- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
د. ناجي شكري الظاظا يكتب: نتنياهو والتحديات الذاتية لحكومة "الصهيونية الدينية"
د. ناجي شكري الظاظا يكتب: نتنياهو والتحديات الذاتية لحكومة "الصهيونية الدينية"
- 31 يناير 2023, 12:25:06 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ما لن تعالجه زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وبالتوازي مع التداعيات الداخلية لسلوك حكومة نتنياهو الجديدة وما تمثله من تهديدات وتحديات ذاتية تمس بنية النظام السياسي والاجتماعي في "إسرائيل"؛ فإن السلوك المتطرف لشركائه في الائتلاف الحكومي سيجعل التوتر الحزبي والتخبط الحكومي هو الصفة السائدة في الأسابيع والشهور القادمة. فوزراء تيار "الصهيونية الدينية" التي يتزعمها الإرهابيان "بتسلئيل سموتريتش" و "إيتمار بن غفير" لديهم برامج ومشاريع من الزمن القديم للصهيونية التي سبقت إعلان الدولة عام 1948م.
ومن المهم إدراك أن الطبيعة المتطرفة لشركائه في الحكومة لا تخفى على نتنياهو، لكنه مضطر للتماهي مع متطلبات بقاء الحكومة صامدة طيلة فترتها القانونية (أربع سنوات) أي حتى نوفمبر 2026م، وذلك سيتطلب موافقته على تمرير كثير من تلك المشاريع الاستيطانية والقرارات العقابية للفلسطينيين في الضفة والقدس والداخل المحتل. وقد شهدت جلسة الكابينت "المجلس الوزاري المصغر" السبت 28 يناير 2023م نقاشاً حاداً وخلافات واسعة حول إجراءات حكومة الاحتلال لمواجهة تصاعد المقاومة في الضفة والقدس، حيث طالب بن غفير وسموتريتش بفرض مزيد من العقوبات على قطاع غزة، الأمر الذي رفضه نتنياهو! لكنه وافق على عدد من إجراءات العقاب الجماعي لعوائل منفذي العمليات تشمل سحب الجنسيات وإغلاق منازلهم، بالإضافة إلى قرارات تنفيذية شاملة تقضي بهدم عشرات البيوت الفلسطينية في مدينة القدس وأحيائها.
وقد كشف تقرير للجيش الإسرائيلي عن عدد من نقاط الضعف التي تعاني منها مستوطنات الضفة الغربية، والتي تتمثل في ضعف منظومة الحماية والحراسة التي تعتمد على شركات أمنية خاصة، حيث تم تسريح عدد من الحراس لضعف كفاءتهم في استخدام السلاح والمهارات الدفاعية. ويأتي ذلك بالتزامن مع زيادة عدد وزراء الحكومة الإسرائيلية الذين يسكنون في تلك المستوطنات، وهو ما يفرض مزيداً من الحماية لمنع تهديد المقاومة الفلسطينية الذي أصاب عدد من مستوطنات الضفة، وحقق نجاحات واضحة في الأشهر الأخيرة.
ولعل ما فرض على الجيش تلك المراجعة هو نجاح ثلاث عمليات فلسطينية متتالية في مستوطنات الضفة الغربية هي:
1. “أريئيل” في المنطقة الصناعية نوفمبر 2022م والتي نفذها البطل محمد صوف (19 عاماً) وأدت إلى مقتل 3 مستوطنين، وهي تقع بالقرب من رام الله وسط الضفة الغربية.
2. ومستوطنة "كريات أربع" في أكتوبر2022م وأدت إلى مقتل مستوطن، وتقع بالقرب من مدينة الخليل جنوبي الضفة.
3. ومستوطنة “بيت إيل” في أكتوبر 2022م بالقرب من البيرة-رام الله وسط الضفة الغربية.
ومن أبرز الوزراء الذين يسكنون في مستوطنات الضفة، هم الأكثر تطرفاً في الحكومة ويقفوا خلف معظم القرارات الإرهابية، ويتولون مناصب تمس الحياة اليومية للشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية والداخل المحتل، ومنهم بتسلئيل سموتريتش "وزير المالية ووزير ثان في الجيش" يسكن في مستوطنة كدوميم شمالي الضفة، وإيتمار بن غفير "وزير الأمن القومي" يسكن في مستوطنة كريات أربع شرقي الخليل.
وعلى ذلك فإن الحكومة الإسرائيلية الآن أمام اختبار كبير من حيث القدرة على فهم معادلات الصراع التي تتجاوز التهديد والإرهاب. ومعلوم أن الإرهاب الصهيوني يؤمن بأن ما لا يأتي بالضغط يأتي بمزيد من الضغط، وهذا سيدفعهم دائماً لمزيد من الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني، وهو ما سيقابله الفلسطينيون بالصمود والمقاومة، فليس أمام الشعب الفلسطيني سوى مقاومة الاحتلال، حتى وإن بقي وحيداً على المستوى الفردي والجماعي.
ومما يجب قراءته بشكل عميق أن نجاح العمل المقاوم وتصاعده هو الكفيل في إفشال كل المشاريع والبرامج الصهوينية، ومما لا شك فيه بأن عمليتي القدس الأخيرتين في سلوان جنوبي الاقصى و"نافيه يعقوب" شرقي القدس، قد فرضتنا على الحكومة الإسرائيلية قرارات ستمس بالحياة المدنية في المدن المختلطة وكذلك الأحياء ذات الأغلبية اليهودية وخاصة في مدينة القدس، من قبيل زيادة تراخيص حمل السلاح، ورفع مستوى الحساسية تجاه أي سلوك قد يفسر بأنه "فلسطيني"، بالتوازي مع تصاعد المعارضة في الشارع الإسرائيلي ضد سلوك حكومة نتنياهو في فرض قوانين تمس الحياة العلمانية والمدنية للمجتمع الإسرائيلي، وهذا بالتأكيد سيزيد من الصراع الداخلي على الهوية، ودور حكومة نتنياهو في تدمير أسس الحكم في إسرائيل ومستقبلها.