-
℃ 11 تركيا
-
22 أبريل 2025
رباب سعيد تكتب: الدول النامية ونظرية اللحاق.. تقارب أم استهلاك بشرى
رباب سعيد تكتب: الدول النامية ونظرية اللحاق.. تقارب أم استهلاك بشرى
-
21 أبريل 2025, 1:53:25 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تلعب المتغيرات البيئية دوراً هاماً ومؤثراً على الطرق والمسارات السياسية الاقتصادية للاستحواذ على الأسواق الخارجية (الأجنبية) في البلدان الفقيرة، لتظهر خلال الحرب الباردة، نظرية لا تسمح أبداً بـ "التقارب الاقتصادي"، أو ما يعرف بتأثير "اللحاق بالركب"، لعالم (العبيد) لهم والخاسر في السباق أو بالأحرى العالم الثالث من الدول النامية، التي تسعى جاهدة كغيرها من الاقتصاديات منذ عام 1952 في مقالة صدرت للاقتصادي والسكاني الفرنسي "ألفريد سوفيه"، لتحقيق نمو اقتصادي مستدام بفضل إمكانية تبني التقنيات والأساليب الإنتاجية الحديثة، ستتمكن من تحقيق معدلات نمو أعلى من الدول المتقدمة، وبالتالي، فإن الفارق في مستوى الدخل بين هذه الدول سيضيق تدريجياً مع مرور الزمن ...
منذ ثورة 1989 الفرنسية، تراجع الوصف للدول التي ما بين الفقر والرخاء، ليكون الدور لقانون "العائد المُتناقص" كقانون ريكاردوس من تقلص العوائد، فيشير إلى زيادة الاستثمار في دولة ما أوبعبارة أخرى، كلما زادت استثمارات الدولة، قلّت الزيادة الناتجة عن الاستثمار الإضافي ونتيجة لذلك، تكون فرص تحقيق عوائد مرتفعة على الاستثمارات في الدول النامية أعلى مقارنة بالدول المتقدمة.
فقد تشير الاقتصادات المتقدمة، رغم نموها بمعدل أبطأ، أنها تتمتع باستقرار أكبر مقارنة بالاقتصادات النامية، فوفقًا لأحدث بيانات البنك الدولي، بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي في الدول عالية الدخل 2.8% في عام 2022، بينما سجل 3.6% في الدول متوسطة الدخل، و3.4% في الدول منخفضة الدخل، فدول الخليج على الرغم مما تشهده من تقدم وتطور، فهي مدرجة ضمن هذا العالم النامي، وبالتالي تعمل دول العالمين الأول والثاني على حرمان هذا العالم الثالث من أسرار العلم والتكنولوجيا، حتى لا تتطور أو ترتقي بذاتها، وتبقى دولاً مستهلكة ومستوردة، فيما تبقى الدول المتقدمة مصنعة ومصدرة.
قد تتمكن البلدان النامية من تحقيق نمو اقتصادي متسارع مستفيدة مما يُعرف بـ "ميزة المتحرك الثاني"، حيث تتيح هذه الميزة تبني التقنيات والأساليب الإنتاجية والسياسات الناجحة التي أثبتت جدواها في الدول المتقدمة، دون الحاجة إلى إعادة اختراع العجلة، وهو ما جعل دول الخليج العربي أمام فرصة ذهبية حقيقية، باستغلال جزءًا من دخل النفط، وأحداث ثورة علمية قادتها رؤية 2030 بالسعودية وأشقائها بالمنطقة أضافة لرؤية مصر القوية والتي أذهلت العالم، بفضل الوصول إلى المعرفة التكنولوجية العالمية، يمكن لهذه البلدان تسريع وتيرة نموها الاقتصادي الرغم من إمكانية تحقيق الدول النامية لمعدلات نمو اقتصادي تفوق نظيراتها المتقدمة، إلا أن شحّ الموارد المالية قد يُعيق مسيرتها نحو اللحاق بركب التقدم الاقتصادي العالمي وقد برزت في الماضي دول نامية استطاعت، بفضل إدارة حكيمة لمواردها المالية وجذب استثمارات كبيرة، أن تحقق قفزات نوعية في إنتاجيتها الاقتصادية ولكن مع الأسف، لم تتحول هذه التجارب الناجحة إلى نموذج عام تتبعه جميع الدول النامية من الأهمية بمكان بناء "قدرات مؤسسية" قوية في الدول الساعية للاستفادة من ظاهرة اللحاق بالركب تتضمن هذه القدرات قدرة المؤسسات على استيعاب أحدث التقنيات، وجذب الاستثمارات الخارجية، والمشاركة الفاعلة في الاقتصاد العالمي إلا أن تقييد انتشار التكنولوجيا أو ارتفاع تكلفتها بشكل مفرط يعيق تحقيق هذه الأهداف تلعب سياسات التجارة المفتوحة، لا سيما على الصعيد الدولي، دورًا محوريًا في دفع عجلة النمو الاقتصادي.
وتؤكد دراسة استقصائية موسعة أجراها الاقتصاديان جيفري ساكس وأندرو وارنر على هذه الحقيقة، حيث أظهرت ارتباطًا وثيقًا بين تبني السياسات الاقتصادية القائمة على التجارة الحرة والانفتاح وبين تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة.
فمن خلال تحليل بيانات 111 دولة على مدى فترة امتدت من عام 1970 إلى عام 1989، توصل الباحثان إلى أن الدول المتقدمة حققت متوسط نمو للفرد الواحد بلغ 2.3% سنويًا، بينما بلغ هذا المعدل 4.5% في الدول النامية التي تبنت سياسات تجارية مفتوحة وعلى النقيض من ذلك، لم تتجاوز نسبة النمو في الدول النامية التي اتبعت سياسات حمائية واقتصادية مغلقة 2% سنويًا تواجه مسيرة اللحاق بتحدٍ جوهري آخر يتمثل في أن دخل الفرد لا يرتبط بالناتج المحلي الإجمالي وحسب، بل يتأثر أيضًا بمعدل النمو السكاني فالدول النامية تميل إلى تحقيق معدلات نمو سكانية أعلى من نظيراتها المتقدمة، مما يؤدي إلى انخفاض دخل الفرد مع زيادة عدد السكان تشير بيانات البنك الدولي لعام 2022 إلى أن الدول المتقدمة (أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية) حققت نموًا سكانيًا متوسطًا بلغ 0.3%، بينما بلغ متوسط النمو السكاني في الدول النامية التي صنفتها الأمم المتحدة 2.3% وبالتالي، فإن التقارب الاقتصادي بين الدول غالبًا ما يعتمد على قدرة الدول النامية على الاقتراض أو تبني التقنيات المتقدمة الموجودة في الدول الصناعية
على الرغم من أن نظرية التقارب الاقتصادي تفتح آفاقًا واعدة للدول النامية، إلا أن نجاحها يحتاج حلماً ليس ببعيد، عليه أن يقهر التحديات برؤية شاملة، تبني سياسات اقتصادية استثمارية مستدامة، يمكنها تسريع اللحاق بتلك الدول التي تدعي التقدم ونحنً أساسها.









