- ℃ 11 تركيا
- 1 نوفمبر 2024
اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: قراءه في زيارة ابو مازن إلى جنين
اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: قراءه في زيارة ابو مازن إلى جنين
- 16 يوليو 2023, 6:00:50 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
طالما سعت إسرائيل الى اضعاف السلطة الفلسطينية والمكانة السياسية لرئيسها "أبي مازن"، وأرادت بذلك أن تُحدث فجوة بين السلطة والشعب الفلسطيني
وعلى رغم من أن جزءاً مُهماً من المقاومين في المخيم محسوبٌ على فتح أو أبناءُ أشخاص مرتبطين بتنظيمها، فإن هذا لا ينفي غضب أغلبية سكان المخيم من السلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية الفلسطينية، بسبب عجزها عن حماية السكان وترك المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي يعيثون فساداً وقتلاً وتدميراً في البنية التحتية المدنية للمخيم في جنين، أو كما في ترمسعيا في رام الله وغيرها، يُعزز الاعتقاد السائد، ومفاده أن السلطة الفلسطينية منفصلةٌ تماماً عما يحدث على الأرض، وأن الأفضل لها أن تعود إلى الناس وتدعمهم، ليس فقط على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، أو دعم جنين عبر "الإعمار"، وإنما أيضاً في إطار مسايرة المزاج الشعبي العام والحاضن للفعل المقاوم، والرافض لأيّ تَماهٍ مع الاحتلال وأطماعه.
وبينما تبدو "إسرائيل" والولايات المتحدة قلقتين للغاية بشأن خسارة السلطة الفلسطينية الحُكمَ في جنين، فإنهما تسعيان لمحاولة إعادة السيطرة إليها، أي الى السلطة الفلسطينية، وخصوصاً بعد اقتحام جيش الاحتلال المخيمَ، وفشله الذي قاد إلى نتائج معاكسة للرغبة الإسرائيلية في كسر شوكة المقاومة وتبريد ساحة جنين، إذ توسعت دائرة الاحتضان الشعبي الفلسطيني للفعل المقاوم، وظهرت "إسرائيل" ضعيفة ومهزومة أمام صمود المقاومين والالتفاف الشعبي حولهم.
تُرى "إسرائيل" أن التعاون والتنسيق الأمنيين الوثيقين بينها وبين السلطة الفلسطينية يهدفان إلى منع دخول حركتي حماس والجهاد الإسلامي من أجل ملء الفراغ الأمني الذي نشأ على الأرض، على نحو يُضعف حكم السلطة الفلسطينية في المنطقة، وخصوصاً مع ازدياد الصراع على خلافة أبي مازن في الفترة الأخيرة بين أقطاب حركة فتح .
في الوقت نفسه لا يمكن للسلطة، وهي تعيش عقلية "الدون كيشوت" الذي يحارب طواحين الهواء، بسبب ظنه أنها شياطين لها أذرع، أن تردم الفجوة التي تتسع بينها وبين الناس، وهذا للأسف بالضبط ما تفعله، فهي تتهرب من مواجهة الحقيقة، ومن أزمتها التي تعيشها في كل المستويات، وخصوصاً المستوى الشعبي. فبدلاً من أن تستخلص العِبَر والدروس مما جرى في المخيم، وتبحث عن أسباب نفور الشعب منها وتُعالجها لتعيد ترميم علاقتها بالقاعدة الجماهيرية، وتغير سياستها المتماهية مع الاحتلال وتلفظ الفاسدين الذين يعملون لمصالحهم الشخصية، فإنها تقوم بطريقة غير مفهومة، كما فعل دون كيشوت، بمحاربة طواحين الهواء، وتخوض معارك وهمية مع أطراف يصوّر إليها خيالها أنهم يقودون مؤامرة ضدها!
والأَولى اليوم أن تبني السلطة على هذه الزيارة وأن تتنازل قبل كل شيء عن مشروع أثبت يوماً بعد يوم فشله، وأصبح عبئاً على من يُمثله، ولم يبقَ من "رفاته" سوى ما تريده وتتمسك به "إسرائيل" وتسعى لتثبيته كمُسلّم وحيدٍ في علاقتها بالسلطة الفلسطينية، وهو التنسيق والدور الأمنيان، اللذان تقايض "إسرائيل" السلطة الفلسطينية عليهما الآن في مقابل تقويتها وتعزيز دورها. فهل تُكرر السلطة تجربة المجرَّب الذي لم نجنِ منه سوى الويل، أم تُعيد حساباتها ووجهتها وتتجاوز تناقضات الخلط بين أيديولوجية المقاومة وأيديولوجية عدّ المقاومة "إرهاباً" يستدعي ملاحقة المنخرطين فيها واعتقالهم!