- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
الدكتور ناصر محمد معروف يكتب: التفاؤل بغياب الحمام وظهور الغربان في المسجد الأقصى المبارك يوم مسيرة الأعلام
الدكتور ناصر محمد معروف يكتب: التفاؤل بغياب الحمام وظهور الغربان في المسجد الأقصى المبارك يوم مسيرة الأعلام
- 19 مايو 2023, 8:07:20 ص
- 905
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
انتشر خبر غياب الحمام وحضور الغربان في المسجد الأقصى المبارك، وربما تشاءم البعض معتقداً أنَّ الغربان نذير شؤمٍ ، والحقيقة أنّ الغربان ليست نذير شؤمٍ ، فبرغم أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ: الفَأْرَةُ، وَالعَقْرَبُ، وَالحُدَيَّا، وَالغُرَابُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ) البخاري ، إلا أن الغراب لم يكن يوماً نذير شؤمٍ في حياة الناس ، فقد جاء ذكر الغراب مع ذكر قصة ابني آدم ، عندما قتل أحدُ ابني آدم أخيه من أجل تحصيل الدنيا ، وهنا: (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ) فتعلمت ذرية آدم من الغراب درساً ، ينفعها إلى قيام الساعة ، وهو دفن موتاها.
إننا كمسلمين ، قد نهينا عن التشاؤم ، وأُمِرنا بالتفاؤل ، وقد كان للغراب دورٌ في الإنباءٍ عن أمرٍ عظيمٍ ، وهو تعليم الدَّفن ، في وقتٍ دخل الحزن قلب ابن آدم ، فكان الغراب دليلاً لنا ، فياترى ما هو دليل ظهور الغربان في باحات المسجد الأقصى المبارك ، في يومٍ كارثيٍ على الشعب الفلسطيني ، وهو يوم النكبة؟
وهنا تكمن الإجابة ، فقد احتل اليهود مدينة القدس ، وادَّعَوْا بأحقيتهم فيها ، واتخذوا هذا اليوم يوماً للاحتفال ، وأقرَّ لهم بذلك كثيرٌ من المسلمين، حتى رأينا الإمارات تقيم لهم احتفالا وتشاركهم الرقص ، فرحاً بهذا اليوم ، وهنا تشكك الكثير من السطحيين، هل لليهود حقٌ في المسجد الأقصى وفلسطين؟ وتزامن ذلك مع اشتداد غطرسة اليهود ومسارعتهم في تهويد المسجد الأقصى المبارك ، وجاءت التهديدات بمسيرة الأعلام ، ودخل اليأس قلوب الكثير من المسلمين ، وحزنوا ، وكان صباح يوم مسيرة الأعلام ، صباح حُزْنٍ عند المسلمين ، ليُصْبحوا ، وقد غاب الحمام وانتشرت الغربان ، لِيُدَلِّل هذا المشهد على مايلي:
(١) إنّ للغراب دور في تعليم البشرية ، كيف أخفى حزنه ودفنه ، مما علّم ابن آدم ، فكأنه يقال: في هذا اليوم أخفوا أحزانكم ، وتَعَلَّمُوا أنَّكم لن تعيدوا مسجدكم إلا بدفن هذا العدو وسحقه.
(٢) نحن كمسلمين أُمِرْنا بالتفاؤل ونهينا عن التشاؤم ، وعند غيرنا يعتقدون أنّ الغراب نذير شؤمٍ ، وإنّ ظهور الغربان في يوم مسيرة الأعلام ، لَيُعَدُّ تفاؤلاً لنا ، بأنَّ هذا اليوم يوم حزن ، وما دام أنَّه يوم حزن ، فهذا يعني أن احتلال الأقصى كان يوماً مقيتاً ، وهذا دليلٌ أنّ فَقْدَنَا لهذا المكان يقتضي حُزناً، وأنه لا أحقية لليهود فيه ، وكذلك فهو يوم شؤم عندهم ،بأنّ احتلالكم لهذا المكان الذي لا ملكية لكم فيه سيكون وبالاً عليكم.
(٣) إنَّ مصطلح الغراب يرجع في جذره إلى نفس جذر مصطلح الغروب ، الذي تغيب فيه الشمس ، وهذا يعني أن ظهور الغربان في صبيحة يوم مسيرة الأعلام ، لهو دليل على أنَّ شمس هذا العدو قد غربت ، ولم يتبق إلَّا دخولهم الليل ، وفي هذا إشارة طمأنينة للمسلمين ، بأن لا تحزنوا وأعْلُوا من هممكم ، واجتهدا ، فإنّ وجود اليهود في أقصاكم قد غَرُبَ فاستعدوا.
وبهذا يظهر لنا أهمية وجود الغربان في هذا اليوم.