- ℃ 11 تركيا
- 8 يناير 2025
الداعية خالد سعد يكتب: سيادة الأنظمة الاستبدادية وتكميم الأفواه: قضية عبد الرحمن يوسف القرضاوي نموذجاً
الداعية خالد سعد يكتب: سيادة الأنظمة الاستبدادية وتكميم الأفواه: قضية عبد الرحمن يوسف القرضاوي نموذجاً
- 7 يناير 2025, 6:21:01 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في زمن يُفترض أن تسود فيه مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، لا تزال الأنظمة الاستبدادية العربية تتفنن في القمع وتكميم الأفواه، مما يعكس هشاشة بنيتها وضعف شرعيتها أمام كلمة الحق. تتجلى هذه الحقيقة بوضوح في قضية الشاعر والمعارض المصري عبد الرحمن يوسف القرضاوي، الذي يواجه تهديداً بالتسليم إلى الإمارات العربية المتحدة، في خطوة تكشف زيف الشعارات الحقوقية والإنسانية التي تتغنى بها الأنظمة العربية.
عبد الرحمن يوسف: الكلمة في مواجهة الطغيان
عبد الرحمن يوسف القرضاوي ليس مجرد شاعر، بل هو صوت معارض يحمل رسالة الحق والعدل. كلماته الشعرية ومواقفه السياسية طالما شكلت تهديداً للأنظمة التي تخشى مواجهة الحقيقة. ليس غريباً أن تسعى دولة مثل الإمارات، التي باتت رمزاً للتدخلات السلبية في الشؤون الداخلية للدول العربية، إلى إسكات صوته. الإمارات، التي دعمت أعتى الأنظمة الديكتاتورية والانقلابات العسكرية في العالم العربي، أظهرت مراراً عداءً لأي صوت حر يتحدى سياساتها القمعية.
لبنان: دولة في قبضة الفساد
قرار السلطات اللبنانية بالموافقة على تسليم القرضاوي للإمارات يكشف عن أزمة عميقة في النظام السياسي والقضائي اللبناني. بلدٌ يعاني من الفساد على المستويات كافة، يجد نفسه اليوم مسرحاً لتصفية حسابات سياسية، بعيداً عن أي اعتبار للقانون الدولي أو المبادئ الحقوقية. محامي القرضاوي، محمد صبلوح، أشار إلى وجود "إجراءات مريبة" في محكمة التمييز اللبنانية، مما يعكس بوضوح تدخلات خارجية لإتمام هذه الصفقة السياسية المشبوهة. المفارقة تكمن في أن لبنان، الذي يتباهى بتعددية إعلامه وحرية التعبير فيه، يرضخ لضغوط إقليمية ويقرر تسليم معارض سياسي دون سند قانوني واضح.
القانون الدولي في مواجهة الانتهاكات
من الناحية القانونية، يُعتبر تسليم عبد الرحمن القرضاوي للإمارات انتهاكاً صارخاً للمعايير الدولية. لا توجد اتفاقية تبادل مطلوبين بين لبنان والإمارات، كما أن الطلب الإماراتي يفتقر إلى مبررات قانونية مقنعة. القانون الدولي يحظر تسليم الأفراد إلى دول يُحتمل أن يتعرضوا فيها للتعذيب أو المحاكمات غير العادلة، وهي انتهاكات موثقة في النظام القضائي الإماراتي.
الإمارات: يد في كل مأساة
الإمارات ليست مجرد طرف عابر في هذه القضية، بل هي مثال على نظام يسعى إلى تصدير قمعه خارج حدوده. أينما وجدت مأساة في العالم العربي، تجد الدعم الإماراتي حاضراً، سواء في تمويل الانقلابات العسكرية، دعم الحروب الأهلية، أو ملاحقة المعارضين السياسيين في الخارج. الإمارات، التي تقدم نفسها كواحة للتسامح والانفتاح، تكشف يوماً بعد يوم عن وجهها الحقيقي كنظام يخشى الحريات ويستهدف كل من يتجرأ على انتقاد سياساته.
ازدواجية الخطاب الحقوقي العالمي
القضية تفتح أيضاً الباب للتساؤل حول مصداقية المنظمات الدولية والدول الكبرى في الدفاع عن حقوق الإنسان. بينما يُفترض أن تكون هذه الدول حامية للقيم الحقوقية، إلا أنها تلتزم الصمت إزاء الانتهاكات التي تقوم بها الأنظمة الغنية، خشية فقدان مصالحها الاقتصادية. أين هذه المنظمات من محاكمة الإمارات على سجلها الحقوقي المشين؟ وأين "النظام العالمي" الذي يُفترض أنه يحمي الإنسان من بطش الديكتاتوريات؟
رسالة إلى الأنظمة الاستبدادية
أنظمة القمع، مهما بلغت قوتها، تعيش دائماً في خوف من انهيار عروشها. تسليم شاعر أو معارض لن يطيل من عمر هذه الأنظمة، بل سيعزز من كراهية الشعوب لها. قوة أي دولة لا تُقاس بقدرتها على القمع، بل بقدرتها على تقبل النقد، احترام الحريات، وضمان العدالة.
خاتمة: لن تُسكتوا صوت الحق
قضية عبد الرحمن القرضاوي ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي صورة مصغرة لمعركة مستمرة بين الحق والباطل. الكلمة الحرة ستظل أقوى من السجون والمحاكمات الصورية، وأصوات الأحرار ستبقى تصدح حتى يُكتب لهذه الأمة الخلاص من أنظمة القمع والاستبداد. الحرية ليست مجرد شعار، بل هي حق لا يقبل المساومة، ومن حق عبد الرحمن يوسف وكل صاحب رأي أن يعيش حراً، بعيداً عن بطش الطغاة.وحسبنا الله ونعم الوكيل في كل الطغاة ومن عاونهم ومن برا لهم قلما وأيد لهم كلمة ورفع لهم راية واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.