- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
استثمارات أرامكو السعودية بالولايات المتحدة.. نموذج مربح للتشارك بمجال الطاقة
استثمارات أرامكو السعودية بالولايات المتحدة.. نموذج مربح للتشارك بمجال الطاقة
- 9 فبراير 2023, 4:54:14 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلط الخبير في دبلوماسية الطاقة "أومود شكري" الضوء على استثمارات شركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو" الأخيرة في سوق الطاقة الأمريكية، معتبرا إياها علامة فارقة ونموذج لما يمكن أن تكون عليه العلاقات الخليجية الأمريكية مستقبلا.
وذكر "شكري"، في تحليل نشره بموقع "منتدى الخليج الدولي" و أن العديد من دول منطقة الشرق الأوسط خلصت في السنوات الأخيرة إلى أن اعتمادها الاقتصادي المستمر على الموارد الهيدروكربونية سيشكل عقبة أمام النمو الاقتصادي على المدى الطويل، إذ تتسبب الأزمات العالمية في إحداث تقلبات هائلة بأسعار الطاقة.
كما أن احتياطيات النفط والغاز ليست قابلة للتجديد، ولذا أكد معظم قادة الخليج على ضرورة استخدام الهيدروكربونات لتعزيز النمو المستدام وإفادة الأجيال القادمة.
وفي هذا الإطار، استخدمت المملكة العربية السعودية إيرادات النفط للاستثمار على نطاق واسع في المجالات غير النفطية، بما يتماشى مع خطة "رؤية 2030" الاقتصادية. ولهذه الغاية، أنشأت مناطق اقتصادية وسياحية خاصة لكسب المال من مصادر مختلفة.
وخلال زيارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" إلى جدة، في يوليو/تموز 2022، وقعت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية العديد من اتفاقيات التعاون الهامة، ولعبت الطاقة دورًا رئيسيًا في المفاوضات الثنائية.
وخلال اجتماعه مع العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبدالعزيز" وولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، وضع "بايدن" اللمسات الأخيرة على العديد من الاتفاقيات الثنائية، التي ادعى أنها ستخدم مصالح الشعب الأمريكي وتؤدي إلى منطقة شرق أوسطية أكثر تكاملاً واستقرارًا وازدهارًا.
ومن الواضح أن التعاون في مجال الطاقة النظيفة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة سيكون له العديد من الفوائد لكلا الجانبين، إذ يمكن للموارد المالية للمملكة العربية السعودية، جنبًا إلى جنب مع المزايا التكنولوجية التي توفرها الشركات الأمريكية، تسريع عملية انتقال الطاقة في كلا البلدين.
ومن خلال إطار الشراكة من أجل تنمية الطاقة النظيفة، ستضع واشنطن والرياض مجالات التعاون التي يمكن أن تتخذ فيها إجراءات تفي بأهداف الطاقة النظيفة.
وهنا يشير "شكري" إلى أن الاتصالات الثنائية بين البلدين لتحقيق هذه الأهداف تجري على مستويات متعددة، ففي كل عام، يسهل حوار الطاقة الثنائي التعاون بين مكتب الشؤون الدولية التابع لوزارة الطاقة الأمريكية ووزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودية.
ويشهد التجمع السنوي قيام ممثلي البلدين بمعالجة القضايا ذات الاهتمام المشترك وتحديد مجالات لمزيد من التعاون.
ويخلق حوار الطاقة الثنائي ساحة لتبادل المعلومات حول مستقبل الطاقة وخطط التنمية، بما في ذلك في مجالات الطاقة النووية والكهرباء. كما يعطي فرصة لمناقشة البحث والتطوير التعاوني في قطاع الطاقة.
وشهد الاجتماع السادس لمبادرة الاستثمار في المستقبل، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، تطوير صندوق الاستدامة، الذي من شأنه تسهيل النمو التكنولوجي في مجال تحول الطاقة.
ويعد صندوق المبادرة أحد أكبر صناديق الاستدامة في العالم مع وجود 1.5 مليار دولار تحت تصرف إدارته، بتمويل من صندوق الاستثمارات العامة (السيادي) السعودي.
ورغم تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية خلال العامين الماضيين بسبب ارتفاع أسعار النفط، وهو الأمر الذي رفض القادة السعوديون مرارًا وتكرارًا معالجته من خلال زيادة الإنتاج، كما فقد لعب أمن الطاقة دائمًا دورًا مهمًا دور في العلاقات بين البلدين.
"بورت آرثر"
وللتنسيق مع ديناميكيات السوق العالمية وتحول الطاقة، استثمرت "أرامكو" في العديد من مشاريع التكرير في البلدان الرئيسية المستهلكة للطاقة، بما في ذلك الولايات المتحدة.
وبعد إنهاء شراكة "موتيف إنتربرايزيس" و"شل" في مايو/أيار 2017، امتلكت شركة النفط السعودية العملاقة "بورت آرثر" بالكامل في تكساس، وهي أكبر مصفاة نفط في أمريكا الشمالية، ويتجاوز إنتاجها السنوي 600 ألف برميل يوميًا.
وبالإضافة إلى توفير أمن الطاقة، فإن استثمار "أرامكو السعودية" في البنية التحتية للطاقة الأمريكية وفر أيضًا جزءًا من الاحتياجات التقنية والتكنولوجية للمملكة.
وبالنظر إلى إمكانات أمريكا المتزايدة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال، يمكن لـ"أرامكو" تلبية الغاز الطبيعي المسال الذي تطلبه السعودية من خلال الاستثمار في منشآت الغاز الطبيعي المسال الأمريكية.
وبعد امتلاكها لـ"بورت آرثر"، خططت "أرامكو" لاستثمار ما يصل إلى 30 مليار دولار في المنشأة، وخصصت مبلغا مبدئيا قدره 12 مليار دولار لتطوير قدرة التكرير بالمصفاه. كما أعلنت الشركة السعودية عن نيتها استثمار 18 مليار دولار إضافية بحلول عام 2023.
وفي السياق، تعمل "أرامكو السعودية" على توسيع عملياتها في الولايات المتحدة، حيث استحوذت مؤخرًا على الفرع التجاري لشركة "موتيف إنتربرايزيس".
وفي مايو/أيار 2019، وقعت سيمبرا للغاز الطبيعي المسال و"أرامكو" للخدمات، وهما شركتان تابعتان لشركة سيمبرا للطاقة و"أرامكو السعودية"، اتفاقا لإتمام صفقة مدتها 20 عامًا لبيع وشراء الغاز الطبيعي المسال.
وبحسب الاتفاقية، من المقرر تصدير 5 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال من مصفاة "بورت آرثر" كل عام.
ووصف الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو" السعودية "أمين ناصر" الاتفاق بأنه تقدم كبير على طريق "أرامكو" لتصبح رائدة عالمية في سوق الغاز الطبيعي المسال.
وتشير توقعات "أرامكو" إلى أن الطلب على الغاز الطبيعي المسال سينمو بنسبة 4% سنويًا، متجاوزًا 500 مليون طن متري سنويًا بحلول عام 2035.
كما وقعت "أرامكو" السعودية على مذكرة تفاهم مع مستثمر عالمي رئيسي في مجال الطاقة، متمثلا في شركة EIG، إذ تحدد مذكرة تفاهم بين الشركتين التعاون في مشاريع الطاقة التي ستعود بالنفع المتبادل على أهداف الاستدامة الخاصة بهما.
الوقود البديل
وتشمل مجالات الاستثمارات المحتملة، بموجب المذكرة، مصادر الوقود البديلة والهيدروجين والغاز الطبيعي، ونقل الطاقة وتخزينها، واحتجاز الكربون.
كما تم الاتفاق على شراكة بين "أرامكو" السعودية ومجموعة الإمارات الدولية على أساس أن تغير المناخ يشكل تهديدًا وجوديًا للعالم وله عواقب وخيمة على الاقتصادات البشرية والمجتمعات في السنوات المقبلة.
فالقرون الماضية أثبتت علاقة مباشرة بين استهلاك الوقود الأحفوري بشكل كبير والنمو الاقتصادي. وبمرور الوقت، زادت كفاءة الطاقة في العمليات الإنتاجية الاقتصادية بشكل طبيعي بسبب ضغوط السوق نحو استخدامات أكثر فعالية للموارد المحدودة.
ومع ذلك، ونظرًا للتطور الاقتصادي السريع في جميع أنحاء العالم والزيادة في مستوى الرفاهية الاجتماعية، فقد زاد استهلاك الوقود الأحفوري أيضًا بشكل كبير، من حيث القيمة المطلقة.
ولن يؤدي تزايد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلا إلى تكثيف الاحترار العالمي وإحداث تدمير بيئي كبير على المدى المتوسط والطويل.
ومع انتقال العالم بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، فإن الحفاظ على أمن الطاقة أثناء الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة سيكون محور التعاون المستقبلي بين السعودية والولايات المتحدة. وبالتالي، من المتوقع أن يزداد استثمار أرامكو السعودية في البنية التحتية للطاقة الأمريكية في العقد المقبل.
كقوة عظمى جديدة في مجال الطاقة، تتطلب الولايات المتحدة استثمارات متزايدة في قطاع الطاقة، وهي تملك الموارد اللازمة لتلبية هذه الاستثمارات بالطبع، لكن استثمارات البلدان الأخرى يمكن أن تسرع من نموها.
ورغم التوتر بين حكومتي الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، فإن زيادة استثمار "أرامكو" في قطاع الطاقة الأمريكي، والوجود المفيد للشركات الأمريكية بمشاريع تحويل الطاقة وإزالة الكربون بالمملكة العربية السعودية، يمكن أن يساعد في تخفيف التوترات في العلاقات بين الرياض وواشنطن مستقبلا.
ويخلص "شكري" إلى أن استثمار "أرامكو" في مشاريع الطاقة بالولايات المتحدة مفيد لكل من السعودية وأمريكا، ويمكن أن يصبح بسهولة نموذجًا للتعاون الأمريكي المستقبلي مع دول الخليج الأخرى.