- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
د. رافع حلبي يكتب: الواقع العراقي الجديد
د. رافع حلبي يكتب: الواقع العراقي الجديد
- 14 ديسمبر 2022, 5:06:28 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الواقع الجديد السياسي والاجتماعي في الجمهورية العراقية، يشير ويُنبّئ إلى انتهاء الجمود السياسي في الوقت الراهن، وهذا كله بعد عام من الصراعات الضارية، على السلطة في جميع المحافظات وأهم الأمور التي أوشكت على الانتهاء هي الصراعات الداخلية، إن تشكيل حكومة بقيادة المعسكر الموالي لإيران هو ما أسعد القيادة في طهران، بطبيعة الحال، ومع كل هذه النشوة في انتصار مسار الجمهورية الإسلامية إيران، إلا أن الفوضى العارمة في هذا البلد الشيعي المنقسم على نفسه لعدة أقسام لم تنتهي بعد والأحداث مستمرة نحو مستقبل مجهول، لا تعرف نهاياتها لأسباب كثيرة قد نتطرق لبعضها في هذا البحث.
محور الصراع الذي يقسم الشيعة في العراق،
مر المجتمع العراقي في العام المنصرم بكثير من الاضطرابات السياسية التي أدت إلى صراع داخلي قوي جدًا ومميت بين الشيعة في العراق، وأثار نجاح المعسكر الشيعي الموالي لإيران في تشكيل حكومة بدون المنافس الرئيسي لهذا المعسكر، الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، استياء بين الأحزاب والميليشيات الموالية لإيران في العراق، وكذلك في النظام في العاصمة طهران، ومع ذلك كان الطريق إلى تشكيل الحكومة محفوفا بالمخاطر والمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التّي لم يتم حلها حتى الآن، ويستغرق وضع الحلول لهذه المشكلات سنوات طوال، وبطبيعة الحال من المتوقع أن الحكومة الجديدة، فرض واقع جديد ومنظومة نظامية جديدة، للتمكن من حل هذه المشكلات الشائكة العالقة من سنوات ومواجهة هذا الواقع الجديد هي بمثابة تحديًا لهذا الزعيم الذي لديه القدرة على التخطيط والتنفيذ، وتجدد التصعيد في الصراع العراقي الداخلي في كل مكان على أرض العراق.
مر على انتهاء الانتخابات البرلمانية العراقية، أكثر من عام وانتهت ملحمة تشكيل الحكومة في نهاية أكتوبر وبتشكيل الحكومة انتهت أيضًا هذه الحرب السياسية الضارية، والفائز في الانتخابات ما هو إلا، الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وهو ليس جزءًا من هذه الكومة، وفي الانتخابات التي أجريت في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021، بات واضحًا أن الصدر زعيمًا لأكبر حزب في البرلمان العراقي، وبناء عليه، أعلن عن نيته تشكيل حكومة تعتمد على أغلبية برلمانية قد تكون ساحقة، من دون مشاركة فعلية للمعسكر الموالي لإيران، على عكس الحكومات السابقة التي استند فيها تكوين الحكومة إلى اتفاق واسع بين جميع الأطراف، بما في ذلك الأحزاب المقربة من إيران، وإلى حد ما يمكننا القول أنها موالية لإيران، وتلبية أوامر ولاية الفقيه، هذا يشير بشكل مباشر أو غير مباشر، أن إيران تتدخل في كل شاردة وواردة في العراق مهما كان حجمها، وتتابع مخططها الكلي عن طريق الدول التي تفرض سيطرتها التامة عليها وبالقوة، كمثل دولة اليمن وسوريا ولبنان، محاولة جميع المحاولات والخدع السياسية والاجتماعية والدينية مستغلة لأوضاع الناس المزرية ماديًا لمنحهم المال بسخاء، شريطة أن يتلقوا أوامرها وينفذوا مخططاتها ويدعموا أفكارها السوداوية في السيطرة على المناطق هناك، بما في ذلك نشر وتوسيع الإمكانية الدينية الشيعية على ربوع الشرق الأوسط والعالم.
أنصار الصدر يعتصمون في مقر البرلمان، ومحمد الحلبوسي يعلن تعليق جلساته.
التغيير الحاصل في خارطة الوضع السياسي الجديد في العراق، هو الذي أدى في النهاية إلى تشكيل حكومة من قبل أنصار إيران، ومتلقي أوامرها، وهم لم يفوزوا بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان، وهذا الأمر نتيجة لسلسلة من قرارات النظام المتهورة والمتوترة الخاطئة، فبعد عجز الزعيم الصدر عن تشكيل حكومة لعدة أشهر لا تعتمد على دعم الفصائل الشيعية الموالية لإيران، التي تم دمجها على مبدأ العمل معها في: "إطار التنسيق"، أمر سدد له ضربة قاضية غير متوقعة، وهي انسحاب جميع أعضاء فصيله من البرلمان في يونيو/حزيران الأخير، وهذا بحد ذاته فشل ذريع تسبب بشل لفعاليات حكومته ووضعه بمأزق سياسي حرج، وعندها دعا أنصاره إلى الاحتجاج والتظاهر في الشوارع، والاحتجاجات تصاعدت إلى حد المواجهة العنيفة في المجمع الأخضر في بغداد، هذا المجمع يضم المباني الحكومية والقصر الرئاسي، وكان يوم المعركة هذا، في نهاية آب/أغسطس، تتويجًا للمظاهرات والاشتباكات العنيفة، كما ودخل المتظاهرين واعتصموا في مقر البرلمان دون أي ممانعة من قبل الأجهزة الأمنية، مما أجبر رئيس البرلمان السيد محمد الحلبوسي الإعلان عن تعليق جميع الجلسات فيه حتى إشعار آخر، هذه الاشتباكات بين أنصار الصدر والمعسكر الشيعي المنافس، أدت لتبادل إطلاق النار بين عناصر الميليشيات من كلا الجانبين، وفي أقل من 24 ساعة، قتل عشرات الأشخاص، لدرجة أن الصدر أمر أنصاره بمغادرة المجمع الأخضر، وبالتالي إنهاء الحادث، وفي الوقت نفسه، انسحب أعضاء البرلمان من قائمة الزعيم الصدر، وامتلأت المقاعد مكان المنسحبين بأعضاء جدد من الحزب والذين دخلوا للبرلمان وراء المستقيلين من الحزب، وذلك وفقًا لنتائج الانتخابات من مختلف الدوائر الانتخابية، وتولى "إطار التنسيق" مقاليد تشكيل الحكومة، ونجح بذلك.
بطبيعة الحال حدث شلل سياسي وفكري في هذه الحالة والتي تشبه الجمود السياسي، وبعد اتصالات ومشاورات مع قادة الفصائل البرلمانية وخاصة قادة الأحزاب الكردية، الذين انقسموا حول مسألة هوية الرئيس، تم التوصل إلى حل وسط يكون بموجبه السياسي الكردي عبد اللطيف رشيد هو الرئيس المقبل للعراق وتمت الموافقة عليه بتصويت برلماني، وبعد تعيينه مباشرة، وجه الرئيس الجديد بتشكيل الحكومة إلى مرشح "الإطار التنسيقي"، محمد شيا السوداني، وفي محاولة لاسترضاء الزعيم الصدر، الذي طالب، بعد استقالة أعضاء فصيله، بإجراء انتخابات برلمانية جديدة، وفي هذه الأثناء أعلن السوداني أن حكومته ستجري انتخابات عامة في غضون عام، في تصويت أجري بعد بضعة أيام، تمت الموافقة على تشكيلة الحكومة والوزراء التي اقترحها السوداني، وزير الدفاع في الحكومة هو ثابت العباسي، الذي يمثل ائتلافًا من الأحزاب السنية في البرلمان، وبالنسبة لوزير الداخلية، عين السوداني اللواء عبد الأمير الشمري، الذي شغل سابقا منصب نائب قائد العمليات المشتركة لقوات الأمن العراقية، وأعلن السوداني لاحقا أنه سيكون في القيادة المباشرة لجهاز المخابرات الوطني مؤقتًا، بعد أن أطاح برئيس الجهاز الذي عينه سلفه، مصطفى الكاظمي، وهكذا خرج السوداني من حالة الجمود السياسي، والتي هي حالة شاذة في الدول الديمقراطية لأن هذه الحالة مشابهة لحالة سيطرة الأقليات على الأكثرية الساحقة وهذا الأمر بحد ذاته خرق للديمقراطية والأعراف الدولية.
رئيس الوزراء الجديد السيد محمد شياع السوداني، البالغ من العمر 52 عامًا، قد شغل مناصب عُليا في القطاع العام على مدى العقدين الماضيين، بدءًا من الحكم المحلي، ومحافظًا لمحافظة ميسان المتاخمة لإيران، ثم وزيرًا في حكومتي السيد نوري المالكي والسيد حيدر العبادي، وفي مجال العلاقات الخارجية، حث اكتسب تجربة لا يستهان بها من هذه المناصب التي شغلها، وفي هذه المرحلة اتجه نحو استمرارية سياسة المحافظة على العلاقات الدبلوماسية مع مختلف الأطراف والأحزاب البرلمانية وحتى مع المنافسين السياسيين له، وهذه المرحلة مرحلة الدبلوماسية والمهادنة كما انبثق عن محادثات السوداني مع وزير الخارجية الأمريكي وسفيري السعودية وإيران لدى العراق في الأيام التي تلت تنصيبه، وهذا كله من أجل تهدئة الأوضاع في الشارع العراقي، ليعبر العراق من مرحلة الشلل والجمود السياسي والاقتصادي والاجتماعي لمرحلة جديدة ألا وهي مرحلة البناء والتطور والإعمار على جميع الأصعدة، هذا الأمر بحد ذاته موقف حرج جدًا للرئيس السوداني بالرغم من أنه يخدم مصلحة المواطن، لأن المواطن العراقي بات يائسًا متذمرًا متوترًا، من كل شيء، ولا يثق بالرجال السياسيين ولا بأجهزة الدولة جميعها لأن حقوقه مهدورة ولا يأخذ منها أي شيء، وبالرغم من التظاهرات الشعبية في الشوارع لم يحظى المواطن في العراق بحقوقه الشرعية.
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
كما كان متوقعًا، سارع نظام الجمهورية الإسلامية إيران، إلى الترحيب بتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة السيد محمد السوداني، والتّي أرادوا فيها فرض سيطرتهم على العراق بالكامل، ومن المتوقع أن يسعى السوداني إلى استخدام نفوذه في تلك الحكومة لتعزيز أهدافه طويلة الأمد لاستمرار وجوده كرئيسٍ للحكومة حتى بعد الانتخابات القادمة في العراق، على الرغم من نتائج الانتخابات البرلمانية والاختلافات الحادة في الرأي في المعسكر الشيعي، والتجزئة في هذا المعسكر إلا أنه هناك توحيد لصفوف الحزب حول السوداني بتوجيهات صارمة من إيران، وبالرغم من كل التناغم في الآراء بين البلدين إلا أن إيران تواجه قيود كثيرة في وجهها ومشكلات يجب أن تحلها، والحكومة اليوم قدمت دليلًا إضافيًا واضحًا على ثبات هذه القيود التي تواجه إيران، من الجدير بالذكر أن مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني وزعيم الميليشيات الشيعية الموالية لإيران أبو مهدي المهندس في كانون الثاني/يناير 2020 ضربة قاسية لقدرة إيران على تحقيق أهدافها الاستراتيجية في العراق، ومنذ ذلك الحين هناك تصدع في فرض السيطرة الإيرانية كاملة على العراق، وفي حين أن مقتلهم لم يؤدي إلى انسحاب إيران من أهدافها الشاملة العامة في العراق، إلا أنهم طلبوا من الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس بقيادة خليفه إسماعيل قاآني، تكييف مهامهما وخصائص أنشطتهما مع الظروف المتغيرة، كما أن مقتل المهندس أضعف إلى حد ما قدرة إيران على المحافظة على سيطرتها على الميليشيات الشيعية في العراق، بالإضافة إلى ذلك، كان على إيران التعامل مع رئيس الوزراء المنتهية ولايته السيد مصطفى الكاظمي، منذ انتخابه رئيسًا للوزراء، والتحسب لعواقب السياسة غير المرضية للحكومة العراقية والشعب العراقي على حد سواء، لأن الكاظمي وأي رئيس آخر للحكومة لن يوافق على أن يصبح العراق ميدانًا للحرب بين إيران والولايات المتحدة، وبات واضحًا أكثر من كل وقت مضى أن الرئيس الكاظمي، كان مصممًا على منع بلاده من أن تصبح مسرحًا لصدام حربي جسيم بين إيران والولايات المتحدة، والمحافظة على علاقات بلاده مع الإدارة الأمريكية، والحد من نفوذ الميليشيات الشيعية، وخاصة تلك الموالية لإيران، والتّي اعتبرها أنها مليشيات تسعى للسيطرة على العراق ومن شأنها زعزعة استقرار البلاد، وبالنظر إلى تعقيد الساحة السياسية والاجتماعية في العراق في آن واحد، وخاصة الانقسام العميق في المعسكر الشيعي والمشكلات الدموية بين القبائل العراقية، تحاول إيران جاهدة "السير بين قطرات المطر"، مع إظهار البراغماتية والحذر في محاولة للمحافظة على علاقاتها مع الحكومة المركزية في بغداد ومع الميليشيات الشيعية التي تدعمها ولربما ستصبح هذه المليشيات خارجة عن القانون.
عسكري إيراني يحمل رتبة عميد، عُيّن 3 يناير في 2020 قائدًا لفيلق القدس الإيراني خلفًا لقاسم سليماني الذي قُتِل في العراق في غارة جوية أمريكية استهدفت موكبه في محيط مطار بغداد الدولي.
تسبب فشل النظام في الجولة الحالية بصراع داخلي في المعسكر الشيعي، وهنا يقدم دليلًا إضافيًا، على قدرة الميليشيات الموالية لإيران والمدعومة بشدة من طهران لتأمين مصالحها في العراق، وعلى النفوذ الذي يتمتع به النظام الإيراني اليوم في العمليات السياسية والاجتماعية والدينية، حول مراكز صنع القرار في العراق المجاور للسلطة المركزية الإيرانية، هذا على الرغم من الانتقادات العلنية المتزايدة لتحويل هذه الميليشيات إلى مركز قوة منافس للحكومة العراقية المركزية والتدخل الإيراني بشكل عام في جميع مجريات الأمور في العراق، وبالنظر على وجه التحديد إلى التحديات المتصاعدة في الداخل والخارج، وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، الآخذة بالازدياد وصعوبة العيش للشعب، والاحتجاجات الكثيرة المستمرة في الداخل على جميع المحافظات العراقية، والمواجهة الأليمة المستمرة مع الولايات المتحدة في غياب اتفاق نووي، تولي إيران أهمية أكبر لنفوذها في العراق وهي مصممة على المحافظة عليه بمرور الوقت، فإيران من دون العراق لاغ تساوي شيء لأن العراق بات بوابتها الرئيسية للخارج، فباستطاعتها اليوم تمرير الأسلحة والعتاد والذخيرة لقواتها المتواجدة في سوريا ولبنان عن طريق وسط العراق وشمالًا، وقد نشرت في أماكن أرى أن إران احتلت وسط العراق وشمالًا بل معظم الأراضي العراقية خاضعة تحت سيطرتها وباستطاعتها فعل ما تريد على الأراضي العراقية دون ما منازع، كما تقوب بهذا الدور في اليمن على يد الحوثيين، وفي سوريا على يد قواتها من عناصر حزب الله وقسم من جنودها التي أرسلتهم للحرب في سوريا وقوات من الجيش السوري جيش الأسد الموالية لإيران، والصورة مشابهة في لبنان ففرضت سيطرتها التامة على لبنان بالقوة عن طريق عناصر حزب الله، فبات من السهل عندها التحرك السريع في نقل قواتها وعتادهم برًا على ربوع الشرق الأوسط، للمواجهات والحرب والمعارك، ولكن رؤساء العراق حتى الآن لم يسمحوا بإقامة الحرب على أراضيهم، والآن بات الأمر سهلًا على إيران لأن رئيس الحكومة وجميع أعضائها موالون لإيران.
ميليشيات إيران تصعد الأوضاع في العراق بتهديد حياة الكاظمي، ميليشيات ايران في العراق لا يردعها شيء في سبيل تحقيق مصالح طهران.
إن نجاح الحكومة الجديدة في المحافظة على الاستقرار حتى إجراء انتخابات مبكرة، وعلى وجه الخصوص تمرير تعديل قانون الانتخابات وإجرائها في الوقت المحدد، كما وعد السوداني، يعتمد على الاتفاق أو على الأقل، عدم المعارضة الشديدة للحكومة لتنفيذ هذا المخطط، والذي بات الأهم في حيات المواطن العراقي والشارع العراقي الساخن بسبب السيطرة الإيرانية على العراق، من جانب النظام العراقي، هذا الأمر ليس مضمونا على الإطلاق في الوقت الحالي، لأن قاعدة دعمه الشعبية والميليشيا التي يملكها النظام العراقي الحالي تمنحه القوة الفائضة لاستخدامها لتعطيل تحركات الحكومة الجديدة، علاوة على ذلك، حتى بعد أن حسمت المعركة حول هوية رئيس الوزراء لصالح المعسكر الموالي لإيران، لم يتم بعد حل المشاكل السياسية الأساسية التي أدت إلى الانقسام بين الشيعة في العراق، مع التركيز على الفساد الحكومي وتدخل إيران والميليشيات العاملة لدعم السياسة العراقية، ومن المتوقع أن تظل هذه القضايا محور المناقشات والتوترات، ومحور الصراع الذي يقسم الشيعة في العراق ما بين موالي لإيران وموالي للعراق، وربما المزيد من الاشتباكات المسلحة بين القوى الشيعية المتنافسة على السلطة والسيطرة عليها، وهذا كله يصب في مصلحة إيران، لذلك على كل عراقي شهم ويعرف مصلحته ومصلحة بلده أن يكون حذرًا في الانتخابات القادمة، وعليه اختيار الممثلين الأنسب لتشكيل حكومة حرة وغير مسيطر عليها من قبل إيران، وهذه الحكومة يجب عليها أولًا وآخرًا أن تخدم وترعى المصالح العراقية ولا تخدم المصالح الإيرانية، فالشعب العراقي أحوج بكثير لحل مشكلاته وأهمها مشكلة رغيف الخبز من الناحية الاقتصادية، من أن تقام حكومة ذات صبغة إيرانية قلبًا وقالبًا ترعى مصالح إيران في العراق، على حساب أبناء الشعب العراقي الذين يحبون الحياة ولا يريدون أي معركة أو أي حرب على أراضيهم بسبب فكرة السيطرة الإيرانية على العراق بالقوة والسلاح وبسبب فكرة إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية الإيرانية على حساب وكاهل الشعب العراقي والعربي في المنطقة.
تلخيص للأوضاع الراهنة في العراق،
- الشعب العراقي بحاجة ماسة لمن يرعاه بحكومة جريئة تصدر قرارات وتنفذها على الفور كي يرتاح باله من قضايا الفساد العارمة والسرقة، وهو مؤمن أن وجهة الحكومة يجب أن تكون للغر أو تحديدًا لأمريكا.
- المنظومة الأمنية الرسمية معنية بوضع خطط واضحة لتأمين المناطق الأكثر عرضة للهجمات، وهي منظومة لا تحتمل الفساد لأن أرواح الجنود العراقيين والمواطنين العزل من السلاح ستكون الثمن الذي يدفعه الشعب.
- المنظومة السياسية تسير على ما يرام (المنظومة الانتخابية)، فالتجربة خير برهان والشعب العراقي البسيط يخرج للإدلاء بصوته في صناديق الاقتراع مهما يتكبد من عناء في يوم الانتخابات، فهو يعرف أن حريته وديمقراطيته هي الأهم في اختيار من يحكمه على المسار الزمني القريب.
- على الجيش العراقي والقوات غير الموالية لإيران إعادة الانتشار من جديد في كافة المناطق والتسليح الجيد، بمعدات وعتاد متطورة وتنسيق عدد الجنود في المواقع مع المنطقة التي يسيطرون عليها، وللجيش العراقي وخاصة قيادة الجيش خبرة واسعة في الانتشار ووضع خطط عسكرية مناسبة وسرعة الاتصال، وتلقي الاستجابة ما بين الحقل الميداني والقيادة، وهذه العوامل أساسية ليس لحماية الحكومة والشعب ومؤسساته فحسب وإنما لحماية الجيش ذاته أيضًا.
- بعد أن فقد الشعب العراقي الثقة بالقيادة السياسية (رجال السياسة) عاد وشارك بأعداده الكبيرة بالانتخابات، أمر أدى إلى تغير جذري في الخارطة السياسية، إلا أن انسحاب أعضاء البرلمان من كتلة الزعيم مقتضى الصدر، أدت في النهاية لدخول البرلمان أشخاص موالين لإيران مما ساعد في تشكيل الحكومة الجديدة موالية لإيران برئاسة السوداني.
مئاتمنميليشياتإيرانيغادرونسورياإلىالعراق.
- على الجيش العراقي التصدي للمليشيات الإيرانية ومنعها من تنفيذ مآربها في داخل حدود دولة العراق، وخاصة أن إيران تقوم منذ شهور بعملية تمرير مئات مليشيات الجيش التي كانت مرابطة في سورية، لإعادة انتشارها في العراق، لفرض سيطرتها وبسط سلطانها بسهولة تامة على مناطق واسعة في العراق.
- على المواطن العراقي الخروج مرة أخرى لانتخاب شخصيات تناسبه لتحكمه وتدير شؤون الدولة وخاصة الجيش والشرطة والجهاز القضائي وجميع مؤسسات الدولة من دون استثناء، وبهذا العمل قد يجوز منع القوات والمليشيات الإيرانية من العمل وبشكل حر على الأراضي العراقية.
- الأجهزة العراقية مشتّتة ولا تعمل كوحدة طاقم عمل في منظومة إدارية عامة، بتسلسل إداري من قمة الهرم نزولًا إلى آخر الموظفين أو الجنود، ولكن كل جهاز يعمل بمفردة ويكافح بمفرده، وهذه الطريقة في العمل تتسبب بتشقق وخسائر مادية وخسائر في الأرواح جسيمة، وتغيير طريقة العمل من أجهزة منفرة لطواقم عمل مشتركة، هي سر النجاح في هذه المرحلة.
- على المواطن العراقي مراقبة أعمال حكومة السوداني، ومطالبتها بإجراء
الانتخابات في موعدها، كما وعد في إطار التنسيق العام.
- على المواطن الخروج للشوارع والقيام بتظاهرات من أجل نيل حقوقه كاملة، فالحرب الآن في هذه الأوضاع الراهنة هي حرب رغيف الخبز، فإيران تسيطر على معظم المرافئ الحيوية في البلاد وتمتس خيرات البلاد، بالرغم من قدوم الآلاف من سكانها إلى العراق للعمل، فوجودهم في العراق لا يفيد العراقيين لأنهم أتوا للعمل هناك وطلب الرزق، في حين أن السكان الأصليين لا يجدون أماكن عمل والبطالة في ازدياد.
- الرئيس السوداني في موقف لا يحسد عليه لأنه شكل حكومة موالية لإيران، وعليه أن يخرج وبسرعة البرق، من هذا المأزق لمرحلة انتخابات قبل وقوع حرب أهلية عراقية، تحرق الأخضر واليابس من جديد، والسبب والمتسبب بها هي نشاطات المليشيات الإيرانية على الأراضي العراقية.
- العراق للعراقيين فقط، والمواطن العراقي ذاق الأمرين في العقد الأخير، مما تسبب له بالأضرار على جميع الأصعدة، لذلك المواطن العراقي ضاق صدرًا ولم يتقبل أي ضرر ولن يحتمل استمرار الأوضاع السيئة وخاصة قضية غلاء المعيشة وعدم رفع الأجور والحالة المادية المزرية لديه.
مركز تجنيد لميليشيات إيران في دير الزور.
تابعت إيران فتح مراكز تجنيد جديدة لصفوف ميلشياتها، حيث افتتحت مراكز تجنيد في منطقة إدلب وحلب وعلى الحدود العراقية السورية، واستطاعت في هذه المراكز تجنيد مئات الآلاف من الشباب السوريين، الذين ضاقت بهم سبل الحياة المادية وتدريبهم سريعًا، وإرسالهم للجبهات التي تحارب عليهم إيران، هذا وأدى تجنيد الأشخاص إلى زيادة نفوذها على المناطق في كل من البلدين سوريا والعراق.
من كل مكان نحن نتمنى الخير للجميع أفرادًا ومجتمعاتًا ودولًا في منطقتنا، منطقة الشرق الأوسط، فبموجب الأمثال العربية: "إذا كان جارك بخير فأنت بألف خير"، وعليه علينا جميعًا نبذ العنف وشجبه في كل المستويات ومحاربته محاولة التخلص منه ومن الإرهاب الذي يضربنا ويضرنا على طريق جلد الذات وفي كل مكان، حيث بات وللأسف الشديد، العنف والإرهاب جزء من حياتنا اليومية.