ضوء تركيا الأخضر لعضوية السويد بالناتو.. ماذا يعني؟

profile
  • clock 12 يوليو 2023, 4:26:58 ص
  • eye 609
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01


بعد نحو عام من الامتناع والجدل والضغوط الغربية، وافق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الإثنين، على إحالة طلب انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى البرلمان التركي للمصادقة عليه، وهي خطوة شبه محسومة نظريا مع امتلاك الحزب التركي الحاكم أغلبية برلمانية.

واتهمت أنقرة مرارا ستوكهولم بالتساهل مع جماعات كردية معادية لتركيا، لاسيما حزب العمال الكردستاني (بي كا كا)، تنشط في السويد، فيما ترى الأخيرة أنها أوفت بالتزاماتها ضمن "مذكرة ثلاثية" وقَّعتها مع تركيا وفنلندا (جارة روسيا) في 28 يونيو/ حزيران 2022، وقادت إلى انضمام هلسنكي للحلف.

من جانبها، ردت السويد على موافقة تركيا بالتأكيد على التزامها بتعهداتها التي قدمتها لأنقرة ضمن "المذكرة الثلاثية"، وأعلنت عن "آلية أمنية ثنائية" ستجتمع سنويا لمتابعة تنفيذ القضايا المتفق عليها، وأعربت عن دعمها لانضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تحديث الاتحاد الجمركي وتحرير التأشيرات بين تركيا ودول الاتحاد.

ماذا يعني ….

بعد إعلان تركيا دعمها لطلب انضمام السويد، ثم صدور إعلان مماثل من المجر، باتت السويد على بعد خطوة إجرائية من الحصول على عضوية "الناتو"، وبما ينهي سياسة الحياد التي اتبعتها ستوكهولم لعقود طويلة. وهكذا أصبح بحر البلطيق بحيرة تابعة للحلف.

تؤيد تركيا توسيع "الناتو"، لاسيما وأنها من خلال هيكل ولوائح الحلف الداخلية، تمتلك حق النقض (الفيتو) في أقوى منظمة أمنية في العالم، وكلما كان "الناتو" أكبر كلما كان أفضل لأنقرة؛ إذ يساعدها أكثر في مواجهة التهديدات الإرهابية الخطيرة.

رغم نفي واشنطن، يبدو الأمر وكأنه مقايضة، فبعد رفض سابق، أعلن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلل، الإثنين، أن واشنطن تدعم بيع الطائرات المقاتلة "إف-16" (F-16) لتركيا، بجانب دعمها جهود أنقرة للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي بعد تعثر وجمود مستمر منذ سنوات.

مجلس الاتحاد الأوروبي طلب من كل من المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل إعداد تقرير استراتيجي حول العلاقات مع تركيا؛ ما يمهد لاستئناف مفاوضات انضمام أنقرة إلى الاتحاد.

من غير الواضح كم من الوقت ستستغرق الموافقة التركية على طلب السويد، لكن بتمريره الكرة إلى ملعب البرلمان، يمكن لأردوغان المماطلة إذا لم تنفذ ستوكهولم التزاماتها بشأن مكافحة الإرهاب، أو لم تزود واشنطن أنقرة بمقاتلات "إف-16".

تغيير تركيا لموقفها لا يرتبط بمكانة الرئيس فلاديمير بوتين ولا بمحاولة التمرد الفاشلة عليه من جانب مجموعة "فاجنر" الروسية شبه العسكرية في يونيو/ حزيران الماضي، بل تريد أنقرة أن ترسخ معادلة مفادها أنه إذا أصبحت مشاكل "الناتو" الأوروبية مشاكل تركية، فإن مشاكل تركيا تصبح مشاكل "الناتو" الأوروبية.

رغم أن تغير موقف أنقرة جاء بعد أيام من تسليمها قادة كتيبة "آزوف" لأوكرانيا، وهو ما انتقدته موسكو، إلا أنه من المستبعد أن يتسبب في صدام بين تركيا وروسيا، إذ يتمسك البلدان باستمرار تعاونهما رغم الضغوط والعقوبات الغربية. لكن في المقابل، تشير هذه الخطوة لتمسك تركيا بتموضعها الاستراتيجي في الناتو، وتحالفها طويل الأمد مع الغرب. في حين تظل العلاقة مع روسيا صداقة مفيدة لا يمكن أن تمثل بديلا عن المصالح الأمنية والاقتصادية الراسخة مع الناتو.

تعزز صفقة السويد من مكانة أردوغان الداخلية كرجل دولة ناجح، بفضل موقعه الاستراتيجي بين الشرق والغرب، من خلال الترويج لانتزاع تنازلات من ستوكهولم وواشنطن وبروكسل، وأثبت للجميع أن "الناتو" بحاجة إلى تركيا.

التعليقات (0)