- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
خميس بن عبيد القطيطي يكتب: نتائج قمة جدّة مرهونة بارتقاء العمل العربي
خميس بن عبيد القطيطي يكتب: نتائج قمة جدّة مرهونة بارتقاء العمل العربي
- 1 يونيو 2023, 4:14:05 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في ظل حالة عربية إيجابية سادت العلاقات العربية مؤخرا وتبلورت مع اكتمال منظومة العقد العربي في اجتماع القمة العربية رقم 32 في جدة في المملكة العربية السعودية والتي جاءت بعد اثني عشر عاما من الغياب والغربة وما سبقها من توقيع لبيان بكين محققا أهم اتفاق بين طهران والرياض، والجهود العربية التي بذلت في سبيل عودة سوريا، وحتى اللحظة ما زالت عجلة التواصل العربي والإقليمي تدور كما يبدو لتحقيق تقارب مصري إيراني تترجمها التحركات العمانية النشطة التي لم تتوقف منذ زمن بعيد لإصلاح وترميم العلاقات العربية والإقليمية.
ولا ريب أن النظام الرسمي العربي أدرك حجم العوائق التي تسببت في تعثر العمل العربي المشترك في ظل التجاذبات السائدة على المشهد الإقليمي. تلك الإشكالات والخلافات المانعة لم يتوقف تأثيرها على المستوى السياسي، بل طالت الوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وأدت الى تأثر الخطط التنموية في مختلف البلدان العربية بسبب هذه المعوقات في العلاقات العربية. وبطبيعة الحال فإن أي عراقيل سياسية أو أمنية في المنطقة سيمتد تأثيرها الى الخطط الاقتصادية والتنموية. إلا أن صناع القرار العربي ربما أدركوا أهمية تجاوز تلك الخلافات وفتح فضاءات أرحب من العلاقات الإيجابية تسودها لغة الحوار والتعاون والتبادل التجاري والاقتصادي والاستفادة من المعطيات الجغرافية في تحقيق التقدم والنماء وفتح صفحة جديدة ومتجددة من العلاقات البناءة والتعاون المثمر والعمل العربي المشترك فظهرت تغيرات في المشهد العربي.
العنوان العربي والإقليمي كان واضحا للعيان رغم وجود ملفات شائكة لكن الإرادات العربية والإقليمية استطاعت تجاوزها وردمها في ظرف وجيز. هذه الإرادات كنا ننشدها منذ زمن بعيد وقد أثقلت كاهل أمتنا العربية والإسلامية. كما كنا نبارز تلك الإرادات العربية ونسدد قبلات الحياة نحو واقع الجسد العربي المتهالك من أجل تحقيق استفاقة عربية فنندب حظنا ونكرر مقولة لا حياة لمن تنادي واستمرأنا جلد الذات!
اليوم استدرك القادة والمسؤولون أهمية الإخوة العربية والإسلامية، وتنبهوا الى التحولات في المشهد الإقليمي والعالمي وأهمية مسايرة تلك التحولات الدولية، وتحقيق استدارة عربية لمعالجة مخاطر التفرقة وتحقيق الوحدة والتوافق العربي والتعاون الاقليمي وبناء المشروع العربي المتكئ على العمل العربي المشترك وتحقيق وحدة الموقف العربي والتضامن.
كل تلك المفردات لا تمنحنا الحق بالتمادي في التفاؤل لكن نستطيع القول إن هناك رغبة عربية في استكناه المستقبل والانعتاق من واقع التراجع والتشرذم للتخلص من هيمنة القوى التي سعت الى نشر بذور التفرقة والصدام بين أبناء الأمة الواحدة من أجل تحقيق مشاريعها وأجندتها ومآربها الشيطانية التي جثمت على صدورنا طوال عقود.
القضية الفلسطينية تأتي في صدارة القضايا العربية التي تتطلب جهدا عربيا جماعيا يتركز على مساندة المقاومة وإعادة الدعم العربي لها
اليوم نظن أن العرب تعلموا الدرس واستشعروا حاجتهم الى بعضهم البعض للبناء والتنمية وكف شبح التدخلات الخبيثة في شؤون الجغرافيا العربية والإقليمية لذا جاءت قمتا العرب مع أعظم قوتين في العالم لتؤطرا علاقات عربية دولية معززة بالتعاون في ظل الاحترام المتبادل ومشروعية السيادة الوطنية فهبط التفاؤل بعدها تكرارا على العواصم العربية فتصدرت قرارات عربية عناوين العالم منها الخفض النفطي العالمي الأول والثاني، واستقلال القرار العربي في مجلس حقوق الإنسان، والتلميح الى إمكانية التعامل بالعملات المحلية في رسالة واضحة الى أن استقلال الإرادة والسيادة يحكم المشهد العربي لذا جاءت المملكة العربية السعودية على صدارة المشهد العربي في استضافة عدد من القمم السياسية الاقتصادية والأمنية التنموية فكان لافتا أن اتفاق بكين له ما بعده لرتق تشققات المشهد العربي في ساحات متعددة بدءا باليمن وليس انتهاء بسوريا ولبنان .
هناك ملفات ثقيلة تفرض نفسها على الساحة العربية تستوجب العمل الدؤوب وبجسارة لتحقيق النجاح والتقدم في الحالة العربية وعدم الاكتفاء بتذويب جليد الخلافات فقط، فعودة سوريا، على سبيل المثال، تتطلب جهدا عربيا جماعيا لتحقيق منافعها التي تبدأ أولا بقرار عربي جماعي لكسر الحصار الجائر وغير الشرعي على سوريا. وكما عادت دمشق بالإجماع فليكن استمرار الجسور الجوية والبرية والبحرية اليها استكمالا لتلك الإرادة العربية التي قالت أهلا وسهلا بسوريا في البيت العربي. وهنا ينبغي الإسهام الدبلوماسي العربي بالدعوة الى انسحاب القوات المحتلة للأراضي السورية والمساعدة في إعادة الاعمار تمهيدا لعودة النازحين واللاجئين في جدول زمني محدد.
القضية المحورية الفلسطينية تأتي في صدارة القضايا العربية التي تتطلب جهدا عربيا جماعيا يتركز على مساندة المقاومة وإعادة الدعم العربي لها كما كان قبل عقود سابقة. كما أن هناك حالات عربية يتطلب وضعها على جدول أعمال الرئاسة الدورية للجامعة العربية منها الصراع في السودان وإنهاء الأزمة في اليمن ومساعدة اليمنيين في تحقيق السلام والاستقرار والتنمية. وهناك ملفات تتعلق بالعمل العربي المشترك مثل السوق الاقتصادية العربية وتكوين تكتل عربي موحد في المنظمات الدولية، وملفات الاستثمار والاقتصاد ودعم الدول العربية التي تعاني من ظروف اقتصادية صعبة.
كل تلك التطلعات ليست أمنيات وأحلاما بقدر ما هي خطوط هامة لمشروع قومي عربي يتطلع إليه أبناء الامة العربية أساسه العمل العربي المشترك وجوهره التوافق والإجماع العربي تحكمه الإرادة العربية التي يجب تعزيزها بالوحدة والقرارات الشجاعة لملامسة كل جوانب الحياة العربية مع أهمية التصدي لأي محاولات خارجية مغرضة تحاول التسلل لإفشال أي موقف عربي إقليمي إيجابي، وبلا شك كل ذلك يكفل ترسيخ قواعد عربية صلبة تبرز المشهد العربي لعقود مقبلة