جمعة رمضان يكتب : النهاية المحزنة

profile
جمعه رمضان كاتب صحفي
  • clock 31 مايو 2021, 6:13:40 م
  • eye 868
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

نداء :

يا عمال مصر فوقوا .. وان استطعتم حدثوا وعيكم 

وقفة :

" ان الروح الذي يبني الانظمة الفلسفية بعقول الفلاسفة، هو نفسه الروح الذي يبني السكك الحديدية بايدي العمال، فليست الفلسفة خارجة عن العالم، كما أن الدماغ - وان لم يكن في المعدة - ليس خارجاً عن الانسان " 

كارل ماركس

تخبرنا ادبيات النضال الماركسي أن العمال الصناعيين هم الاعمق وعيًا والاكثر نضالية وقدرة تنظيمية، يسبقون بخطوة او خطوتين نظرائهم العمال الزراعيين والفلاحين . 

يبدو الامر منطقيًا في التحليل استنادًا الى الرابطة اللصيقة والمباشرة بين العامل والآلة طوال دورة حياة المنتج لحظة بلحظة وفي جميع مراحل تصنيعه على عين ومهارة وجهد وعرق صانعيه خلال فترة زمنية وجيزة مقارنة بالوقت الطويل الذي يستغرقه المنتج الزراعي بداية من استنبات البذور والشتل وحتى حصاد المحصول ومن ثم تتشكل الرابطة المباشرة بين العامل الصناعي ومنتجه ويتعاظم معه احساسه بدوره في العملية الانتاجية وبالقيمة المضافة التي يخلقها عبر علاقة اقرب للتزاوج بين العامل وآلالة ،، بين العمال والمصنع !

( على سبيل انعاش الذاكرة حري بنا ان نستعيد ذاكرة المواجهات النضالية الاسثنائية التي خاضها الفلاحون المصريون في غمرة مواجهات العام ١٩٩٧ التي رافقت تطبيق قانون تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر في الاراضي الزراعية وما اسفرت عنه تلك المواجهات من سقوط شهداء واعتقالات لمئات الفلاحين والنشطاء اليساريين، غير انه من دواعي الاسف ورغم سخونة الاحداث وتصاعدها حينها هو غياب تضامن الطبقة العاملة مع الفلاحين وقعودها عن الاشتباك مع حدث نضالي استثنائي قلما يتكرر، وهو ما يعزى بالضرورة الى غياب الوعي والرؤية وهشاشة تنظيمية وضعف قيادة سواء في النقابة او مواقع العمل ) .

على مدار العقود الثلاثة الماضية والدولة ماضية في تنفيذ سياسات التكيف واعادة الهيكلة المملاة عليها من مؤسسات التمويل الدولية وهي السياسات التي اسمتها الحكومات المتعاقبة اصلاحات اقتصادية، بيد انها في واقع الامر لم تكن سوى تصفية ممنهجة للقطاع العام الصناعي والتجاري والخدمي وتمكين طبقة الاوليجارش من تلك الاصول العامة المنتجة ،، هجوم الاوليجارش مدعوما من الدولة لم يكن مفاجئا ولا متخفيًا بل كان على عينك يا صاحب البيت وبخطوات مدروسة طبعًا ،، ورغم ذلك كان الضعف والتشرذم هو ديدن الطبقة العمالية، ما ساهم في اغرائها وقبولها بفتات المعاش المبكر ومكافآت نهاية الخدمة الهزيلة وصولا الى تلك النهاية المحزنة لاحدى اهم قلاع الصناعة في مصر، الحديد والصلب .

والشاهد ان تردي السياسة وضعف الحياة الحزبية وغياب الديمقراطية والحريات يرافقه بالضرورة تشتت وهذال في الحركة النقابية العمالية وبالتبعية غياب للقيادات النزيهة المستقلة،، دائما النضال  في الفراغ دونما مظلة حزبية قائدة ورغبة حقيقية تستهدف الوصول لمراكز صنع القرار هو قبض ريح والاجهاض المبكر هو النتيجة الحتمية لاي حراك عشوائي مشتت مهما بلغ حجمه، الانخراط في السياسة من خلال الانتظام في النشاط الحزبي المنظم هو احد الاليات المهمة للمقاومة وبلورة استراتيجية ناجزة تملك القدرة على الضغط والمفاوضة الرشيدة لتحقيق الاهداف قصيرة وبعيدة المدى وقبل ذلك وهو الاهم تعزيز وبتاء الوعي النضالي وصقله واستدامته .

وهنا يتعين وضع علامات استفهام كثيرة حول احجام العمال عن الانخراط في السياسة والنشاط الحزبي بشكل فاعل على الرغم من وجود أمانات ومكاتب عمالية في كافة الاحزاب خاصة اليسارية المنحازة بطبيعتها للطبقة العمالية والتي تضم العديد من النشطاء المتضامنين من اصحاب الخبرات والنضالات والجهود المخلصة .. وهذا بدوره يطرح العديد من الاسئلة، اين تكمن المعضلة ؟ هل هي في برامج الاحزاب وخطابها وأمزجة نشطائها أم في وعي العمال ؟ أم هو ميراث خطاب نوستالجي عتيق غير محدث ولد اخطاء تراكمت ولا زالت تتراكم لدى الطرفين ؟ أم هي مشكلة قيادة بحسب تروتسكي ؟!

من واقع التجارب العديدة ينبغي التأكيد على انه لا انفصال بين النضال السياسي العام والنضال العمالي المطلبي في ذاته، وهذا مايجب ان يدركه نشطاء النضال السياسي لاثمار الجهود وأن تدركه الطبقة العاملة ايضًا ان ارادت ان تتحرر او على الاقل ان يكون صوتها مسموع، فلا بديل في الحد الأدنى المتاح عن العمل والمواجهة من داخل كيانات حزبية منظمة وقد باتت تلك الكيانات الحزبية الشرعية وبرغم ضعفها هي الركيزة الوحيدة المتاحة لانطلاقة وبناء نسق نضالي متوسط المدى على الاقل في ظل سياقات الاستبداد والحصار الراهنة .

ولعل مادعى اليه الراحل الدكتور سمير امين وطرحه كخارطة طريق للتغيير تحت شعار " ياشعوب ويا عمال العالم اتحدوا " لهو القراءة الواقعية لتحقيق انطلاقة مستقبلية تعيد الزخم للنضال المثمر القادر على البناء وافراز الكوادر والقيادات المخلصة الجسورة القادرة على إنجاز المهام !

من نافلة القول أن الكيان المسمى باتحاد نقابات عمال مصر بتشكيله الاصفر هو الخنجر المسموم الذي غرسته السلطة المعادية في ظهر الطبقة العاملة المصرية .

التعليقات (0)