- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
البرهان يستخدم استراتيجية شراء الوقت حتى انتخابات الرئاسة السودانية
البرهان يستخدم استراتيجية شراء الوقت حتى انتخابات الرئاسة السودانية
- 2 فبراير 2022, 8:34:09 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يشير تعيين حكومة تصريف أعمال في السودان مؤخرًا إلى أن الفريق "عبدالفتاح البرهان" - الحاكم العسكري الفعلي للسودان منذ انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 - وحلفاءه ما زالوا واثقين من أنهم سيتمكنون من التحكم في عملية الانتقال الظاهرية إلى الحكم المدني عن طريق شراء الوقت لأنفسهم.
وجاء هذا التعيين بعد اجتماع "البرهان" أواخر الأسبوع الماضي مع مساعدة وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية "مولي في" ومبعوث الولايات المتحدة الخاص لمنطقة القرن الأفريقي "ديفيد ساترفيلد"، حيث أكد "البرهان" خلال الاجتماع على أنه منفتح على حوار شامل مع المعارضة السودانية وحكومة بقيادة مدنية لاستكمال المرحلة الانتقالية.
ويعود هذا الانفتاح إلى عدة عوامل. فأولاً يبدو أن "البرهان" يعتقد أنه سينجح في استمالة العديد من الأطراف المعارضة إلى جانبه بمساعدة "بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الفترة الانتقالية في السودان".
وثانيًا، أدت استقالة رئيس الوزراء "عبدالله حمدوك" (الذي وضع في البداية تحت الإقامة الجبرية من قبل الانقلابيين، ثم وافق على مخطط تقاسم السلطة مع البرهان ليستقيل مرة أخرى في 2 يناير/كانون الثاني في خضم احتجاجات حاشدة) إلى فقدان الشرعية الدولية، وهو ما اضطر "البرهان" وائتلافه الآن إلى محاولة استعادتها.
وثالثًا، يبدو "البرهان" واثقًا أن تعيين مسؤولين سابقين بارزين في "حزب المؤتمر الوطني"، والذين دعموا الديكتاتور المخلوع "عمر البشير"، بالإضافة إلى تعيين المعارضين أو الطموحين من مختلف قطاعات المعارضة حتى من "قوى الحرية والتغيير" المناهضة للجيش، سيكون كافيًا للاستجابة للتحذيرات الأمريكية والغربية من التعيين الأحادي الجانب للحكومة المدنية.
ويحمل هذا التكتيك أوجه تشابه مع استراتيجية "فرق تسُد" التي اتبعها نظام "البشير" من خلال الدخول في محادثات سلام مع عناصر مختلفة من المعارضة. وقد استخدم نظام "البشير" تلك الحوارات لاكتساب الشرعية الدولية، وفي الوقت نفسه إضعاف حركات المعارضة المسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
تقسيم قوى المعارضة
وفي حين أن هذه التكتيكات ربما ترضي المانحين الغربيين، فإن إدراج بقايا النظام السابق أو حتى عناصر من "قوى الحرية والتغيير" لن يُرضي بالتأكيد الغالبية العظمى من المتظاهرين الذين يواصلون النزول إلى الشوارع بالرغم من القمع الوحشي اللذي يمارسه الجيش والشرطة في ظل حالة الطوارئ منذ الانقلاب.
وعلى وجه الخصوص، فإن "لجان المقاومة" (التي يبدو أنها تتمتع بأكبر قدر من الدعم الشعبي في جميع أنحاء البلاد) سترى أي محاولة لإشراك "قوى الحرية والتغيير" على أنها محاولة لتوطيد سيادة الجيش، وليس التخلي عنها.
وهكذا رحب "البرهان" وحلفاؤه بمبادرة "بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الفترة الانتقالية في السودان"، لأنهم يرون فيها فرصة لإضعاف "قوى الحرية والتغيير" على طاولة المفاوضات ودق إسفين بينها وبين "لجان المقاومة".
ويأتي هذا في وقت تنقسم فيه "قوى الحرية والتغيير" بالفعل بين تلك الأحزاب التي شاركت في حكومة "حمدوك"، وتطالب بحكم مدني كامل، وأولئك الذين يأملون في تأمين دور لأنفسهم في العملية الانتقالية مع "البرهان" نتيجة ضعف قاعدتهم الشعبية، ما يجعلهم في وضع غير مواتٍ في الانتخابات المقرر إجراؤها في عام 2023.
وجعلت هذه الانقسامات من الصعب على "قوى الحرية والتغيير" كسب دعم "لجان المقاومة"، أو كسب تفويض بإعادة ترتيب الحوارات والضغط على "البرهان" وحلفائه لتسليم السلطة إلى المدنيين.
وبالتالي، فإن الانقسام بين المدنيين يلعب أيضًا في مصلحة الجيش حيث يظهر للولايات المتحدة والمجتمع الدولي أن "قوى الحرية والتغيير" لا تمثل مكونات الشعب السوداني.
وبينما تواصل واشنطن وعواصم غربية أخرى الدعوة إلى حكومة بقيادة مدنية قبل الانتخابات، فقد تتسبب الانقسامات داخل "قوى الحرية والتغيير" في تشجيع صانعي السياسة الغربيين على اعتبار الشراكة المدنية العسكرية الأخيرة المسار الأكثر واقعية.
تعزيز فرص الفوز بالرئاسة
وبالرغم من تأييد الدول الغربية لاتفاقية عام 2019 بشأن تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين واتفاقية جوبا للسلام لعام 2020 بين الحكومة وجماعات المعارضة المسلحة باعتبارها أساسا للفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية، فإن "لجان المقاومة" والمتظاهرين أدانوا الوثيقتين نظرًا لاعترافهما بالدور القوي الذي يجب أن يلعبه "البرهان" والجيش.
وتمكن "البرهان" حتى الآن من استغلال غموض الوثيقتين لتقويض كل من الحكومة المدنية والإصلاح الديمقراطي.
ومع ثقة "البرهان" في دعم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، فقد كان يستعد لانتخابات ما بعد الفترة الانتقالية من خلال تعزيز الجهود التي يبذلها قادة مجموعة "الميثاق الوطني - قوى الحرية والتغيير" المنشقة عن "قوى الحرية والتغيير" لإنشاء كتلة انتخابية لدعم ترشح "البرهان" للرئاسة في الانتخابات المقبلة.
وتضم الكتلة أحزابًا شاركت في حكومة "البشير" السابقة، وقد يعزز هذا ترشح "البرهان" للرئاسة، لأنه قد يجذب أنصار نظام "البشير" وهم كتلة انتخابية كبيرة يمكن أن تضمن فوزه الانتخابي.
ويشعر كل من "البرهان" والفريق "محمد حمدان دقلو" المعروف بـ"حميدتي" بالقلق بشأن احتمال إجراء محاكمات مستقبلية على دورهما في الإبادة الجماعية في دارفور ومذبحة القيادة العامة في الخرطوم في 3 يونيو/حزيران 2019.
وبالتالي فإن رغبة "البرهان" في الحصانة تدفعه لبذل كل ما في وسعه لتأمين فوزه بالرئاسة إذا تم المضي قدما في الانتخابات العام المقبل، ويبقى أن نرى ما إذا كان سينجح.
المصدر | جهاد مشامون | ريسبونسبل ستيتكرافت