- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: ثورة طلابية بجامعات أمريكا من أجل فلسطين.. لكن أين العرب؟!
إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: ثورة طلابية بجامعات أمريكا من أجل فلسطين.. لكن أين العرب؟!
- 29 أبريل 2024, 11:16:48 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
هناك في جامعات الولايات المتحدة، في كاليفورنيا وتكساس ولوس أنجلوس ونيويورك وواشنطن وغيرها، وليس في القاهرة بيت العرب وجامعة الدول العربية أو في أي عاصمة عربية أخرى ، تجري معركة حقيقية يخوضها طلبة أمريكيون من أصول ومنابت عرقية ودينية ومنهم يهودية ضد حملة الإبادة الجماعية المتواصلة بحق الفلسطينيين في قطاع غزّة.
هناك في الولايات المتحدة التي ضخّت إدارتها عشرات مليارات الدولارات لتمويل ما شرعت إسرائيل في تنفيذه لاجتياح مدينة رفح، تحت لافتة حماية الأمن القومي الأمريكي كما صرّح الرئيس الامريكي جو بايدن، تُخاض معركة حقيقية تشي بولادة رأي عام أمريكي جديد منتفض على كامل السردية الأمريكية "المقدِّسة لإسرائيل" وضمنًا حرية التعبير والديمقراطية وحقوق الانسان.
مشهد طلاب جامعة كولومبيا وجامعات أمريكية أخرى، والذي لم يحصل منذ حرب فيتنام، يؤسّس لتبدّل عميق في توجهات الرأي العام الأمريكي والعالمي، ولبداية إرهاصات وديناميات سياسية جديدة تلغي الانحياز الأمريكي الأعمى لجانب "إسرائيل".
ويبدو أنّ الصرخة التي أطلقها الطيار الأمريكي آرون بوشنل أمام مقرّ السفارة الإسرائيلية في واشنطن لم تزل مدوية في أعماق الأمريكيين كحجر أساس لصرحٍ جديد لتمثال الحرية.
باستثناء الاعتصام الاحتجاجي الذي ينفذه أهل الأردن في محيط السفارة الاسرائيلية في عمّان، لا أثر حقيقيًا لأي حراك شعبي بمستوى المجزرة الإسرائيلية المتواصلة في غزّة وكل فلسطين، وربما تلاشى الرهان على تحوّل اعتصامات الاردن إلى عدوى تصيب البلاد العربية، سيّما المطبّعة مع "إسرائيل".
لقد أشعل العدوان على غزّة ثورة طلابية عالمية، فعدوى انتفاضة طلاب الجامعات الأمريكية تحمل في أحشائها بذور تحوّلها إلى حركة عالمية تعانق دعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، وأيضًا دعوى نيكاراغوا ضد ألمانيا لانخراطها في تسليح إسرائيل وتمويلها، فضلًا عن الدعاوى لمحاكمة قادة "إسرائيل" أمام محكمة الجنايات الدولية.
حراك طلاب الجامعات الأمريكية بات على أجندة المتابعة الدقيقة لإدارة بايدن، وأيضًا للدول الأوروبية المنخرطة والشريكة في العدوان على الفلسطينيين، سيما بعدما انتقلت إليها شرارة انتفاضة الطلاب الأمريكيين كما حصل في جامعة السوربون الفرنسية، وهي الشرارة المرشحة لتعم كافة الجامعات الأوروبية، خصوصًا منها تلك الداعمة والراعية "لإسرائيل" وجرائمها الإبادية بعيدًا عن القانون الدولي.
ليس سهلًا على الولايات المتحدة الأمريكية مواجهة طلّابها وشعبها، سيّما بعد عزلتها الدولية الأخلاقية وهي تستخدم الفيتو لعدة مرّات ضد وقف إطلاق النار في غزّة، ومؤخرًا ضد قرار قبول عضوية فلسطين الكاملة في منظمة الأمم المتحدة، ما يفضح ادعاءاتها الكاذبة بـ" حلّ الدولتين" التي سحقها نتنياهو تحت جنازير الدبابات، كما سحق من قبله شارون "المبادرة العربية للسلام" لحظة إطلاقها في بيروت.
ولمحاولة فك العزلة، تهافت بايدن ومعه 17 رئيس دولة من المنافقين لإصدار بيان يدعو للإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين فقط لدى "حماس".
الحرب على غزّة و بوصفها أطول حروب إسرائيل باتت تشكل مرجلًا لتحوّلات كبيرة في المنطقة والعالم. وادعاء واشنطن الحرص لمنع اتساع رقعتها لا يتسّق مع انخراطها العسكري والتسليحي والتمويلي الكامل لإسرائيل، كما أنّ هذا الادعاء سقط للمرة الثانية بعد 7 أكتوبر وعلى إثر المواجهة الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة.
الانتفاضة الطلّابية
ليس أمرًا بسيطًا أو ثانويًا أن يشكّل طلبة جامعة كولومبيا، بوصفها المصنع الذي يرفد الدولة الأمريكية بجنرالات السياسة والحروب، رأس حربة نزع صفة القداسة عن "فزّاعة اللا سامية" باعتبارها لافتة اغتيال معنوي وربما جسدي لكل من يتطاول على إسرائيل في العالم، فكيف ببراعم وشباب مستقبل الولايات المتحدة الذين لهذا الغرض نفّذ رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون على رأس كتيبة نيابية عملية مداهمة لحرم جامعة كولومبيا بهدف تهديد الطلاب والحجر على آرائهم الرافضة لاستمرار العدوان على فلسطين والفلسطينيين، ما دفع بعض الجامعات للإغلاق وإحالة ملف مخيمات الطلاب للجهات الأمنية بغية تدجين الطلّاب وإخضاعهم و"إدانة سلوكهم" كما يطالبهم سيدهم نتنياهو.
فإن انتفاضة طلاب الجامعات الأمريكية تحمل في أحشائها بذور تحوّلها إلى حركة عالمية تهز دولة الكيان و تهدد وجودها وشرعيتها.
فلم تعد الأسئلة حول مستقبل الكيان ترفًا للحالمين بتحرير "فلسطين من البحر إلى النهر"، الشعار الذي يرفعه طلّاب جامعات الولايات المتحدة، وبسببه يتم اغتيالهم معنويًا بتهمة معاداة السامية، رغم أنّ بعض قادة الانتفاضة الطلّابية الأمريكية يهود لكنهم ليسوا صهاينة على دين جو بايدن.