- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
العميد الركن بهاء حسن حلال يكتب: خفايا عملية النصيرات.. كيف نفذ الإسرائيلي هذه العملية؟
العميد الركن بهاء حسن حلال يكتب: خفايا عملية النصيرات.. كيف نفذ الإسرائيلي هذه العملية؟
- 11 يونيو 2024, 10:53:23 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
عملية النصيرات هي عملية نفذها الجيش الإسرائيلي بالشراكة مع جهاز الشاباك، وهو جهاز المخابرات الداخلية في إسرائيل، وهو مسؤول عن الأمن الداخلي في الأراضي المحتلة، وهو يتشابه (من حيث الهيكلية والتكوين والملاحظات) مع جهاز MI5 البريطاني، وإن دققنا بأجهزة المخابرات الإسرائيلية نجد أنها نسخة معدلة قليلا عن أجهزة المخابرات البريطانية.
قاربتُ الموضوع بمقارنة بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية وأجهزة المخابرات البريطانية لأقول إن العملية هي ليست عملية بمفهوم تحرير رهائن إنما هي عملية تسليم رهائن من قبل عملاء لهم في مخيم النصيرات، وهؤلاء العملاء تواصلوا مع الشاباك منذ فترة لم تتعدى الشهرين، ونقلوا لهم معلومات عن الأسرى، مقابل مبلغ مالي كبير والعمل على إخراجه هو وعائلته عند التأكد من المعلومات وبقي التحضير لهذه العملية حوالي شهر والعميل ينقل أخبار الأسرى الأربعة والذين كانوا في منزل أحد قادة حماس وهو قريب له.
ولم تكن إشكالية العملية أو مركز ثقلها البحث عن الرهائن أو تحريرهم لأنهم موجودين في أمكنة والعملاء متحفظين عليهم، لذا كان الثقل هو كيفية الدخول إلى المخيم والخروج منه مع الرهائن والعملاء، والثقل أيضا هو كيفية معالجة مسرح العمليات لهذه العملية عند الدخول وعند الانسحاب منه، فهو مسرحا معقدا نظرا:
- لكثافة السكان والنازحين، فهم حو الي 130000 نسمة.
- لأن المناطق ضيقة، والبقعة المستهدفة كثيفة المباني ومتداخلة ولا تسمح بمناورة آلاليات بسهولة.
- لأن الناس كلهم موجودين في عمق المخيم والبقعة المستهدفة هي قرب السوق التجاري.
لذا، فالعملية لا توضع في إطار العمليات الخاصة المؤدية عملانيا إلى تحرير الرهائن، بل هي عملية تسليم رهائن من قبل عملاء في داخل مخيم النصيرات.
والأزمة كما ذكرت أعلاه لم تكن في تسلم الرهائن بل بكيفية الدخول إلى مخيم النصيرات،
وقد عانى المخطط العسكري والأمني من ذلك، حيث إشكاليته الكبرى كيف يدخل ويحصل على الرهائن ويحمي العملاء.
وكما ذكرت آنفا، فالمشكلة هنا أن مخيم النصيرات يحوي أكثر من 130000 نسمة، والمناطق ضيقة والناس كانت في عمق المخيم قرب السوق، ودخول وحدة اليمام المكلفة بالتنفيذ في ظل ظروف الحرب يكشفها ويعرض العملية ومنفذيها وأهدافها للفشل.. وحقا قد كشفت.
وهنا أريد أن أؤكد أن من نفذ العملية هي وحدة الشاباك وليس قوات خاصة، والدليل أن راف آلوف، وهو مقدم في الجيش الاسرائيلي، وقائد الوحدة التي نفذت وهي وحدة اليمام، قد قتل أثناء تنفيذ عملية الإخلاء.
مسار العملية
دخلت القوى المشاركة في العملية والشاحنات، وهي نفس الشاحنات التي تستخدمها وحدة اليمام في عمليات الاغتيال والتصفيات في الضفة الغربية، وهذه الشاحنات هي تتشابه وشاحنات التي تنقل المساعدات، والتي تنقلها عادة من الميناء الأميركي المستحدث.
وصف لمخيم النصيرات وأين يقع؟
يقع في وسط القطاع، وهو في محافظة دير البلح، ويبعد المخيم حوالي ٨ كلم عن مدينة غزة، وحوالي ٦ كلم عن خان يونس، وقد سمي بالنصيرات نسبة لقرية بدوية قديما لجأ إليها النازحون من مناطق يافا في الشمال ومناطق أخرى من فلسطين التاريخية.
ومنذ التهجير عام 1948 أنشئ مخيم النصيرات، وهو مخيم تشرف عليه الأونروا وعدد سكانه حوالي 130000 نسمة، وبحجم الكثافة السكانية في القطاع يعتبر ترتيبه الثالث بين المخيمات.
دخلت القوات لتنفيذ العملية من الساحل الغربي بدعم لوجستي واستخباري أميركي، ثم اتجهوا إلى مدخل المخيم.
وكان قوام القوى عبارة عن شاحنة براد، وعربة نقل للتغذية، بالإضافة إلى باص للنقل، ومدرعتين من نوع اخزاريد يتمركز فيهما وحدات قتالية لزوم تأمين العملية وهم من أساس فرقة 98 مظليين.
وهنا تتطابق المعلومات المستقاة مع تحليلنا، حيث إن القوات التي اشتبكت على الأرض هي من وحدة المظلات من وحدة 98، بالتنسيق مع وحدة اليمام، وهذه القوى نفذت الاشتباك مع المقاومين من خلال الباص وشاحنة البراد أيضا، والتي كان فيها معداتهم وأسلحتهم بالإضافة إلى طائرات بدون طيار شاركت بالعملية وشارك أيضا طائرتين سيكورسكي بغرض إخلاء الإصابات، و٣ طائرات اباتشي تواجدت في محيط العملية.
هل وقعت المجزرة من قصف جوي من هذه الطائرات أثناء تنفيذ العملية؟
القصف الجوي تم بعد أن اُكتشفت العملية من قبل المقاومين، وبالحقيقة العملية فَشلت في بدايتها حيث تم اكتشافها بعد أن استلموا الرهائن من نقطتي تسليم:
- الفتاة كانت في مكان والرجال كانوا في مكان آخر.
- والأمكنة كانت عبارة عن نقطتي تحفظ، حيث أن العملاء تحفظوا على الرهائن في الأمكنة وكانت عبارة عن منزلين مختلفين.
انطلقت الآلية الأولى بالرجال الثلاثة باتجاه الفتاة، وأيضا استلمتها من العميل، وأثناء مرورهم في منطقة السوق تم اكتشافهم، من قبل حماس وقوى المقاومة المتحالفة معها، وحدث اشتباك بينهم لمدة ٤٥ دقيقة، وخلال هذا الاشتباك أعطبت الآلية وأعيق مسار العملية، فقام قائد هذه العملية بطلب دعم جوي من طائرة F16، وهذا ما سبب سقوط شهداء وضحايا كثر وتوقع المجزرة وقتل قائد العملية.
وهذا الوضع لم يكن في حسبان قائد العملية، حيث أنه كان يعتقد أنها ستكون عملية أمنية صامتة ينقذ فيها الرهائن دون أي خطأ، لكن ما حدث أنه لدى مرورهم قرب السوق التجاري تم اكتشافهم ولم يستطع أن يخرج والرهائن من هناك حيث السوق المحاط بالمنازل، فطلب الدعم الناري.
فسقط حوالي ٢٥٠ شهيدا وحوالي ٤٠٠ جريح.. ولماذا هذا الإجرام؟
لأن قوى المقاومة لو استطاعت خلال الـ٤٥ دقيقة من الاشتباكات من السيطرة على الوضع وعلى القوى التي تصطحب الرهائن لكانت أكبر انتكاسة للعدو الاسرائيلي بالتاريخ، وهذا ما دفع العدو للقصف بشكل وحشي مما أدى إلى هذه المجزرة.
هل تعد عملية النصيرات إنجازا إسرائيليا؟
برأيي، هي عملية تكتيكية نجحت بنسبة كبيرة، حيث أن المخابرات جندت العميل وصممت العملية، ومن ثم استلمت الرهائن وبعد انتهاء التنفيذ، قام قائد العملية بمحاولة الخروج، لكنه سقط في كمين مما دفعه إلى استعمال القوة المفرطة، مما أدى إلى ارتكابهم مجزرة.
ولو أن الموضوع هذا هو تحت مجهر العدالة الدولية، لكان ما فعله العدو هو جريمة حرب يحاسب عليها القانون الدولي.
إن الحرب هي مجموعة من المعارك، قد ننتصر بمعركة ونخسر في معركة، لكن هناك استراتيجية بالنهاية اسمها إستراتيجية الحرب.
وقياسا على استراتيجية الحرب، العملية هي عملية تكتيكية مرتبطة بنشاط استخباري ساعد في تغطية عيوب التنفيذ مما أدى إلى نجاح تكتيكي.
الأميركي شارك بالعملية عبر التكنولوجيا والاستخبارات، وقتل قائد وحدة اليمام يساوي أكبر انتصار لحماس والدليل على أهميته أن أهل قائد وحدة اليمام الذي قتل رفضوا استقبال السياسيين أثناء دفنه.
وفي النهاية من حرر من الأسر هم مدنيون، وقتل قائد اليمام إنجاز لحماس، لذا أين الإنجاز هنا إذا سألنا مثلا: أين الجنود والضباط الإسرائيلين الرهائن؟
الحرب سجال وهو مجموعة من المعارك وان لناظره قريب.