- ℃ 11 تركيا
- 22 ديسمبر 2024
الحاج محمد أمين الحسيني المفتي العام للقدس ..الجزء الأول
الحاج محمد أمين الحسيني المفتي العام للقدس ..الجزء الأول
- 25 مارس 2021, 12:03:17 ص
- 1177
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
.. أشهر من تولى منصب الإفتاء في فلسطين وكان في الوقت نفسه رئيس المجلس الإسلامي الأعلى ورئيس العلماء، وظل يلعب دورا مهما في الصراع العربي الإسرائيلي خاصة في سنواته الأولى أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات. . وهو أيضاً رئيس المجلس الإسلامي الأعلى ، و رئيس اللجنة العربية العليا ، وصاحب تاريخ حافل بالعلم والجهاد ضد اليهود وساهم في تكوين جيش المجاهدين في الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي وكذلك جيش المجاهدين البوسنة في حرب البلقان الأولى ..قبض عليه عدة مرات ونفي لبلدان عدة وتنقل بين العديد من الدول . . ويعد أحد أبرز الشخصيات الفلسطينية في القرن العشرين
نشاته ومولده
ولد مابين عامي 1893 و1897 لعدم الاهتمام بتاريخ قيد المواليد في هذه الفترة ، و تلقى تعليمه الأولي في القدس بإحدى مدارسها واختار له والده عددا من العلماء والأدباء لإعطائه دروسا خصوصية في البيت، ثم التحق بكلية الفرير بالقدس لتعلم اللغة الفرنسية وبعد قضاء عامين بها التحق بالجامع الأزهر في القاهرة ، والتحق أيضاً بكلية الأداب جامعة القاهرة بالإضافة إلى التحاقه بدار الدعوة و الإرشاد التي اسسها الشيخ محمد رشيد رضا ، أدى الحسيني فريضة الحج في السادسة عشرة من عمره عام 1913 ،فاكتسب من حينها لقب الحاج، أدى نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914 إلى قطع دراسته والسفر إلى إسطانبول للالتحاق بالكلية العسكرية، ليتخرج برتبة ضابط صف في الجيش العثماني لكنه ترك الخدمة لاعتلال صحته بعد ثلاثة أشهر فقط من تخرجه.
توجهاته الفكرية
نادى الحاج أمين الحسيني بوجوب محاربة الحكم البريطاني والتسلل الصهيوني لفلسطين. وكانت له آراء في تنظيم أمور القضاء والمحاكم الشرعية، وأخذ يعمل على تقوية المدارس الإسلامية ودائرة الأوقاف واجتهد في إنشاء مجلس إسلامي شرعي لفلسطين وحدد صلاحياته ومسؤولياته. كما نادى بوجوب اعتبار قضية فلسطين قضية العرب كلهم وقضية العالم الإسلامي. وكان شديدا في مواجهته لسماسرة بيع الأراضي والعقارات الفلسطينية إلى اليهود واعتبر من يقومون بعمليات البيع هذه خارجين عن الدين الإسلامي ولا يجوز الصلاة عليهم ولا دفنهم في مقابر المسلمين.
حياته السياسية
بعد أن ترك الجيش العثماني آثر العمل سرا مع الثورة العربية فانضم إلى لوائي القدس والخليل، ثم انضم إلى جيش الشريف حسين بن علي بهدف إقامة دولة عربية مستقلة وذلك إبان الحرب العالمية الأولى.
العودة إلى القدس وبداية الكفاح
ليعودبعدها إلى القدس التي كان يسيطر عليها بريطانيا والحلفاء بمساعدة القوات العربية، و كانت إنجلترا قد أوهمت العرب أنها ستعطي لهم حقوقهم ، وكان الحسيني ممن صدقوا هذه الوعود، لكنه اكتشف كذب المحتل البريطاني بعد صدور وعد بلفور في 2نوفمبر سنة 1917 .
بعد صدور وعد بلفور قرر الحاج أمين الحسيني بدء الكفاح ضد الوجود اليهودي والبريطاني ، وأصدر فتوى اعتبرت من يبيعون أرضهم لليهود والسماسرة الذين يسهلون هذه العملية خارجين عن الدين الإسلامي ولا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين، ونشط الحاج أمين في شراء الأراضي المهددة بالانتقال إلى أيدي اليهود وضمها إلى الأوقاف الإسلامية، وأنشأ النادي العربي سنة 1918 وهو أول منظمة سياسية في تاريخ فلسطين الحديث ، ومن خلال النادي عمل على تنظيم مظاهرات في القدس سنة 1918 و1919، وعقد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في يناير سنة 1919،.
الهروب إلى الكرك ودمشق
تسببت المظاهرات التي كان ينظمها في اعتقاله سنة 1920، فهاجم شباب القدس السيارة التي تحمله ، واستطاع الهرب إلى الكَرَك بجنوب الأردن ومنها إلى دمشق، فأصدرت الحكومة البريطانية عليه حكما غيابيا بالسجن 15 عاما، لكنها عادت وأسقطت الحكم بعد عدة شهوربسبب ضغط الغضب والمعارضة الفلسطينية الشديدة ، وساعد في إسقاط الحكم أيضاً تولي إدارة إنجليزية مدنية برئاسة هربرت صموئيل محل الإدارة العسكرية ، فعاد إلى القدس مرة أخرى، ظل بها حتى توفى أخوه مفتي القدس كامل الحسيني أوائل عام 1921
تعيينه مفتياً للقدس
بعد وفاة كامل الحسيني خلفه أخوه الحاج أمين الحسيني وتم تعيينه مفتياً عاماً للقدس، فأنشأ المفتي الجديد المجلس الإسلامي الأعلى لرعاية مصالح المسلمين ، واشرف على إعادة تنظيم المحاكم الشرعية في سائر قطاعات فلسطين البالغ عددها ثماني عشرة محكمة شرعية ، واستعاد الإشراف على الأوقاف الإسلامية بعد أن كانت في يد النائب العام وهو اليهودي الإنجليزي بنتويش، وعمل الحسيني أيضاً على تأسيس وتقوية المدارس الإسلامية في كل أنحاء فلسطين، وتأسيس الكلية الإسلامية بين عامي 1924 حتى عام 1937، وتولى أيضاً تأسيس "دار الأيتام الإسلامية الصناعية" في القدس وأشرف عليها ، ورأس لجنة إعادة إعمار وترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وهو المشروع الذي تم في عام 1927 ، كما ترأس مؤتمر العالم الإسلامي - الذي بدأ منذ عام 1931 في القدس من أجل القضية الفلسطينية، وتكرر انعقاده برئاسته في مكة وبغداد وكراتشي وغيرها، وأشرف على تكوين جمعيات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" للإصلاح بين المتخاصمين ومقاومة الدعوة الصهيونية للعرب لبيع أراضيهم.
الكفاح السري وتنسيق العمل الجهادي
رأى الحسيني أن الشعب الفلسطيني لم يكن مؤهلا لخوض معركة عسكرية بطريقة حديثة، فأيد الجهود السياسية لحل القضية الفلسطينية. وفي الوقت ذاته كان يعمل بطريقة سرية لتكوين خلايا عسكرية اعتبرت النواة الأولى التي شكل منها عبد القادر الحسيني فيما بعد جيش الجهاد المقدس.
وكذلك أشرف على تأسيس ورئاسة اللجنة العربية العليا لفلسطين.
ومن خلال اللجنة العربية العليا والمجلس الأعلى لرعاية المسلمين في فلسطين نظم الحاج امين الحسيني العديد من الفعاليات ، فنظم الجمعيات الكشفية، وفرق الجوالة، وتم إعدادها إعدادًا جهاديًا، واتصل بالمخلصين والمناضلين في العالمين العربي والإسلامي كالشيخ عز الدين القسام وعبد القادر الحسيني.
حقيقة عمالة الحسيني للإنجليز
أطلقت دعاية حاولت إظهار الحاج امين الحسيني بأنه الرجل المسالم للإنجليز، لكنه رد على هذه الدعاية بذكاء في لقاء بينه وبين قادة العمل الوطني على رأسهم عبد القادر الحسيني ، ودار الحديث عن موقفه من مقاومة الإنجليز، فرد الحسيني قائلاً: ما رأيكم أن تقاوموا أنتم الإنجليز وتتركوني لمقاومة اليهود؟
ساعتها أحسَّ المجلس أن الرجل صاحب نظرة ورؤية أعمق من مجرد دفع عدو ظاهر، وأن الأمر أخطر من مجرد السيطرة الإنجليزية، وأن هذه السيطرة ستار لمؤامرة استيطانية صهيونية شيطانية، وبعد هذه الجلسة توحدت الجهود وتولى عبد القادر الحسيني قيادة الأعمال العسكرية، و كان المفتي أمين الحسيني هو الواجهة السياسية، والمنسق لها من خلال منصبه واتصالاته للجهود العسكرية، و كان من مهامه أيضاً توفير التمويل اللازم لكل الجهود لنصرة القضية الفلسطينية.
ثورة البراق 1929
ساهمت جهود الحسيني في إشعال ثورة البراق في فلسطين عام 1929 ، والتي اندلعت بعد مظاهرات ضخمة لصهاينة تحميها قوات البريطانية ، وأنشدالصهاينة الأناشيد الزاعمة امتلاك اليهود لحائط البراق ، ومطالبة أيضاً بوضع مقاعد لليهود المتعبدين والمصلين أمام الحائط بالمخالفة لما تم الاتفاق عليه بملكية المسلمين للحائط، وعدم أحقية اليهود في جلب أي متعلقات أو ووضع مقاعد أو تغيير أي شيء من الأوضاع القائمة بالفعل، ووقعت صدامات بين الصهاينة والمسلمين بعدما نظم المسلمون مظاهرات للرد على تجمعات اليهود، وكانت حصيلة الاشتباكات التي امتدت من الخليل وبئر السبع جنوبا حتى صفد شمالاً وقوع 126 شهيدا فلسطينيا، مقابل 232 قتيلا يهوديا، وجرح 230 فلسطينيا مقابل 393 مصاباً يهوديا،واعتقلت سلطات الانتداب البريطاني 900 فلسطيني وأصدرت أحكاماً بالإعدام شنقاً على 27 فلسطينيا خُفّفت الأحكام على 24 منهم ونفذ حكم الإعدام في السابع عشر من يونيو عام 1930 بسجن مدينة عكا المعروف باسم (القلعة)، في ثلاثة محكومين هم: فؤاد حسن حجازي، محمد خليل جمجوم وعطا أحمد الزير. وتشكلت لجنة تابعة لعصبة الأمم للتحقيق وهم اليل لوفغرن، شارلس بارد، و فان كمبن، وأقرت اللجنة المستقلة بحق المسلمين وحدهم في حائط البراق، وكذبت ادعاءات الصهاينة عن الحائط التاريخي.
اندلاع الثورة من جديد
رغم إقرار اللجنة بالحق العربي لكن مؤامرات الصهاينة لم تتوقف فاندلعت الثورة من جديد 1933 في فلسطين ، وبدأت بخروج مظاهرة كبيرة عقب صلاة الجمعة من المسجد الأقصى المبارك، لكن للأسف قمعتها سلطات الاحتلال البريطاني وهو ما أدى إلى إصابة 35 فلسطينيا، و فى نفس التوقيت خرجت مظاهرة أخرى من جامع يافا ايضا، وترافقت مع إضراب عام ومظاهرات عمت ارجاء فلسطين كلها ، وأدت إلى استشهاد 35 عربيا في القدس ويافا وحدهما على يد سلطات الاحتلال البريطاني، والتي وصلت إلى الاعتداء بالضرب على الشيخ موسى كاظم الحسيني الذي كان يبلغ من العمر وقتها تسعين عاماً آنذاك، فجرح جرحاً بليغاً توفي على إثره في العام التالي. .. وكان للحسيني دور بارز في الثورة عن طريق تسهيل دخول المتطوعين الذين وفدوا للدفاع عن فلسطين من مختلف البلدان العربية.
وبعد ضغوط من الحكومات العربية أعلن وقف الإضراب، لتنتهي المرحلة الأولى من الثورة الفلسطينية الكبرى يوم 12 أكتوبر سنة 1936، بعدها أرسلت الحكومة البريطانية لجنة تحقيق عرفت باسم لجنة (بيل)، أوصت في ختام أعمالها بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود، وبوضع القدس وبيت لحم والناصرة تحت سلطة الانتداب، للبحث عن نظام خاص لها. .لتنظيم حياة الشعب الفلسطيني الذي لم يرض عن الاستقلال بديلا ، واستمرت الثورة الكبرى فى نضالها الى أن اندلعت مرة أخرى ، وبدأت بإعلان إضراب استمر لمدة ستة أشهر، وهو أطول إضراب يقوم به شعب كامل عبر التاريخ.
تشكيل الهيئة العربية العليا
في يومها الخامس للإضراب ، عقد الحاج أمين الحسيني اجتماعا في القدس نتج عنه تشكيل قيادة عامة لشعب فلسطين، هي "الهيئة العربية العليا"، واتفقت على ضرورة مقاومة السياسة البريطانية مقاومة عملية جهادية. وتحت رعاية الهيئة، اجتمع قادة المنظمات العسكرية السرية في فلسطين في القدس، وقرروا جمع صفوفهم في جيش واحد، أطلقوا عليه اسم "جيش الجهاد المقدس"، وعهدوا بقيادته إلى المجاهد عبد القادر الحسيني. وفي الثامن والعشرين من نوفمبر عام 1937 أعدمت سلطات الاحتلال البريطاني أمير المجاهدين الشيخ فرحان السعدي وكان عمره وقتها ثمانين عاماً، وتم إعدامه وهو صائم، و هو أحد رفاق الشيخ الشهيد عز الدين القسام.
وفي مايو من العام ذاته، اندفعت فصائل الجيش إلى أماكن جبلية اختيرت لتكون مراكز انطلاقها، وأطلق عبد القادر الرصاصة الأولى إيذانا بالثورة، وذلك في قرية سوريك شمال غرب القدس. .. وأدت الثورة إلى تعقب بريطانيا المفتي في كل مكان، و لجأ الحسيني إلى المسجد الأقصى فخشيت بريطانيا من اقتحام الحرم حتى لا تثير مشاعر الغضب لدى العالم الإسلامي، فظل الحسيني يمارس دوره في مناهضة الاحتلال من داخل المسجد الأقصى ، وفي تلك الأثناء اغتيل حاكم اللواء الشمالي إندروز فأصدر المندوب السامي البريطاني قرارا بإقالة المفتي أمين الحسيني من منصبه واعتباره المسؤول عن الإرهاب الذي يتعرض له الجنود البريطانيون في فلسطين. واجتهدت السلطات البريطانية في القبض عليه .