- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
إسرائيل اليوم: كيف تحافظ إسرائيل وروسيا على المصلحة المشتركة في سوريا إلى الأبد؟
إسرائيل اليوم: كيف تحافظ إسرائيل وروسيا على المصلحة المشتركة في سوريا إلى الأبد؟
- 22 مايو 2022, 1:04:48 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في بداية الشهر أطلقت بطارية روسية منصوبة على الأراضي السورية، صواريخ نحو طائرات إسرائيلية هاجمت مصنعاً عسكرياً سورياً لإنتاج الوسائل القتالية المخصصة لـ”حزب الله”.
نار الصواريخ، وهي الأولي من نوعها منذ وصلت قوات الجيش الروسي إلى سوريا قبل نحو سبع سنوات، استهدفت الإثبات بأنه رغم الحرب في أوكرانيا، فإن موسكو مصممة على مواصلة حماية معقلها في سوريا، وليكن ما يكون. لكن في إسرائيل مالوا إلى تفسير إطلاق الصواريخ كإشارة تحذير وكرسالة، وبموجبها من شأن روسيا أن تعاقب إسرائيل على مواقفها في مسألة الحرب في أوكرانيا، فتقيد بل وتمنع حرية عمل طائرات سلاح الجو في سماء سوريا.
يدور الحديث حالياً عن حدث موضعي، ومع ذلك فإنه يبعث على تساؤلات بل ومخاوف، وبالأساس ذكريات تعيدنا 55 سنة إلى الوراء، إلى الأسابيع الأخيرة من أيار 1967، الأيام التي بدأ فيها العد التنازلي نحو حرب الأيام الستة، الحرب التي لم يتوقعها أحد ولم يرغب فيها أحد.
في حينه، عملت إسرائيل في سوريا كي تفشل محاولات السوريين لتحويل مجرى مياه نهر الأردن، ورداً على عمليات إرهاب حركة فتح، التي عملت في حينه بتشجيع من السوريين على الحدود الشمالية. قد يكون التدهور على طول الحدود الإسرائيلية – السورية بعث مخاوف موسكو بأن إسرائيل توشك على مهاجمة سوريا، ولكن يبدو أيضاً أنهم سعوا لاستغلال الأحداث كي يصبوا الزيت على النار، وينتجوا أجواء حرب، وبذلك يضمنوا ولاء حلفائهم العرب ويعززوا مكانة موسكو في المنطقة.
لقد نقل الروس للعرب إخطارات، وبموجبها توشك إسرائيل على مهاجمة سوريا، وكل نفي تل أبيب كان عبثاً. وهكذا بدأوا يدحرجون كرة الثلج التي أدت إلى نشوب الحرب. عقب الإخطار الروسي قرر رئيس مصر، جمال عبد الناصر، إدخال قواته إلى سيناء، وفي وقت لاحق أغلق مضائق تيران في وجه الملاحة الإسرائيلية، وطرد قوات الأمم المتحدة من قطاع غزة. تجند العالم العربي للحرب ضد إسرائيل، أما عندنا فساد فزع وإحساس بالحصار والاختناق. وهكذا أصبحت الحرب محتومة. يبدو أن الروس فوجئوا من سير الأحداث، وفقدوا السيطرة عليها، بل وأهينوا بسبب هزيمة نكراء لحقت بالجيوش العربية التي سلحوها ودربوها. رداً على ذلك، قطعوا علاقاتهم مع إسرائيل كعقاب على انتصارها.
بعد ثلاث سنوات من ذلك في بداية 1970، في ذروة حرب الاستنزاف، عاد الروس وتدخلوا بشكل نشط في المواجهة التي بين إسرائيل والعرب؛ زودوا مصر وسوريا بسلاح متطور وبمستشارين ساعدوهم على تشغيلها، كما بعثوا بطائرات قتالية، بطياريها، إلى مصر. في حادثة جوية في تلك السنة أسقط الجيش الإسرائيلي خمس طائرات روسية في سماء القناة. وكان الانتقام الروسي بالطبع بناء منظومة صواريخ مضادة للطائرات في الجبهة المصرية والسورية، وكان من شأن هذا أن يجبي ثمناً باهظاً من سلاح الجو في حرب يوم الغفران. غير أن الواقع اليوم مختلف جوهرياً؛ فقد جاء الروس إلى المنطقة قبل أكثر من خمسين سنة كي يساعدوا العرب بشكل نشط ومباشر في حربهم ضد إسرائيل. أما اليوم فروسيا دولة تقيم علاقات حوار، بل وعلاقات صداقة معنا، وليس هدفها هو المس بإسرائيل، بل تحقيق مصالح روسية على الأراضي السورية. وهذه لا تتعارض بالضرورة مع المصالح الإسرائيلية.
فضلاً عن ذلك، إسرائيل دولة أقوى بكثير من تلك التي كانت عشية حرب الأيام الستة أو حرب يوم الغفران، ولها قدرة على إلحاق أضرار جسيمة، مباشرة وغير مباشرة، بخصومها. من هنا، المصلحة المشتركة الروسية – الإسرائيلية في الحوار والتعاون قدر الإمكان.
لكن كما في الماضي، المصلحة الروسية هي المقررة بالنسبة لموسكو، وبالنسبة لها فإنها مستعدة للسير بعيداً، مثلما تبين في أوكرانيا. وفضلاً عن ذلك، عندما تقطع الأشجار في أوروبا تتناثر الشظايا غير مرة في الشرق الأوسط. ينبغي الأمل في أن تتمكن إسرائيل وروسيا من احتواء التوترات والخلافات، وكذا الاحتكاكات الموضعية بينهما، إذ إن الحوار وليس المواجهة هو ما يخدم ويحقق مصالحهما الاثنتين.
بقلم: أيال زيسر
إسرائيل اليوم 22/5/2022