- ℃ 11 تركيا
- 2 نوفمبر 2024
خالد رفعت : حقائق لن تسمعها فى الاعلام
خالد رفعت : حقائق لن تسمعها فى الاعلام
- 19 يونيو 2021, 4:19:35 ص
- 781
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
دى الحلقة الثانية من ثلاث حلقات عن الوضع فى منطقة القرن الافريقي ... الحلقة القادمة حتشمل ان شاء الله تقديم حل مقترح لازمة سد النهضة .. فى الحلقة الاولى تكلمنا عن جيبوتى وارتباطها باثيوبيا واشرنا الى النفوذ الصينى فى منطقة القرن الافريقي ..فى الحلقة دى حنستعرض قصة اريتريا مع اثيوبيا .. والدور الامريكى و الاسرائيلي :
عشان مطولش عليكم اللى كان بيحكم اثيوبيا طوال 44 سنة من 2 أبريل 1930 حتى 12 سبتمبر 1974 هو الامبراطور هيلا سيلاسي (وقبلها بسنتين كان حاكم للبلاد ثم اعلن الامراطورية).. وده كان امبراطور قوي وهو اللى حارب ايطاليا لما احتلت اثيوبيا ... ورجع تانى بعد انهيار ايطاليا ليضم اريتريا والصومال لبلده اثيويبا .. ده كان نرجسي مجنون بيجبر الشعب يسجد له لما عربيته تمشي فى الشارع حتى لا ينظروا له .. واللى يعارضه يرميه للاسود ... اللى يهمنا فى الموضوع ده انه كان صديق لمصر سواء فى فترة الملكية او عبد الناصر ... ورغم معاداة عبد الناصر الرهيبة لكل أنظمة الحكم الملكية ورغم اعتراف هيلا سيلاسي باسرائيل سنة 1954وفتح لاسرائيل سفارة فى اديس ابابا كان اليهود بيتجسسوا منها على البعثات الدبلوماسية العربية ووجود بعثة عسكرية إسرائيلية دائمة في إثيوبيا بلغ قوامها من 20 ضابطاً تولوا مهمة التدريس في المعاهد العسكرية الإثيوبية، إلى جانب تدريب بعض الوحدات الخاصة في الجيش والشرطة الإثيوبيين ومنهم العقيد مدهين كاسا الملحق العسكري الاسرائيلي اللى اسرته المقاومة الارتيرية سنة 1966 وهو بيدرب القوات البحرية الاثيوبية .. ولكن بسبب وجود منابع نهر النيل في اثيوبيا .. لم يهاجم ابدا عبد الناصر هيلا سيلاسي بل احتوى نرجسيته بل كان بيفخم فيه ويبعث له الهدايا .. ووافق عبد الناصر على نقل مقر منظمة الوحدة الإفريقية إلى أديس أبابا إرضاءً لهيلا سيلاسي بل وصفه انه من الآباء المؤسسين للمنظمة في مايو 1963. ثم عزمه على افتتاح الكاتدرائية المرقسية بالعباسية في يونيو 1968، وهي المقر الرئيسي لبابا الأقباط الأرثوذكس وكانت ساعتها الكنيسة بتاعتهم تابعة لكنيستنا. ... المهم اننا كنا محتويين اثيوبيا ساعتها.
صاحبنا هيلا سيلاسي ده اتشال فى انقلاب عسكري سنة 1974 من ضباط شيوعين مدعومين من الاتحاد السوفيتي بقيادة مانجستو ... امريكا ساعتها خافت من المد الشيوعي على مصالحها بالمنطقة فأسست سنة 1975 تحالف"سفاري المضاد للمد الشيوعي" وضمت له مصر والمغرب والسعودية وكينيا وإيران (ايام الشاه) ... (وده كان خطأ استراتيجي من السادات رغم حبي الشديد له .. بس كان المفروض ألا نعادي ابدا اثيوبيا ونفضل على الحياد) ... المهم مانجستو اعتبر دى مؤامرة مصرية سعودية موجهة ضد بلده. وبدأ يغذى مشاعر الكراهية والحقد القديمة ضد مصر لدرجة انه فى خطبة له عام 1979 امام العالم كله جاب زجاجاتين مملؤتين بالدم ... وكسرهم وقال ان واحدة فيها دماء مصريين والتانية دماء سعوديين وانه سيسفك دماء بقية الشعبين (صورة ١) .. وطبعا بقى يبرر المجاعات والفشل بتاعهم بسبب المؤامرة المصرية السعودية ... واشتغلت الاله الاعلامية وبداوا يتكلموا عن تغيير مسار النيل الى البحر الاحمر وقطعه عن مصر !!!
المهم عشان مطولش عليكم بعد انهيار الاتحاد السوفيتى (فعليا من 1989 وحتى سقوطه رسميا فى 1991) فقد نظام مانجستو الدعم المالى والعسكري ... فطبعا انتهزت امريكا الفرصة وقامت بتنسيق اجتماع بين الجبهة الشعبية بزعامة أفورقي (ودى جبهة المقاومة فى ارتيريا المحتلة وكان مدعوم امريكيا) مع المعارضين الإثيوبيين لنظام مانجستو الشيوعي بزعامة ميلس زيناوي المدعوم برضة امريكيا في مؤتمر عُقد بلندن نسق له وليام كوهين مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية، وذلك لإسقاط نظام مانجستو، وانتهى المؤتمر باتفاق رعته واشنطن يقضي باعتراف أثيوبيا بحق تقرير المصير للشعب الإريتري على أن يختار بين الوحدة والانفصال، مقابل أن يلتزم أفورقي بتاع اريتريا بدعم زيناوي بتاع اثيوبيا في سعيه للتغلب على مناوئية السياسيين وتولي السلطة، وأن تسمح أريتريا عندئذ باستخدام إثيوبيا ميناء عصب وكذا مصوع للأغراض التجارية.
نجحت الخطة الامريكية وتم إسقاط مانجستو اللى هرب زيمبابوي، وتولى زيناوي حكم إثيوبيا وتم أعلان استقلال أريتريا في 25 مايو 1991م وطبعا تم اجراء استفتاء عاما على الاستقلال تحت إشراف الجامعة العربية والأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية، وجاءت نتيجته 99% للاستقلال ... تفتكروا انتخبوا مين رئيس لارتيريا الوليدة؟ ايون .. انتخبوا أسياسي أفورقي رئيسا للبلاد. .. يعنى الامريكان عينوا رئيسي اثيوبيا وارتيريا بمعنى الكلمة.
طبعا لا اقلل من كفاح شعب ارتيريا ضد الاحتلال الاثيوبي فكان كل شوية يعمل ثورات ضد اثيوبيا ولكنها كلها انتهت بقمع اثيوبي يقتل عشرات الالاف من الشعب الارتيري كما حدث في حملات 1967 و1970 و1974 و1975 (ودى ارقام كبيرة لان كل ارتيريا حاليا 5 مليون نسمة مقارنة ب 118 مليون اثيوبي حاليا).
خلينا فى اللى يهمنا ... مين بقى انتهز فرصة وجود نظام حكم معين من امريكا فى كل من اثيوبيا وارتيريا ... طبعا اسرائيل ... عادت العلاقات الدبلوماسية الاثيوبية الاسرائيلية علنا عام 1992 (كان قبلها فى علاقات استخباراتية فى 3 عمليات لنقل اليهود الفلاشا وهى العمليات موسى و يوشع وسايمان وتم قطع العلاقات بعد هزيمة 67). واصبحت لإثيوپيا رسميا سفارة في تل أبيب، ولإسرائيل سفارة في أديس أبابا. وقدمت إسرائيل مساعدات عسكرية سخية لإثيوپيا ... وتطور الامر للظهور العلنى لضباط الموساد الاسرائيلي بداخل وزارة الدفاع الاثيوبية (قوة الدفاع الوطنية الاثيوبية) .. وتخصيص المكتب G21 لهم !!!
وبالمثل طبعا تم افتتاح سفارة لاسرائيل فى اسمرة عاصمة ارتيريا ... وسفارة لارتيريا فى تل ابيب فى 1993 .. بعد ان كانت اسرائيل بتدعم اثيوبيا فى صراعها ضد ارتيريا تطورت العلاقات بينها حتى تم تأسيس القاعدة العسكرية الاسرائيلية فى جزر دهلك الارتيرية مقابل مليار دولار (صورة ٢ )
بل استعانت ارتيريا بالزوارق الحربية الاسرائيلية من قاعدة دهلك فى حربها ضد اليمن (صراع جزر حنيش ) فى 1995 .. وتحتفظ حاليا اسرائيل بأسراب من المقاتلات والطائرات المساعدة في سراديب تحت الأرض في قاعدتها العسكرية بدهلك بالإضافة للمدمرات والبوارج البحرية، وغواصة نووية استلمتها قبل سنوات من ألمانيا ومن هذة القاعدة قصفت اسرائيل مصنع الادوية بالسودان وقوافل امداد حماس بالسودان .. وتقوم باعمال الرصد لكل المنطقة.
كانت ارتيريا تمثل دوما الطرف اللى نقف معاه عند خلافنا مع اثيوبيا ... حتى قامت السعودية بمصالحة تاريخية بينهم فى اواخر 2018 (صورة ٣) وكانت ضربة قوية لاستراتيجية الامن القومي المصرية .. والغريب فى الامر ان ولى عهد ابوظبي قام بعد مصالحة الرياض بدعوة زعيمي ارتيريا واثيوبيا لابو ظبي لتقليدهم وسام زايد (صورة ٤) ... بعد ايداع 3 مليار دولار فى البنك المركزى الاثيوبي و مليار دولا لارتيريا !!
حتى مارس 2015 كانت اثيوبيا متعثرة تماما فى انشاء سد النهضة ولم يكن قد تم تشييد سوى نحو 30% من السد الذي كان يفترض طبقاً للمخطط الإثيوبي أن يكتمل بناؤه خلال أربع سنوات فقط (منذ بداية الانشاء ابريل 2011) ، يعنى يفترض الانتهاء منه في أبريل 2015، لكن نظراً لنجاح جولة وزير الخارجية المصرية نبيل فهمى على الدول الممولة للسد فى اظهار عدم قانونية انشاء السد فقد أحجمت البنوك والشركات والهيئات الدولية عن المخاطرة بالاستثمار في تشييد السد او شراء الكهرباء او الاستثمار حول السد في ظل غياب اتفاق قانوني مع دولتي المصب، وهو ما تحقق للاسف بتوقيع إعلان المبادئ فى مارس 2015 .. فقد اعطيت قبلة الحياة لمشروع سد النهضة التى كان قد توقف فعليا بسبب الضغوط السياسية المصرية ... فقد تقدمت في عام 2015 وحده 211 شركة إسرائيلية للحصول على تراخيص تجارية للعمل في مجالات مختلفة في إثيوبيا. ثم شهد عام 2016 زيارة نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل لاثيوبيا حيث وقع مع رئيس الوزراء السابق هيلي ماريام ديسالين 37 اتفاقية تتعلق بدعم التعاون في مجالات التكنولوجيا والزراعة، والسياحة، والتكنولوجيا، والاستثمار ولا ننسي خطبته الشهيرة فى البرلمان الاثيوبي التى قاطعوها بالتصفيق المتواصل ليتضاعف التبادل التجاري الاسرائيليى الاثيوبي 80 مرة فى ثلاث سنوات.
اغلب الاقتصاد الاثيوبي اللى بيحقق معدلات نمو هائلة فى اخر 15 سنة مبنى على الضخ الهائل للاستثمارات الغربية والخليجية ... ومنها مثلا شركة الطيران الاثيوبية اللى اصبحت اكبر شركة طيران فى افريقيا وافضل شركة طيران افريقية طوال ال 11 سنة الماضية !! ... واللى اشترت 5 شركات طيران افريقية متعثرة ولكن هل تعلم عزيزي القارئ ان اسطولهم الضخم ده كله من شركة بوينج الامريكية بتسهيلات ضخمة جداً و بضمانات اسرائيلية للسداد .. (سبق ان كتبت عن الشركة دي منذ سنوات ولكن لا مجيب https://www.facebook.com/khaledrefatofficial/posts/10215414123320269)
مصر للاسف غابت تماما عن افريقيا من بعد عبد الناصر وده اللى بندفع ثمنه الان ...