية أعلى، وهو ما دفع بعض الدول الأفريقية للتوجه نحو تشديد سياسات تصدير الليثيوم الخام إلى الخارج، مثلما فعلت زيمبابوي التي أقرَّت في ديسمبر 2022 سياسة حظر تصدير خام الليثيوم؛ بهدف تشجيع عمليات معالجته في الداخل، إلا أن ذلك قد كبَّد البلاد خسائر بقيمة 1.8 مليار دولار نتيجة ارتفاع مخزون الليثيوم إلى مليوني طن خام حتى فبراير 2023.

ومع ذلك فإن المخاوف تتزايد من عدم تحقيق الدول الأفريقية العوائد الاقتصادية المرجوة من استحواذها على الموارد المعدنية الضخمة، وهو ما لفت انتباه بعض الدول الأفريقية، مثل ناميبيا التي قررت أنها لن تستمر في تصدير إنتاجها من خام الليثيوم قبل معالجته في الداخل؛ بهدف تحقيق أقصى فائدة ممكنة من صادراته.

في حين انتقد الرئيس فيليكس تشيسيكيدي رئيس الكونغو الديمقراطية، خلال مؤتمر الاستثمار في المعادن الأفريقية الذي استضافته مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا في فبراير 2023، السياسات الصينية المتعلقة بالاستثمار في قطاع التعدين في كينشاسا، وطالب بكين بشروط أفضل للاستثمار في قطاع التعدين، لا سيما أنها تسيطر على الجزء الأكبر من استثمارات الكوبالت الذي تستحوذ كينشاسا على نحو 70% من إجمالي ناتجه العالمي. وكان تشيسيكيدي قد أشار في يناير 2023 إلى أن بلاده لم تستفد من اتفاق بقيمة 6.2 مليار دولار قد منح الصين بموجبه امتيازات تعدينية مقابل تنفيذ مشروعات بنية تحتية.

في سياق متصل، قد تنزايد المخاوف الأمريكية والغربية من تنامي النفوذ الصيني في القارة، وتوسيع سيطرة بكين على المعادن الأفريقية؛ الأمر الذي قد يدفع إلى تزايد سلسلة الانتقادات الغربية للصين بأنها تعطي الأولوية لمصالحها الضيقة على حساب احتياجات الدول الأفريقية، في سبيل تأليب الأفارقة ضدها، وهو ما يتجلى في ترويج البعض للآثار البيئية والاجتماعية المحتملة لعمليات التعدين، مثل نزوح المجتمعات المحلية الأفريقية، والتأثيرات البيئية الناتجة عن استخراج ومعالجة المعدن، التي تتسبب في تجريف الأراضي بطريقة قد يكون لها تأثيرات سلبية على التربة والمياه، إضافةً إلى أن معالجة الليثيوم غالباً ما تتضمن استخدام مواد كيميائية سامة يمكن أن تتسبب في زيادة التلوث البيئي.

وإذ تشير التوقعات إلى تنامي الاضطرابات المحتملة في تدفقات البطاريات العالمية بسبب الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، وزيادة الطلب على الليثيوم من مُصنِّعي بطاريات الليثيوم خلال المرحلة المقبلة بنسبة 83% بحلول عام 2027؛ يمكن أن يُشكل ذلك فرصة للدول الأفريقية لتحقيق أقصى استفادة اقتصادية، وهو ما يعزز النفوذ الاقتصادي العالمي لأفريقيا؛ ما يعزز موقعها ومكانتها في النظام الدولي.

وإجمالاً، من المتوقع أن تشتد المنافسة الدولية للاستحواذ على كميات أكبر من إنتاج الليثيوم الأفريقي خلال السنوات المقبلة، خاصةً أن التقديرات تشير إلى زيادة إنتاج القارة إلى نحو 497 ألف طن متري بحلول عام 2030. وإذ يشير الواقع إلى أن أفريقيا لن تكون قوة عالمية في مجال تصنيع السيارات الكهربائية، على الأقل في المديين القريب والمتوسط، بالرغم من توافر الليثيوم وبعض الإمكانات المتاحة؛ فإنه يمكن للأفارقة تحقيق أقصى استفادة من التنافس الدولي على معدن الليثيوم من أجل تعظيم الفوائد الاقتصادية، خاصةً أن أفريقيا ربما تصبح هي المصدر الرئيسي لليثيوم في العالم خلال المرحلة المقبلة.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
كلمات دليلية
التعليقات (0)