- ℃ 11 تركيا
- 21 نوفمبر 2024
سعيد البدري يكتب: لماذا يفتح المجرم نتنياهو الجبهات؟
سعيد البدري يكتب: لماذا يفتح المجرم نتنياهو الجبهات؟
- 2 أغسطس 2024, 4:23:11 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سؤال قد يبدو محيرا للكثيرين ومفاده: لماذا يفتح المجرم نتنياهو الجبهات على نفسه وكيانه الغاصب؟ وما هي حساباته من وراء مهاجمة إيران ولبنان وسوريا وبالتزامن مع ذلك يهاجم حلفائه الأمريكيين مواقع الحشد الشعبي في العراق وقبل ذلك هجوم ميناء الحديدة في اليمن؟.
السؤال بحد ذاته منطقي وإجاباته وكذلك حساباته ضمن الأطر التقليدية المعتادة لا تخلو من حماقة ومغامرة، وقد تأتي هذه العمليات المتزامنة بنتائج عكسيا بلحاظ ردود الافعال المتوقعة من هذه الساحات التي تمثل بمجموعها محورا متماسكا يدعى محور المقاومة، نعم هذه العمليات العدوانية الاستفزازية يراد من وراءها امر ما وقرار تنفيذها ينطوي عليه مخاطر جمة يجب بيانها وبيان فهم جمهور المهتمين والمتتبعين لشأن هذه المعركة ونتائجها وتحولاتها، وعليه ينبغي التفصيل وفق التالي:
أولا - الأوضاع في الساحة الصهيونية
حيث تشير المعطيات لحالة الغضب المستعرة في الداخل الصهيوني من عدم قدرة نتنياهو وجنرالات حربه على حسم المعركة على الارض، وتحرير الأسرى الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية، كما مثلت حالة دخول ذويهم على خط المواجهة أمرا ضاغطا سعى نتنياهو لتجاوزه بشتى الطرق ولم يفلح حتى اللحظة في اقناع الرأي العام الصهيوني بأنهم قتلوا بشكل مقصود وانتقامي لاستخدامهم كذريعة لمواصلة الحرب والقول بأنه يحارب فصيلا اسلاميا متطرفا سيما قوله وتكراره لعبارات من قبيل ان حماس تمثل امتدادا لارهاب داعش محاولا وصمها بالارهاب وقد سوقت مقاطع مكذوبة وصور مفبركة لإيهام الرأي العام العالمي بهذه الاكذوبة.
الامر الثالث الضاغط هو هجرة المستوطنين من الجبهة الشمالية وهربهم واندفاعهم للداخل، اضافة لفضائح جرى كشفها ارتبطت بالجنود وحوادث اقتحام المعسكرات وكل ما يترتب على هذا الامر من تبعات بات امرها مقلقا ويهدد الجيش بالتفكك والانهيار، ومع شلل بعض القطاعات الصناعية والسياحية والتجارية وارتفاع حجم المدفوعات فالامور تسير باتجاه التأزيم واطالة امد الحرب يعني المزيد من الخسائر الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وحجة المعارضين لنتياهو المجرم مع تفاصيل اخرى تدفعهم لمهاجمته ورفع اصواتهم بأنهم غير قادرين على دفع اثمان تمسكه بالبقاء في موقعه ..
ثانيا - الأوضاع في الساحة الدولية
لا يخفى على احد ان تأثيرات الدعاية الصهيونية كانت قوية للغاية فأوروبا وأميركا شعوبا وحكومات كانت مصطفة بلا جدال ونقاش مع الكيان ولم يكن الغالبية العظمى يتقبلون نقاشا من اي نوع يشكك بحالة الدولة الديمقراطية المحاطة بالاعداء المارقين (وهذا الوصف المخفف للعرب والمسلمين) وتضرر هذه الدعاية وانكشاف زيفها وهزيمتها وخروج مئات للاف المتظاهرين المناهضين للاجرام الصهيوني في هذه البلدان، وقرار محكمة العدل الدولية بتجريم سلوكيات جيش الاحتلال وممارساته وسياسات الحكومة الصهيونية بحق الفلسطينيين الابرياء العزل في غزة خلال الحرب العدوانية ادى لنمو واقع جديد يشير بوضوح لتضرر دعاية الكيان وانكشاف حقيقته وانقلاب الرأي العام عليه، يضاف الى ذلك موقف روسيا والصين الداعمتين بحسب مصالحهما لاطالة امد الحرب في سلوك براغماتي مبرر ويخدم خط هذه المصالح سيما مع انخراط الامبريكيين وبعض بلدان الناتو وانحيازهم للكيان الغاصب وتشير بعض المعلومات لدعم روسي صيني مستتر لبعض الساحات من خلال تزويد المقاومين ببعض الصواريخ المتطورة عالية الدقة وكل ذلك يعني امكانية تجاوز التحصينات والدفاعات الجوية وضرب السفن الحربية او تلك التي تحاول كسر الحصار البحري من جهة البحر الاحمر وباب المندب مما يؤشر لنوع من التكافؤ والحاق الاذى المؤكد بالصهاينة والاميريكيين وحلفائهم.
ثالثا - الأوضاع في الداخل الأمريكي
وسط حالة الصراع وحمى الانتخابات الاميريكية ومحاولات الدمية بايدن لملمة الاوضاع والتقدم بورقة لانهاء الحرب بشروط صهيونية متوسطة السقف تضمن له تحسين وضعه الانتخابي، وبعد انسحابه تحت وطأة ضغط منافسه ترامب الذي نجح في كسب الرأي العام الاميريكي وبيان عدم قدرته على المنافسة، وهو امر اشعر الديمقراطيين بالفشل وضرورة تغيير الواقع، كل ذلك تزامن مع زيارة المجرم نتنياهو للكونجرس وبالرغم من معارضة بعضهم وهم اقلية صغيرة من السيناتورات لهذه الزيارة لكن ذلك لم يمنع اركان الحزب من معاودة اظهار الدعم ومواصلته حتى النهاية وكل ذلك كما هو معلوم ضمن تأثيرات اللوبي الصهيوني، اما عن الحرج وعدم امكانية اقناع الناخبين من المواطنين الاميريكيين فأن كل ذلك يعطي انطباعا بأن الديمقراطيين وفي ترتيب سلم الاولويات يجنحون للحرب في حالات معينة، و بخلاف ماهو معروف عنهم من استخدامهم اوراقا اخرى كالدفع بالوكلاء وتنفيذ مشاريع فوضوية وتطبيق ستراتيجيات النأي بالنفس وادارة الازمات المفتعلة بشكل غير مباشر ليست كافية لضمان الفوز بتأييد دعم اللوبي الصهيوني في الصراع الانتخابي خصوصا ان موعد الانتخابات مازال فيه متسع لترتيب الاوراق وحشد الحلفاء وترتيب الاوراق قبل خوض السباق الرئاسي، اما بالنسبة للجمهوريين فالسياسة المتبعة واضحة والحماس الذي يبديه ترامب يشير لما هو ابعد من الدعم السياسي والمالي والامني والاستخباري ليصل به الامر للتهديد بضرورة اعادة الاسرى الصهاينة قبل وصوله للبيت الابيض، في كل الاحوال ومع التسليم بأختلاف الاليات الا ان نهج الحزبيين واحد وينتهي بتقديم الدعم للصهاينة وعدم السماح لأي قوة في العالم بالمساس بالكيان المسخ، وحتى مع تصريحات ترامب بأنه سيسعى لانهاء الصراع لكن بأي اتجاه والمؤكد ان اتجاهاته تشير لخوض الحرب مع الصهاينة والدخول للساحة بشكل مباشر مع الاستمرار بجذب المطبعين واجبار الانظمة الكارتونية في المنطقة للانخراط في مسلسل التطبيع ..
رابعا - الأوضاع في محور المقاومة
تبدو معنويات محور المقاومة وانجازاته اكثر من ان تعد، وبالرغم من الحصار والتضييق والحروب النفسية والتصنيفات التي تضع قواه وشخصياته وتسليحه وكل ما يرتبط بساحاته المجاهدة تحت يافطة الارهاب ظلما وعدوانا وتزييفا للواقع، وايضا الملاحقة وصعوبات التنقل والاتصالات الا ان كل ذلك لم يؤثر بمعنويات المقاتلين الابطال فنفذ عمليات بطولية وقاد صفحات ناصعة اثبت فيها علو الكعب وعدالة القضية وفيما يرتبط بسؤالنا يمكننا فهم الوقائع وفق السياق التالي:
1- حقق اسناد محور المقاومة للساحة الفلسطينية الكثير من المكاسب وسمح للمقاومين بالاستمرار في خوض معركتهم ومنع جيش الاحتلال من الاستفراد بهم.
2- كشف هذا المحور زيف نتنياهو وجنرالات حربه بفضح جرائمهم وبيان حجم تطرفهم واستهتارهم وكذب دعايتهم، كما اسقط اهداف هذه الحرب والجدوى من استمرارها.
3- اسقط نظريات التفوق الصهيوني وقدرات جيش الاحتلال على حسم المعارك خلال ايام وساعات كما كان يحدث في تمثيليات حروب تحرير فلسطين المحتلة، كما اكد الفشل الستراتيجي لخطط مجلس الحرب رغم الدعم اللامحدود من قبل قوى وجيوش اوربا واميركا.
4- فرض محور المقاومة حصارا بحريا من جهة الجنوب وكان محكما لدرجة لم تتمكن اميركا وحلفائها من انهائه وهو مستمر وفعال، ما دفع دويلة الامارات والكيان للمسارعة بانشاء قاعدة عسكرية في جزيرة عند مدخل باب المندب لحماية سفن المتجهة. صوب الاراضي المحتلة.
6- تكبد الاقتصاد الصهيوني خسائر فادحة وستستمر خسائره واضرار هذه الحرب طويلا وقد اسهمت بشكل واضح في دفع نتنياهو للاستجداء مما الب شعوب بلدان كثيرة على حكوماتها التي باتت تعاني من ضغوطات وهي اليوم تحاول تحت هذا الضغط لاتخاذ موقف جدي لمراجعة هذا الدعم .
4- هدد محور المقاومة عرش نتنياهو وعرض مستقبله السياسي للانهيار فاساليب هذا المحور غير التقليدية زادت الضغط على معسكره واسهمت باطالة المعركة مع عدم السماح باجتثاث حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية رغم محاولاته الاستعانة بكل ماهو متاح لتلافي هذا المصير الذي بات محتوما.
الخلاصة وإجابة لسؤالنا لماذا يفتح المجرم نتنياهو الجبهات؟
يمكننا القول وفي ظل كل ذلك يثبت أن خيار فتح الجبهات هو الورقة الاخيرة التي يسعى نتنياهو من خلالها لإيهام الداخل والعالم انه قادر على تحقيق النصر فلجأ لعمليات الاغتيال واستفزاز ساحات المقاومة لخوض حرب مفتوحة ومباشرة احد اولى اهدافها اسكات صوت الداخل دفع المعترضين للملاجئ واعادة ضمهم خلفه باعتبار ان الكيان يتعرض لخطر وجودي وهم جزء من هذا الكيان وسيتعرضون للاستهداف وان استمرارهم يعرض حياتهم للخطر، وقد يتيح له فتح الجبهات كرد فعل على ما نفذ من جرائم، ان يرفع صوته والقول بأن الكيان يتعرض لحرب تستهدف وجوده، وينبغي له تبرير جرائمه برمي المسؤولية على الشهداء فيما وصلت اليه الحال، وتصويرهم انهم من وقف وراء تعاظم خطر حماس التي يقول والاميريكيين وحلفائهم بأنهم جماعات ارهابية يحق لكيانه تصفيتهم، ومع هذا الخطر الوجودي فينبغي ان يتدخل العالم لحماية امن الكيان وسيسعى باكرا ليكسب التعاطف وربما مع تأكيد بعض الانباء عن صفقة دعم اللوبي الصهيوني لاحد الفريقين، ستندفع اميركا بقيادة الديمقراطيين لممارسة دور المحارب المدافع عن الديقراطية وحق الصهاينة في الحياة، والتهديد بردع محور المقاومة لدفعه للقبول بصفقة سياسية، توقف الحرب وتمنح نتنياهو النصر الذي يتوق لتأكيده اعلاميا، بالقضاء على قيادات هامة وكبيرة في هذا المحور واعادة الاسرى وارسال قوات اجنبية تحيد مقاتلي حماس، وتعطي الحق لجيش الاحتلال في ممارسة عملياته بحجة ملاحقة الارهابيين دون المدنيين، بالمقابل يضمن الحزب الديمقراطي عدم خوضه حربا طويلة ومن تحت الطاولة كرسيا رئاسيا مكللا بالنصر والفخر وتصفيق حار، وتهنئة من حليف وشريك يمثل روح الصهيونية وقيمها الاجرامية، في النهاية ربما بحث هذا الحليف المهزوم عن النصر الموهوم الكاذب، انساه ان محور المقاومة لن يساوم وسبوجه لهؤلاء الاوغاد ضربة قاصمة، وقد نبه لذلك وهو يقصده ويصر عليه، ولن يتخلى عن وعوده بازالة هذا حليف اميركا المجرم ليخرج الشيطان من المنطقة مدحورا وذلك ليس بالبعيد، فبأس المقاومين شديد وانتقامهم من المجرمين قادم لا محالة وبلا تردد وخشية وذلك ما لاينفع معه حسابات المهزومين.