- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
بيسان عدوان تكتب: المقاومة المستقلة في مواجهة الاحتلال: حزب الله والتحولات القادمة
بيسان عدوان تكتب: المقاومة المستقلة في مواجهة الاحتلال: حزب الله والتحولات القادمة
- 12 أغسطس 2024, 11:49:18 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تشهد المنطقة تحولات عميقة في المشهد الجيوسياسي، حيث تبرز العديد من التحديات والفرص في الوقت ذاته. حزب الله اللبناني، بقيادة حسن نصر الله، يجد نفسه اليوم أمام معادلة معقدة في ظل التطورات الأخيرة المتعلقة بإيران ودولة الاحتلال، وجهود الولايات المتحدة لاحتواء أي تصعيد قد يؤدي إلى حرب واسعة. هذه التحولات قد تدفع حزب الله إلى إعادة تقييم استراتيجياته وتحالفاته، وخاصة في ضوء احتمال تخلي إيران عن الرد على الاغتيالات التي نفذتها دولة الاحتلال، وإبرامها اتفاقاً مع الولايات المتحدة يهدف إلى تهدئة الوضع في المنطقة.
على مدى عقود شكلت العلاقة بين حزب الله وإيران أحد الأعمدة الرئيسية التي يستند إليها الحزب في تمويله وتسليحه وتدريبه. هذه العلاقة ليست مجرد تحالف سياسي بل تتجاوز ذلك لتكون جزءاً من العقيدة الأيديولوجية التي تربط بين الطرفين. غير أن السيناريو الحالي، الذي يشمل احتمال تخفيف التصعيد من قبل إيران ضمن صفقة مع الولايات المتحدة، قد يضع حزب الله أمام تحديات جديدة، أبرزها كيفية الحفاظ على مستوى الدعم الذي اعتاد عليه من طهران. مثل هذا التغيير قد يدفع الحزب إلى إعادة النظر في أولوياته، وربما التوجه نحو تبني استراتيجية أكثر استقلالية عن إيران، أو البحث عن بدائل جديدة لحماية مصالحه.
في ظل هذه الظروف، قد يكون تعزيز التعاون مع المقاومة الفلسطينية أحد المسارات الاستراتيجية التي يمكن أن يتبناها حزب الله. تاريخياً، كانت العلاقة بين الحزب والفصائل الفلسطينية متينة، حيث عمل الطرفان معاً في جبهات الإسناد لمواجهة دولة الاحتلال. في ظل التحولات الراهنة، قد يجد حزب الله في تعميق هذا التعاون مخرجاً يمكنه من الحفاظ على دوره كمقاوم رئيسي في المنطقة، بغض النظر عن التحولات التي قد تطرأ على علاقته مع إيران. هذا التحالف مع الفصائل الفلسطينية قد يعزز من قدرة حزب الله على مواجهة الضغوط الدولية والإقليمية، ويمنحه مرونة أكبر في التعامل مع المتغيرات الجيوسياسية.
لكن، تعزيز التعاون مع المقاومة الفلسطينية ليس خياراً سهلاً بالضرورة. فالفصائل الفلسطينية تواجه ضغوطاً كبيرة من دولة الاحتلال ومن الأطراف الدولية التي تسعى لتقويض قدرتها على المقاومة. وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة بين هذه الفصائل وحزب الله، فإنها قد تكون مترددة في الانخراط في تحالفات جديدة قد تؤثر على مصالحها المباشرة. نجاح هذا التعاون يعتمد إلى حد كبير على قدرة حزب الله على تقديم ضمانات مادية أو سياسية للفصائل الفلسطينية، وإقناعها بأن هذا التعاون سيخدم مصالحها على المدى البعيد.
على الجانب الآخر، قد يضطر حزب الله إلى البحث عن تحالفات إقليمية جديدة لتعويض الفجوة التي قد تتركها أي تحولات في الدعم الإيراني. في هذا السياق، قد يسعى الحزب إلى توسيع نطاق تعاونه مع دول أو حركات إقليمية تشترك في معاداة دولة الاحتلال وتعارض النفوذ الأمريكي في المنطقة. من الممكن أن يشمل ذلك توثيق العلاقات مع سوريا، التي تعتبر عمقاً استراتيجياً لحزب الله، أو البحث عن دعم من قوى دولية تتبنى سياسات معادية للاحتلال. هذه التحالفات يمكن أن تساعد حزب الله في تعزيز موقفه الإقليمي وضمان استمرار قدراته العملياتية.
في ضوء هذه التحولات، من المتوقع أن يعكس خطاب حسن نصر الله في الفترة المقبلة هذه التوجهات الجديدة. خلال السنوات الأخيرة، أصبح نصر الله أكثر حذراً في تصريحاته المتعلقة بالدعم الإيراني، وهو ما قد يشير إلى إدراكه للتحديات المحتملة التي قد تواجه الحزب في حال تغير الموقف الإيراني تحت ضغوط دولية. إذا ما تحقق السيناريو الذي يشمل صفقة بين إيران والولايات المتحدة، فمن المتوقع أن يسعى نصر الله إلى تقديم حزب الله كقوة مقاومة مستقلة نسبياً، قادرة على حماية مصالحها وتحقيق أهدافها بعيداً عن الاعتماد الكلي على إيران.
في هذا السياق، قد يتحول خطاب نصر الله نحو تعزيز مفهوم "المقاومة المستقلة"، وهو مفهوم قد يستخدمه الحزب لتبرير خطواته الاستراتيجية الجديدة. هذا المفهوم قد يشدد على الوحدة مع الفصائل الفلسطينية باعتبارها الجبهة الأولى في مواجهة الاحتلال، مما يمنح حزب الله غطاءً أوسع لعملياته المستقبلية، ويعزز من شرعيته في الساحة اللبنانية والإقليمية. بالإضافة إلى ذلك، قد يركز نصر الله على دور الحزب في حماية لبنان ومصالحه الوطنية، مع التأكيد على أن المقاومة ضد دولة الاحتلال هي مسؤولية مشتركة لكل العرب، وليست مجرد تعاون مع طهران.
إذا اختار حزب الله تعزيز تعاونه مع المقاومة الفلسطينية في إطار استراتيجية المقاومة المستقلة، فقد نشهد تحولاً نوعياً في طبيعة العمليات المشتركة بين الجانبين. من الممكن أن تتوسع العمليات لتشمل جبهات جديدة أو يتم التركيز على تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق الهجمات بشكل أكثر تكاملاً. هذه التحركات قد تزيد من فعالية المقاومة ضد دولة الاحتلال، وتخفف من الضغوط التي قد يواجهها الحزب في حال تراجع الدعم الإيراني. لتحقيق ذلك، سيتعين على حزب الله التعامل بحذر مع التحديات الداخلية والإقليمية التي قد تنشأ عن هذه الاستراتيجية الجديدة.
في الختام، تفرض المتغيرات الجيوسياسية الراهنة على حزب الله إعادة النظر في أولوياته وتحالفاته، وتبني استراتيجيات جديدة تمكنه من الحفاظ على دوره كمقاوم شرس للاحتلال. تعزيز التعاون مع المقاومة الفلسطينية وتوسيع نطاق تحالفاته الإقليمية قد يكون أحد المسارات الاستراتيجية التي يمكن أن تساهم في تحقيق هذا الهدف. نجاح هذا المسار يعتمد على قدرة الحزب على التكيف مع التحولات الإقليمية، والبحث عن تحالفات جديدة تضمن له الاستمرار في مواجهة دولة الاحتلال، بغض النظر عن التحولات في العلاقات مع إيران.