- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
دبلوماسية الموارد: ما أبعاد السياسة اليابانية تجاه منطقة الشرق الأوسط؟
دبلوماسية الموارد: ما أبعاد السياسة اليابانية تجاه منطقة الشرق الأوسط؟
- 20 يوليو 2023, 7:19:52 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مع استحواذ أخبار الحرب بين روسيا وأوكرانيا على عناوين الأنباء الدولية على مدار الأشهر الماضية، لم تَعُد الصراعات الاستراتيجية الأخرى في المناطق النائية والمُهمَّشة تحظى بالزخم نفسه. ومن هذه المناطق إقليم الهندوباسيفيك، الذي تعاني دوله من تحديات وضغوطات هائلة نتيجة طبيعة المنطقة.أجرى رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا زيارة إلى منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة من 16 إلى 18 يوليو الجاري، وهي الزيارة الثانية له إلى المنطقة منذ توليه رئاسة الوزراء، بعد زيارة مصر في أبريل الماضي. وقد شملت الجولة التوجه إلى السعودية والإمارات وقطر، كما سبقتها العديد من الزيارات إلى مجموعة من دول المنطقة عندما كان وزيراً للخارجية، بهدف تعزيز العلاقات معها. وتهدف هذه الزيارة الأخيرة إلى تعميق التعاون مع الدول الثلاث المنتجة للنفط والغاز؛ حيث تسعى اليابان إلى تأمين إمدادات مستقرة من الطاقة في المستقبل، وسط حالة الغموض التي تكتنف سوق الطاقة العالمية بسبب الحرب الروسية–الأوكرانية، بجانب مجموعة من العوامل الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، يجدد كيشيدا تأكيد أهمية تعزيز نظام دولي حر ومفتوح قائم على سيادة القانون والحفاظ عليه، مع الأخذ في الحسبان، على الأرجح، كل من روسيا والصين.
وتجدر الإشارة إلى أن منطقة الشرق الأوسط تُعَد ذات أهمية استراتيجية بالنسبة إلى اليابان وشركائها التجاريين في آسيا؛ بسبب اعتمادها الطويل الأمد في مجال الطاقة على الخليج العربي؛ لتوفير إمدادات النفط الاحتياطية للدول المجاورة؛ إذ لا تزال السعودية والكويت وقطر أكبر موردي النفط لليابان، بنسبة تقدر بنحو 90% من إمداداتها من النفط الخام، كما توفر الإمارات وقطر وسلطنة عمان ربع حصة إمدادات الغاز الطبيعي لليابان. وتتوقع وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية أن يستمر النفط والغاز الطبيعي في تشكيل نحو نصف الطاقة الأولية لليابان في عام 2030، ومن ثم ستظل العلاقات مع الشرق الأوسط هي الأهم لأمن الطاقة في اليابان.
أبعاد النشاط
نظراً إلى أهمية دول منطقة الشرق الأوسط بالنسبة إلى اليابان، مضت الأخيرة بقوة نحو تعزيز علاقات الصداقة والتعاون معها، ويمكن إيجاز أبرز أبعاد التحركات اليابانية في المنطقة على النحو التالي:
1– تكثيف التعاون الدبلوماسي: وفقاً لوزارة الخارجية اليابانية، كان هناك ما مجموعه 567 زيارة قام بها مسؤولون يابانيون إلى منطقة الشرق الأوسط منذ عام 2010، ويشمل ذلك زيارات رؤساء الوزراء ووزراء الخارجية وغيرهم من كبار المسؤولين. وكانت الدول الأكثر زيارةً في الشرق الأوسط من قِبل المسؤولين اليابانيين هي السعودية والإمارات ومصر؛ نظراً إلى ما تتمتع به الدول الثلاث من ثقل إقليمي واستراتيجي يحقق الأهداف اليابانية بالمنطقة. هذا النشاط الدبلوماسي يعكس الاهتمام الياباني بالحفاظ على علاقات مستقرة مع دول المنطقة على النحو الذي يخدم مصالح طوكيو.
2– الارتكاز على العلاقات الاقتصادية: تتمتع اليابان والشرق الأوسط بعلاقات اقتصادية متنامية لأكثر من عقود؛ إذ تعد الأولى من أكبر الشركاء التجاريين للمنطقة؛ فقد بلغ حجم التجارة الثنائية 145 مليار دولار في عام 2022؛ حيث تُصدِّر اليابان مجموعة واسعة من السلع إلى الشرق الأوسط، بما في ذلك الآلات والإلكترونيات والسيارات، بينما تُصدِّر المنطقة النفط والغاز الطبيعي والمواد الخام الأخرى إلى اليابان. بجانب ذلك، تستثمر كبرى الشركات اليابانية بكثافة في الشرق الأوسط، وتحديداً خلال السنوات الأخيرة؛ وذلك في مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك النفط والغاز والبنية التحتية والتصنيع.
3– تبني نهج سياسي متوازن إزاء قضايا المنطقة: مما لا شك فيه أن الأزمات التي تتعرض لها المنطقة، تؤثر سلباً على المصالح اليابانية فيها؛ لذلك عادةً ما تحاول أن تلعب دوراً بنَّاءً تُحاوِل من خلاله إيجاد حلول لها، وخاصةً القضية الفلسطينية والبرنامج النووي الإيراني؛ إذ طالما كانت اليابان مؤيداً ثابتاً لخطة العمل الشاملة المشتركة التي وُقِّعت عام 2015، ودعت جميع الأطراف في الاتفاقية إلى العودة إلى الامتثال الكامل لها، وتشعر اليابان بالقلق أيضاً بشأن برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، وتتخوف من عدم التزام إيران بالاستخدام السلمي لبرنامجها النووي؛ لذا نفَّذت قرارات مجلس الأمن التي فرضت عقوبات على طهران بسبب برامجها النووية والصاروخية الباليستية.
أما بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، فإن اليابان تُعَد داعماً قوياً لحل الدولتين؛ إذ تعتقد أن الطريقة الوحيدة لتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط هي إنشاء دولتين مستقلتين، وذواتي سيادة: فلسطين وإسرائيل. وفي عام 2017، قامت اليابان باستضافة مؤتمر سلام في طوكيو بهدف إحياء المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما تحرص على تقديم المساعدات المالية للفلسطينيين، سواء في شكل مساعدات تنموية أو مساعدات إنسانية.
4– مساعي المشاركة في الترتيبات الأمنية بالمنطقة: بالرغم من اعتماد اليابان بصورة رئيسية على الأدوات السياسية والاقتصادية في تطوير علاقاتها مع دول الشرق الأوسط، فقد ظهرت ثمَّة محاولات في السنوات الأخيرة من قِبل طوكيو من أجل الانخراط في الترتيبات الأمنية بالمنطقة؛ فعلى سبيل المثال، أرسلت اليابان، في فبراير 2020، سفينة حربية لحماية السفن التجارية وناقلات النفط بخليج عمان، وحينها أشارت حكومة رئيس الوزراء الراحل “شينزو آبي” إلى أنها مستعدة للموافقة على استخدام القوة لحماية السفن المُعرَّضة للخطر.
وحتى على مستوى العلاقات الدفاعية، سعت طوكيو إلى تطوير علاقاتها ببعض دول المنطقة. ولعل النموذج الأبرز على ذلك، الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي السابق “بيني جانتس” إلى طوكيو، في أغسطس 2022؛ حيث التقى وزير الدفاع الياباني “ياسوكازو هامادا”. وتضمنت الزيارة التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن التعاون الدفاعي. وأشار وزير الدفاع الإسرائيلي إلى أن “المذكرة ستُمكِّن من توسيع التبادلات الدفاعية والاستراتيجية والعسكرية بين تل أبيب وطوكيو”.
دوافع رئيسية
ثمة دوافع متعددة قد وجهت طوكيو نحو إعطاء مزيد من الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط؛ نظراً إلى ما تتمتَّع به المنطقة من أهمية بالنسبة إلى الاقتصاد الياباني. ويمكن الإشارة إلى أبرز تلك الدوافع فيما يأتي:
1– مواجهة تداعيات الحرب الروسية–الأوكرانية: نظراً إلى الشكوك المحيطة بإمدادات الطاقة، وارتفاع أسعارها العالمية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022، أصبح من الضروري بشكل متزايد بالنسبة إلى اليابان تأمين مشترياتها من النفط الخام والغاز الطبيعي المسال من دول منطقة الشرق الأوسط؛ فوفقاً للمحلل التنفيذي في معهد اقتصاديات الطاقة في اليابان أكيكو يوشيوكا، كانت قطر تقليدياً مورداً مهماً للغاز الطبيعي المسال لليابان، لكن في عام 2021، لم تجدد شركة طاقة يابانية عقدها الطويل الأجل مع البلاد؛ بسبب تقلص طلب اليابان على الطاقة نتيجة انخفاض عدد سكانها، بيد أنه مع اندلاع الأزمة الأوكرانية، بدأت اليابان تواجه صعوبات في تأمين إمدادات الغاز الطبيعي المسال؛ لذلك يأمل “كيشيدا” إعادة بناء علاقات أوثق مع دول الخليج العربي لتأمين إمداداتها من النفط.
لذا يهدف “كيشيدا” – من خلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة – إلى ضمان إمدادات مستقرة من الطاقة لليابان الفقيرة بالموارد من الدول الغنية بالنفط؛ حيث حاولت الدولة الآسيوية منذ فترة طويلة الحفاظ على علاقات ودية مع دول في المنطقة الغنية بالموارد؛ إذ حث الدول العربية على التعاون في استقرار سوق النفط؛ وذلك من خلال رفع مستويات إنتاجها من النفط، باعتبارها خطوة حاسمة للتخفيف من الاضطرابات المحتملة وضمان إمدادات طاقة مستقرة لليابان والمجتمع الدولي.
من جانبه، أوضح بيان نُشر على موقع وزارة الطاقة، نقلاً عن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، أن الرياض لا تزال ملتزمة بتأمين إمدادات النفط لليابان، باعتبارها أكبر مصدر للنفط لها، وتلبي 40% من إجمالي احتياجاتها، بجانب مواصلة التعاون مع طوكيو في مجال الهيدروجين والأمونيا والوقود الكربوني المعاد تدويره.
2– مواكبة التغيرات الجيوستراتيجية بالمنطقة: يمكن القول إن هناك سعياً يابانياً واضحاً من أجل البناء على الفراغ الاستراتيجي الذي خلَّفته واشنطن في المنطقة، لصالح منافسيها الاستراتيجيين: روسيا والصين، وهو الفراغ الذي دفع دول المنطقة إلى تبني سياسات خارجية جديدة تتناسب مع تراجع النفوذ الأمريكي، خاصةً في ظل تعقد الأوضاع الأمنية والاقتصادية. بجانب ذلك، تهدف طوكيو إلى أن تجد لنفسها موطئ قدم بالمنطقة في ضوء ما تشهده من تغيرات جيوستراتيجية، وحالة تهدئة إقليمية على مستويات متعددة.
3– استغلال مكانة اليابان في المنطقة: تسعى طوكيو إلى استغلال نجاح دبلوماسيتها الخارجية الهادئة الطويلة الأمد في بناء الثقة التي باتت تفتقر إليها الولايات المتحدة، بشكل أو بآخر، بين دول المنطقة؛ فعلى الرغم من العلاقات الوثيقة مع الناتو، وكونها حجر الزاوية اللوجستي للحروب الأخرى التي قادتها الولايات المتحدة ،مثل كوريا وفيتنام، لعبت اليابان دوراً محدوداً في احتلال كل من العراق وأفغانستان. ومن ثم، تعد اليابان واحدة من حلفاء الولايات المتحدة القلائل الذين خرجوا من العقود الأخيرة من التدخل في المنطقة ولا تزال سمعتها سليمة هناك؛ حيث يؤكد نهج تعاملها مع الولايات المتحدة أنها وسيط نزيه يتميز عن حلفاء الولايات المتحدة الآخرين.
هذا وتشير زيارة “كيشيدا” الأخيرة إلى استغلال جهود التنويع الاقتصادي في منطقة الخليج التي تركز على التحول التكنولوجي وسلاسل التوريد العالمية، باعتبار أن اليابان لديها خبرة أطول في الاستثمار في التقنيات المتقدمة؛ حيث يعتزم كيشيدا وضع اليابان شريكاً في سياسات التنويع الاقتصادي بمنطقة الخليج، ليبني على إرث رئيس الوزراء السابق شينزو آبي، الذي رفع بشكل كبير دور اليابان الإقليمي باعتبارها شريكاً استراتيجياً في منطقة الشرق الأوسط. وفي المقابل، تسعى دول المنطقة بنشاط إلى إقامة شراكات مع دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية والهند، في إطار حرصها على تنويع علاقاتها الدولية، والسماح بحيز أكبر للحركة على الساحة الدولية.
4– التنافس مع الصين: إن التدهور في العلاقات الأمريكية الإيرانية، وتزايد مخاوف العديد من دول المنطقة بشأن مصداقية واشنطن باعتبارها حليفاً، قد سمح لروسيا والصين بتوسيع نفوذهما في المنطقة، ولا سيما أن نفوذ بكين في الشرق الأوسط آخذ في التصاعد؛ حيث توسطت في استعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، وتشارك بنشاط في قضايا السلام في الشرق الأوسط، وتحديداً القضية الفلسطينية، وهو ما يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه علامة على الأهمية الاستراتيجية الصينية المتزايدة في المنطقة.
وبناءً عليه، تحاول اليابان تمييز نفسها عن الصين في الشرق الأوسط، من خلال توفير الدعم التكنولوجي في المجالات التي تتطلبها الدول الشريكة لها، وتقديم نفسها شريكاً موثوقاً به على المدى الطويل. وفي حين أن نفوذ اليابان قد لا يلقي بظلاله على الصين، فإنه لا يزال بإمكانها أن تلعب دوراً ذا مغزى في دفع التنمية الاقتصادية وتعزيز التعاون في المنطقة.
5– سوق رئيسية للاقتصاد الياباني: أوضح كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني هيروكازو ماتسونو، أن زيارة كيشيدا تهدف إلى مساعدة الشركات اليابانية على توسيع فرص الأعمال في المنطقة، خاصةً أن الشرق الأوسط يعد سوقاً مهمة لتصدير المنتجات اليابانية، التي تقدر بنحو 15 مليار دولار للدول الثلاث، وخاصةً السيارات والآلات اليابانية، وكذلك لتطوير البنية التحتية للشركات اليابانية، التي عملت أيضاً على تعزيز قدرات الموارد البشرية والتعاون الفني في مختلف المجالات.
ولتسهيل حركة التجارة بين الجانبين، أجرى كيشيدا محادثات مع جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، واتفقا على استئناف المحادثات بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين في عام 2024؛ إذ تفرض دول المجلس حالياً تعريفة جمركية بنسبة 5% على الصادرات من اليابان، وهي التعريفة التي تسعى إلى إلغائها بموجب الاتفاقية لتحفيز شحنات السيارات.
6– تعزيز التعاون في مجال الاقتصاد الأخضر: تنخرط اليابان في تطوير تقنيات طاقة أكثر ميلاً إلى الموارد المتجددة؛ لأنها تريد الوصول إلى درجة الحياد الكربوني بحلول عام 2050؛ لذلك عمل “كيشيدا”، خلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة، على الترويج للمعرفة اليابانية أيضاً في المجال ذاته لدول المنطقة، التي لديها أيضاً أهداف خضراء طموحة مماثلة؛ حيث قد حددت الإمارات والسعودية هدفاً للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عامي 2050 و2060 على التوالي؛ لذلك تهتم طوكيو بشكل متزايد بالشرق الأوسط؛ لإمكاناته باعتباره سوقاً لتقنيات الطاقة الخضراء، لا سيما أن المنطقة تمتلك القدرة اللازمة على أن تكون مصدراً رئيسياً للطاقة المتجددة.
بالإضافة إلى ذلك، تأمل اليابان تعزيز التعاون مع دول الخليج في تكنولوجيا الهيدروكربونات وإزالة الكربون، بالنظر إلى وضعها المتقدم في هذه المجالات؛ ففي شهر يونيو 2023، حددت اليابان أنها تُخطِّط لاستثمار نحو 107.5 مليار دولار على مدى السنوات الـ15 المقبلة لتزويد البلاد بالهيدروجين؛ حيث إنها تسرع الجهود لاستخدام الغاز للتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون. وفي هذا الصدد، وقَّعت شركة أبو ظبي لطاقة المستقبل الإماراتية “مصدر”، يوم 17 يوليو الجاري، اتفاقية تعاون مع شركة النفط اليابانية “إنبكس”؛ لبحث إمكانية تأسيس مشروع في أبوظبي لإنتاج وقود الميثان الأخضر باستخدام الهيدروجين الأخضر وغاز ثاني أكسيد الكربون. وبموجب الاتفاقية، ستجري “مصدر” و”إنبكس” دراسة جدوى تركز على كامل سلسلة القيمة، بما يشمل إنتاج الهيدروجين وشراء غاز ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الميثان الأخضر، وتقييم الجدوى التجارية لعمليات إنتاج الميثان في أبو ظبي.
كما شهدت زيارة رئيس الوزراء الياباني إلى السعودية توقيع الدولتين 26 مذكرة تعاون في قطاع الطاقة، مع قيام طوكيو بتزويد الرياض بتقنيات لتوسيع قدراتها في توليد الطاقة الشمسية والابتكارات في استخدام الهيدروجين والأمونيا باعتبارهما من مصادر الوقود النظيفة.
7– الاستفادة من المعادن النادرة بالمنطقة: تسعى اليابان والسعودية إلى توجيه الاستثمارات المشتركة في العناصر الأرضية النادرة؛ حيث يخطط الجانبان لتنويع سلاسل التوريد من المعادن الرئيسية النادرة؛ إذ تسعى طوكيو إلى تقليل اعتمادها على دول مثل الصين للحصول على هذه المعادن. وبموجب اتفاق مُبرَم بين الجانبين، ستستكشف الدولتان مشاريع تنمية الموارد في دولة ثالثة، بهدف تأمين وتنويع مصادر المعادن الرئيسية النادرة، مثل تلك المستخدمة في السيارات الكهربائية؛ لمواكبة تزايد الطلب على المركبات الكهربائية، وسط اندفاع عالمي نحو إزالة الكربون، كما ستساعد اليابان في تسريع تطوير الموارد التي يجري تعدينها بالفعل في السعودية، مثل النحاس والحديد والزنك.
8– المساعدة في إنجاح استضافة (COP28): في ضوء استضافة دولة الإمارات لقمة المناخ للأمم المتحدة (COP28) في وقت لاحق من هذا العام، أوضح بيان مشترك لزعيمي البلدين أنهما ملتزمان بتعزيز التعاون في مجال المناخ وإزالة الكربون والطاقة النظيفة. كما أكد رئيس الوزراء الياباني أن اليابان تأمل العمل بشكل وثيق مع الإمارات من أجل نجاح (COP28)، كما أشار كيشيدا إلى أن “من المهم للغاية تسريع الابتكار، بما في ذلك في مجال إزالة الكربون، نحو وما بعد (COP28)”. ولهذا الغرض، تعتزم اليابان اقتراح “شراكة ابتكار يابانية–إماراتية”.
ختاماً، يمكن القول إن مشاركة اليابان السياسية والاقتصادية النشطة مع الشرق الأوسط، على المستويين الحكومي والخاص، تهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في هذه البلدان. ولكنها في الوقت ذاته، تفتقر اليابان إلى النفوذ السياسي لتكون وسيطاً مؤثراً بين الأطراف المتنازعة في المنطقة، على الرغم من الميزة التاريخية للحياد الذي تتمتع بها في الشرق الأوسط مقارنةً بالدول الأوروبية؛ ولذلك فإن نهج اليابان تجاه أمن الطاقة وتعزيز العلاقات مع دول منطقة الشرق الأوسط، كان يركز وسيركز بشكل أساسي على المجالين الاقتصادي والتكنولوجي، بما في ذلك الالتزام الثابت والطويل الأجل بالتنمية البشرية والاجتماعية.