د. إبراهيم جلال فضلون يكتب: السادة بلطجية

profile
د. إبراهيم جلال فضلون أستاذ العلاقات الدولية
  • clock 22 نوفمبر 2024, 3:32:42 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

"إن لم تكن بوسعك محاربة بلطجي، فالاستسلام هو السبيل الأفضل"، لخص أحداث العلاقة بين الخصمين (ترامب الحاكم والحاكم الافتراضي ماسك)، هكذا عبر جيف بيزوس لعلك لن تُدرج أبداً ضمن أشهر عظماء الصحافيين، لكنك ستعيش لتخوض المعركة في يوم آخر.  

فكما استغنى ماسك عن ألاف الموظفين في تويتر سابقاً (x)، التي يصفها البعض بـ"الفوضوية"- من تقليص شديد في الموظفين، وإعادة هيكلة الشركة، عندما دخل العصفور الأزرق، يحمل حوض مطبخ، ليُكررها بعد ساعاتٍ من تأكيد فوز ترمب، ناشراً صورة مزيفة تظهره داخل المكتب البيضاوي - وهو يحمل حوض مطبخ مجدداً! يدُلُ على إمكانية فقدان عشرات الآلاف من موظفي الحكومة لوظائفهم في عهد دونالد ترمب أي 75% من موظفي الحكومة الفيدرالية، فتجربة ماسك في تقليص موظفي المنصة تمثل نموذجاً يمكن تطبيقه على الحكومة الفيدرالية، وهو ما يراه كثيرون بمثابة "تصريف المستنقع" الحكومي، وهو ما وصفهُ راماسوامي المرشح السابق للرئاسة عن الحزب الجمهوري، بـ "التطور الصحي". وهو ما قد يحدث من خلال إعادة تنفيذ أمر ترمب التنفيذي "الجدول F"، الذي يسحب الحماية الوظيفية عن بعض الموظفين المدنيين.

ماسك، الذي يحذر خبراء من توليه منصبًا رفيعاً، قد يؤدي إلى إضعاف الوكالات التنظيمية الأساسية، مع فوز ترمب... الفرصة مواتية لماسك لتوجيه الإنفاق الفيدرالي، "ماسك" الذي يقود مجموعة من الشركات العالمية الكبرى مثل "سبايس أكس" و"تسلا" و"نورالينك"، ومنصة "أكس"، صار قريباً من علاقات أقوى مع إدارة البيت الأبيض، مما سيستفيد من عقود ضخمة تصل إلى مليارات الدولارات وحوافز ضريبية، بالإضافة إلى اللوائح الفيدرالية التي قد تكون لها تأثيرات إيجابية على أعماله.

بالفعل كما وصفها ترامب: "صدمة" بالنسبة للنظام الحكومي في أمريكا، سعياً لحصد مكاسب "محفوفة بالمخاطر"، ليرد الخطر الأكبر على الأمة الأمريكية، بعيداً عن "داعش" والتنظيمات الإرهابية وغيرهما، في الشرق الأوسط الذي انهار جراء أفاعيل وأباطيل الماسونية وأميركا الأنانية، في ذات رؤسائها، وما مجيء ترامب إلا تمهيداً لديكتاتور آخر كماسك، وكأنه حلقة أو اتخذه ماسك مرحلة أو فيل شطرنج يُحركهُ كما حرك العالم الفضائي بشركاته، ليصل لحُكم البيت الأبيض وأميركا، ولكن الأغرب لأنه ماسك لا يمكن السيطرة عليه فهو لا يُحبُ الأوامر كما اعتادها ترامب، فهل يمكن أن يستجيب ويرضخ لذلك؟ بالفعل الأن فعلها، كونهُ متسلطاً وصولاً للهدف المراد، بل وكأنني أشاهد فيلماً للماسونية، مكوناً من عبارة واحدة فقط على "x"، "وزارة الكفاءة الحكومية"، ليُلحقها بمنشور آخر "تهديد للديمقراطية؟ بالقطع.. لا إنها تهديد للبيروقراطية"، حيثُ يُثير اختياره لتولي قيادة "وكالة الكفاءة الحكومية" الجديدة، جدلًا واسعًا بسبب ما قد يُعتبر تضاربا في المصالح، بيد أن الأخير قرأ الأمر بصورة أفضل حتى، فتحول في لحظة سريالية من أحد المنتقدين المعتدلين لترمب - لمُشجع ظل لرئيس عتيد حرفياً، مُخفياً سعادة طفولية لكونه جزءاً من الحشد الغوغائي، منذ أن حمل حوض مطبخ بيده؟.

لقد نصب ماسك نفسه حكماً لآراء 350 مليون شخص أو أكثر، بعدما قدم ما يقارب 119 مليون دولار دعماً لترمب، واستضافه في مقابلة حصرية عبر منصته "x" للتواصل الاجتماعي، حتي ينتصر بطريقة ما الفضاء الفوضوي الذي خلقه عليه، وكأن جميع وسائل الإعلام الرئيسة تُثير اشمئزاز شبه هوسي ولا فائدة منها مقابل تلك المنصة، بل وجعل كل وسائل الإعلام وصمة عار بأن يتحكم بالأمور أكثر ويُقلب رُقع الشطرنج على هواه، ليكون تهديداً متزايداً بسبب علاقته مع الرئيس الجديد، واتصالاته المثيرة للجدل مع روسيا ونفوذه السياسي والاقتصادي المتنامي من خلال شركاته.

لا شك أنها فكرة سخيفة مبالغ بها، ذكرتنا بأجمل أفلامنا العربية، والفتونة ولكن بطريقة افتراضية، ومع ذلك، هناك أمر مشترك بين شخصيتي ترامب وماسك، كتاجرين الأول عقاري إداري، والآخر تقني إداري كما اقتنص المخرج أرماندو إيانوتشي هذه اللحظة لإطلاق نسخة مسرحية من فيلم الرعب الكوميدي الكلاسيكي "دكتور سترينجلوف" Dr Strangelove الذي يعود إلى فترة الحرب الباردة، لجنرال في القوات الجوية الأميركية مصاب بجنون العظمة، اعتقد أن إضافة مادة الفلورايد إلى إمدادات المياه في الولايات المتحدة هي مؤامرة سوفياتية هدفها تسميم الأمريكيين، فيأمر بقصف موسكو، مما يضع العالم على مسار محرقة نووية.. هكذا سيضعا الحاكمين الجديدين للعالم بشريتنا في الواقع لحرب خفية لا نعلم مداها إلا بالأحداث القادمة.

لكن السؤال المُلح حالياً من سيُسيطر على منْ؟ أو من سيُرود من؟ وهل نصل لحد اغتيال أحدهما بطريقة أو أخرى افساحاً للأخر في الحكم؟.. قد يكون إيلون ماسك آخر الآمال وأفضلها لكوكب الأرض، كما كان لترمب، أو العكس صححيح؟..

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)