- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
سعيد البدري يكتب: تركيا ومساعي الشراكة الصلبة مع العراق
سعيد البدري يكتب: تركيا ومساعي الشراكة الصلبة مع العراق
- 25 أبريل 2024, 11:50:35 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لا شك أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حملت بين طياتها رغبات الجانب التركي الذي يتعامل مع العراق بفوقية مفرطة، حيت سعى أردوغان لجعل العراق في مواجهة مباشرة مع حزب العمال الكردستاني في إطار شراكة صلبة طالب فيها بأن يكون هناك دور لحماية أمن تركيا.
وعلى الرغم من رفض العراق وعدم رغبة أطراف عراقية في الانخراط بهذا الصراع، ووقوف الكثير من الأطراف بالضد من هذه الرؤية، إلى أن أردوغان يصر وبشكل غريب على تبني هذا الطرح المرفوض جملة وتفصيلا.
زيارة أردوغان هذه، والتي جاءت بعد فترة طويلة من الشد والجذب والضغط التركي واستخدام الدولة التركية لسياسة التعطيش تجاه العراق، لإجبار العراقيين على أن يكونوا جزءاً من معادلة تركيا الأمنية، من خلال التصدي لحزب العمال الكردستاني، وهو أمر لا يحبذه الجانب العراقي، ولديه طرح مغاير يتمثل بجعل تركيا شريكا اقتصاديا على أن تصفي بنفسها بعض الملفات الداخلية بعيدا عن الأراضي العراقية.
فمن غير المقبول ولا المعقول الاستمرار بالحلول الأمنية وجعل العراق ساحة مفتوحة لتصفية ملفات داخلية تركية، ولأن الأمر يحتاج لمعالجة سياسية واضحة تركياً، فإن التدخل العسكري العراقي لن يحل الأمر بل سيعقده على جانبي الحدود، سيما وأن وضع حزب العمال في الجغرافية العراقية ليس وليد اللحظة، وهو يمتد لعقود طويلة، ولم يشهد تطورا في ظل سياسة القوة والركل التي تصر تركيا على إتباعها.
وعراقيا أيضا، فإن السبل المتبعة والتي يميل إليها القرار السياسي والأمني فالمعالجة الهشة لهذه الملفات قد تنتج اتفاقية أمنية يكون الكل فيها رابحاً وشريكا أيضا، كما هو الحال بالاتفاقية التي أبرمت ودخلت حيز التنفيذ مع الجانب الإيراني، وذلك ليس كلاما عاطفيا بل رؤية واقعية تفرضها المعالجات الجادة وتقرها ضرورات الوصول لتسوية عادلة.
إذن، العراق لن يكون في مواجهة عسكرية مع حزب العمال. وهو يجد أن الجغرافية التي يتواجد فيها عناصر الحزب صعبة، وأن أي مواجهة عسكرية ستتحول لحرب طويلة غير منتجة، تستنزف قدرات القوات العراقية. كما أن القرار السياسي والأمني العراقي لا يقبل أن يكون طرفا في هكذا معادلة تحاول تركيا أن تفرضها على بغداد، وستركز في جوانب أخرى ضمن سلوك رشيد يضمن المصالح الوطنية والحقوق المشروعة للعراق.
ربما يتفهم -أو لا يتفهم- أردوغان ذلك، لكنه يعلم جيدا أن ابتعاد العراقيين عن ما يراه ويريده أمنيا، لن يمنع بلاده من أن تكون شريكا اقتصاديا، فما يوفره الاقتصاد العراقي والفرص المتاحة، بالأخص ما يمثله طريق التنمية الإستراتيجي، سيكون له أثر كبير في تغيير بوصلة تركيا ويدفعها لمراجعة مواقفها والعمل بشكل آخر أكثر مرونة، لتضمن بذلك انتعاشا اقتصاديا بعد سنوات من الأزمات والإشكاليات التي عصفت بالليرة وأثقلت الاقتصاد التركي، الذي بات يعتمد على المليارات القطرية لمنع تدهور سعر صرفها وهو أمر يحتاج لمعالجة سيمثل العراق فيها طوق النجاة وسيكون حجر الزاوية لتمكين تركيا من فتح بواباتها على الغرب الأوربي.