- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
د. ناظم الربيعي يكتب: وزير الداخلية عبد الأمير الشمري وزيرا وإنسانا
د. ناظم الربيعي يكتب: وزير الداخلية عبد الأمير الشمري وزيرا وإنسانا
- 25 مارس 2024, 2:22:22 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لم أكن من المادحين أو المطبلين طوال حياتي المهنية في بلاط صاحبة الجلالة التي امتدت لأكثر من أربعين عامًا.
لكن أمام الشخصيات المتفردة بعطائها والشامخة والكبيرة في عملها، لا بل في كل شيء خلقًا وأخلاقًا، أقف أمامها بكل احترام، مشيرا لمثل هذه القامات والرجال بما تستحقه، نتيجةً لعطائها الثري والكبير ولأنها كبيرة في همتها شديدة في إصدار الأوامر وتنفيذها، وإنسانية في ذات الوقت في تعاملها مع معيتها والمواطنين بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وأعني بذلك وزيرا عراقيا من طراز خاص، تسنم مسؤولية وزارة الداخلية في أصعب الظروف، هذه الوزارة التي كانت تضج وتعج بالتناقضات في الرؤى واختلاف المسؤوليات والمناصب داخلها -نتيجة المحاصصة- قبل تسنمه قيادتها.
لكنه -حال تسنمه المسؤلية فيها- أخذ على عاتقه، وفي أولى أولويات عمله توحيد عمل الوزراة ومسؤولياتها وفق نهج واحد تحت إمرته حصرياً، لا لشيء وإنما ليكون عمل الوزارة في خدمة الوطن والمواطن أولاً وأخيراً، وهذا ما حصل فعلا.
كان -ولا يزال- يتعامل تعاملا فريداً من نوعه في كل المناصب والقيادات التي تسنمها، وزيرا وقائدا وأبا حنونا وأخا كريماً مع ضباطه ومنتسبيه والمواطنين في ذات الوقت.
يكرم المبدع والمتفوق في عمله ويعاقب المسيئ، يعمل مواصلا الليل بالنهار لتذليل الصعاب في وزارة عملها يشمل كل محافظات ومدن العراق، محاولا إيجاد الحلول للمشاكل والمعوقات المتراكمة داخل الوزارة في عهد الوزراء السابقين، أولها مشكلة جرحى وضحايا الإرهاب من الضباط والمنتسبين.
عالجها بحكمة القائد وحنان الأب من خلال إرسال مرضاهم وجرحاهم إلى أرقى المستشفيات العالمية للعلاج خارج العراق على نفقة الوزارة، من واردات صندوق شهداء الشرطة وواردات مديرية الجنسية والجوازات وأموال الغرامات المفروضة على الشركات الأمنية، ليتلقوا العلاج في أرقى المستشفيات العالمية مع تخصيص راتب للمعين الطبي المتفرغ للجرحى من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتعاقد مع إحدى الشركات الألمانية الرصينة لتصنيع وتركيب الأطراف الصناعية للجرحى في ألمانيا، هاشا باشا، سمح المحيا في استقبالهم، مستمعاً جيداً لمشاكلهم، معطيًا أوامره لحلها بالسرعة وباللحظة والتو، لا يظلم أحدا منهم.
وثاني تلك المشاكل التي كانت شبه مستعصية هي عملية استلام الوزارة للملف الأمني بكل مفاصله لمحافظات بابل، والنجف، والديوانية، والمثنى وواسط. واضعا نصب عينه تطوير هذا الملف بزيادة تلك المسؤلية الأمنية منتصف هذا العام من قبل وزارة الداخلية لمراكز المدن المحررة في الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك.
سبق ذلك عمل متميز ونادر هو إلغاء قيادات العمليات في سامراء وسومر في ذي قار، واستلام المسؤلية الأمنية من قبل أبطال وزارة الداخلية.
لم يغفل التفكير بأمن الشريط الحدودي مع دول الجوار، من خلال وضع الكتل الكونكريتية المعززة بالكاميرات الحرارية عن طريق الصب الموقعي، بنقل معامل صب تلك الكتل إلى المواقع الحدودية موفرا مبالغ نقلها وصبها إلى النصف، وبذلك وفر ملايين الدولارات لخزينة الدولة.. يحدث ذلك لأول مرة في عهده، فلا عجب.
فهو أحد صناع النصر الكبير الذي تحقق على فلول داعش، وهو من الرجال الذين صنعوا تاريخًا عسكريا ووطنيًا ببطولاتهم الفذة، فجعلوا قمة المجد تنحني لهم خجلة أمامهم، وقلم التاريخ سجل ويسجل بطولاته بمداد من ذهب في كل المناصب العسكرية التي تقلدها قبل أن يصبح وزيرا للداخلية.
وهب نفسه ووقته من أجل الوطن والمواطن فعمل جاهداً من أجل أن تكون وزارة الداخلية قريبة من المواطن، فبدأ بجولات تفتيشية ليلية لمراكز الشرطة في عموم بغداد وبقية المحافظات، متفقدا سير إنجاز الدعاوى فيها وكيفية معالجة المعوقات والمشاكل التي تواجه المواطنين في تلك المراكز.
أصدر أوامره ببناء 48 مركزا للشرطة و100 مركز للدفاع المدني في عموم العراق في عام 2023 ، تعمل وفق الأتمتة الإلكترونية أسوة ببقية مراكز الشرطة.
عمل بجد واجتهاد من أجل إنهاء ما يعرف بالدگة العشائرية، ونجح فيها بشكل لافت للنظر، فانخفضت تلك الجرائم بنسبة %80.
عمل جاهداً بمحاربة آفة العصر التي تهدم قيم المجمتع وتفتك بعقول الشباب والمراهقين، وهي آفة المخدرات، فحارب بلا هوادة تجارها ومروجيها ومتعاطيها. وفي ذات الوقت عمل مع وزارة الصحة على إنشاء المصحات الطبية القسرية لمعالجة متعاطيها وأرسل جميع المرشدين الدينين في الوزراة إليها لإلقاء المحاضرات الدينية عليهم.
أصدر أوامره بالتعاون مع وزارة العمل والشؤون والاجتماعية لإصدار البطاقات الموحدة للمشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية، وفعلا فقد أصدرت دائرة الجنسية والأحوال المدنية أكثر من 2000 بطاقة موحدة خلال أسبوعين فقط لهم.
مهما بلغت حروفي من قوة وبلاغة فقد لا أوفيه حقه، فهي لا تضاهي عمله المتواصل ليل نهار.
وهنا لا أريد مدحه أو تلميع صورته، فهو أشهر من نار على علم، فقد كان بين ضباطه وجنوده عندما كان قائدا عسكريا يشار له بالبنان عندما كان قائدا لعمليات بغداد والمفتش العام لوزارة الدفاع ومن ثم نائب لقيادة العمليات المشتركة يتقدم صفوف مقاتليه شجاعا لا يهاب الموت كان واحدا منهم، كان أسدًا شجاعا استحضر بطولات العراقيين الضاربة في جذور الزمن الممتدة لآلاف السنين ممتطيا صهوة المجد غير مكترث بما يصدر من أفواه الملأ من عسل أو سم أو من ورد أو رماد.
كان وصوله إلى منصب وزير الداخلية استحقاق طبيعي له وتقديرا لتضحياته. حاطته رعاية الله ولطفه في كل منصب تسنمه لإنسانيته العالية والكبيرة، كان ولازال قوي الهمة والإرداة مسدد الخطى.
إنه فارس وقائد من الطراز الأول، لم يغضه التهريج أو التشويه ومحاولات السوء -لكن الحقيقة لن تحجب بغربال- مؤديا واجبا وطنيا كبيرا لا يقل أهمية عن دوره البطولي في ساحات المعارك، فمهمة قيادة وزارة الداخلية هي مهمة عسكرية ووطنية بامتياز لا يستطيع حملها إلا الرجال الرجال أمثاله.
لم يرتق سلم المجد من فراغ، إنما لتفاعله مع قضايا شعبه وتضحياته صادقا مع نفسه وربه يؤدي دورا وطنيا كبيرا. لقد شهد له القاصي والداني وشكل أنموذجا فريدا في قيادة الوزارة كي تبقى في خدمة الوطن والمواطن وأمنه أينما كان لتبقى لها مكان الريادة المتميز، فراح يرسم خارطة عمل جديدة لهذه الوزارة الأمنية والخدمية بحكمة الفيلسوف ورؤية الوزير القائد.
إنه وزير من طراز خاص جعل كل همه خدمة الوطن والمواطن، هذه شهادتي للتاريخ بحقه كونه وزيرا ميدانيا شجاعا وإنسانا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فالتاريخ لم يغادر شاردة أو واردة إلا أحصاها، فنعم الوزير الفذ هو، وبارك الله به، وبكل جهد خيير يخدم العراق والعراقيين.