التحالف الأمني ضد إيران.. لماذا يصر بايدن على استدعاء السياسات القديمة؟

profile
  • clock 7 يوليو 2022, 1:42:42 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يتجه الرئيس الأمريكي "جو بايدن" الأسبوع المقبل إلى السعودية التي وعد سابقا بتحويلها إلى "دولة منبوذة"، ويقال إنه عازم على مناقشة ضمانات أمنية واسعة النطاق مع المملكة، بما في ذلك مظلة دفاع جوي.

ومن المفارقات أن اقتراح الإدارة سيعمق تورط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ويزيد من تعقيد المفاوضات النووية الإيرانية. وفي حين يعتبر البعض أن هذه الإجراءات الأمنية واتفاقيات "أبراهام" تساعد على استقرار المنطقة، فإن الواقع هو العكس طالما إيران لا تزال مستثناة من المناقشات حول أمن الشرق الأوسط.

إذا كان هدف "بايدن" هو الاستقرار، فيجب على إدارته جلب جميع أصحاب المصلحة الإقليميين الرئيسيين إلى طاولة المفاوضات. بالإضافة إلى ذلك، يجب على واشنطن أن تشجع المحادثات الدبلوماسية الجارية بين الرياض وطهران والتي شهدت تقدما هذا الأسبوع فقط.

وإذا حافظ "بايدن" على نهجه الحالي، فلن يؤدي ذلك إلا إلى زيادة عزل إيران وزعزعة استقرار المنطقة بأكملها لعدة أسباب.

أولاً، في مواجهة جبهة أمريكية عربية إسرائيلية موحدة، ستسعى إيران على الأرجح إلى زيادة نفوذها من خلال توسيع برنامجها النووي، والاستثمار بشكل أكبر في شبكة الوكلاء، واتخاذ خطوات أخرى مزعزعة للاستقرار لتأكيد نفوذها الإقليمي. ولا تعد هذه الاستراتيجية جديدة، فقد رأينا كيف يمكن أن يأتي عزل إيران بنتائج عكسية.

وفي محاولة لتركيع إيران، تخلت إدارة "ترامب" عن الاتفاق النووي، وتبنت حملة "أقصى ضغط"، واغتالت قائد فيلق القدس "قاسم سليماني"، وتم تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية أجنبية. وأدت تداعيات هذه القرارات إلى زيادة بنسبة 400% في عدد الهجمات على القوات الأمريكية في العراق من قبل وكلاء إيران.

 ثانيًا، أدى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق إلى نتائج عكسية على الصعيد النووي أيضًا حيث يمكن لإيران الآن إنتاج ما يكفي من المواد النووية لصنع قنبلة في أقل من 10 أيام، وهي فترة قصيرة جدًا بحيث لا يمكن للمفتشين الدوليين اكتشاف تصرفات طهران. ويعد الحل الحقيقي الوحيد هو استعادة الصفقة بالكامل وزيادة  "وقت الاختراق" إلى نحو عام واحد، كما كان قبل انسحاب "ترامب" من الاتفاق.

ولن يقتصر الأمر على توسيع المواجهات السرية بين إيران وإسرائيل لتشمل حربًا شاملة، ولكن إنهاء الاتفاق تماما يمكن أن يؤدي إلى سباق تسلح نووي قد يشمل شركاء إقليميين للولايات المتحدة مثل السعودية التي تعهد ولي عهدها "محمد بن سلمان" بأنه "إذا طورت إيران قنبلة نووية، ستحذو المملكة حذوها في أسرع وقت ممكن".

 ثالثًا، من المرجح أن يؤدي إطلاق محور دفاعي (أمريكي عربي إسرائيلي) إلى عرقلة المفاوضات السعودية الإيرانية لاستعادة العلاقات الدبلوماسية التي تم قطعها في عام 2016 بعد إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي البارز "نمر النمر" والهجوم اللاحق من قبل المتظاهرين الإيرانيين على سفارة المملكة في طهران.

وقد انخرط الخصمان مؤخرًا في 5 جولات من المحادثات الدبلوماسية المباشرة التي استضافها العراق. وبدلاً من تعزيز الانفراجة بين الرياض وطهران، اللتين يتسبب تنافسهما في الكثير من التوتر في الشرق الأوسط، ستؤدي مظلة الدفاع الجوي إلى تصعيد التوترات الإقليمية وتقليص احتمالات الاستقرار. وإذا كانت واشنطن تريد إرساء الاستقرار حقا، فعليها أن تشجع السعودية وإيران على علاج الجروح القديمة، لكن العكس هو الذي يحدث.

وفي 9 يونيو/حزيران، قدم عدد من أعضاء الكونجرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي قانون "ردع قوات العدو وتمكين الدفاعات الوطنية" (DEFEND). ويهدف القانون إلى إنشاء "منظومة دفاع جوي وصاروخي متكاملة" (IAMD) عبر حلفاء وشركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ومن المقرر أن تغطي المنظومة إسرائيل ومصر والأردن والعراق ومجلس التعاون الخليجي.

ويعزز مشروع القانون البنية الأمنية القديمة والمعيبة للشرق الأوسط وهي بنية تهدف إلى تأليب الدول العربية ضد إيران، مما يديم دائرة الصراع الإقليمي. وسيتطلب مشروع القانون من دافعي الضرائب الأمريكيين إنفاق المزيد على حماية السعودية في وقت لم يفعل فيه السعوديون أي شيء لزيادة إنتاج النفط وبالتالي خفض التكاليف التي يدفعها الأمريكيون.

وبغض النظر عن الكونجرس، فإن اتباع إدارة "بايدن" سياسات قديمة وتعميق التحالف مع حفنة من الفاعلين الاستبداديين هو قصر نظر وسيؤدي إلى تفاقم التوترات مع إيران.

بدلاً من ذلك، يجب على البيت الأبيض أن يتجنب المستنقع ويتابع العملية الدبلوماسية مع طهران ويشجع المفاوضات الثنائية بين السعودية وإيران. وعندها فقط يمكن الحديث عن الاستقرار الإقليمي.

 

المصدر |  فائزة فتحي زاده / ريسبونسبل ستيتكرافت

التعليقات (0)