- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
د.لبيب جار الله المختار يكتب: نبوءة تتحقق في خذلان غزة
د.لبيب جار الله المختار يكتب: نبوءة تتحقق في خذلان غزة
- 19 فبراير 2024, 1:51:02 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في حرب غزة الأخيرة، والتي ما زالت مستعرة ضد الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين، ظهر الكثير من المواقف التي تعد ولا تحصى، فيها ما يرفع الهامات إلى السماء فخرا وعزا، وفيها ما يجعل الرأس يطأطئ استحياء وخجلا.
وإن ما يرفع الرأس من المواقف كثر وجلها في أهل فلسطين ومقاومتهم وصبرهم، فقد علموا الإنسانية درسا في كل معاني الإنسانية، ومما يجعل الرأس يطأطئ وينحني مواقف أيضا كثيرة وكلها من خارج فلسطين، وأولها وأعظمها الخذلان الذي صاحب الحرب من الأمة جمعاء نحو القضية الفلسطينية برمتها، حتى رأينا حديث رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- وكأنه يصف حالنا الآن تجاه غزة.
والحديث هو ما رواه ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "توشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل يا رسول الله: وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت" رواه أحمد وأبو داود واللفظ له، وقال الهيثمي في المجمع إسناد أحمد جيد. والله أعلم.
نحن الآن كغثاء السيل
ربما يقول قائل إن في هذا الكلام تثبيط وإحباط للهمة والعزيمة التي هي أكثر ما تحتاجه الأمة في وقتنا هذا، لكن الأمر حقيقة واقعة لا مناص منها فالقول ليس كالفعل والأمر ما نراه لا ما نسمعه، فالأمة اليوم تتجاوز المليار والنصف في تعدادها وهي مغلوبة على أمرها مذعنة لعدوها صاغرة، وهي تعلم أن الأرض فتحت من الصين شرقا إلى الأندلس غربا بعشر العشر من هذا العدد من سرايا هذه الأمة، وكأن الذلة والهوان نزلت علينا وليس على بني يهود يظهر لرائي حال الأمة في وقتنا هذا (حاشا لله)، فمنذ متى استطاع بني يهود رفع السلاح في وجوهنا عبر تاريخنا الطويل، ومنذ متى سكنوا أرضا دون تصريح منا وتحت حمايتنا، فلا نامت أعين الجبناء.
جزيرة غزة
أثبتت حرب غزة أن سايكس بيكو نجحت نجاحا فاق فكر صانعيها، إذ إنهم فكروا بتقسيم المنطقة سياسيا فقط ولم يخطر ببالهم أنها ستنقسم روحيا وعقائديا واجتماعيا.
إذ أننا نرى الآن وكأن غزة جزيرة بعيدة عن اليابسة لا تحاذيها مدن أو دول أخرى ولا يمكن الوصول إليها إلا بسفن تمخر عباب البحر لأيام، رغم أنها ترتبط مع أكبر دولة عربية ارتباطا يفصله بوابة من عدة أمتار أغلقت لأسباب مجهولة، كانت هي المنفذ الوحيد الذي تعتاش منه هذه الجزيرة.
وهي الآن تعتاش على الفتات من الطعام الذي يدخل اليها من طرق اخرى ليسد رمق من بقي منهم، فيا ترى لماذا أغلق هذا المنفذ؟ اما دول الطوق الاخرى فغزة جزيرة ايضا بالنسبة لهم، وقد اثبتت الشعارات الرنانة التي كانت تطلق من بعض الحكام الذين يدعون دفاعهم عن القضية بأنها حبر على ورق قرأت في محفل ما لأمر ما ويمكن تصنيفها على انها (مبالغة شعرية) في احسن الاحوال.
كلهم خذلوا غزة
نحن الآن في اليوم 135 لبدء الحرب على غزة وقد ذكر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة إحصائيات مرعبة عن ضحايا العدوان الصهيوني على القطاع.
وأكد المكتب في بيان له الأحد الماضي 11-2-2024 أن جيش الاحتلال الصهيوني ارتكب نحو 2438 مجزرة ضد المواطنين الفلسطينيين في غزة، مشيرا إلى أن عدد الشهداء والمفقودين بلغ نحو 35176 منذ السابع من شهر تشرين الأول الماضي، وأوضح البيان أن عدد الشهداء الذين وصلوا إلى المستشفيات بلغ نحو 2817، بينهم 12300 شهيد من الأطفال، و8400 من النساء، و340 شهيدا من الطواقم الطبية، و46 من الدفاع المدني، و124 من الصحفيين.
وأشار البيان إلى أن هناك نحو 7000 مفقود 70 % منهم من الأطفال والنساء، و67784 مصابا، و11000 جريح بحاجة للسفر للعلاج، مؤكدا أن نحو 10000 مريض سرطان يواجهون خطر الموت، و700000 مصاب بالأمراض المعدية نتيجة النزوح، و8000 حالة عدوى التهابات الكبد الوبائي الفيروسي بسبب النزوح، بالإضافة إلى 60000 سيدة حامل معرضة للخطر لعدم توفر الرعاية الصحية.
ولفت البيان إلى أن هناك نحو 350000 مريض مزمن معرضون للخطر بسبب عدم إدخال الأدوية، و 99 حالة اعتقال من الكوادر الصحية. وكل هذه الارقام تحت انظار ومسامع الجميع، وما زال الاحتلال الصهيوني ينفث سمومه، ويتوعد بالمزيد، واولي الامر لاحول ولا قوة، وحتى منظمة المؤتمر الاسلامي والجامعة العربية فقد نفذت صلاحيتهم ولم يجرء احد منهم على فعل ما فعلت دولة جنوب افريقيا برفع دعوى ضد ما يفعله الصهاينة من أبادة جماعية في اهل غزة.
بدأ العدو الصهيوني يقصف بعنف مدينة رفح وبالقرب من الحدود المصرية تمهيدا لاجتياحها وبتحد كبير لمصر وهو على يقين تام بإن الردود ستكون دبلوماسية خجولة كما هي عند بدأ الاجتياح على غزة، وسيقتحم العدو الصهيوني رفح وبقسوة اكبر وتدمير اكثر لانهم مطمئنين أكثر من اهل البلاد الحقيقيين: وسيذكرون الأثر القائل أكلت يوم أكل الثور الابيض.