- ℃ 11 تركيا
- 24 نوفمبر 2024
سلسلة ممیتة: کیف تم تمریر أوامر حماس السریة بالهجوم ﻓﻲ اللحظة الأخیرة؟
سلسلة ممیتة: کیف تم تمریر أوامر حماس السریة بالهجوم ﻓﻲ اللحظة الأخیرة؟
- 8 نوفمبر 2023, 11:38:04 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الخطة التي وضـعتھا حفنة من القادة لم تكن معروفة للرجال الذین سـینفذونھا حتى صـباح الھجمات على إسرائیل قبل شھر.
صـدرت الأوامر الأولى قبل السـاعة الرابعة صـباحا: یجب على أي شـخص كان یحضـر الدورات التدریبیة العادیة ولم یكن یخطط لحضور صلاة الفجر في مساجده المعتادة أن یذھب للصلاة.
وبعد سـاعة، عندما بدأت السـماء تشـرق على غزة وبدأت التجمعات تتفرق، صـدرت تعلیمات جدیدة. كانت ھذه أیضـا واضـحة ومباشـرة وتم تمریرھا بشـكل أسـاسـي عن طریق الكلام الشـفھي: أحضـر أسـلحتك وأي ذخیرة لدیك وقم بتجمیعھا في معالم محددة.
ولكن حتى الآن لم یتم إخبار أحد بما كان على وشك الحدوث.. عملیة طوفان الأقصى، وھي العملیة الأكثر طموحا التي أطلقتھا حماس منذ سـیطرة المنظمة الإسـلامیة المتطرفة على غزة في عام 2007، كانت لا تزال سرا.
تمت صـیاغة الخطة من قبل حفنة من قادة حماس المخضـرمین والمتشـددین، وكانت لا تزال غیر معروفة للرجال الذین كان عنفھم على وشـــك تحطیم أي شـــعور عابر بالھدوء أو التقدم نحو اســـتقرار جدید في الشـرق الأوسـط. ولم یكن الأمر معروفًا أیضـا لأجھزة الجیش والاسـتخبارات الإسـرائیلیة التي تتباھى بھا كثیرا.
كان القرار بتمریر التعلیمات شـــفھیاً إلى الآلاف من مقاتلي حماس المنتشـــرین بین ســـكان غزة البالغ عددھم 2.3 ملیون نســـمة ھو الأحدث في ســـلســـلة من الإجراءات المصـــممة لخداع أحد أقوى أنظمة المراقبة في العالم وإخفاء أي خبر عما قد یحدث عن الجواسیس.
وانتشـرت التعلیمات في جمیع أنحاء غزة بشـكل متسـلسـل، أعطیت أولاً لقادة "الكتائب" المكونة من مائة أو أكثر، ثم لقادة الفصــائل المكونة من 20 أو 30، الذین أخبروا قادة الفرق على رأس العشــرات، الذین مرروا لھم الرســـالة وإلى الأصـــدقاء والجیران والأقارب الذین انضـــموا إلیھم في التدریبات التي تقام مرتین أسبوعیا في عشرات المواقع في القطاع.
فقط عندما تجمع الرجال تم توزیع ذخیرة إضـافیة وأسـلحة أكثر قوة. وقد تعامل العدید منھم مع مثل ھذه الأسـلحة خلال الأشـھر السـابقة وأعادوھا إلى ترسـانة حماس بعد كل درس. وسـرعان ما كانوا یحملون قنابل یدویة وقذائف صاروخیة ورشاشات ثقیلة وبنادق قنص ومتفجرات.
كانت الساعة 6 صباحا. أشرقت الشمس وصدرت الأوامر النھائیة. الآن، تم تدوین ھذه الأمور: كان على الرجال أن یندفعوا عبر الفجوات التي ســـیتم تفجیرھا أو تحطیمھا عبر الســـیاج المحیط بغزة الذي تبلغ تكلفته ملیار دولار، ویھاجمون الجنود والمدنیین الإسرائیلیین على الجانب الآخر.
ھذه الروایة للحظات الأولى من الھجمات التي وقعت في 7 أكتوبر في إســرائیل مســـتمدة من مصـــادر متعددة، بما في ذلك اجتماعات مع مســـؤولي المخابرات الإســـرائیلیة، وخبراء، ومصـــادر لدیھا معرفة مباشـــرة بتقاریر الاســـتجواب لمقاتلي حماس الذین تم أســـرھم خلال الھجمات، والمواد التي نشرتھا حماس و الجیش الإسرائیلي.
على الرغم من صــــعوبـة التحقق من العـدیـد من الادعـاءات وتم الطعن فیھـا، إلا أن خبراء محترمین ومستقلین في حماس وصفوا الروایة بأنھا معقولة.
وھو یســـلط الضـــوء على حجم التخطیط وراء العملیة ویشـــرح جزئیا الإخفاقات المتعددة لقوات الأمن الإسرائیلیة التي أدت إلى مقتل 1100 من مواطنیھا المدنیین و300 من رفاق السلاح.
كان أحد العوامل ھو العدد الھائل الذي جاء عبر الســـیاج - تقول بعض المصـــادر ما یصـــل إلى 3000 شـخص، بما في ذلك أعضـاء من حركة الجھاد الإسـلامي الفلسـطینیة، وھي فصـیل متحالف ولكن مسـتقل لم یتم إخباره مسـبقًا بالھجمات، حسـبما ذكرت المصـادر، لكنه انضـم بمجرد علمه باختراق السـیاج.. كما تدفق المدنیون من غزة وسط الفوضى العامة، شجعتھم الاستجابة البطیئة لقوات الأمن الإسرائیلیة.
وأوضـحت الأوامر المكتوبة لوحدات حماس خطة دقیقة وضـعھا رجلان تعتقد إسـرائیل أنھما المخططان الرئیســیان للھجوم: یحیى الســنوار، القائد العام لحماس في القطاع، ومحمد ضــیف، قائد كتائب القســام العسكریة التابعة لحماس.
تم إعطاء كل وحدة ھدفًا منفصــلاً: قاعدة عســكریة، أو كیبوتز، أو طریق، أو بلدة. وتزعم المصــادر أن أوامرھم كانت في كثیر من الأحیان مصـحوبة بخرائط توضـح تفاصـیل الدفاعات والمواقع الرئیسـیة داخل أھـدافھم، بـالاعتمـاد على معلومـات مســــتمـدة من المتعـاطفین العـاملین في إســــرائیـل.
ویُعتقـد أن الحفـل الراقص الذي مات فیه 260 شخصا لم یكن من بین الأھداف الأولیة.
تم إعطاء ثلاث مھام لوحدات مختلفة. صــــدرت الأوامر للمجموعة الأولى بمھاجمة القواعد العســــكریة الإسرائیلیة التي تعاني من نقص الأفراد وغیر المجھزة حول غزة، أو مھاجمة المدنیین في منازلھم.
وقد ألقت حماس اللوم في الكثیر من أعمال العنف على المدنیین ــــــــ والفظائع التي ارتكبت بما في ذلك الاغتصاب والتعذیب ـــ على "المجرمین" الذین تعقبوا مھاجمیھا. ونشر جیش الدفاع الإسرائیلي مقابلة مع مھاجم أســیر قال إن "المھمة كانت قتل... أي شــخص نراه".
وصـــدرت أوامر لوحدات أخرى بالدفاع عن مواقعھا ضـــد القوات العســـكریة الإســـرائیلیة عندما تأتي، وغالباً ما یتم ذلك بنصـب كمائن على الطرق الرئیسـیة. وقالت المصـادر إن ھذه لم تكن مھمة انتحاریة، لأن مقتل المھاجمین لم یكن جزءا لا یتجزأ من العملیة، وھي نقطة من الشـــریعة الإســـلامیة التي أخذھا مخططو العملیة في الاعتبار بعنایة.
تم تفصــیل مجموعة ثالثة من الوحدات مع الاســتیلاء على أكبر عدد ممكن من الرھائن وإحضــارھم إلى الفجوات الموجودة في السـیاج حیث كانت فرق مخصـصـة تنتظر أخذ الرھائن إلى مجمع الأنفاق الضـخم تحت غزة. ویُعتقد أن ھذا ھو المكان الذي یُحتجز فیھ أكثر من 240 شــخصــا، من بینھم رضــع وأطفال ومسنون، بالإضافة إلى أفراد عسكریین. وحتى الآن تم إطلاق سراح أربعة فقط وتم إنقاذ واحد.
ویعتقد مسـؤولو الأمن الإسـرائیلیون أن القیادة السـیاسـیة لحماس في الخارج لم یتم إخبارھا بتفاصـیل العملیة، ولا رعاة حماس في إیران، على الرغم من أن كلاھما ربما كانا على علم بوجود شـيء ما یجري التخطیط له. وقال مصدر مقرب من حماس لرویترز الشھر الماضي "كانت دائرة ضیقة للغایة."
وقال مسـؤولون في حماس إن التخطیط للھجوم بدأ قبل عامین، بعد مداھمة الشـرطة الإسـرائیلیة للمسـجد الأقصــى في القدس، ثالث أقدس المواقع الإســلامیة. وتقول مصــادر إســرائیلیة إن الجدول الزمني كان أقصــر - ربما ســنة أو 18 شــھراً - وأنه خلال ھذه الفترة بُذلت جھود لتعزیز الاعتقاد الإســرائیلي بأن حماس حولت تركیزھا من العنف ضد إسرائیل إلى التنمیة الاقتصادیة في غزة.
ولم یتم بعـد تحـدیـد الـدور الـدقیق لقـادة حمـاس المختلفین في الھجوم، ولكن من الواضــــح أن الســــنوار والضیف كانا محوریین في التخطیط له.
الضيف والسنوار
"ضـیف" یعني "ضـیف"، في إشـارة إلى انتقال الرجل البالغ من العمر 58 عاما بشـكل مسـتمر لتجنب اكتشــافه من قبل إســرائیل. عضــو في حماس منذ أوائل العشــرینات من عمره، وأشــرف طالب العلوم السـابق على موجة من التفجیرات الانتحاریة ضـد الإسـرائیلیین في أوائل التسـعینیات، وأخرى بعد عقد من الزمن. ربما أصــیب الضــیف بالشــلل بســبب إحدى محاولات الاغتیال الإســرائیلیة العدیدة، وقُتلت زوجته وعائلته الصـــغیرة في غارة جویة عام 2014.
وقد وصـــف المســـؤولون الإســـرائیلیون الضیف، واسمه الحقیقي محمد دیاب إبراھیم المصري، بأنه "رجل میت یمشي".
الســـنوار، 61 عاما، وھو أیضـــا عضـــو مؤســـس في حركة حماس – وھي اختصـــار لحركة المقاومة الإسـلامیة – أمضـى 23 عاما في السـجون الإسـرائیلیة لقتله جنودا إسـرائیلیین قبل إطلاق سـراحھ ضـمن أكثر من 1000 أسـیر تم تبادلھم في عام 2011 مقابل جلعاد شـالیط، وھو جندي إسـرائیلي أسـرته حماس قبل خمس سنوات.
في السـجن، رفض السـنوار التحدث إلى أي إسـرائیلیین وعاقب شخصیا من فعلوا ذلك، وقام بالضغط على وجه أحد الأشــخاص في موقد مؤقت، وفقا لمحقق إســرائیلي ســابق في المؤســســة التي كان الســنوار محتجزا فیھا. قال المحقق: “إنه ملتزم بنســـبة 1000% وعنیف بنســـبة 1000%، وھو رجل صـــعب للغایة”.
عند إطلاق سـراحه، قال السـنوار إن تجربته علمته أن أسـر جنود إسـرائیلیین ھو السـبیل الوحید لتحریر السـجناء. وقال صـحفي التقى السـنوار قبل عقد من الزمن لصـحیفة الغاردیان إن زعیم حماس كان یركز بشدة على ھذا الھدف لدرجة أنه بدا الأمر كما لو أن “العالم لم یكن موجودا خارج عینیه”.
وقال محللون إن الأھداف الأخرى لھجمات 7 أكتوبر تشـمل على الأرجح وقف الجھود الرامیة إلى تطبیع العلاقات بین إسـرائیل والمملكة العربیة السـعودیة، وزیادة تقویض السـلطة الفلسـطینیة، وصـرف الانتباه عن فشـــل حماس في تقدیم الخدمات أو كســـر الحصـــار المفروض على غزة، وإثارة رد فعل عنیف من إسرائیل وسوف تحشد أنصارھا في غزة والضفة الغربیة وأماكن أخرى.
بعد خمسـة أیام من الھجوم، ادعى أحد قادة حماس أن الھجوم كان بمثابة ضـربة اسـتباقیة تم شـنھا بعد أن علمـت المنظمـة أن القوات الإســــرائیلیـة كـانـت تســــتعـد لھجوم كبیر على غزة بعـد عطلـة عیـد العرش الیھودیة.
وقال العدید من الخبراء – ومصـــادر أمنیة إســـرائیلیة – إن حماس فوجئت بنجاحھا. وقال مســـؤولون إســــرائیلیون إن الرد البطيء للقوات الإســــرائیلیـة مكن بعض الوحـدات من القیـام برحلات متعـددة إلى إسـرائیل من غزة لاسـتعادة المزید من الرھائن. كما قام بعض المدنیین الذین عبروا الحدود إلى إسـرائیل باحتجاز أسرى، مما أدى إلى تعقید جھود الإنقاذ والمفاوضات الحالیة، وفقا لمصادر إسرائیلیة وحماس.
قامت حماس بتزوید المھاجمین بكامیرات GoPro لالتقاط صـور للھجوم. وتظھر بعض الصـور الشـنیعة التي عثر علیھا المحققون الإســرائیلیون ســوء المعاملة الســادیة والقتل. یُظھر المونتاج الرســمي لھذه اللقطات، الذي نشـرته حماس، أشـخاصـا مذعورین یتوسـلون من أجل إنقاذ حیاتھم، بینما یتم إطلاق النار على كلب ألیف. وقال خبراء في مجال الإرھاب إن نشـر ھذه الصـور على قنوات حماس الرسـمیة یشـیر إلى أن ھجوم 7 أكتوبر كان على الأقل في جزء منه "دعایة بالأفعال".
ولا یوجد دلیل على أن حماس كانت تأمل في الســیطرة على الأراضــي أو إثارة تمرد أوســع نطاقا، على الرغم من أن البعض طلب منھم القتال حتى النھایة. وعلى الرغم من ذلك، فقد اســتســلم عدد كبیر منھم. ولم یذكر المسؤولون الإسرائیلیون عددھم، لكنھم فقط كانوا مصدرا مفیدا للمعلومات.
وأمرت حماس بعض المھاجمین بالتراجع عندما بدأت القوات الإسـرائیلیة في الاحتشـاد، وعاد العدید من كبـار القـادة إلى غزة. وھـذا یعني أنـه على الرغم من وفـاة العـدیـد من أعضــــاء كتـائـب القســــام ووحـدات النخبـة، إلا أن معظم القـادة بقوا على قیـد الحیـاة. ومنـذ ذلـك الحین، قُتـل البعض في ھجوم الجیش الإسـرائیلي على غزة، والذي أودى حتى الآن بحیاة أكثر من 9770 شـخصـا، من بینھم أكثر من 4000 طفل، وفقًا للسلطات الصحیة المحلیة.
المصدر: الجارديان