- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
أسامة سعد يكتب: السعودية تُعِدّ صفقةً ضخمة للفلسطينيين!
أسامة سعد يكتب: السعودية تُعِدّ صفقةً ضخمة للفلسطينيين!
- 6 سبتمبر 2023, 8:40:13 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في عام 2002 قدمت المملكة العربية السعودية المبادرة العربية باسم الراحل الملك عبد الله التي أعلن عنها للمرة الأولى من خلال لقاء صحفي بين الملك الراحل والصحفي الأمريكي الشهير ديفيد فريدمان، وكانت الصفقة تتحدث عن تطبيع كامل مقابل دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، دون ذكر قضية اللاجئين.
ثم بعد ضغط من الراحل ياسر عرفات أُضيف بند عودة اللاجئين للمبادرة، وقد تبنتها القمة العربية المنعقدة في بيروت وأصبحت قراراً عربياً متبنًى من جميع الدول العربية، إلا أن شارون -رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت- رفض المبادرة واعتبرها عبارة عن مزحة لا تساوي قيمة الحبر الذي كُتبت فيه، وكان رده عليها اجتياح كامل الضفة الغربية بعملية السور الواقي وما نتج عنها بعد ذلك من اغتيال ياسر عرفات بالسم، ولكن رغم هذا الرد الإسرائيلي المهين والمذل لكل العرب ممثلين بالجامعة العربية، فإن العرب لم يسحبوا هذه المبادرة، وظلت المبادرة العربية للسلام هي الموقف العربي الرسمي حتى هذه اللحظة.
اليوم وبعد نحو عشرين عاماً من تقديم المبادرة العربية، تتحدث السعودية بقيادة الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد عن صفقة جديدة وُصفت بالضخمة "حسب موقع إكسيوس الأمريكي" للقضية الفلسطينية، وحسب ما ذكر الموقع فإن كبير مستشاري الرئيس الأمريكي بايدن في الشرق الأوسط "بريت ماكفورك" سيسافر إلى السعودية للقاء كبار المسؤولين الفلسطينيين لمناقشة "عنصر فلسطيني" محتمل في صفقة ضخمة محتملة بين الولايات المتحدة والسعودية و(إسرائيل). وكان موقع إكسيوس قد أعلن أسماء "القادة الفلسطينيين" الكبار الذين سيشاركون في هذه المحادثات، وهم: حسين الشيخ وماجد فريح والمستشار الدبلوماسي لأبي مازن مجدي الخالدي. وقد صدقت تسريبات موقع إكسيوس؛ فقد توجه الأشخاص الثلاثة الذين ذكرهم الموقع إلى السعودية للقاء مسؤولين سعوديين حسب ما صرح به مصدر فلسطيني لوسائل إعلام عربية بتاريخ 4/9، وبالطبع تزامن وصول الوفد الفلسطيني مع وصول "بريت ماكفورك" مستشار بايدن.
ما صرحت به المصادر الفلسطينية أن الوفد الفلسطيني سيناقش" أفكارًا" سيتقدم بها المسؤولون السعوديون وعلى رأسهم وزير الخارجية فيصل بن فرحان.
طبعاً هذه الأفكار هي التي تتعلق -كما ذكر موقع إكسيوس- بـ"العنصر الفلسطيني" في الصفقة الأمريكية السعودية الإسرائيلية؛ أي إن الصفقة التي تنوي السعودية القيام بها سيكون للفلسطينيين نصيب منها، عبارة عن "تفصيل بسيط" سماه الأمريكيون "بالعنصر الفلسطيني" في الصفقة.
الأمر الغريب فيما يحدث أن السعودية حينما تقدم على هذه الخطوة وهي بلا شك خطوة التطبيع، فإنها تلغي تماماً المبادرة العربية التي تقدمت بها قبل عشرين عاماً، والتي كان أساسها التطبيع الكامل مقابل دولة على حدود 1967م وعودة اللاجئين. إلا أن الموقف السعودي تحول الآن إلى تطبيع سعودي لقاء حصول السعودية على امتيازات مقابل هذا التطبيع ليس أقلها سعي السعودية للحصول على ضوء أخضر أمريكي بموافقة إسرائيلية بتشغيل مفاعلات نووية بالمملكة، في محاولة لإيجاد نوع من التوازن مع إيران. ويبدو أن الإسرائيليين غير مقتنعين بهذا الموقف حتى الآن، ناهيك بإعلان نتنياهو قبل فترة أنه ليس على استعداد لقبول قيام دولة فلسطينية مقابل التطبيع مع السعودية.
وجه الغرابة فيما يحدث أيضًا أن المبادرة العربية للسلام التي داسها شارون بجنازير دباباته في عام 2002 تدوسها اليوم السعودية بعجلات قطار التطبيع المتنقل بين العواصم العربية دون حصول الفلسطينيين على دولتهم وهي التي قدمتها للعرب وللعالم ولم تكلف نفسها حتى عناء سحب هذه المبادرة عن طاولة العرب، بل ها هي تسعى إلى عقد صفقة خاصة بها مع (إسرائيل)، وعلى هامش هذه الصفقة تحاول إرضاء الفلسطينيين ببعض الفتات الذي للأسف يبدو أنهم قبلوا به، وقد سربت بعض وسائل الإعلام الطلبات الفلسطينية المتواضعة مقابل التطبيع السعودي، والتي لم تزد على استئناف الدعم المالي السعودي للسلطة واستجداء (إسرائيل) بتحويل بعض مناطق ج إلى مناطق ب في الضفة الغربية، وإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس، وتقوية السلطة على الصعيد الأمني ودعمها في هذا الإطار، طبعاً لم توافق الإدارة الأمريكية على طلب السلطة انضمام فلسطين بعضوية كاملة إلى الأمم المتحدة، وهذا ما صرحت به "باريرا ليف" كبيرة الدبلوماسيين في وزارة الخارجية الأمريكية.
إذن، كما عودتنا قيادة السلطة الفلسطينية، فقد انخفض سقفها من المبادرة العربية التي تدعو إلى إقامة دولة على حدود 67 مقابل التطبيع، إلى مجرد استجداء تحويل بعض مناطق (ج) إلى (ب) وبعض الدعم المالي وإعادة فتح قنصلية كانت مفتوحة حتى قبل عامين مقابل التطبيع! وهذا ما سمي "بالصفقة الضخمة".
كنت قد توقعت في مقال سابق أن إعادة العلاقات السعودية الإيرانية ستكون مقدمة للتطبيع بين المملكة و(إسرائيل) خلافاً لتوقعات الكثيرين الذين اعتبروا إعادة العلاقات بين البلدين في وقتها عبارة عن إعادة تموضع للسعودية في المنطقة. وعلى كل الأحوال ألم يدُر في خلد أبي مازن مشاركة الشعب الفلسطيني-ولو من باب ذر الرماد في العيون- بعرض الأمر على تلك اللجنة (فاكرينها) وهي الناتج الوحيد عن مؤتمر الأمناء العامين الذي عقد في القاهرة على ما يتم بحثه خلف الكواليس بشأن مستقبل الشعب الفلسطيني؟ أم أنه كعادة قيادة المنظمة، ستقدم لهم الاتفاق على الطريقة الأوسلوية بعد إتمامه كي لا ترهقهم بالتفاصيل؟... ربما.
صحيفة فلسطين
6/09/2023م