تكبير الخط تصغير الخط

إن ماحدث في السودان من إنقلاب علي ترتيبات المرحلة الإنتقالية المتوافق عليها فيما بين القوي السياسية يعد نكسة جديدة للديمقراطية في العالم العربي، بعد أسابيع قليلة من نكسة تونس، وتأتي إستكمالا لسلسلة من النكسات أصابت دول #الربيع_العربي علي مدار العقد الأخير بعد أن إنتعشت ٱمال الشعوب في التحرر من أسر الإستبداد والفساد والتهميش عند إنطلاق الموجة الأولي من الثورات العربية في عام 2011.

 وقد شعرت بالأسف الشديد لفشل التجربة السودانية الفريدة والتي نشأت بمقتضاها تركيبة إنتقالية توافقية تجمع بين المدنيين والعسكريين والذي يعد صيغة وسطية فريدة نسبيا كنا نأمل نجاحها لتتحول إلي تجربة ملهمة تكون سببا في تليين مرحلة التحول الديمقراطي في العالم العربي. 

ٱلا أن الإنقلاب أثبت مجددا أن شهوة إحتكار "السلطة والثروة والنفوذ " قد تملكت من الطبقات الحاكمة في عالمنا العربي، وأنها لا ترغب في ترك السلطة إلا علي أشلاء الشعوب وضياع مقدراتها وثرواتها وسلامها المجتمعي، وعندها ستكون الأوطان غير صالحة للعيش من جراء جرائمهم المستمرة منذ رحيل المستعمرين ظاهريا. 

ماحدث في السودان يذكرنا بالرمز السوداني المحترم سوار الذهب الذي تنازل عن السلطة طواعية للمدنيين، نموذج نادر التكرار في عالم السياسة في عالمنا العربي المنكوب بصراع سياسي قذر تحركه إرادة إقليمية ودولية خفية إنعقدت علي تخريب المنطقة وصهرها وإعادة تشكيلها في بوتقة صهيونية تحول الشعوب العربية إلي حديقة خلفية للكيان الصهيوني الطامع في السيطرة علي المنطقة، وهو ما أجزم بأن شعوب المنطقة لن تسمح به أبدا وسينقلب السحر علي الساحر قريبا إن شاء الله. 

لذلك فإنني أتوقع أن هذه التطورات في السودان وتونس ستعيد المنطقة إلي نقطة الصفر، وهو ما يدفعني إلي التكهن بأن المنطقة مقبلة على موجة ثورية ثانية ستكون في الأغلب أكثر عمقا وأكثر حسما.