خبيران يتحدثان لـ "180 تحقيقات" عن دلالات التقارب بين تركيا ودول عربية

profile
  • clock 3 سبتمبر 2022, 12:45:23 م
  • eye 932
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تشهد العلاقات العربية التركية تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة نتيجة تسارع الأحداث والمتغيرات في المشهد العالمي والإقليمي، التحالفات السياسية بدأت بالتغير نتيجة إعادة ترتيب العلاقات لدول الإقليم فيما بينها، وكذا علاقاتها مع العالم الخارجي. 

إذ تحاول كل دولة في الإقليم التنسيق لشراكات جديدة تضمن مصالحها الاستراتيجية واستقرارها الداخلي، وهو ما أدى إلى ظهور عدد من السياقات لخريطة تقاربات وتفاهمات جديدة بين دول الإقليم المختلفة، ومن بين تلك المتغيرات العلاقات العربية- التركية التي شابها توترات خلال العقد الماضي.

الاستدارة التركية في العلاقات العربية 

لا يوجد عدو ثابت ولا صديق ثابت في عالم السياسة وإنما مصالح ثابتة. إذن فلا غرابة في التحولات التي تحدث في العلاقات التركية العربية سواء كانت متدرجة أو كاملة ومفاجئة.

ويرى فراس رضوان أوغلو، كاتب وباحث سياسي، أن الاستدارة التركية في العلاقات مع الدول العربية التي على خلاف معها ذات فعالية قوية جدا، وأن هذه العودة هي لمصلحة الجميع، تركيا كانت تنظر على الصعيد الاقتصادي وحتى على الصعيد الاستراتيجي لوجود تكتلات بدأت تتشكل ليس في صالح تركيا وهذا من الخطأ الاستمرار فيها وكان لابد من إعادة الأمور نصابها.

ويضيف فراس في حواره مع موقع "180 تحقيقات" من الناحية الاقتصادية هناك ضخ للاستثمارات الخليجية (الامارات – المملكة العربية السعودية) وهي دول قوية اقتصاديا، وهذا سيساعد تركيا، ومن الناحية الأمنية تركيا لن تتدخل في شئون أي دولة تضر من الناحية الاستراتيجية والامنية للدول العربية وستمنع ملفات الاخوان أو غيرهم من تشكيل منصة تضر بالعلاقات التركية العربية عبر الاراضي التركية.

ويتابع فراس في حديثه لموقع "180 تحقيقات"، التفاهمات الجارية مع الدول الخليجية سوف تستمر بشكل أفضل، لكن إذا اتجهنا إلى مصر لا أظن أن التفاهمات المصرية التركية سوف تصل لمرحلة كما هي مع السعودية أو الامارات، من المتوقع ان تبقى هناك فجوة في العلاقات بين البلدين، بالمقابل فإن المصالح سوف تستمر من خلال مؤسسات الدولتين لكن العلاقات السياسية ستبقى تراوح مكانها. 

ويرى الكاتب فراس رضوان، أن بطء التقدم في الملف المصري التركي هو نتيجة تضارب المصالح التركية مع المصالح المصرية في الملف الليبي والسوري والمغربي وحتى السوداني والتشادي، وأتوقع أن العمل جاري حول شرق المتوسط والبحر المتوسط اقتصاديا لكن في الملفات الأخرى الوضع ليس كما هو عليه مع الدول الخليجية.

ورغم بطء الانجاز  في العلاقة المصرية التركية، تستمر الاتصالات المصرية التركية على مستويات عدة، وسط دفع نحو تطوير العلاقات وزيادة التنسيق بين البلدين، وفي هذا الصدد، كشف دبلوماسي مصري أن "هناك ترتيبات تم التوافق عليها بين وزارتي الخارجية، لعقد لقاء بين وزيري خارجية مصر سامح شكري وتركيا مولود جاووش أوغلو، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة" التي تنطلق أعمالها في 12 سبتمبر/ أيلول الحالي، في مقر المنظمة الدولية في نيويورك، وتستمر حتى الـ27 من الشهر نفسه.

وبحسب الدبلوماسي المصري، فإن "تلك النوعية من اللقاءات، في ظل الأجواء بين البلدين، لا يمكن تحديدها والاتفاق عليها قبل الضوء الأخضر من القيادة السياسية للبلدين، وهو ما يشير إلى حلحلة في الأزمة التي تشهدها العلاقات بين البلدين منذ 2013". 

ابعاد التحول في السياسة الخارجية التركية

تتنوع دوافع التقارب في العلاقات العربية التركية بين مختلف أطرافها، إلا أن العامل المشترك فيها هو ظهور الحاجة إلى تجميد الخلافات التي استنزفت جميع الأطراف كثيراً، أو تخفيفها بنسبة أقل. وتحمل تفاهمات العلاقات العربية التركية الجارية عدداً من الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية.

يقول د.اياد المجالي الباحث في العلاقات الدولية، تبدو ابعاد التحول في السياسة الخارجية التركية أكثر عمقا في تأثيرها على علاقاتها مع الأطراف الإقليمية العربية، النتائج التي بدأت تظهر بالأفق للدبلوماسية التركية على شكل مؤشرات تؤكد بان أنقرة تعمل وفق.. ضرورات استراتيجية.

ويتابع المجالي في حديثه لموقع "180 تحقيقات"، من الواضح أن الدور التركي تُجاه الحرب الروسية الأوكرانية، سيؤسس لمشهد جديد في العلاقات بين أنقرة والعرب، فالسياسات القائمة حالياً ببعديها الإقليمي والدولي، قد تسهم في مناخ التصالح، لاتخاذ خطوات جديدة تُعيد العلاقة بين البلدين.

ويرى الدكتور المجالي، أن التطورات العالمية، أجبرت تركيا على اتخاذ موقف سياسي جديد حيال الملف السوري، خاصة أن موقف تركيا – أردوغان، لجهة مقاربة الأزمة السورية، بات أكثر مرونة، وتحديداً بعد الدعوات والضغوط الداخلية، التي يتعرض لها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من قبل أحزاب المعارضة التركية، وهذا ضمناً ما ألمح إليه بيان الخارجية السورية، حين وصف التقارير التركية لجهة التقارب مع دمشق، بأنها "بروباغندا إعلامية" مفضوحة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في تركيا، وبما يعكس التجاذبات السياسية بين أردوغان ومعارضيه.

ويضيف المجالي لموقع " 180 تحقيقات"، إن جوهر السياسة الخارجية التركية وتوجهاتها الجديدة، تبدلت بوضوح منذ مطلع العام الماضي، فقد ارتكزت السياسات التركية على جُزئية إعادة العلاقات مع دول الجوار، وبدأت أنقرة فعلياً بتغيير المسار السياسي عبر فتح قنوات تواصل بينها وبين الدول التي قاطعتها إبان أحداث "الربيع العربي".

صفر مشاكل 

ويشير د. المجالي، أن ما يجري يُمكن وضعه في إطار العودة التركية إلى سياسية "صفر مشاكل"، والعمل لإقامة تعاون إقليمي يُتيح الفرص لتفعيل القدرات التركية، المرتكزة على موقع تركيا الجيوسياسي، وحاجة كل القوى الإقليمية والدولية لهذا الموقع والدور التركي. وربطاً بذلك، فإن الظروف والتطورات الإقليمية والدولية، وتحديداً بما يخص الحرب الروسية الأوكرانية، فإن هذه المعطيات دفعت تركيا للبحث عن نهج عقلاني، للتعاطي مع الفوضى القائمة في الملف السوري، ومعالجة الهواجس والتحديات التي تؤطر سياق عودة العلاقات السورية التركية، وإعادة تفعيل الخيارات الدبلوماسية، لإيجاد مخرج للأزمات في المنطقة بمستوياتها كافة؛ الأمر الذي يؤكد بأن أنقرة تُعيد برمجة بوصلتها السياسية نحو المنطقة العربية.

ويتابع المجالي، إن أغلب الدول العربية وانطلاقاً من الواقعية السياسية لجهة مقاربة التطورات، فإنها تُدرك أن التنسيق مع أنقرة، في ملفات متعددة، لا سيما الأمني منها، أمر لابد منه، وكذا إعادة فتح قنوات التواصل مع تركيا، قد يؤسس لمشهد سياسي جديد، ينهي التأزيم والخصوم مع الدول العربية.

ويضيف الباحث المجالي لموقع "180 تحقيقات"، بات مؤكداً بأن هناك رغبة تركية في البحث عن مسارات توصلها إلى عواصم عربية عديدة، لكن لا تزال أنقرة تبحث عن توقيت سياسي يضمن لها القدرة على التماهي مع التطورات الإقليمية والدولية، وبما لا يؤثر على جوهر السياسية التركية المُعتمد على البقاء ضمن توازنات الكبار المؤثرين في القضايا الإقليمية والدولية.

ويتابع حقيقة الأمر، إن الخطاب السياسي في تركيا، بدأ باتخاذ توجهات تأتي بمجملها في سياق ضرورات التواصل مع دول الاقليم، وهنا يحضر قوياً كلام النائب في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، أحمد برات تشونكار، حيث قدَّم تقريراً عن أهداف ومواقف تركيا في تجاه دول الجوار، وأقرّ بأن تركيا دعمت المعارضة المسلّحة ومجموعات ما تسمى الجيش السوري الحر منذ اندلاع الأزمة من أجل تغيير النظام السياسي السوري وإسقاط الرئيس بشّار الأسد، لكن هذا الدعم لم يصل إلى أية نتيجة مرجوَّة منه، هذا بالإضافة إلى مشروعها التوسعي في شمال شرق سوريا و شمال العراق وليبيا وجنوب افريقيا وفي نهاية التقرير تمّ التأكيد على أن أنقرة بدأت تُغيّر مواقفها تجاه تلك الازمات رويداً رويداً، وبدأت تتعاون مع إيران وروسيا بصورة جدية أكثر، وتغيّرت أهداف أنقرة.

يختم الدكتور المجالي حديثه لموقع " 180 تحقيقات" من المهم القول، بأنه في السياسية ليس هناك عدو دائم، كما ليس هناك صديق دائم، وقد جسدت مقولة ونستون تشرشل "لا عداء دائم ولا صداقة دائمة في السياسة بل مصلحة دائمة"، القاعدة التي بني عليها السلوك السياسي، في أن السياسة في النهاية هي مصلحة دائمة في الأساس.

 

التعليقات (0)