- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
"البقجة الحرارية".. تراث أردني بأسلوب عصري (تقرير)
"البقجة الحرارية".. تراث أردني بأسلوب عصري (تقرير)
- 18 مارس 2023, 11:00:57 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
السلط/ ليث الجنيدي/ الأناضول
الأردنية أمل تفاحة التي أعادت إحياء تراث "حفظ الطعام" للأناضول:
- أحاول إحياء التراث والحفاظ عليه بلمسات عصرية
- الفكرة مرجعها هو تراث أمهاتنا وجداتنا
- "البقجة الحرارية" تم صنعها من مواد تحاكي التراث
- التصميم من التراث الأردني لكن الفكرة تعود إلى أصول أفريقية
- تصنيع القطعة الواحدة يحتاج إلى 5 ساعات عمل متواصلة
"التراث" هو كل ورّثته الأجيال السابقة في مجالاتٍ وميادين مختلفة، منه المادي وغير المادي، ويسعى البعض في الحفاظ عليه أو استعادته أو إعادة انتاجه بلمسات عصرية تُظهر مدى التطور والاختلاف بين الماضي والحاضر.
هذا ما فعلته الأردنية "أمل تفاحة" (40 عاماً)، عندما اختارت أن تحيي "البقجة الحرارية" بأسلوب عصري يُحاكي طريقة تقليدية كانت سيدات المملكة في الماضي يتبعنها لحفظ الأطعمة المختلفة.
أمل التي تعيش مع زوجها وأولادها في مدينة السلط التابعة لمحافظة البلقاء وسط البلاد، دفعتها ظروف أزمة كورونا إلى البحث عن عمل تجد فيه نفسها وتكون من خلاله سيدة منتجةً في المجتمع، وتحقق فيه دخلاً يعينها على تكاليف الحياة.
** محط أنظار الكثيرين
مراسل الأناضول زار السيدة الأردنية في منزل والدها، واطلع على واقع مشروعها، والذي بات محطّ أنظار الكثيرين، خاصة مع أهمية المنتج الذي أحيت بمضمونه فكرة لا يعرف عنها سوى من عايشنها مع أمهاتهن وجداتهن في الماضي.
تقول أمل: أنها تحاول إحياء التراث والحفاظ عليه "بلمسات عصرية"، مشيرة إلى أن الفكرة "بدأت وقت اشتداد جائجة كورونا والحجر الصحي قبل ثلاث سنوات، وكنت في ذلك الوقت احتاج خلق شيء من لا شيء".
وتابعت: "الوالدة كانت تحتفظ بماكنة خياطة من أيام الزمن الجميل، وبدأت بالتسلية".
وأضافت تفاحة: "الفكرة ولدت في لحظتها، ولكن مرجعها هو تراث أمهاتنا وجداتنا اللائي كن ينقلن الطعام من المنزل للحقول والبساتين بالبقجة ليحافظن على حرارة الطعام".
وأردفت: "أمهاتنا كنّ في الماضي يقمن بلف وعاء الطعام حتى ينضج الأرز بشكل جيد، وفي نفس الوقت يحافظن على حرارته لوقت تجمّع العائلة حول المائدة".
** مستوحاة من التراث
وأوضحت تفاحة: "البقجة مستوحاه من رائحة التراث، لذلك تم صنعها من مواد تحاكي التراث مثل قماش السدو بألوانه الخلابة".
ولفتت إلى أنها "وجدت أن الموضوع يمثل بابا للرزق، وبدأت السيدات تطلبنها مني".
وحول مكونات صناعتها، بيّنت أمل بأن "المادة الداخلية هي عبارة عن قماش عازل للحرارة، ومحشوة أيضا بمواد عازلة للحرارة، ومواد أخرى تحافظ على شكلها".
ومضت تفاحة قائلة: "القماش الخارجي هو قماش السدو، وهو نوع من القماش الذي يستخدم في صناعة المقاعد العربية الأرضية والبسط التراثية".
واستدركت: "هذه المواد العازلة تعطينا في المحصلة بقجة حرارية حافظة للحرارة بنسبة 90 بالمائة، والمادة داخلها تحافظ على حرارتها سواء باردة أو ساخنة لمدة 6 ساعات، وهو أمر مثبت عن طريق التجربة الفعلية والعملية".
** أصول إفريقية
وتابعة تفاحة: "التصميم من التراث الأردني لكن الفكرة تعود إلى أصول أفريقية، وهذه البقجة تساعد في إتمام عملية الطهي لبعض الأطباق وخاصة التي يستخدم فيها الأرز أو ما يعرف لدى نساء الأردن بفلفلة الأرز".
وأشارت إلى أن "من استخدمها بشكل متكرر وفّر لهم في استهلاك الغاز بحسب ما أكدوا بعد تجربتها".
وبيّنت تفاحة: "حالياً أعمل بمفردي، وأسعى لتطوير الفكرة لتصبح مشروع رائداً".
واستطردت: "تصنيع القطعة الواحدة يحتاج إلى 5 ساعات عمل متواصلة، وهذا يعتمد على الحجم المطلوب فهي بأحجام مختلفة وتكون بحسب الطلب، والبعض يطلب تطريز الاسم عليها، وهذا يعطيها طابعا شخصيا وخاصة عندما تكون هدية".
ولفتت تفاحة، إلى أن " الفكرة أساساً بنفس مبدأ الزوّادة التي كانت معروفة لدى المجتمعات الأردنية الريفية قديماً، وتستخدم في أغراض متعددة ومنها الرحلات، إضافة لمبدأ الأمان بضمان الأمهات عدم استخدام أبنائهن وسائل التسخين الوقودية والكهربائية".
أما عن أسعارها، فقد أكدت بأنها "في متناول الجميع، والهدف هو إحياء فكرة ومساعدة السيدات الأردنيات، وخاصة الموظفات، وأثمانها تتراوح ما بين 10 (14 دولار أمريكي) و 20 دينار (28 دولار)، وتزيد بزيادة الحجم المطلوب".
واعتبرت تفاحة بأن ما يميّز "البقجة" بأنها "خفيفة الوزن وشكلها جميل وجذّاب، وقابلة للغسيل والتنظيف مما يطيل عمرها، ونكهة الطعام فيها أطيب؛ لأن الوجبات التي تحفظ فيها تكون أقل عرضة لحرارة الغاز، والبهارات والنكهة تبقى داخل الوجبة فلا تتطاير كما يحدث عند الطهي التقليدي".
وتعود أصول البقجة واختراعها إلى الدول الأفريقية؛ إذ حاول المختصون بالبيئة الوصول لحل بديل لاستنزاف الغابات وقطع الأخشاب لاستخدامها في طهي الطعام، فكانت هي الحل الأمثل، لتوفير الطاقة والموارد الطبيعية والمال والجهد أيضا.