إسلام الغمري يكتب: لقاء الملك الأردني بترامب.. دروس في السياسة واستحقاقات المواجهة

profile
إسلام الغمري الغمري نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية
  • clock 12 فبراير 2025, 5:47:18 م
  • eye 61
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
لقاء الملك الأردني بترامب

لا شك أن لقاء الملك الأردني عبد الله الثاني بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان حدثًا مفصليًا يحمل دلالات سياسية عميقة، خاصة في ظل السياق الحساس الذي تمر به القضية الفلسطينية، وتهديدات التهجير القسري لسكان غزة. لكن الأداء السياسي والإعلامي خلال اللقاء كشف عن عدة ثغرات كان يمكن تفاديها، وهو ما يفرض علينا استخلاص الدروس ووضع رؤية لمواجهة التحديات المقبلة.

دروس اللقاء وأخطاؤه

1- فخ ترامب والخطأ في الذهاب منفردًا


لم يكن اللقاء مجرد جلسة بروتوكولية، بل كان فخًا سياسيًا نصبه ترامب لإملاء رؤيته الأحادية بشأن غزة. ومع أن الملك الأردني يمتلك خبرة سياسية طويلة، إلا أنه وقع في المصيدة، وكان من الضروري عدم الذهاب منفردًا، بل ضمن موقف عربي موحد يواجه هذا الجنون السياسي الجماعي.

2- الخطأ في اصطحاب ولي العهد


كان اصطحاب ولي العهد في هذا اللقاء قرارًا غير موفق، حيث تعرض لمشهد الإهانة والإحراج دون أن يكون له دور فاعل. لغة جسده كانت معبرة عن الأسى والحزن، وهذا قد يترك أثرًا سياسيًا سلبيًا عليه مستقبلًا.

3- الأسلوب الدفاعي بدلاً من الهجومي


ظهر الملك في موقف دفاعي وهو يواجه رئيسًا سابقًا ليس لديه أي خبرة سياسية حقيقية مقارنة به. كان ينبغي أن يكون هو المبادر بطرح الأسئلة، لا المتلقي لها، مما وضعه في موقف الضعف بدلاً من القوة.

 

4- غياب الإعداد الجيد


لم يظهر خلال اللقاء أي استخدام للمعلومات والقرارات الدولية التي تدين الاحتلال الصهيوني، بينما كان يمكن توظيفها لوضع ترامب في موقف دفاعي بدلاً من تركه يُملي روايته على العالم.

5- ضعف لغة الجسد


لغة الجسد كانت غير موفقة، فإظهار الخضوع أو الحزن لا يليق بالملوك والقادة، خاصة في موقف كهذا كان يتطلب الحزم والقوة والوضوح.

 

6- فقدان المبادرة الإعلامية


كان يمكن استثمار اللقاء لطرح رواية فلسطينية قوية عبر الإعلام العالمي، لكن غاب التفاعل العاطفي والتأثير الإنساني في مواجهة الخطاب التضليلي لترامب، والذي استغل الأكاذيب لكسب تعاطف الجمهور الأمريكي والدولي.

 

7- سوء إدارة التصريحات اللاحقة


ما زاد من تداعيات اللقاء هو محاولة الترميم الإعلامي من قبل وزير الخارجية الأردني، ما عكس ضعف الأداء وأكد أن اللقاء لم يكن موفقًا، بدلاً من أن يتم استغلاله لتصحيح الصورة وتحقيق مكاسب سياسية.

 

ما الحل؟ وكيف نواجه المرحلة القادمة؟

 

بناءً على هذه الملاحظات، من الضروري وضع خطة عربية وإسلامية موحدة لمواجهة مشاريع التهجير والاستيطان، ووقف محاولات فرض حلول أحادية على الشعب الفلسطيني. وهذا يتطلب:
1. عدم السماح بالتعامل مع الملف الفلسطيني بشكل فردي، بل يجب تشكيل وفد عربي وإسلامي موحد يمثل القضية في المحافل الدولية، ويكون قادرًا على مواجهة الطرح الأمريكي والصهيوني.
2. إعادة ضبط الخطاب السياسي العربي ليكون قائمًا على المبادئ الثابتة: لا تهجير، لا تنازل، لا تفريط. يجب أن تكون هناك لغة واضحة مدعمة بالحقائق القانونية والإنسانية تضع الاحتلال في موقع الإدانة.
3. تحرك إعلامي ودبلوماسي فاعل لمواجهة التضليل الإعلامي الغربي، وتقديم رواية فلسطينية قوية مدعمة بالشهادات الحية والوثائق حول جرائم الاحتلال ورفض أي حلول تتجاوز الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
4. إطلاق مبادرة سياسية عربية واضحة تتضمن:
• رفض أي خطة لا تضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
• اشتراط أي حديث عن إعادة إعمار غزة بوقف العدوان ورفع الحصار نهائيًا.
• تحريك ضغط دولي عبر الأمم المتحدة والمحاكم الدولية ضد مخططات التهجير.
5. تفعيل أدوات الضغط العربي والإسلامي، سواء عبر مقاطعة التطبيع، أو استخدام الأدوات الاقتصادية والسياسية لفرض واقع جديد يخدم القضية الفلسطينية، لا الاحتلال الصهيوني.

 

الخلاصة

 

لقاء الملك الأردني بترامب كان محطة سياسية مهمة، لكنها كشفت عن ضرورة تغيير قواعد المواجهة العربية مع المخططات الأمريكية والصهيونية. المطلوب الآن ليس الاكتفاء بالنقد، بل وضع استراتيجيات عملية لمواجهة المشاريع التي تهدد فلسطين والمنطقة. القمة العربية والإسلامية المقبلة يجب أن تكون نقطة تحول، لا مجرد جلسة تصريحات، وإلا فإننا سنواجه أخطارًا أكبر في المستقبل القريب.

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)