- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
إسرائيل زوّدت أذربيجان بأسلحة فتّاكة.. “هنا تُباع أسلحة من دون قيود وبلا ضمير”
إسرائيل زوّدت أذربيجان بأسلحة فتّاكة.. “هنا تُباع أسلحة من دون قيود وبلا ضمير”
- 4 أكتوبر 2023, 9:56:11 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الناصرة- “القدس العربي”:
تؤكد مصادر إسرائيلية حقوقية ارتفاع صادرات الأسلحة الإسرائيلية والمنظومات الأمنية للعالم، بما في ذلك لأنظمة قمع واستبداد تلاحق المعارضين والصحفيين وناشطي المجتمع المدني، وفي بعض الدول يستخدم هذا السلاح لارتكاب جرائم قتل، منبهة لارتكاب أذربيجان جرائم حرب بحق الأرمن بسلاح إسرائيلي.
رداً على طلب رسمي قدمه المحامي الإسرائيلي الناشط في مجال حقوق الإنسان ايتاي ماك، يكشف تقرير رسمي لوزارة الأمن الإسرائيلية أن إسرائيل صادقت، خلال العام 2022، على بيع مسيرات صغيرة لـ 145 دولة، وهي لا تستخدم لـتحقيق أهداف مدنية فحسب. كما يكشف ماك أن هناك ارتفاعاً بنسبة 25% بعدد الدول التي باعت لها جهات إسرائيلية منظومات استخبارات وسايبر. كما يؤكد ماك أن هناك ارتفاعاً كبيراً في عدد الدول التي صادقت وزارة الأمن الإسرائيلية على بيعها أسلحة، ويقول إن الصادرات الأمنية الإسرائيلية للعالم تحطّم مجدداً رقماً قياسياً مرجحاً أن الحرب في أوكرانيا أنعشت سوق السلاح، علاوة على اتفاقيات التطبيع مع الإمارات والبحرين واستيرادهما السلاح الإسرائيلي.
وكشفت صحيفة “هآرتس” أن هذه الصادرات العسكرية بلغت في العام 2022 أعلى مستوى لها على الإطلاق، حيث وصلت قيمتها 12.5 مليار دولار، فيما ذهب ربع المبيعات إلى دول عربية وقّعت معها اتفاقيات تطبيع في السنوات الأخيرة بوساطة أميركية.
وحسب معطيات وزارة الأمن الإسرائيلية المشرفة على صادرات “الصناعات الدفاعية”، فإن واحدة من كل أربع صفقات تعلقت بأنظمة الطائرات المسيرة، فيما شكلت “الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي” 19% من مجمل الصادرات. وبحسب بيانات الوزارة الإسرائيلية، فإن الصادرات تضاعفت، خلال السنوات التسع الماضية. وأظهرت البيانات المتعلقة بمناطق التصدير وجود قفزة نوعية في الصادرات إلى الدول العربية التي وقعت مع إسرائيل اتفاقيات تطبيع: بلغت عائدات الصادرات 853 مليون دولار إلى هذه الدول في العام 2021، مقابل 2.96 مليار دولار في العام 2022.
تصاعد تهديد المُسيّرات الإيرانية، وخصوصاً في ساحات القتال في أوكرانيا، واتساع الهجمات الجوية الروسية، قد تسببَ برفع قيمة منظومات الدفاع الجوية التي تنتجها إسرائيل في أوروبا أيضاً
أذربيجان وأرمينيا
وكانت صحيفة “هآرتس” العبرية قد اعتبرت، في افتتاحيتها أمس، أن إسرائيل شريكة في حملة التطهير العرقي التي قامت بها أذربيجان مؤخراً ضد السكان الأرمن في إقليم ناغورني غاراباخ.
وكتبت الصحيفة تقول: “بعد أكثر من مائة عام على مذابح الأرمن في الإمبراطورية العثمانية، لجأ أبناء هذا الشعب الصغير إلى الهروب مرة أخرى من هول الاحتلال والقمع. غير أن أذربيجان لم تكن وحيدة في هذه الحرب البشعة، فقد زودت إسرائيل جيشها بأفضل أنواع السلاح المتقدم الذي أتاح إمكان عملية التطهير العرقي لذلك الإقليم”. وطبقاً لـ “هآرتس” شمل ذلك: صواريخ أرض- أرض، وطائرات هجومية مسيرة من دون طيار، قذائف صاروخية موجهة، منظومات دفاع جوية، مدافع، قاذفات، أنظمة لتحسين الدبابات، بنادق من طراز “ساعر”، سفناً حربية، وصواريخ ضد الدبابات، وطبعاً منظومات سايبر وتجسس.
ويشير تقرير للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” لتقارير إسرائيلية كشفت أيضاً أن إسرائيل باعت منظومات دفاع متطورة من طراز “باراك” و”سبايدر” للإمارات، وأن المغرب وقعت صفقة للتزود بصواريخ “باراك”. منوهاً أن تصاعد تهديد المُسيّرات الإيرانية، وخصوصاً في ساحات القتال في أوكرانيا، واتساع الهجمات الجوية الروسية، قد تسببَ برفع قيمة منظومات الدفاع الجوية التي تنتجها إسرائيل في أوروبا أيضاً، ما مهّدَ الأرضية لألمانيا، ثم لـ13 دولة من دول حلف شمال الأطلسي ( الناتو)، وفنلندا التي ليست عضواً في هذا الحلف، للانضمام إلى مبادرة “حماية السماء الأوروبية” من أجل بناء غلاف دفاع جوي مشترك، وفي إطار هذه المبادرة قررت ألمانيا التسلح بمنظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية “سهم 3”. وفي البداية نشر عن صفقة بقيمة 2 مليار دولار، لكن بعد انضمام الدول الأخرى فإن مبلغ الصفقة يُقدّر بنحو ثلاثة مليارات دولار، وانتظرت الصفقة الضوء الأخضر من واشنطن، الذي جاء أخيراً. وتم توقيع الصفقة، الأسبوع الماضي، خلال زيارة قام بها وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت إلى ألمانيا، وهي تعتبر الصفقة الأكبر التي تعقدها الصناعات الأمنية الإسرائيلية على مدار تاريخها كله. ووفقاً لما قاله المدير العام للصناعات الجوية الإسرائيلية، بوعاز ليفي: “يدور الحديث حول أفضل الفترات بالنسبة لهذه الصناعات الجوية.. وهي تزيد مبيعاتها من فصل إلى آخر، وبلغت نحو 3.6 مليارات دولار حتى الربع الثالث من العام 2022، ما يعني الاقتراب من معدل مبيعات سنوية يبلغ 5 مليارات دولار، وهو إنجاز استثنائي للغاية.
مسيّرات انتحارية وحوامات
وبحسب ما أكدت الدكتورة ليران عنتيبي، مديرة برنامج “التكنولوجيا المتقدمة والأمن القومي” في “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، فإن مجال الدفاع الجوي سيواصل احتلال مكان آخذ بالتصاعد في ضوء تغيّر التهديد الجوي في العالم، والنشر المتزايد لوسائل بسيطة ورخيصة وفي متناول اليد، مثل المسيّرات الانتحارية والحوامات، إلى جانب التهديدات الكلاسيكية. ونوهت، على نحو خاص، بأن إيران تنتج مُسيّرات هجومية بكميات كبيرة، وهذه يتم إطلاقها من العراق واليمن في اتجاه أهداف في الخليج، مثل منشآت نفط ومطارات وسفن. وتكلفتها منخفضة جداً، 20 ألف دولار لكل واحدة، ولكن الضرر الذي تتسبّب به كبيرٌ، كما حدث قبل نحو عامين في منشآت نفط “أرامكو” في السعودية، والدمار الكبير الذي ألحقته روسيا في أوكرانيا، عندما بدأت تستخدم المسيرات الإيرانية منذ عام، في تشرين الأول الماضي.
حيال هذا كله يذكر “مدار” بأن إسرائيل تُعتبر واحدة من أكبر الدول المصدرة للأسلحة في العالم، ولكنها، خلافاً لمعظم الدول لا تتقيّد بقرارات ومعاهدات دولية تمنع تصدير الأسلحة والخبرات الأمنية إلى أنظمة يُحظر التعاون معها وتفرض عليها عقوبات.
ويعمل في هذا المجال عددٌ كبير من الإسرائيليين، بينهم ضباط جيش، يحظون بمعاملة متساهلة من وزارة الأمن الإسرائيلية، حتى حيال خرقهم القرارات الدولية. ووفقاً لما يؤكده المحامي إيتاي ماك، وهو خبير في مجال حقوق الإنسان وأبرز ناشط من أجل زيادة الشفافية والإشراف العام على التصدير الأمني الإسرائيلي، فإن التصدير الأمني هو “أمر مقبول وجميع الدول تفعل ذلك، ولكن المشكلة هي أن إسرائيل، اليوم، ضالعة في أماكن كثيرة، قررت الولايات المتحدة وأوروبا منذ فترة أن تمتنع عن التصدير الأمني إليها… وهذه دول ليست ديموقراطية وبعضها ديكتاتوريات تقتل وتنهب وتقمع مواطنيها”.
هآرتس: إسرائيل شريكة في حملة التطهير العرقي التي قامت بها أذربيجان مؤخراً ضد السكان الأرمن في إقليم ناغورني قرة باغ
300 شركة إسرائيلية
وأضاف ماك أنه يوجد في إسرائيل عددٌ قليل من الشركات الأمنية العملاقة، وتوجد أكثر من 300 شركة تعمل في مجال تصدير الأسلحة والخدمات الأمنية، أقامها أشخاص من أجل جني أموال طائلة، “وجميع هذه الشركات تعمل تحت مظلة وزارة الأمن الإسرائيلية، التي تصدّق على عمل الشركات”.
وأوضح آلية تصدير الأسلحة والخدمات الأمنية، حيث تصل إلى إسرائيل ميزانيات من دول وجهات معنية بشراء أسلحة، ووزارة الأمن تقرر لمن تمنح تراخيص تصديرها “وكيفية توزيع الكعكة”، إذ إن قسماً من المصدرين هم ضباط كبار في الجيش وموظفون سابقون في وزارة الأمن وسياسيون سابقون.
وفضلاً عن قدرات الصادرات الأمنية الإسرائيلية، فإن ما يجعلها مطلوبة على نطاق واسع أنها تُباع من دون أي قيود، بما في ذلك إلى أنظمة استبداد ظلامية. ويؤكد أغلب الناشطين من أجل زيادة الشفافية والإشراف العام على التصدير الأمني الإسرائيلي أن كل الحكومات الإسرائيلية تتبع، منذ سبعينيات القرن الفائت، سياسة واحدة في هذا الملف، تتجسد بشراء مؤيدين في أرجاء العالم عن طريق تزويدهم بالسلاح الفتاك.
يسار قبل اليمين
وينبّه الكاتب الباحث في الشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت إلى أن أول من انتهج هذه السياسة كانت حكومات توصف بأنها “يسارية”، فمثلاً في فترة ولاية حكومة إسحق رابين الثانية كانت إسرائيل ضالعة في تشيلي والأرجنتين، وكذلك في رواندا والبوسنة والهرسك، وهي أماكن ارتُكبت فيها جرائم رهيبة ضد المدنيين. كما ينوه إلى أن جميع الذين عملوا في هذا المجال هم جنرالات كبار ينتمون تاريخياً إلى حزب “مباي”، الحزب الذي أسس إسرائيل وحكمها حتى العام 1977 ومنه انبثق حزب العمل الحالي؛ حيث كان هناك جنرالات انتقلوا إلى السياسة، وآخرون ذهبوا إلى الصناعات الأمنية، وبذا فإن يداً كانت تقوم بتبييض اليد الأخرى.
ولإجمال كل موضوع التصدير الأمني وتجارة السلاح في إسرائيل يكفي أن نترجم عنوان تعليق محلل الشؤون الأمنية يوسي ميلمان حياله، والذي ظهر قبل فترة ليست بعيدة في صحيفة “هآرتس” وجاء فيه: “هنا تُباع أسلحة، من دون قيود وبلا ضمير”.