- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
ألطاف موتي يكتب: خطة إعادة التوطين في سيناء: فكرة إسرائيل غير الواقعية والخطيرة عن غزة
ألطاف موتي يكتب: خطة إعادة التوطين في سيناء: فكرة إسرائيل غير الواقعية والخطيرة عن غزة
- 13 نوفمبر 2023, 11:10:07 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يعد قطاع غزة، الذي يسكنه مليوني فلسطيني، أحد أكثر الأماكن فقراً واكتظاظاً بالسكان على وجه الأرض. لقد كان تحت حصار إسرائيلي وحشي منذ عام 2007 عندما سيطرت حركة حماس على القطاع الساحلي. لقد أدى الحصار إلى تقييد حركة الأشخاص والبضائع بشدة، وتسبب في أزمة إنسانية تفاقمت مع كل حرب متتالية بين إسرائيل وحماس.
لقد أثار الوضع المتردي في غزة تساؤلات حول مستقبل سكان القطاع وما إذا كانت هناك أي إمكانية للتوصل إلى حل سلمي وعادل للصراع. وفي حين دعا المجتمع الدولي إلى حل سياسي قائم على نموذج الدولتين، اقترح بعض المسؤولين الإسرائيليين بديلا جذريا ومثيرا للجدل: وهو نقل سكان غزة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية التي تحد غزة من الجنوب.
وتم تسريب الاقتراح إلى وسائل الإعلام في 30 أكتوبر 2023، ونشره موقع سيحا ميكوميت باللغة العبرية. وكانت الوثيقة مؤرخة في 13 أكتوبر 2023، أي بعد ستة أيام من هجوم حماس على إسرائيل الذي أشعل الحرب في غزة. وأكدت الحكومة الإسرائيلية صحة الوثيقة لكنها قللت من أهميتها.
وتعرض الوثيقة ثلاثة سيناريوهات محتملة للسكان المدنيين في غزة بعد الحرب مع حماس. السيناريو الأول هو الحفاظ على الوضع الراهن مع المدنيين في غزة في ظل حكومة السلطة الفلسطينية التي أطاحت بها حماس في عام 2007. السيناريو الثاني هو محاولة إنشاء قيادة سياسية محلية عربية غير إسلامية لتحكم السكان. أما السيناريو الثالث، وهو الأكثر تطرفًا وإثارة للجدل، فهو نقل السكان إلى شبه جزيرة سيناء المصرية.
وتزعم الوثيقة أن السيناريو الثالث سيكون الأفضل لأمن إسرائيل وسيحدث تغييراً أيديولوجياً ويمنع أي أعمال عسكرية مستقبلية ضد إسرائيل. وتقترح الوثيقة أن تقوم إسرائيل بإنشاء مدن خيام في مصر، وإنشاء ممر إنساني، ثم بناء مدن دائمة في شمال سيناء لاستيعاب اللاجئين على المدى الطويل مع منطقة أمنية لمنع الفلسطينيين من العودة إلى غزة.
ومع ذلك ، يواجه الاقتراح العديد من التحديات والعقبات ، العملية والمعنوية. أولا ، رفضت مصر الفكرة بشدة وقالت إنها لن تسمح بأي نزوح للفلسطينيين إلى أراضيها. تعتبر مصر سيناء جزءا سياديا واستراتيجيا من أراضيها وتقاتل المسلحين هناك منذ سنوات. كما أبرمت مصر معاهدة سلام مع إسرائيل تنص على تجريد سيناء من السلاح والحفاظ على الوضع الراهن.
ثانيا، ندد الفلسطينيون أيضا بالاقتراح وقالوا إنه سيكون بمثابة تطهير عرقي وحرب جديدة. لدى الفلسطينيين ارتباط قوي بأرضهم وتاريخهم وهم يقاومون الاحتلال والقمع الإسرائيلي منذ عقود. كما عانوا من عمليات تهجير وطرد متعددة في الماضي مثل نكبة عام 1948 عندما أجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على ترك منازلهم أثناء قيام إسرائيل.
ثالثا، أعرب المجتمع الدولي أيضا عن قلقه وانتقاده لهذا الاقتراح، وقال إنه ينتهك القانون الدولي وحقوق الإنسان. وأكدت الأمم المتحدة حق العودة للاجئين الفلسطينيين وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
رابعا، يتجاهل الاقتراح الأهمية التاريخية والجيوسياسية لشبه جزيرة سيناء التي كانت منطقة متنازع عليها واستراتيجية لعدة قرون. وكانت سيناء جزءا من مصر حتى عام 1967، عندما احتلتها إسرائيل خلال حرب الأيام الستة. وفي عام 1979، وقعت مصر وإسرائيل معاهدة سلام أعادت سيناء إلى مصر مقابل الاعتراف الدبلوماسي والضمانات الأمنية. منذ ذلك الحين، أصبحت سيناء منطقة عازلة بين البلدين، ومصدرًا للتعاون والتوتر. وكانت سيناء أيضًا معقلًا للنشطاء الإسلاميين، خاصة بعد انتفاضة 2011 التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك.
خامساً، يتجاهل الاقتراح ردود فعل الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية الأخرى، التي لها مصالح في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وستواجه الدول العربية، خاصة تلك التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان، رد فعل عنيف وانتقادات علنية بسبب تواطؤها المتصور أو صمتها بشأن خطة إعادة التوطين. والدول الإسلامية، خاصة تلك التي لها علاقات قوية مع حماس مثل تركيا وقطر وإيران، ستدين الخطة وتدعم المقاومة الفلسطينية. وستدين الدول الأوروبية، وخاصة تلك التي تدعم القضية الفلسطينية مثل فرنسا وألمانيا والسويد، الخطة وتضغط على إسرائيل للالتزام بالقانون الدولي وحقوق الإنسان. وستعرب الدول الآسيوية، وخاصة تلك التي لها مصالح اقتصادية واستراتيجية في الشرق الأوسط مثل الصين واليابان وباكستان، عن قلقها وتدعو إلى الحوار ووقف التصعيد. وستعارض الدول الأفريقية، وخاصة تلك التي لها روابط تاريخية وثقافية مع الفلسطينيين، مثل جنوب أفريقيا والجزائر وتونس، الخطة وستظهر تضامنها مع الفلسطينيين. وسترفض دول أمريكا اللاتينية وخاصة تلك التي عانت من الاستعمار والقمع مثل فنزويلا وكوبا وبوليفيا، الخطة وتطالب بالعدالة للفلسطينيين.
سادسا، يتجاهل الاقتراح البدائل الممكنة لخطة إعادة التوطين التي يمكن أن تكون أكثر واقعية وإنسانية. ويمكن أن يكون أحد البدائل هو رفع الحصار المفروض على غزة والسماح بحرية حركة الأشخاص والبضائع، الأمر الذي من شأنه أن يخفف من حدة الأزمة الإنسانية ويحسن الظروف المعيشية للسكان. وقد يكون البديل الآخر هو استئناف مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس المعايير المعترف بها دولياً لحل الدولتين، والذي من شأنه أن يعالج القضايا الأساسية للصراع مثل الحدود والمستوطنات واللاجئين والقدس والأمن.
ومن غير المرجح أن تتمكن إسرائيل من تنفيذ هذا المشروع، لأنها ستواجه معارضة ومقاومة قوية من الفلسطينيين والمصريين والمجتمع الدولي. كما أنه سيخاطر بتصعيد الصراع وخلق المزيد من عدم الاستقرار والعنف في المنطقة. وينظر معظم الناس إلى هذا الاقتراح على أنه غير واقعي وغير أخلاقي وخطير.