حماس ...نحو جهود عابرة للأنظمة والأحزاب والجماعات

profile
عماد عفانة كاتب وصحفي فلسطيني
  • clock 16 يوليو 2022, 7:30:13 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

المراقب لأنشطة حماس في بعدها الدولي، يرى أنها لم تعد تعتمد علاقتها مع الأمة، تقتصر على العلاقة مع قواها المعروفة أحزابها جماعاتها أو أنظمتها، لما قد يعتري هذه العلاقة من خلافات او اشتراطات أو معيقات ذات ابعاد سياسية.

وعليه ربما باتت حماس تعتمد سياسة نسج علاقات مباشرة مع القوى المؤثرة في شعوب أمتنا العربية والإسلامية، وهي القوى الغير مسيسة، والتي لا تخوض صراعا سياسيا من الأنظمة، كالقوى الشبابية والعلماء والمرأة والفنانين والإعلاميين وغيرهم من القوى المؤثرة، وذلك انطلاقا من عمق إدراكها للترابط الوجداني الذي يجمع شعوب الأمة العربية والإسلامية بفلسطين والقدس، انطلاقا من ارتباطهم بالإسلام والقرآن الذي تمثل القدس آية فيه تجمع الماضي مع الحاضر والمستقبل، بغض النظر عن مواقف الأنظمة او علاقاتها مع العدو.

فبعد الانتكاسة التي ألمت بقوى الأمة الحية وجماعاتها التقليدية في أعقاب فشل الربيع العربي في احداث التغيير المطلوب، والانتكاسة التي حلت بدول الربيع العربي، بفعل تمكن قوة الثورة المضادة والدولة العميقة من اعادة الأمور إلى أسوأ ما كانت عليه قبل الربيع العربي، الذي راهنت عليه كل قوى المقاومة الفلسطينية ومنهم حماس، في احداث تغيير إيجابي باتجاه توحيد قوى الامة بهدف دحر الاحتلال والعدوان عن ارض فلسطين.

الا ان انشغال الأحزاب والجماعات والقوى السياسية في دول الربيع العربي في الصراع على الحكم، وليس في توحيد بوصلة الأمة باتجاه القدس، مكن قوى الثورة المضادة والدولة العميقة بما تملك من إمكانات ذاتية، ومن دعم خارجي من القوى الشريرة، تمكنت من إحلال الانتكاسة ليس بدول الربيع العربي وبكل آمال العيش بحرية وكرامة فقط، بل أدت إلى انتكاسة كل الرهانات على نهضة الأمة من جديد بعد التخلص من أنظمة الردة التي صنعها سايكس بيكو لحماية كيان العدو وحفظ أمنه، الأمر الذي باتت تكشفه الاحداث والاتفاقات التي تجري حاليا برعاية أمريكية بشكل أكثر وضوحا.

لذا بتنا نرى تواصل مباشر من حماس ومؤسساتها وهيئاتها الوازنة مع قوى الأمة الحية والمؤثرة، فقد نظمت حماس خلال اليومين الماضيين ملتقى طلائع شباب العالم الإسلامي الأول في اسطنبول، كنشاط دولي نظمته هيئة شباب القدس، بمشاركة شبابية واسعة من 40 دولة عربية وإسلامية، بمشاركة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، وعضو المكتب السياسي ورئيس مكتب الشباب فتحي حماد.

وكانت إسطنبول احتضنت قبل أشهر قليلة لقاءات ومباحثات الدورة الثالثة لمؤتمر منبر الأقصى الدولي. والذي ضم 350 شخصاً معظمهم من علماء وأئمة المسلمين من أكثر من 40 دولة، للتشاور حول مستقبل القدس.

كما ترعى حماس وتلعب دورا كبيرا ومؤثرا في عقد مؤتمرات فلسطينيي الخارج، بهدف توظيف كل ما يملكون من قدرات وإمكانات، بل وعلاقات مع مختلف المكونات المجتمعية المؤثرة في مخلف قوى العالم، باتجاه توحيد الجهود لنصرة القضية الفلسطينية، ولجهة استثمار القواسم المشتركة مع القوى المجتمعية في مختلف دول العالم في قيم العدالة والحرية وحقوق الانسان، في عزل الاحتلال وادانته انتهاءً بدحره عن ارض فلسطين.

ربما تريد حماس من هذا التواصل المباشر الذي تنظمه مع شباب الأمة، أن توظف مكانتها وموقعها المركزي والمؤثر في المقاومة وفي قضية القدس وفلسطين،  أن تعيد بوصلة شباب الأمة باتجاه تحقيق العبودية لله، من خلال تكثيف البرامج التربوية التي تنطلق من أصالة الإسلام ونشرها بوسائل متجددة قادرة على التغيير، باستخدام وتوظيف مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام التي حولت العالم الى قرية صغيرة، وتوظيف هذه  الإمكانات إيجابيا في تمكين وتحصين وتوجيه شباب الأمة باتجاه تعزيز منظومة القيم والأخلاق بما يمكنهم من القيام بواجبهم الطبيعي تجاه قضية الأمة الأولى، القدس وفلسطين وتحريرها من الاحتلال والعدوان.

يعتبر نجاح حماس في جمع قوى شبابية واسعة من 40 دولة عربية وإسلامية، ودعوتهم لتشكيل تحالف إسلامي وعربي موحد، للتصدي لكافة التحديات التي تواجه الأمة، يعتبر خطوة إبداعية متقدمة، عابرة للدول والأنظمة والأحزاب، وتفكير متقدم يعبر عن تجربة عميقة واستخلاص لدروس أكثر من 30 عاما من العلاقات مع الدول والأحزاب والجماعات والأنظمة، والتي لم تنتج مثل هذا التحالف والاتحاد، ما دعا حماس ربما لتجاوز ما تعيشه تلك الأنظمة والأحزاب من أزمات وخلافات، لجهة التواصل المباشر مع شباب الأمة الذين تهمل قوتهم الهائلة الأنظمة والأحزاب، لجهة توظيفها واستثمارها ايجابيا بما يصب في صالح نهضة الأمة والتصدي للتحديات التي تواجهها.

من هنا ربما كانت دعوة هنية لشباب الأمة لوقفة عز في نصرة الإسلام شريعة وعقيدة ونصرة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، توظيفا واستثمارا لما تملك الأمة من مكنونات القوة.

فاذا كانت أهم واجبات شباب الأمة الدفاع عن المقدسات الاسلامية عمومًا، والمسجد الاقصى على وجه الخصوص، فان شباب الأمة مدعوون أن يسخروا كل قدراتهم وإمكاناتهم لنصرة غزة والضفة والقدس بكل الوسائل والطرق المتاحة، ولن يستطيعوا شباب الأمة تحقيق ذلك دون مظلة، او اتحاد، او تحالف يضمهم، ويجمعهم، ويستثمر ويوظف طاقاتهم، وينسقها وينظمها، باتجاه تحقيق شبكة أمان سياسي وشعبي ومالي وإعلامي لدعم المقاومة وحماية المقدسات.

الأمر الذي سيكشل حتما نموذجا يحتذى، ورافعة أدعى للتقليد والاقتداء من مختلف قطاعات وقوى الأمة الأخرى الاجتماعية الشعبية والسياسية، الأمر الي نطمح أن يشكل بداية نهضة شاملة تبدأ من القاعدة العريضة شعوبا ومجتمعات وقوى حية، بعد ان فشل الرهان على الأنظمة والأحزاب والجماعات التقليدية في إطلاق هذه النهضة المأمولة.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)