- ℃ 11 تركيا
- 23 نوفمبر 2024
سميح خلف يكتب: ما وراء مذكرة المحكمة الجنائية الدولية؟
سميح خلف يكتب: ما وراء مذكرة المحكمة الجنائية الدولية؟
- 23 نوفمبر 2024, 11:31:11 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بداية، الذي يدعونا للتساؤل، مع الأخذ في الاعتبار كل ما يحيط بالقرار المفاجئ لمحكمة الجنايات الدولية على الصعيدين الإقليمي والدولي، هو: لماذا صمتت المحكمة الجنائية الدولية لمدة 13 شهراً عن اتخاذ مثل هذا القرار، ومثل هذا الاستدعاء، وفي تلك الظروف؟
بالتأكيد، قد نصل إلى أن القرار والمذكرة والاستدعاء بتهمة يمكن أن "تشكل" جرائم حرب، وهذا تعبير ومصطلح قد يشكك في أن الاحتلال قد مارس جرائم حرب وإبادة جماعية. ويمكن الاستدلال على أن هذا التحرك المفاجئ له مضمون "سياسي". على مدار عام، ذكرت وسائل أنباء مختلفة أن الإدارة الأمريكية قامت بتهديد القضاة والكونغرس كذلك إذا تم اتخاذ قرار بإدانة إسرائيل بالقيام بجرائم حرب وإبادة جماعية.
إذاً، هناك متغير دولي قد أعطى نوعاً من الجرأة والشجاعة على اتخاذ هذا القرار، وهذا الاستدعاء في هذا التوقيت بالذات. ولذلك، قد نضع النقاط على الحروف حول هذا القرار.
- القرار هو مذكرة "اعتقال نتنياهو ووزير دفاعه المعزول غالنت" وتحت بند "يمكن أن تشكل".
- القرار ليس ملزماً؛ فقد سبق أن قامت محكمة الجنايات الدولية بإصدار مذكرات اعتقال لرؤساء وشخصيات، ولم يُنفذ أي منها.
- ليس لها قيمة قانونية؛ فما يحدث في غزة وما يحدث في جنوب لبنان يفوق هذا الوصف.
الظروف التي دفعت لإصدار هذه المذكرة:
- على مدار الحرب المفتوحة مع غزة وفتح جميع مخازن الأسلحة الأمريكية، أحرجت حكومة نتنياهو الإدارة الأمريكية والوسطاء في الوصول إلى سقف سياسي لإنهاء المعركة قبل الانتخابات الأمريكية. فكانت مماطلة نتنياهو انتظاراً للانتخابات الأمريكية ونتائجها، وهي طعنة للحزب الديمقراطي ولبايدن وكامالا هاريس.
- خسارة الديمقراطيين أحد أسبابها، من وجهة نظر البيت الأبيض الأمريكي، هو التأثير على الانتخابات وفوز ترامب نتيجة عجز الإدارة الأمريكية في معالجة الصراع. وثورة طلاب الجامعات أدت لتلك الهزيمة الساحقة.
- إدارة بايدن تبطن بما لا تعلن، والإيعاز للمحكمة الجنائية الدولية باتخاذ هذا القرار في هذا الوقت بالذات هو لمعاقبة نتنياهو، ومعاقبة اليمين المتطرف، وإنقاذ إسرائيل من مأزق جرائم الحرب ككيان ودولة، بإلقاء المسؤولية بشكل فردي وشخصي على اثنين في حكومة التطرف.
- أعتقد أن أمريكا وأوروبا متفقتان على تقديم نتنياهو وغالانت ككبش فداء للخروج من مرحلة الاتهام أو تقديم مذكرات اعتقال لكل من ساهم في الإبادة الجماعية، وهي تلحقهم قانونياً ووثائقياً، ولكل من زوّد بالسلاح أو بالوقود أو بالغذاء لمجرمي الحرب.
- بالتأكيد، إن قرار المحكمة الجنائية الدولية قد يقطع الطريق على أي قرار مستقبلي لمحكمة العدل الدولية. ويمكن، عن طريق قرار الجنائية الدولية الذي قد لا تتمكن من التحقيق، أن يُحال التحقيق للجهة الوطنية لتقول بالتحقيق في مذكرات الاعتقال. ولذلك، من المحتمل أن يمثل نتنياهو وغالانت أمام المدعي العام الإسرائيلي بدلاً من لاهاي، علماً بأن نتنياهو على أبواب الاستدعاء بتهم الفساد، فالقضاء الإسرائيلي يعتبر جزءاً مسؤولاً في مثل هذه الحالات. ومحكمة العدل الدولية لا تحل محل المحاكم الوطنية، فمعاقبة المتهمين تؤول إلى المحاكم الوطنية في تلك الدول.
ربما تحاول أمريكا وأوروبا في هذا القرار المفاجئ وفي مذكرة هذا الاستدعاء إنهاء مرحلة قد تجر أمريكا وأوروبا إذا ما اتخذت محكمة العدل الدولية قراراً أو تكملة في محكمة الجنايات الدولية. ولكن أريد أن أشير هنا إلى أن المحكمة الجنائية الدولية من اختصاصاتها اتهام أشخاص وليس دولاً. أما محكمة العدل الدولية، فهي يمكن أن تحاكم دولاً بمؤسساتها العسكرية والأمنية، ويمكن أن تحاكم كل من تورط مع دولة الكيان الصهيوني في ارتكاب جرائم الحرب والتجويع. فالقرار القانوني والملزم يمكن أن يُتخذ في محكمة العدل الدولية.
إذاً، التضحية بنتنياهو وغالانت لكي لا تصل الأمور إلى محكمة العدل الدولية، ولإعفاء الكيان الصهيوني ككيان محتل ومجرم ارتكب مجازر بحق الفلسطينيين، وتبييض صفحة الكيان الصهيوني على اعتبار أن نتنياهو وغالانت تصرفا بشكل منفرد وليس مؤسساتي، في حين أن المتطرفين الإسرائيليين كوزراء وقادة أمن وجيش ومستعمرين يرتكبون المجازر سواء في قطاع غزة أو الضفة.
ومن هنا يجب أن تكون اليقظة في تبرئة هذا الكيان ككيان محتل. فقرار المحكمة الجنائية الدولية جيد، ولكن ليس منصفاً بالكامل للفلسطينيين.