إسلام الغمري يكتب: مطار نيالا.. عقدة استراتيجية في معركة السودان المحتدمة

profile
د إسلام الغمري سياسي مصري
  • clock 4 فبراير 2025, 4:38:15 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في خضم الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تحول مطار نيالا إلى نقطة ارتكاز عسكرية بالغة الأهمية، حيث تكشف صور الأقمار الصناعية نشاطاً مكثفاً في عمليات الشحن والتعزيزات، إلى جانب استخدام مسيّرات نوعية، يُعتقد أن بعضها صيني الصنع، لدعم المليشيات في معاركها ضد القوات المسلحة السودانية. هذه التطورات دفعت الجيش السوداني إلى تصعيد القصف الجوي على المطار في محاولة لقطع هذا الشريان اللوجستي الذي بات يشكل تهديداً مباشراً لمجريات الحرب.

ما الذي تكشفه صور الأقمار الصناعية؟

 

تشير التحليلات الاستخباراتية المستندة إلى صور الأقمار الصناعية إلى وجود منشآت جديدة داخل مطار نيالا، يُرجح أنها مراكز تخزين وإدارة للعتاد العسكري الوارد إلى قوات الدعم السريع. كما تُظهر الصور نشاطاً ملحوظاً لطائرات الشحن التي تهبط بشكل متكرر، ما يعكس تدفقاً مستمراً للأسلحة والمعدات.

 

ورغم أن المصادر الرسمية لم تكشف صراحة عن مصدر هذه الإمدادات، فإن الترجيحات تشير إلى دور محتمل لقوى إقليمية ودولية في دعم المليشيات، وهو ما يفسر إصرار الجيش السوداني على إخراج المطار من الخدمة عبر القصف الجوي المكثف.

المسيّرات الصينية.. كيف تغير المعادلة؟

 

أحد أخطر التطورات في معركة نيالا هو استخدام الدعم السريع لمسيّرات متطورة، يُعتقد أن بعضها من طراز صيني، والتي يتم استخدامها في عمليات الاستطلاع والاستهداف الدقيق. هذه المسيّرات منحت المليشيات قدرة على شن هجمات نوعية ضد مواقع الجيش السوداني، ما شكل تحدياً كبيراً في ساحة المعركة.

 

إدخال هذه المسيّرات إلى المعركة يعكس تحولاً في تكتيكات الدعم السريع، حيث أصبحت تعتمد بشكل متزايد على التكنولوجيا الحديثة لتعويض خسائرها الميدانية. لكن في المقابل، دفع هذا التطور الجيش السوداني إلى تكثيف عملياته الجوية لتعطيل مراكز التحكم والإطلاق الخاصة بهذه الطائرات، وهو ما يفسر القصف المتواصل لمطار نيالا.

لماذا يُصر الجيش السوداني على تدمير المطار؟

 

أهمية مطار نيالا في هذه الحرب تكمن في كونه نقطة إمداد رئيسية لقوات الدعم السريع، ومن خلال السيطرة عليه، تستطيع المليشيات تأمين تدفق الأسلحة والذخائر، وإدارة عملياتها العسكرية بكفاءة أكبر. لذلك، فإن استمرار عمل المطار يشكل تهديداً مباشراً للجيش السوداني، ويطيل أمد الحرب.

الجيش السوداني، الذي يمتلك تفوقاً جوياً نسبياً، يدرك أن حرمان الدعم السريع من هذا المركز الحيوي سيؤدي إلى تراجع قدرتها القتالية، خصوصاً مع تزايد خسائرها في عدة جبهات. ومن هنا، فإن القصف المستمر على المطار ليس مجرد استهداف لموقع عسكري، بل هو جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تجفيف مصادر القوة لدى المليشيات وعزلها عن الدعم الخارجي.

 

كيف تؤثر معركة نيالا على مجريات الحرب؟

 

مع اشتداد القتال في مناطق عدة، تمثل معركة مطار نيالا محطة مفصلية في مسار الصراع، ومن شأن حسمها لصالح الجيش السوداني أن يُحدث تحولاً جذرياً في الميدان. فإذا نجح الجيش في تعطيل المطار بشكل كامل، سيؤدي ذلك إلى:


• إضعاف القدرات اللوجستية للدعم السريع، مما يحد من قدرتها على شن هجمات كبيرة.


• تقليل تأثير المسيّرات التي أصبحت سلاحاً فعالاً في يد المليشيات.


• تعزيز موقف الجيش في معارك المدن الكبرى مثل الخرطوم والفاشر.


• إجبار الدعم السريع على تغيير استراتيجياتها، وربما اللجوء إلى الانسحاب من بعض الجبهات الحيوية.

ختاماً.. صراع الإرادة والسيادة

معركة مطار نيالا ليست مجرد مواجهة عسكرية، بل هي اختبار لإرادة الدولة السودانية في استعادة سيادتها ومنع التدخلات الخارجية التي تسعى إلى فرض واقع مليشياوي على البلاد. نجاح الجيش السوداني في إخراج المطار من الخدمة سيشكل خطوة كبيرة نحو إنهاء النفوذ العسكري للدعم السريع، لكنه في الوقت ذاته سيدفع القوى الداعمة للمليشيات إلى البحث عن بدائل أخرى، ما يجعل الصراع مفتوحاً على مزيد من التعقيدات.

الأيام القادمة ستكون حاسمة، فإما أن ينجح الجيش السوداني في قطع هذا الشريان الحيوي للدعم السريع، أو تستمر المليشيات في استغلاله لتعزيز موقفها في الحرب التي تزداد شراسة مع مرور الوقت.

كلمات دليلية
التعليقات (0)