- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
د. لبيب جار الله المختار يكتب: أما من حاكم رشيد يمزق الصحيفة؟
د. لبيب جار الله المختار يكتب: أما من حاكم رشيد يمزق الصحيفة؟
- 17 يناير 2024, 10:15:00 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الصحيفة:
بعد ما بدأت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم تنتشر وتقوى وتسلب قريش أحلافها وأنصارها وأصبح الإسلام يهدد وجود سلطة قريش وطغيانها، اجتمع سادة قريش في دار الندوة وكتبوا وثيقة نصّت على الالتزام بألا يزوجوا أحدًا من نسائهم لبني هاشم، وألا يتزوجوا منهم، وألا يشتروا منهم شيئًا وألا يبيعونهم شيئًا، مهما كان نوعه، وألا يجتمعوا معهم على أمر من الأمور، وأن يكونوا يدًا واحدة ضد محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه.
فكانت هذه الوثيقة سبباً في إخراج بني هاشم إلى شعاب الجبال ومحاصرتهم ومنع الطعام والشراب عنهم، وهو أسلوب يلجأ إليه الأعداء -قديما وحديثا، فمات منهم عدد من الأطفال والنساء والشيوخ جوعاً ومرضاً، ولم يكترث لمصابهم أحد كرهاً أو خوفاً وذلك لشدة وقسوة سادة الصحيفة وعلى رأسهم أبو جهل (عمرو بن هشام).
حتى ظهر نفر من (كفار) مكة دفعتهم حميتهم العربية والإنسانية وكرههم للظلم وعلى رأسهم زهير بن أبي أمية، منادياً وسط مكة برفضه لما يحدث لبني هاشم من ظلم وجور مطالباً بتمزيق الصحيفة بالقوة رغم معارضته من سادة قريش والمنتفعين منها، وسلت السيوف وكادت أن تقوم حرب إلا أن الظالمين انسحبوا خوفاً مما سيحدث وتبين بعدها أن الصحيفة قد مزقت بإذن الله من (الأرضة) وزال ظلمهم إلا كلمة "بـاسمك اللهم" كانت أعلى الصحيفة.
عبر تاريخ العرب الطويل قبل الإسلام، كانوا يرفضون الظلم أن يستمر سواء على فرد أو جماعة لما في كينونتهم من مروءة وشجاعة ونقاء سريره ترفض الظلم، وكانوا يخشون أن يذكرون بسوء لسكوتهم عن الظلم، حتى اشتهر فيما بينهم (حتى لا تقول العرب)، وقد كانت هذه الخشية في الزعماء قبل العوام، حتى وصلنا في الأثر عشرات بل مئات المواقف التي يقف فيها زعماء وسادات لظلم قد وقع حتى لو كان على عدوهم، وقد عزز الإسلام ما عند العرب من مكارم أخلاق ومنها الوقوف ضد الظلم، ذكرت في آيات كريمة أو أحاديث نبوية شريفة.
القضية أسمى من المهاترات
لا دخل للشعب العربي والإسلامي بالمهاترات التي تحدث في السياسة على القضية الفلسطينية والتي ترمى بها الكرة على هذا الفريق أو ذاك، فنحن أمام قتل بلا رحمة وقصف بلا هوادة لجزء من أمتنا يسكن أرضاً هي قطعة من جغرافيتنا وفيها أولى القبلتين وثالث الحرمين، وذنبه الوحيد أنه يريد الحفاظ على أرضه بالدفاع عنها بكل ما يملك وهو يعلم أن هذه البقعة هي محط أنظار الغرب منذ الحملات الصليبية في أواخر القرن الحادي عشر حتى الثلث الأخير من القرن الثالث عشر (1096 - 1291).
وتلاها بعد ذلك الامبراطور الفرنسي نابليون بونابرت ومخططاته في أواخر القرن الثامن عشر لجعل اليهود يسكنون في فلسطين، ثم تبعه البريطانيين عبر تحالفاتهم في أواسط القرن التاسع عشر في مخططهم لفصل المصريين عن بلاد الشام والأناضول بعد توسعات محمد علي باشا بإنشاء كيان عازل بين العرب وهي فلسطين وقد تكلل باحتلالها عام 1917 من قبل البريطانيين حتى انتهت بإعلان دولة (إسرائيل)عام 1948.
وعبر هذا التاريخ الطويل فان الشعب الفلسطيني لم يدخر جهداً في الدفاع عن قضيته سواء بطريقة منظمة أو عفوية، يسانده في ذلك أبناء جلدته الصادقون ولا يخفى عليهم المتسلقون والمنتفعون الذين لا ذكر لهم في تاريخ القضية رغم مسيرته الطويلة.
من يفعلها؟
نحن الآن بحاجة إلى زعيم مسلم عربي أو عجمي يمزق صحيفة بني يهود التي أقروها مع أعوانهم لتهجير أهل غزة من ديارهم وعلقوها في كل مكان، ويصبح زهير هذا العصر وتحركه مرؤته أو إنسانيته أو عروبته أو إسلامه.
ألا يكفيكم الآلاف الذين قتلوا إلى الآن وقد تجاوز العدد أربع وعشرين ألفاً؟ ألا تسمعون صراخ النساء والأطفال الذي وصل أقصى المشرق وأقصى المغرب؟ ألا تخافون (أن تقول العرب) كما أخافت من كان قبلكم؟ فإن وامعتصماه قيلت من امرأة حركت لأجلها الجيوش وسارت آلاف الأميال.
كل هذا ونحن لا نريد منكم إلا أن تمزقوا الصحيفة وتوقفوا ما تمادى به يهود حتى لو بالطرق الدبلوماسية وهي أضعف الإيمان بمنظور القوة الحالية لدينا، فكلنا يعلم أن بني يهود توقفهم وترعبهم كلمة زعيم صادقة ثابتة وتجبرهم على إيقاف الحرب، وكذلك هناك الكثير من وسائل الضغط التي يمكن استخدامها، فقد طال زمن الهوان علينا وكثرت سطور الصحيفة ومظالمها ولا زهير في الأفق.