- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
المأزق العراقي.. كواليس الضغوط الإيرانية لتفكيك تحالف الصدر الثلاثي
المأزق العراقي.. كواليس الضغوط الإيرانية لتفكيك تحالف الصدر الثلاثي
- 30 أبريل 2022, 12:31:35 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بدأت إيران في تكثيف الضغط على الزعيم الكردي "مسعود بارزاني" ورئيس البرلمان العراقي "محمد الحلبوسي"، على أمل إقناعهم بالتخلي عن مشروع "مقتدى الصدر" السياسي وإنقاذ حلفاء طهران العراقيين.
وبعد 6 أشهر من انتخابات العراق في أكتوبر/تشرين الأول، لم يتمكن تحالف "أنقذوا الوطن" التابع لـ"الصدر" ولا تحالف "الإطار التنسيقي" المكون من الشيعة المدعومين من إيران بقيادة رئيس الوزراء السابق "نوري المالكي"، من تشكيل حكومة.
وسعى "الصدر" إلى استبعاد منافسيه من خلال تشكيل حكومة أغلبيةبالتحالف مع "بارزاني" الذي يقود "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و "الحلبوسي" الذي يقود كتلة "السيادة" السنية.
لكن موقف نواب "الإطار التنسيقي" عرقل أي تقدم في البرلمان، مما دفع "الصدر" في 30 مارس/آذار إلى الانسحاب من السياسة لمدة 40 يومًا ووضع لمنافسيه موعدًا نهائيًا لتشكيل تحالف خاص بهم.
وما زال هناك نحو أسبوعين قبل انتهاء مهلة "الصدر"، وترى إيران أن تراجعه التكتيكي "فرصة لا تعوّض" لتفكيك تحالفه، لذلك كثفت الضغط على "الأجنحة الناعمة" لـ"الصدر" وهما: "الحزب الديمقراطي الكردستاني" والفصائل السنية التي يرأسها "الحلبوسي".
ويحاول الإيرانيون وحلفاؤهم العراقيون عزل "الصدر" وإجباره على تغيير موقفه، ويمهدون الطريق لاتفاق من شأنه تشكيل حكومة تضم جميع الأحزاب البارزة.
وقال قيادي شيعي بارز مقرب من إيران: "الصدر عنيد ومتهور ولا يمانع في دفع الأمور إلى حافة الهاوية إذا تدخل الإيرانيون مباشرة على عكس حلفائه الأكراد والسنة". وأضاف: "لذلك اختار الإيرانيون اللعب معه بطريقة غير مباشرة عبر مضاعفة الضغط على بارزاني والحلبوسي باعتبار أن ذلك أكثر فعالية وأقل ضررًا من الضغط على الصدر".
الضغط على حلفاء "الصدر"
أصبحت إيران القوة المهيمنة في العراق منذ الغزو الأمريكي في 2003. لكن في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تعرض حلفاء إيران المحليون - بما في ذلك القوات التي تشكل "الإطار التنسيقي" و"الاتحاد الوطني الكردستاني" ثاني أكبر حزب كردي - لخسائر مهينة.
وقال سياسيون عراقيون لموقع "ميدل ايست آي" إن إيران تسعى الآن إلى تعويض هذه الخسائر والحفاظ على نفوذها وتعتبر تحطيم تحالف "الصدر" الثلاثي "أولوية".
ووفقًا للقيادي الشيعي؛ يعتقد الإيرانيون أنه إذا تم تمثيل بعض الأحزاب المنتمية لـ"الإطار التنسيقي" في الحكومة، فإن ذلك سيرضيهم. وأضاف أن إيران ترى أن معالجة الصراع على الرئاسة بين "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني" مفتاح لإنهاء المأزق السياسي.
ومع ذلك، يعتقد حلفاء إيران المحليون أن هذا لا يكفي. وقال سياسيون عراقيون إن "الإطار التنسيقي" يعتقد أنه يمكن الضغط على حلفاء "الصدر" من أجل تضمين جميع أحزاب التحالف الشيعي.
الرهان على "بارزاني"
تميل إيران إلى الضغط على الأحزاب العراقية باستخدام مزيج من الترهيب والإغراء، و"بارزاني" و"الحلبوسي" ليسا استثناء. وقال مسؤولون أمريكيون وعراقيون لموقع "ميدل ايست آي" إنهم لا يعرفون بدقة ما هو العرض الذي قدمته إيران لـ"بارزاني"، لكنهم يتوقعون أن تستخدم طهران عددًا من الأدوات.
وتتمتع منطقة كردستان في العراق بحكم شبه ذاتي، ويحكمها "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بقيادة "بارزاني"، وتقع بمحازاة إيران وفي نطاق صواريخها، وقد نفذت طهران هجمات صاروخية ضد موقع في أربيل في مارس/آذار. وفي الوقت نفسه،تقوم الحكومة الكردية بتهريب النفط والبضائع والمال عبر إيران، وهي الإيرادات التي يمكن أن توقفها طهران بسهولة.
وقال "إيلي أبو عون" من معهد السلام الأمريكي: "تستخدم إيران سياسة الجزرة والعصا مع خصومها وحلفائها على حد سواء. ولن يهرب بارزاني وبقية القادة الأكراد من هذه السياسة".
ووفقا للمسؤولين الأمريكيين والعراقيين، يمكن لإيران أن تقدم لـ"بارزاني" عدة إغراءات. يمكنها أن تخبر الفصائل المسلحة العراقية المتحالفة معها أن تخفف الضغط؛ كما يمكنها مساعدة "الحزب الديمقراطي الكردستاني" في الحصول على المزيد من المناصب الحكومية العليا؛ ودعم أربيل في صراعها مع بغداد على إيرادات النفط؛ وغض الطرف عن عمليات التهريب عبر الأراضي الإيرانية.
وقال "أبو عون": "سيكون الإيرانيون كرماء مع بارزاني. لن يدفعوا أي شيء من جيبهم. كل ما وعدوا به سيدفعه العراقيون".
ورفض 3 قادة من "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الكشف عن أي تفاصيل عن العروض التي قدمتها إيران، لكنهم لم ينكروا تصاعد الضغط الإيراني في الأسابيع الأخيرة، ودللوا على ذلك بالهجوم الصاروخي على أربيل وقرار المحكمة الفيدرالية الذي حكم بأن مبيعات نفط كردستان غير قانونية.
وقال قيادي مقرب من "بارزاني" في "الحزب الديمقراطي الكردستاني": "لقد تلقينا نصيبنا من الضغط الإيراني مقدمًا. هل هناك ضغط أكثر من هجوم الصواريخ الباليستية وإقرار قانون يجرد الحكومة الإقليمية من حقها في بيع نفط المنطقة؟".
وأضاف: "الإيرانيون صبورون. لقد لعبوا ببطاقة الأمن والمحكمة الفيدرالية لكن لا يزال لديهم المزيد من البطاقات. وحتى الآن لا يوجد تغيير في موقفنا لكن إذا اختار الصدر الذهاب إلى المعارضة، سوف يتغير الوضع".
الاستعانة بمنافسي "الحلبوسي"
ويأخذ الضغط على "الحلبوسي" شكلا مختلفا. ويعد رئيس البرلمان الحالي أكثر السياسيين السنة نفوذاً حيث يوحد معظم الأحزاب والسياسيين السنة تحت مظلته. ويبدو أن إيران اعتمدت استراتيجية لتقويض نفوذ "الحلبوسي" على السنة من خلال دعم الزعماء السياسيين والقبليين الذين يمكنهم تحدي سلطته.
وشهد الأسبوع الماضي عودة مفاجئة لوزير المالية السابق "رافع العيساوي" الذي كان في السابق واحدًا من أبرز السياسيين السنة ولكنه كان في منفى ذاتي منذ عقد من الزمان بعد إدانته بتهم الإرهاب والفساد. وقد ألغت محكمة عراقية متخصصة في قضايا الإرهاب هذه الإدانة بشكل مفاجئ وادعت "عدم وجود أدلة".
وبعد بضعة أيام، عاد أيضًا "علي حاتم السليمان"، أحد أبرز قادة القبائل السنة، إلى بغداد بعد أن اختفت فجأة التهم الموجهة له بـ "دعم الإرهاب" و "التحريض ضد قوات الأمن العراقية".
ويمتلك كل من "عيساوي" و"سليمان" نفوذًا واسعًا في محافظة الأنبار، وهي مسقط رأس "الحلبوسي" و معقله، وهما يعتبران اثنين من أشد خصومه ضراوة، ويتهم مؤيدوهم "الحلبوسي" بعرقلة عودتهم إلى الحياة الطبيعية.
وقال سياسيون سنة مقربون من "الحلبوسي" إن قرارات المحكمة الأخيرة التي تسحق القضايا ضد "عيساوي" و"سليمان" تعتبر جزءًا من محاولات إيران لتقويض هيمنة رئيس البرلمان على المشهد السياسي السني.
وقالت المصادر إن إعادة تقديمهم كقادة للسنة يشكل تهديدًا مباشرًا لـ"الحلبوسي"، كما أن "الحلبوسي" نفسه حاليا في طهران من زجل إجراد محادثات.
وقال أحد قادة تحالف السيادة: "الهدف من إعادة هذه الشخصيات واضح. إن تحالف السيادة والحلبوسي هما الهدف. لكن لا يمكن أن يتخلى تحالف السيادة عن الصدر الآن مهما كانت الضغوط. ستكون هذه هي نهايتنا. يمكن تغيير بوصلتنا إذا قرر الصدر الذهاب إلى المعارضة. عندها فقط يمكننا التحالف مع الإطار التنسيقي".
"الصدر" يتدخل
ومع إدراكه لحجم الضغوط التي يتعرض لها حلفاؤه، دعا "الصدر" قبل بضعة أيام "هادي العامري" القيادي في "الإطار التنسيقي" و"فالح الفياض" رئيس "الحشد الشعبي"، لمقابلته في مقر إقامته في النجف، وفق ما قاله سياسيون شيعة لموقع "ميدل ايست آي".
وعرض "الصدر" اقتراحًا شاملا يتضمن 3 خيارات. الأول انضمام نصف نواب "الإطار التنسيقي" إلى ائتلاف "الصدر" مع استبعاد حزب "دولة القانون" التابع لـ"المالكي". والثاني انضمام نواب "المالكي" إليه واستبعاد النصف الآخر من نواب "الإطار التنسيقي". والثالث هو ذهاب "الصدر" إلى صفوف المعارضة وترك تشكيل الحكومة لمنافسيه.
وبالرغم أن بعض القادة السياسيين الشيعة اقترحوا أن يقبل قادة "الإطار التنسيقي" تقسيم التحالف والانضمام إلى "الصدر"، أخبر اثنان من قادة التحالف موقع "ميدل ايست آي" أن الاقتراح تم رفضه.
وقال قيادي مقرب من "المالكي" في حزب "دولة القانون": "تم رفض العرض"، موضحًا أنه لا يمكن تقسيم "الإطار التنسيقي".
وأضاف: "هناك التزام أخلاقي بيننا، ولا يمكن خرقه من خلال قبول عرض الصدر. أما بالنسبة للخيار الثالث، فإن هذا غير مقبول أيضًا. إن وجود الصدريين في المعارضة يعني أن الحكومة لن تستمر أكثر من 6 أشهر أو سنة على الأكثر. ليس لدينا خيار سوى تفكيك التحالف الثلاثي وإعادة الصدر إلى الحضن الشيعي".
المصدر | سؤدد الصالحي/ ميدل ايست آي