- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
ريسبونسابل ستيتكرافت: حرب غزة تولد جيلا جديدا من الراديكاليين
ريسبونسابل ستيتكرافت: حرب غزة تولد جيلا جديدا من الراديكاليين
- 22 ديسمبر 2023, 8:18:56 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بينما تزعم القيادة الإسرائيلية، التي يواصل جيشها شن حربا مدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين أول المنصرم، أن القضاء على حماس سينهي المشاكل الأمنية لدولة الاحتلال، فإن الدلائل على أرض الواقع تشير إلى النقيض من ذلك تماما.
جاء ذلك، وفق تحليل للكاتب برانكو مارسيتش نشره موقع ريسبونسابل ستيتكرافت التابع لمعهد كوينسي للدراسات الإستراتيجية في الولايات المتحدة الأمريكية.
ورجح مارسيتش، أن تولد الحرب الإسرائيلية على غزة جيلا جديدا من الراديكاليين، مستشهدا بتحذير وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن وعدد من المسؤولين الغربيين في هذا الصدد.
وقبل أسابيع، حذر أوستن إسرائيل من مخاطر تجاهل حماية المدنيين في غزة قائلا: في هذا النوع من القتال، يكون السكان المدنيون هم مركز الثقل، وإذا دفعتهم إلى أحضان العدو، فسوف تستبدل النصر التكتيكي بهزيمة استراتيجية".
ورأي الكاتب أن تحذير وزير الدفاع الأمريكي، يجب أن يكون تنبيها قويا لمجموعة كبيرة من المسؤولين والمعلقين الإسرائيليين والغربيين الذين يصرون على أن الخيار العسكري المتمثل في القضاء على حماس هو السبيل الوحيد أمام إسرائيل لضمان أمنها على المدى الطويل، مهما طالت الوقت أو ارتفعت التكلفة.
ويرى أصحاب هذا الرأي أنه إذا سُمح لحماس بالبقاء، فإنها ببساطة ستختار لحظة أخرى في المستقبل للهجوم على دولة الاحتلال، ولن يعرف المواطنون الإسرائيليون السلام أبدًا.
وذكر الكاتب أن وزير الدفاع الأمريكي ليس الوحيد الذي يرى أنه عندما تحارب دولة الإرهاب وتترك ورائها سلسلة من المذابح البشرية في صفوف المدنيين، فإن ذلك يولد غضبا ومرارة ويأسا تغذي المشاعر ذاتها، بأن الحل هو القتال وتكرار الهجمات مرات عديدة.
وعندما سئل تشارلز كيو براون جونيور، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، بشكل مباشر عما إذا كان يخشى أن يؤدي ارتفاع أعداد ضحايا العدوان الإسرائيلي في غزة إلى ظهور عناصر داعمة لحماس في المستقبل، فأجاب بحسم "نعم هذا صحيح بشكل كبير"
وقال رئيس الشاباك السابق يعقوب بيري لصحيفة نيويورك تايمز: "سنقاتل أبناءهم خلال أربع أو خمس سنوات".
وعلى نفس المنوال، قال الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي في مقال بصحيفة هاآرتس العبرية، إن "إسرائيل ترعى الجيل القادم من الكراهية ضدها"، داعيا الإسرائيليين إلى النظر إلى الكراهية التي زرعت في قلوبهم من خلال هجوم واحد هو طوفان الأقصى شنته حركة حماس.
وذكر ليفي أن على الإسرائيليين تأمل ما يمكن أن تفعله مذبحة أسوأ وأطول أمداً بالسكان الفلسطينيين، مستشهدا بما قاله أب فلسطيني عن الأطفال المتضررين من عدوان جيش الاحتلال قائلا "هؤلاء الأطفال لن يسامحوا إسرائيل أبداً.. إنها تولد جيلا أخرا من المقاومة"
وقبل أسابيع، حث وزير الدفاع البريطاني السابق، بن والاس، إسرائيل بأنها بحاجة إلى وقف هذا الأسلوب الهجومي الفظ والعشوائي، وأن تقاتل حماس بأسلوب مختلف.
وشدد بن والاس أن على تل أبيب التعلم من التجربة البريطانية في أيرلندا الشمالية، والتي أثبتت أنه "كما أن الليل يتبع النهار، فإن التاريخ يكشف لنا أن التطرف يعقب القمع"، معقبا "لقد علمتنا الاعتقالات في أيرلندا الشمالية أن الاستجابة غير المتكافئة من قبل الدولة يمكن أن تكون أفضل رقيب تجنيد لمنظمة إرهابية".
وذكر الكاتب أن الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة وحول العالم دعمت بالفعل هذه التحذيرات.
والشهر الماضي، حذر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريس وراي من أن الولايات المتحدة من أن دعمها للحرب الإسرائيل أدى إلى دفع العديد من المنظمات الإرهابية إلى الدعوة لشن هجمات ضد الأمريكيين والغرب، كما "أثار بشكل كبير التهديد بشن هجوم" داخل الولايات المتحدة.
وإضافة لذلك، صدرت تحذيرات وخلاصات استخباراتية من وكالات حكومية أمريكية مختلفة، حذرت من تهديدات موثوقة من قبل مجموعات مثل القاعدة وحزب الله بشأن الدعم الأمريكي للحرب.
وعلى نحو مماثل، دقت وكالات التجسس الألمانية والبريطانية ناقوس الخطر بشأن الحرب، مما قد يؤدي إلى تأجيج التطرف المسلح، مستشهدة بتهديدات محددة صادرة عن الجماعات الجهادية والمتعاطفين معها.
وذكر الكاتب أنه هناك سبب وجيه لتصديق هذه التحذيرات المتوالية، فقد قتل رجل فرنسي شخصا وأصاب اثنين أخرين بسكين ومطرقة في قلب العاصمة باريس، وتبين بعد ذلك أن دوافعه هي اعتقاده أن فرنسا متواطئة مع إسرائيل في حرب غزة ورؤيته للكثير من الفلسطينيين يموتون في فلسطين وأفغانستان.
وبعد يوم من دعوة حزب الله اللبناني إلى "يوم الغضب" رداً على قصف طال مستشفى أهلي في غزة في 17 أكتوبر/تشرين الأول، ألقى شخصان قنابل حارقة على كنيس يهودي في برلين.
ومع اعتبار تونس رائدة لبقية دول المنطقة، فقد أظهر سلسلة من استطلاعات الرأي أن نسبة التونسيين الذين يفضلون المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي قد ارتفعت بشكل كبير في الأسابيع الثلاثة التي تلت هجوم حماس في 7 أكتوبر وبداية الهجوم العسكري الإسرائيلي.
وفي غضون ذلك، تعرضت القوات الأمريكية في العراق وسوريا لـ97 هجوما منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، في حين شن المتمردون الحوثيون الذين يسيطرون على معظم أنحاء اليمن سلسلة من الهجمات الناجحة على السفن التجارية في البحر الأحمر، مما قد يؤدي إلى توجيه الولايات المتحدة ضربات عسكرية محتملة للرد على تلك الهجمات.
ومن ناحية أخرى، كانت الحرب الإسرائيلية على غزة بمثابة نعمة بالنسبة لحماس، على الرغم من الدمار الفظائع التي خلفها القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن شعبية الجماعة ارتفعت في كل من غزة، الضفة الغربية الأكبر حجماً، حيث تعززت مكانتها بفعل الأحداث التي وقعت في الأشهر القليلة الماضية، وارتفع الدعم الشعبي لحماس بأكثر من 30 نقطة.
ومن ناحية أخرى، ضعف موقف القوى الفلسطينية الأكثر اعتدالاً، حيث تفضل أغلبية ساحقة من الفلسطينيين استقالة الرئيس محمود عباس، بينما تفضل أغلبية أصغر تبلغ الثلثين تقريباً حل السلطة الفلسطينية التي يحكمها.
وذكر الكاتب أن هذا النهج يجب أن يؤدي إلى أثارة قدر أكبر من التشكك في مزاعم القيادة الإسرائيلية بأن القضاء على عدد قليل من كبار زعماء حماس وقتل مقاتليها على حساب التسبب في معاناة إنسانية شديدة من شأنه أن ينهي مشاكلها الأمنية.
وفي الواقع، تشير جميع الأدلة بوضوح تام إلى العكس. وهذا يعني أن الحل الحقيقي الوحيد هو التسوية السياسية طويلة الأمد التي يرفضها المسؤولون الإسرائيليون ويفتخر نتنياهو الآن بأنه عرقلها لعقود من الزمن.
وخلص الكاتب أنه بدون التسوية السياسية، فإن إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة قد تنجح فقط في تدمير كيان حماس، ويواجهون نفس المشاكل من مجموعة أو أكثر تحمل اسمًا مختلفًا، ولكن لها نفس المخططات العنيفة.
المصدر | برانكو مارسيتش/ ريسبونسابل ستيتكرافت