خمسة أعوام على اغتيال سليماني: التداعيات على الشرق الأوسط

profile
  • clock 9 يناير 2025, 11:26:14 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

الرائد احتياط داني سترينوفيتش - معهد دراسات الأمن القومي

مرّت خمسة أعوام على اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق "القدس" الإيراني، في هجوم أمريكي، وهذا هو أفضل وقت لتحليلٍ قصير لتداعيات الاغتيال الذي ما زال يشكل صدمة في الشرق الأوسط:

نستطيع القول، باختصار، إن جذور انهيار محور المقاومة الذي شهدناه في العام الأخير، يمكن رؤيتها في اغتيال سليماني. ويمكننا تقدير مدى أهمية الاغتيال عندما ننظر إلى حالة المحور اليوم.

عندما نلقي نظرة على سياسة الاغتيالات الإسرائيلية في الشرق الأوسط، يمكن الادعاء، وعن حق، أنه دائماً يوجد بديل من كل شخص اغتيل، وقليلة هي الاغتيالات التي تبقى مهمة وقتاً طويلاً. لكن من الواضح اليوم أنه من المؤكد أن اغتيال سليماني كان من النوع الثاني، والقرار الذي اتخذه الرئيس ترامب غيّر الشرق الأوسط عموماً، مثلما غيّر تأثير إيران في المنطقة خصوصاً.

هناك أمر واحد واضح هو أنه لا يوجد أحد يمكن أن يحلّ محل سليماني. فخليفته قاآني لم ينجح في أن يحلّ محله، بل فشل في مهمة مركزية، وهي السماح لإيران بالسيطرة وقيادة أذرعها في الشرق الأوسط.

إن ضُعف قآاني أجبر نصر الله على القيام بمهمة كبيرة في قيادة الأذرع، وهو ما ألحق الضرر بحزب الله نفسه.

من الصعب جداً الافتراض أن السنوار كان سيقرر القيام بهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر من دون معرفة سليماني، ومن المؤكد أن هذا الأخير كان سيجهز المحور لهجوم كهذا. المفاجأة التي سادت لدى أطراف المحور، بعد هجوم "حماس"، أدت إلى بناء استراتيجية مشوشة وغير متجانسة، فشلت فشلاً ذريعاً في الاستفادة من النجاح العملاني لـ"حماس".

بالإضافة إلى ذلك، إن درجة الاستقلالية لدى أطراف المحور (وخصوصاً لدى الحوثيين، وأيضاً الميليشيات الشيعية في العراق، وحتى حزب الله) كانت محدودة، عندما كان سليماني في قيد الحياة. ومن دون سليماني (ومع اغتياله)، تضررت العلاقة بين حزب الله وإيران كثيراً، وتضررت بصورة خاصة قدرة نصر الله على التشاور مع شخص مثل سليماني يفهم عقلية المرشد الأعلى في إيران بصورة جيدة.

خسرت الزعامة الإيرانية أحد أكبر خبرائها في شؤون الشرق الأوسط في فترة هي في أمسّ الحاجة إليه.

إن حجم الانفصال عن الواقع وعدم فهم ما يجري في الشرق الأوسط عموماً، وفي إسرائيل خصوصاً، لا تزال الزعامة في إيران تدفع ثمنهما حتى اليوم من خلال عدة قرارات غير صحيحة، نابعة من الجهل في معرفة ميزان القوى في المنطقة، وهو ما أوقع إيران في ضائقة استراتيجية صعبة نتيجة القرارات التي اتخذتها الأذرع الإيرانية، من دون التنسيق معها.

انهيار نظام الأسد في سورية كان أيضاً إحدى النتائج الجانبية لاغتيال سليماني، الذي كان الشخص الوحيد القادر على الجمع بين جهود روسيا وحزب الله والأطراف الشيعية في سورية من أجل إنقاذ الأسد. طبعاً، من الصعب معرفة ماذا كان سيحدث لو بقيَ سليماني في قيد الحياة، لكن من الواضح أنه لا يوجد اليوم بديل من قدرته على تنسيق الجهود للدفاع عن نظام الأسد.

بنظرة إلى المستقبل، ستواجه إيران صعوبة كبيرة في بناء قدرة حزب الله من جديد، من دون سليماني.

بعد حرب لبنان الثانية، كان سليماني هو الذي قاد مع نصر الله الجهد لتحويل حزب الله من تنظيم "إرهابي" إلى جيش "إرهابي" مع قدرات استراتيجية، لكن الآن، من دون سليماني، ومن دون نصر الله، ومع خسارة سورية في المحور، فإن قدرة إعادة بناء حزب الله محدودة جداً.

في الخلاصة، كانت قوة سليماني وهيمنته على بناء المحور وقيادته وتنسيقه الوثيق مع حزب الله ونصر الله هائلة، وبعد اغتياله، لم يستطع أن يحلّ محله أحد. لقد أدت "اللامركزية" في المحور وازدياد قوة أطراف مختلفة إلى ضُعف التأثير الإيراني في المكونات المختلفة للمحور، وهو ما أدى إلى تعقيد وضع إيران بصورة عميقة.

ولأنه لم يكن هناك معركة واسعة النطاق، كان في الإمكان "إخفاء" تداعيات اغتيال سليماني. لكن في لحظة نشوب الحرب، ظهر الشعور بخسارته والضرر الكبير الذي لحِق بجهود التنسيق في المحور، وفي قدرة نصر الله على المحافظة على قناة تواصُل مع القيادة في طهران، والاعتماد على سليماني، وعلى قدرة إيران على فهم ما يجري في الشرق الأوسط.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)