- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
بيسان عدوان تكتب: ماذا بعد اجتياح رفح؟ فلسطينيون أقل في غزة وتهجير كبير لسيناء
بيسان عدوان تكتب: ماذا بعد اجتياح رفح؟ فلسطينيون أقل في غزة وتهجير كبير لسيناء
- 19 فبراير 2024, 8:09:10 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تدخل الحرب على غزة شهرها الخامس، مخلفة تداعيات ونتائج عديدة علي مختلف الأصعدة والمستويات فلسطينيا وإقليميا ودوليا، كذلك صهيونيا وداخل الكيان المحتل.
ويرقب الفلسطينيون والعالم بتخوف بالغ اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدينة رفح، تلك المدينة التي يتكدس بها ما يقرب من ثلثي سكان قطاع غزة، ومركزا رئيسا للمساعدات الإنسانية للفلسطينيين التي لا تزال غير كافية ويعيقها العديد من الإجراءات الإسرائيلية التي تحول دون دخولها.
يري المحللون أن قيام جيش الاحتلال بشن هجوم واسع على محافظة رفح هو أمر "لا مفر منه"، وهو يندرج في نطاق مشروع الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الإسرائيلي، فأربعة أشهر من الحرب فقد خلالها ما يقرب من 28 ألف شخص حياتهم، بينهم أكثر من 5000 طفل؛ وهو سيواصل مشروعه، إذ أمر بنيامين نتنياهو جيشه "بترحيل 1.3 مليون فلسطيني يوجدون في رفح"، ووضع خطة لتحقيق ذلك، بحيث يكون الترحيل من رفح "الثالث منذ بدء الحرب بعد الشمال وخان يونس".
ونظراً إلى أن الجيش الإسرائيلي "سيمنع فلسطينيي رفح، بكل تأكيد، من العودة إلى شمال القطاع في زمن الهجوم، فلن يكون في وسعهم التوجّه نحو الجنوب أيضا، لذلك لن يكون أمامهم سوى التوجّه نحو مصر وسيناء، كما اقترحت ذلك وثيقة وزارة الاستخبارات في 30 تشرين الأول-أكتوبر الفائت.
حكومة الاحتلال، رغم كل المحاولات الدولية والإقليمية لمنعها من إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، ولكن يبدو أن الجنون هو الذي يخيم على المشهد، فمنذ بداية هذا الشهر شباط- فبراير، تصرح القيادات الإسرائيلية باستعدادها للهجوم علي مدينة رفح، وتقدم خطط متعددة ومختلفة لإجلاء المدنيين منها، وتدمير حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، زاعمة أنه لا نصر دون تصفية حركة حماس.
ووضعت حكومة تل أبيب موعدا زمنيا لذلك الهجوم قبيل شهر رمضان المقبل. ورغم كل التحليلات السياسية التي تشير أن تلك التهديدات هي من أجل الضغط علي المقاومة الفلسطينية لتقديم تنازلات، ومحاولات الدول الإقليمية لإبرام صفقة لوقف الحرب بكل قوة، لكن يبدو أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي ماضية نحو جريمة جديدة تضاف إلى ملف جرائمها بإبادة الشعب الفلسطيني. فماذا بشأن الفلسطينيين في رفح، بل في قطاع غزة بكامله.
ترحيل النازحين الفلسطينيين إلى أين؟
في سياق تلويح الاحتلال الإسرائيلي بورقة اجتياح رفح، واستياء الأميركان الظاهر من ذلك، وافقت رأس واشنطن بالأمس 18 شباط على إرسال ترسانة من الأسلحة لـ"إسرائيل"، تشمل قنابل وذخائر بقيمة عشرات الملايين من الدولارات.
في الوقت الذي حاولت مصر نفي الإدعاءات الإسرائيلية بالتعاون معها من أجل استقبال أولئك النازحين، يطل محافظ شمال سيناء ويصرح: "الجيش ينشئ منطقة لوجيستية في رفح المصرية قرب الحدود مع غزة"، ولكنه يقول أن هدفها "لتخزين المساعدات المخصصة للقطاع.. لتخفيف الأعباء عن السائقين والتكدسات الموجودة بالعريش وتسهيل عمل الهلال الأحمر".
كم يحتاج المحافظ من الوقت ليخبرنا بالهدف الحقيقي للمنطقة؟!
يُجهز النظام المصري ما وُصف بكونه "مخيماً مسوراً" في شبه جزيرة سيناء، على مساحة ثمانية أميال مربعة تخضع لإجراءات أمنية مشددة، هذا ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" مستندة على معلومات كانت قد أكدتها مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان.
ووفقا للبيانات التي تم نشرها، فأنه تم البدء بتجهيز المخيم قبل أيام عدة وذلك تزامناً مع تهديدات الاحتلال تنفيذ عملية اجتياح بري لرفح، تمهيداً لاحتواء نحو 100 ألف فلسطيني. وهو ما سيخدم خطة الاحتلال بتنفيذ تهجير جماعي.
كما طرح بعض الإسرائيليين المناهضين لحكومة نتناياهو ترحيل الفلسطينيين من رفح إلى منطقة المواصي، وهي تقع جنوب المدينة واقعة على الشريط الساحلي وتمتد بطول 12 كيلومتراً وعرض كيلومتر واحد، وتقدّر مساحتها بنحو 3 % من مساحة قطاع غزة، وتغلب عليها كثبان رملية تتخللها منخفضات زراعية خصبة.
في محاولة لتفادي الجيش الإسرائيلي من الإقدام على ارتكاب جريمة إبادة لأكبر مخيم للنازحين. فيقول جدعون ليفي في جريدة هآرتس يوم 11 شباط الماضي: "لا يمكن نقل مليون شخص ينقصهم كل شيء ومعظمهم نازحون، للمرة الثانية والثالثة، من مكان "آمن" إلى مكان آخر يتحوّل دائماً إلى حقل للقتل، ولا يمكن نقلهم كقطعان تُساق إلى المسلخ، فحتى القطعان لا تُنقل بهذه الوحشية، ناهيك بأنه لا يوجد حتى الآن مكان ينتقل إليه هؤلاء الناس، ولا يوجد في غزة المدمَرة مكان يمكن الهرب أو اللجوء إليه".
ماذا بعد اليوم التالي للحرب على غزة؟
في بداية الأسبوع الثالث لشهر شباط، كُشف عن مخطط (إسرائيلي أمريكي مصري)، شاركت فيه جهات أخرى لترحيل نازحي غزة من رفح ويتألف من 8 بنود، ويعد إنجاز اتفاق سياسي-أمني بين "إسرائيل" وكلٍّ من مصر والأردن والإمارات العربية. متضمنا إنشاء وتمويل وإدارة المخيمات الجديدة على أن تدفع الولايات المتحدة لمصر ما تتعهّد القاهرة بإنفاقه.
طرح المخطط أيضا بأن تكون المنطقة التي سيتم ترحيل الناس إليها تقع في المناطق الغربية لقطاع غزة، ضمن شريط ساحلي يمتد من منطقة المواصي (جنوب غرب القطاع) إلى منطقة الشيخ عجلين (جنوب مدينة غزة شمالاً).
ويتم تحديد ما بين 12 و15 نقطة تجمّع، يطلق عليها "قرى المخيمات"، و في كل "قرية مخيم" سينصب نحو 25 ألف خيمة، وبعضها أكثر من ذلك. سيكون أكبرها في بقعتين؛ واحدة في منطقة المواصي الجنوبية، وثانية في حديقة شرم القريبة من وسط القطاع. ينتهي المطاف بحشر نحو مليون فلسطيني في المخيمات المذكورة. علي أن يجري توزيع النازحين على هذه النقاط، وفق قواعد بيانات تأخذ بالحسبان صلات القربى، أو أن يكونوا من البلدات أو الأحياء نفسها قبل التهجير.
وتطرح الخطة عزل كامل لشمال غزة من منطقة الشيخ عجلين، وكل المنطقة الواقعة شمال وادي غزة باتجاه الشرق. وتقترح الخطة لإجبار باقي سكان شمال غزة للخروج من أماكنهم باتجاه تلك المناطق الموجودة بالمقترح، على قوات الاحتلال منع أي تدفق أو نشاط للدعم الإنساني في شمال غزة مما سيجبرهم إلى النزوح إلى أماكن المخيمات للحصول على الدعم.
تلك الخطة تجبر الناس على اختيار ممثلين عنهم، سواء من المخاتير أو الوجهاء، لتولّي عملية التنسيق، وضمان عدم وجود أيّ دور مدني أو سياسي أو إداري لأيّ شخص على صلة بحركة المقاومة الفلسطينية حماس.
الأمر الذي يحقق لهم عدم السماح لسلطة فلسطينية في رام الله، أو المقاومة الفلسطينية من تولي أمر الفلسطينيين، أي يحقق هدف الإسرائيليين من عدم وجود شريك فلسطيني لأي مفاوضات بعد الحرب على غزة.
يرجّح اجتياح رفح أن تكون المرحلة الحالية هي الأخيرة أو شبه الأخيرة لمعركة الاحتلال البرية في قطاع غزة. فإن الهدف الإستراتيجي لدولة الاحتلال منذ بداية الحرب هو مسألة تهجير أكبر عدد من الفلسطينيين من قطاع غزة، والضغط على الجانب المصري لفتح الحدود أمام تدفق جزء من النازحين.
وذكرت الصحيفة أن الاحتلال الإسرائيلي سيتولي إقفال كل المعابر الحدودية من الجانب المصري بما يشمل معبرَي رفح وكرم أبو سالم، وجعل الحركة جارية للشاحنات الآتية من مصر أو الأردن عبر المعابر التي تقع عند الحدود الشرقية للقطاع. كما سيتم حصر مسار الحركة بخطّ واحد يدخل من وسط القطاع ثم يتوزع على الطريق البحري (شارع الرشيد) كما هي حال حركة الناس.
تلك الخطة تتضمن أن تتولى دولة الإمارات العربية المتحدة إقامة ميناء عائم، في المنطقة المقابلة لحديقة شرم. ويتم هناك إنزال المساعدات وتوزيعها من خلال سيارات عبر شارع الرشيد، على أن تخضع هذه المساعدات لتفتيش مسبق من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وسيكون للسلطات المصرية دور في عملية إقامة المخيمات ونصب الخيام ومراكز الصرف الصحي المؤقتة، إلى جانب مراكز لتزويد المياه (بتمويل أمريكي-سعودي). بجانب أن ترسل القاهرة لوائح المفترض مغادرتهم القطاع، من مدنيين وجرحى إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي الذي يمنح الموافقة من عدمها. وتقام "مستوصفات ميدانية"، ويبقى قرار إخراج الجرحى إلى خارج القطاع بيد مصر التي تنسقه مع قوات الاحتلال، كما هو حاصل الآن.
كل تلك الخطط والمقترحات تهدف إلى شيء واحد هو عدم السماح بأي وجود لدولة فلسطينية محتملة، وإقامة دولة يهودية واحدة علي كامل التراب الفلسطيني. ولكي يتحقق ذلك يجب تقليل عدد الفلسطينيين وتهجيرهم طوعا أو قسرا في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإنهاء الوجود الفلسطيني عبر انهاء المسألة الفلسطينية برمتها، عبر القضاء على أشكال الحياة في قطاع غزة وتدميرها تدميرا كليا، وانهاء أي أشكال أممية كانت عنوانا لبقاء قضية اللاجئين الفلسطيني ماثلة كما يحدث من إنهاء وجود وكالة غوث للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ليس فقط على مستوى قطاع غزة، بل في الضفة الغربية والشتات الفلسطيني.