- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
إسرائيل اليوم: ما مصير إسرائيل والشرق الأوسط أمام الهيمنة الإيرانية والحرج الأمريكي؟
إسرائيل اليوم: ما مصير إسرائيل والشرق الأوسط أمام الهيمنة الإيرانية والحرج الأمريكي؟
- 25 يناير 2022, 6:56:50 م
- 652
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بقلم: دان شيفتن
في اليمن، البعيد عن العين والقلب، تدور رحى حرب وحشية، لسياقاتها ونتائجها آثار إقليمية تستوجب اهتماماً استراتيجياً. فقد قدمت إيران لفروعها التمويل والإرشاد (بمساعدة حزب الله) وأدوات استراتيجية تخرج نتائجها الموضوعية عن حدود اليمن: تحقيق مكانة الهيمنة في إيران، بسبب هشاشة الدول العربية ومساهمة حاسمة في انهيار الدول التي تفعّل فيها إيران فروعها. إضافة إلى الضرر التاريخي على استقرار المنطقة، فإن انعدام الفهم الأمريكي وسخافة سياستها في الشرق الأوسط يعظم المشكلة. كل هذا يجب أن يقلق إسرائيل.
الهيمنة لا تعني بالطبع تنصيب حكام إيرانيين في عواصم المنطقة، أو فروع تـأتمر مطلقاً لأئمة طهران. لنصر الله اعتبارات واضطرارات لبنانية صرفة، ولن يعمل دائماً حسب تعليمات الحرس الثوري والجدول الزمني التي ترغب فيه إيران. ومع أن إيران تفضل تثبيت علاقات محسنة مع السعودية والإمارات في هذه الأيام، فقد هاجم الحوثيون أبو ظبي والمطار في الأيام الأخيرة بالصواريخ، ومست بناقلات نفطها، وسيطروا على سفينة تحمل علمها. هذا هو رد الحوثيين على مساهمة الإمارات، بواسطة 50 ألف مقاتل من الميليشيا التي تمولها، لإفشال جهودهم للسيطرة على المحافظات الغنية بالنفط في اليمن.
الهيمنة الإيرانية مضمونة، عملياً، أمام “حزب الله” والحوثيين والميليشيات الإيرانية في العراق وسوريا، كي يضربوا ويردعوا ويستهلكوا المقدرات ويحرجوا أعداء إيران: الولايات المتحدة، وإسرائيل، والسعودية، والإمارات، والبحرين. هي فروع تضر بأعدائها على نطاق استراتيجي عظيم المعاني، باستثمار إيراني زهيد نسبياً، وبرفقة خسائر من المتزمتين الأفغان والباكستانيين وغيرهم، التي لا تأبه بهم إيران، وبقدرة نفي مريحة. ففرض نمط هيمنة كهذا، كلفته هامشية ومنفعته هائلة، في دول أساس أخرى في المنطقة، سيؤثر بقدر بعيد المدى على ميزان القوى، ويطرح خطراً وجودياً على إسرائيل، ويخرب مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ويعرض أوروبا لأخطار شديدة.
إن انهيار الدول العربية يتسارع بسبب التدخل الإيراني، بما في ذلك في حالات وقعت في سياقات أخرى. فرغم التوترات التاريخية، ثمة شك بأن ينهار لبنان دون دور سلبي لـ”حزب الله”. وعقب ضائقة قاسية جراء الحرب الأهلية في السبعينيات، كان هناك أناس يحدوهم الأمل لإعادة البناء، أما الآن فقد تبدد هؤلاء. لقد شهد اليمن حروباً أهلية، لكن مستوى المعاناة والخراب هذه المرة استثنائي.
في ضوء تدخل عميق للقوى العظمى الأجنبية، ثمة شك في انتهاء الحرب بتسوية مستقرة بين الحوثيين والانعزاليين ولو بعد انهيار الحكم في الشمال. أما في العراق، فيدور الحديث عن سعي الميليشيات الإيرانية لإلغاء نتائج الانتخابات من خلال محاولة اغتيال رئيس الوزراء المنتخب، بل وانقسام الميليشيات في مسألة الطاعة للحرس الثوري. وفي سوريا يضاف إلى تحدي إعادة بناء الدولة خطر المواجهة الهدامة مع إسرائيل بسبب التدخل الإيراني.
وتحوم فوق كل هذه سخافة هزيلة من الولايات المتحدة، التي تحاول مصالحة أعدائها على حساب حلفائها الإقليميين في مغازلات لإيران تثير الشفقة، وبشطب الحوثيين من قائمة الإرهاب، وبوقف مساعدة هجومية للسعودية، وبتسليمها بهجمة الميليشيات الإيرانية على قاعدة أمريكية، رداً على هجوم إسرائيلي. إذا لم تصحُ في اللحظة الأخيرة بتعزيز مكثف لقوات الناتو في شرق أوروبا حيال التهديدات الوقحة لروسيا، فستدفع بالشرق الأوسط (وحيال الصين) لفقدان الردع الأمريكي عقب بؤسها في أوكرانيا.
المشكلة هي أن كل هذه الأمور تنبع من رفض أمريكي، “أوروبي” في جذوره، لفهم التحدي الشرق أوسطي، خشية أن يضطروا للعمل ضده. من هنا تجاهل خطر الهيمنة الإيرانية والتآمر على حلفائهم (الإسرائيليين، والسعوديين، والإماراتيين وغيرهم) ممن يحاولون التصدي لتقدمها الزاحف. تنشغل واشنطن بتضليل ذاتي بأن استئناف اتفاق 2015 سيوقف التحول النووي، بينما –عملياً- سيسمح تمويل مئات مليارات الدولارات الناشئة عن رفع العقوبات الدفع بنمط الهيمنة هذا وبنتائجه الهدامة.