- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
تاريخ يهود ليبيا.. صفحات منسية في "الكتاب الأزرق"
تاريخ يهود ليبيا.. صفحات منسية في "الكتاب الأزرق"
- 29 أغسطس 2023, 12:06:17 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ليس ثمة دليل موثق على تاريخ اليهود في ليبيا، لكن الثابت هو أنهم غادروا البلاد على دفعات ما بين عامين 1948 و1967.
هذا ما طالعته "العين الإخبارية" في الموقع الإلكتروني لذكرى الهولوكوست، "ياد فاشيم"، الذي أكد أنه "لم يبق يهودي واحد في ليبيا اليوم".
ويشير مؤرخون إلى أن اليهود تواجدوا في ليبيا ابتداءً من القرن السادس قبل الميلاد، وكان سبب مجيئهم هو التجارة والعمل وصياغة الذهب.
وقال موقع الهولوكوست "في عام 1911، كان هناك حوالي 21.000 يهودي في البلاد (4% من إجمالي السكان البالغ 550.000 نسمة)، عاش غالبيتهم في طرابلس. وعدد أقل في بنغازي أيضًا".
و"بحلول عشية الحرب العالمية الثانية، كان يعيش في ليبيا 30387 يهوديا"، بحسب "ياد فاشيم".
ووفقا لتقديرات مختلفة، بلغ عدد أفراد الطائفة اليهودية في ليبيا، قبل عام 1948، نحو 40 ألفا، استقر معظمهم بأحياء خاصة تسمى "الحارة".
ومن بين هذه الحارات، الحارتان الكبيرة والصغيرة في طرابلس، وزلتين، ومسلاتة، وأمواطين، ويدّر في مصراتة.
لكنهم غادروا البلاد جميعا دون أن يكون من الواضح عدد من بقي منهم على قيد الحياة أو عدد أبنائهم وأحفادهم.
"الكتاب الأزرق"
كان من ضمن مخططات اليهود- كما يقول المؤرخون- إقامة وطن قومي لهم في ليبيا بمنطقة الجبل الأخضر.
وتبنت هذا الاقتراح منظمة الأراضي اليهودية بلندن التي ترأسها في حينه إسرائيل زانجويل، فاقترح عليهم فكرته وحدد لهم منطقة "الجبل الأخضر" في بُرقة.
ووثقت المنظمة هذا الاقتراح في ما يعرف بـ"الكتاب الأزرق" الصادر عام 1909.
اقتراحٌ شجع المنظمة على إرسال بعثة لفحص المنطقة المقترحة لتوطين اليهود، تضم خبراء في الزراعة والهندسة والموارد الطبيعية والطب وغيرها.
لكن حين عادت البعثة إلى لندن عام 1908, قبل أن تعود البعثة إلى لندن, حذر فريق الخبراء من ندرة المياه الجوفية في الإقليم، وانتشار السلاح في محيطه.
غير أن زانجويل أراد إكمال المشروع في مقدمة الكتاب الأزرق الصادر عن البعثة، مبررا ذلك بقرب بُرقة من أوروبا.
أولى "النكبات" من الاستعمار الإيطالي
واستناداً إلى موقع "الهولوكوست" فإن أولى كوارث اليهود الليبيين كانت التشريعات التي أصدرها الاستعمار الإيطالي للبلاد.
فعلى ذمة الموقع "كانت بداية النهاية ليهود ليبيا هي سن إيطاليا لتشريعات قاسية وتمييزية ضد يهودها في عام 1938".
وأوضح في هذا الصدد، أنه "تم وضع هذا التشريع، المعروف باسم "قوانين الحماية العرقية"، في ليبيا أيضًا، على الرغم من أنه لم يتم تطبيقه عمليًا حتى وفاة إيتالو بالبو، حاكم ليبيا عام 1940".
وأضاف: "وجّهت هذه القوانين ضربة للجالية اليهودية في ليبيا. ولم يعد بإمكان اليهود إرسال أطفالهم إلى المدارس الإيطالية العامة أو الخاصة. أصبح التزاوج بين "الآريين" و"غير الآريين" غير قانوني".
ونتيجة لذلك، "مُنع اليهود من أي عمل في الدولة وكذلك من المهن التي تتطلب مهارات. وكان من الضروري أن تحمل جوازات السفر اليهودية ختم "العرق اليهودي"".
وعلى الرغم من ذلك، ظلت نسبة اليهود في طرابلس 25% في عام 1941، وكان هناك 44 معبداً يهودياً يخدم احتياجات السكان اليهود هناك.
الألمان وموسوليني
في خريف عام 1940، وصلت الحرب العالمية الثانية إلى ليبيا، عندما هاجمت إيطاليا مصر الخاضعة للنفوذ البريطاني من قواعدها في ليبيا.
كانت تلك الحملة- كما يصفها موقع "ياد فاشيم"، بمثابة هزيمة كارثية لإيطاليا، حيث دخل البريطانيون ليبيا، إلى أن خرجوا على يد الألمان عام 1941".
وفي هذا السياق، يقول الموقع: "لقد عوقب اليهود بشدة بسبب ما يسمى تعاونهم مع العدو".
"ففي عام 1942، استغل الإيطاليون، الذين كانوا قد قرروا بالفعل تبني سياسة أكثر تطرفا ضد اليهود، ترحيب الجالية اليهودية الحماسي بجنود الحلفاء، كذريعة لمعاقبة يهود ليبيا على خيانتهم"، وفق المصدر نفسه.
وهنا "قرر (بينيتو) موسوليني (حاكم إيطاليا ما بين 1922 و1943) تفريق أو إزالة اليهود الليبيين؛ في حملة سُميت "sfollamento".
وبموجب ذلك، بحسب الموقع "كان من المقرر إرسال اليهود الذين يحملون الجنسية الفرنسية أو الخاضعين للحماية التونسية إلى معسكرات الاعتقال في الجزائر وتونس".
كما كان من المقرر "إرسال اليهود الذين يحملون الجنسية البريطانية إلى معسكرات في أوروبا، وترحيل الذين يحملون الجنسية الليبية، وخاصة أولئك من منطقة برقة، إلى معسكرات الاعتقال في طرابلس، وأشهرها معسكر جيادو (جادو)".
و"بالنسبة لليهود في منطقة طرابلس، كان الوضع مختلفًا. حيث تم ترحيل فقط أولئك الذين يحملون الجنسية البريطانية والفرنسية مع يهود برقة إلى جادو".
و"طُلب من اليهود الليبيين من هذه المنطقة توفير العمال لمعسكرات العمل في المنطقة المجاورة، مثل المعسكرات في سيدي عزاز وبوق بوق. وتم شحن ما يقرب من 3000 يهودي ليبي إلى هذه المعسكرات، حيث تم استخدام عمالهم لبناء الطرق والسكك الحديدية اللازمة".
ويذكر الموقع أن "البريطانيين حين عادوا إلى ليبيا عام 1943، حرروا طرابلس في 23 يناير/كانون الثاني, وتم تحرير جادو في اليوم التالي".
و"بمجرد تحرير ليبيا، أُلغيت القوانين العنصرية ضد اليهود".
العهد الذهبي مع العرب
في مدونة إلكترونية له، طالعتها "العين الإخبارية": يقول الليبي اليهودي رفائيل لوزون رئيس "اتحاد يهود ليبيا" في لندن: " عاش اليهود دائمًا في وئام مع دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي".
وأضاف: "يهود الدول العربية تشبثوا بتقاليدهم وتراثهم ولغتهم العربية وموسيقاهم وطعامهم، وحاولوا نقلها إلى أطفالهم".
وتابع: "عندما احتل الإيطاليون والفاشيون ليبيا في القرن التاسع عشر، قاتل اليهود جنبًا إلى جنب مع الأبطال الليبيين ضد الفاشيين. جدي رافائيل لوزون قاتل مع البطل رمضان الشتيوي في مصراتة".
ولفت إلى أنه "لم يرغب أي يهودي ليبي في مغادرة وطنه حتى عام 1945، عندما اندلعت مظاهرات دموية في الشوارع ضد اليهود دون سبب واضح. وأدى هذا الحادث إلى فقدان ثقة بعض أفراد الطائفة اليهودية. وأكدت الموجة الثانية من المظاهرات عام 1948 شكوكهم".
ونتيجة لذلك، يُكمل لوزون "سيطر الخوف على الغالبية العظمى من السكان اليهود، ما أدى إلى هجرة جماعية إلى إيطاليا وإسرائيل- الدولتين الوحيدتين اللتين استعدتا لتقديم اللجوء. ولو لم تقع هذه الأحداث المؤذية، أشك في أن 10% من اليهود كانوا سيهاجرون من وطنهم".
ووفق لوزون، فإن "الغالبية العظمى من اليهود الذين غادروا ليبيا فعلوا ذلك بدافع الخوف وليس بسبب الأيديولوجية".
وذكر أنه "بعد استقلال ليبيا، بلغ عدد اليهود في طرابلس وبنغازي حوالي 7000 يهودي".
وبحسب رئيس "اتحاد يهود ليبيا"، فقد "صدر قرار بترحيل جميع اليهود بعد حرب 1967، وأُجبروا على ترك جميع ممتلكاتهم وأموالهم".
واليوم، يطالب لوزون "الاعتراف بهويته الليبية والعربية"، قائلا: "لا أرى أي تعارض مع كوني يهوديا. مثلما أن العربي الذي يعيش في إسرائيل يحمل جواز سفر إسرائيليا ويتبع الإسلام أو المسيحية أو الدروز. أمنيتي هي أن أتمكن من زيارة مكان ولادتي برفقة والدتي الثمانينية، لتحقق حلمها بزيارة ليبيا كما يشتاق لها الكثير من الليبيين (مسلمون ومسيحيون ويهود)".
ويتردد أن آخر يهودي بقي في ليبيا هو إسميرالد مغناجي، وتوفي في عام 2002.