- ℃ 11 تركيا
- 22 نوفمبر 2024
رؤية للعلاقات الأمريكية الخليجية 2040.. تكامل دفاعي ضد إيران
رؤية للعلاقات الأمريكية الخليجية 2040.. تكامل دفاعي ضد إيران
- 16 فبراير 2023, 10:18:55 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
"رغم ما شهده العام الماضي من صخب في العلاقة بين الولايات المتحدة وشركائها الأمنيين الرئيسيين بالخليج (..) فإن هذه الظروف قد تكون مناسبة لتحقيق هدف طويل الأمد، يتمثل في تصميم نظام دفاعات خليجية متكاملة، تحمي مصالح الأمن القومي المشتركة على أساس مستدام"..
هكذا قدم "وليام ويشسلر"، كبير مديري مركز "رفيق الحريري" وبرامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، رؤيته لمستقبل العلاقات الأمريكية الخليجية حتى عام 2040، في تحليل نشره موقع "ناشونال إنترست" وترجمه "الخليج الجديد".
وذكر "ويشسلر" أن "القادة بحاجة إلى إدراك ضرورة الاستفادة من الفرصة"، في إشارة إلى ما تواجهه دول الخليج من تهديدات أمنية مشتركة، وإمكانية توظيف ذلك في تصميم نظام دفاعات متكاملة، بالاشتراك مع الولايات المتحدة.
وأوضح: "خلال مثل هذه الفترات، من المهم أن نتذكر مصالح الأمن القومي التي طالما ربطت الولايات المتحدة والخليج. هذه المصالح الأساسية لم تتغير، والسؤال الأساسي المطروح أمام صانعي السياسات هو ما إذا كانت السياسات المختارة تعمل على تأمين تلك المصالح أم تقوضها؟".
وأكد "ويشسلر" على أن "لأمريكا مصلحة حيوية في ضمان عدم امتلاك أي خصم إقليمي القدرة والإرادة لمهاجمة الولايات المتحدة أو الأمريكيين في الخارج أو الشركاء الأمنيين الرئيسيين"، مشيرا إلى أن هذه المصلحة ضمن المصالح الأساسية التي تربط واشنطن بدول الخليج.
وأضاف: "هذا يقود جهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب في المنطقة وردع الخصوم عن البحث عن أسلحة الدمار الشامل واستخدام القدرات العسكرية المزعزعة للاستقرار"، مشيرا إلى أن النظام الإيراني هو الخصم الذي يمثل تهديدا لهذه الجهود، فهو "الراعي الأبرز للإرهاب في العالم، وهو الوحيد الذي يمنح أسلحة دقيقة ومتطورة إلى جهات فاعلة غير حكومية ويوجهها لاستهداف المدنيين عبر الحدود" بحد تعبيره.
وللولايات المتحدة أيضًا مصلحة حيوية في السعر العالمي للنفط، تتمثل في اعتبارات أمنية، تتعلق بمركزية النفط لعمل الجيش الأمريكي، واقتصادية، تتعلق بتأثير أسعار النفط على النمو والتضخم، وجيوسياسية، تتعلق بوجود شركاء في أماكن أخرى يعتمدون على النفط من الخليج، وسياسية، تتعلق بتأثير أسعار الغاز في الداخل والخارج.
ورغم خطاب الحملة الانتخابية حول "استقلال الطاقة" الأمريكي، فإن الرؤساء الأمريكيين في كلا الحزبين (الديمقراطي والجمهوري)، يكتشفون، بمجرد توليهم المنصب، أنه يجب عليهم الاهتمام الشديد بأسعار النفط، خاصة عندما ترتفع أو تنخفض أكثر من اللازم.
وهنا يشير "ويشسلر" إلى حقائق ثابتة في هذا الصدد، وهي أن أسعار سوق النفط لا تزال مدفوعة بشكل كبير بالإجراءات المتخذة في دول الخليج، خاصة من قبل المملكة العربية السعودية. ومن غير المرجح أن يتغير هذا الواقع ماديًا لعقود قادمة، حتى في ظل أكثر سيناريوهات انتقال الطاقة تفاؤلاً.
وإزاء ذلك، قررت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة أن حماية التدفق الحر للنفط من الخليج إلى المواقع التي يحددها طلب السوق من شأنه أن يحمي مصالحها الحيوية على أفضل وجه.
وتمثل إيران التهديد الأساسي لهذه المصلحة اليوم، إذ استخدمت القوة العسكرية ضد منشآت إنتاج الطاقة والسفن التي تحمل النفط من الخليج.
وبينما تظل المصالح الأمنية بين الولايات المتحدة ودول الخليج ثابتة، فإن التهديدات التي تتعرض لها ووسائل حمايتها تتغير بمرور الوقت، وبالتالي تحتاج سياسات الولايات المتحدة ودول الخليج إلى التحول، استجابةً لهذه التهديدات المتطورة، حسبما يرى "ويشسلر".
وأشار إلى أن "التغيير الأكثر أهمية في تقييم التهديد الإقليمي هو تطوير إيران محليًا لأسلحة دقيقة عالية القدرة يمكن استخدامها لضرب الأهداف على مسافة كبيرة بدقة بالغة"، وهو ما سمح لطهران بضرب البنية التحتية للطاقة السعودية في عام 2019 وسمح لوكيلها (الحوثي) بقتل الأبرياء في مطار أبوظبي عام 2022.
ولما كانت دول الخليج تتجه نحو بناء قدراتها العسكرية الخاصة، بعدما كانت الولايات المتحدة هي المنوطة بتوفير مجمل القوات العسكرية اللازمة لحماية التدفق الحر للطاقة من دول المنطقة، فإن هذه الدول ستكون قادرة بشكل أكبر، خلال السنوات المقبلة، على تقاسم هذا العبء.
ونظرًا لطبيعة أنظمة الأسلحة الجديدة، بدأ شركاء الولايات المتحدة بالخليج في إدراك ضرورة إطلاق تدابير دفاعية مشتركة، وهي التدابير التي طالما حالت المنافسات بين دول الخليج دونها.
لكن دول الخليج اليوم تعترف، على نحو متزايد، بأن كلا منها منفردة لا تستطيع تأمين مجالها الجوي ومصالحها البحرية.
وهنا يشير "ويشسلر" إلى أن توسع العلاقات بين دول الخليج وإسرائيل في أعقاب "اتفاقات إبراهيم" يقود فرصًا جديدة للتعاون الأمني داخل منطقة الخليج وخارجها.
وبالنظر إلى هذه الديناميكيات، فإن الباب بات مفتوحا أخيرًا لبناء نظام دفاع جوي وصاروخي متعدد الأطراف ومتكامل، وهو ما أدرك المخططون العسكريون الأمريكيون أهميته منذ فترة طويلة.
ويؤكد "ويشسلر" أن خطوات عملية أولية مشجعة بدأت في هذا الاتجاه، و"على أعلى المستويات"، و"لكن ما زال الطريق طويلاً للغاية قبل أن تقترب الرحلة من الاكتمال"، حسب تعبيره.
وأشار إلى أن الأسطول الخامس الأمريكي أطلق فرقة العمل 59 لدمج الأنظمة العسكرية غير المأهولة (المسيرة) في المنطقة منذ أكثر من عام، وأن محادثات سرية جرت، في مارس/آذار الماضي، بين قادة عسكريين من إسرائيل والولايات المتحدة ودول عربية رئيسية.
لا يُقال الكثير علنًا عن ذلك، لكن قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال "مايكل كوريلا"، أشار إلى أن "هذا الموضوع يمثل أولوية"، فيما حدد نائب قائد الأسطول الخامس، الأدميرال "براد كوبر" هدفًا يتمثل في وجود 100 سفينة مسيرة في الخليج بحلول الصيف، خُمسها فقط أمريكي.
غير أن إيران أصدرت تهديدات علنية بـ"رد حاسم على أقرب الأهداف وأكثرها سهولة" إذا وافقت دول الخليج على "اتفاقية دفاع مشتركة مع الولايات المتحدة مع الولايات المتحدة وإسرائيل".
وبطبيعة الحال، فإن مثل هذه التهديدات هي بالضبط السبب الذي يدفع الولايات المتحدة وشركائها إلى بناء نظام دفاعات متكاملة، وسيتطلب التعامل معها قرارات سياسية أساسية، حسبما يراه "ويشسلر"، على رأسها إعلان الولايات المتحدة التزاما بمستقبل تظل فيه مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بأمن الخليج.
وتعرقل موازنات السياسة الداخلية الأمريكية هكذا مسار، إذ تجعل القيام بذلك أمرًا صعبًا في أعقاب حرب غير مرضية في العراق، وحرب فاشلة في أفغانستان، والصدى الدائم لمقتل "جمال خاشقجي" على علاقة واشنطن بالرياض.
وما لم يتم عكس هذه الديناميكيات، فإنها تهدد في النهاية بتحويل توقعات المنطقة بالانسحاب الأمريكي من شؤونها إلى نبوءة تحقق ذاتها، وهو ما يراه "ويشسلر" غير مفيد للمصالح الأمريكية، التي "لا يمكن حمايتها إذا هدد الرؤساء الأمريكيون بتحويل شركاء الولايات المتحدة إلى منبوذين أو تساءلوا علنا عما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة حماية التدفق الحر للطاقة"، حسب تعبيره.